يعتبر مجمع الألومنيوم الواقع بمركز نجع حمادي شمال محافظة قنا، من أكبر القلاع الصناعية في مصر والشرق الأوسط، وهو الذي بني بقرار من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. المصنع الذي يقع على بعد 20 كيلومترا من مدينة نجع حمادي جنوبي محافظة قنا، بدأت قصة بنائه في عام 1967 بقرار من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وبدعم من الاتحاد السوفيتي الذي دعم إنشاء المصنع بالمعدات والمستندات الفنية والخبرات اللازمة لإنشائه. الرئيس جمال عبد الناصر، كان يطمح في بناء مصنع متكامل لإنتاج الألومنيوم بالدعم الروسي، لكنه توفي قبل أن يكتمل حلمه، واكتمل حلم بناء المصنع في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، لتبدء أول إنتاجية للمصنع في عام 1975، حينما أنطلقت الشرارة الأولى لأول مصنع لإنتاج الألومنيوم في الشرق الأوسط من صعيد مصر. سياج أمني في البداية حاولت "التحرير" دخول المصنع من أجل التواصل مع المسؤولين والعمال داخل المصنع، إلا أن أعضاء مجلس الإدارة طالبونا بعدم الاقتراب من المصنع، خاصةً أنهم يحرصون على فرض سياج أمني حوله، مع عدم التحدث أو إعطاء أي بيانات أو معلومات رسمية من المصنع لوسائل الإعلام المختلفة نظرًا لكونه مسالة أمن قومي - بحسب مسؤولين بالمصنع -، إلا أننا تمكنا من كسر الحواجز واختراق المصنع. وأقيم المصنع على مساحة تبلغ 5000 فدان منها قرابة 1500 فدان منشآت صناعية وباقي المساحة منشآت سكنية ومرافق ومزارع، ومدينة تابعة للمجمع المعروفة ب"مدينة الألومنيوم" التي يقيم بها العاملون مكتملة المرافق وبها جميع الخدمات الأساسية كالمدارس والمستشفى وناد رياضي ومزارع حيوانية وداجنة. ويعمل المصنع بطاقة إنتاجية تصل إلى 320 ألف طن من الألمونيوم سنويا، بخلاف أنه يعمل به ما يزيد على عشرة آلاف عامل موزعين في عنابر الإنتاج، والدرفلة، ووحدات إنتاج البلوكات الكربونية، والورش الإنتاجية ووحدة تحميص الفحم. الإنتاج وفقًا للمسؤولين في مجلس إدارة مجمع الألومنيوم، فإن المصنع ينتج مختلف الأواني المنزلية، وينتج أيضًا هياكل الطائرات والسيارات والقطارات، فضلاً عن إنتاجه الألومنيوم الخام بمختلف أنواعه، إلى جانب إنتاج وتصنيع كابلات الكهرباء المختلفة. وبحسب الحسين عاشور، البالغ من العمر 83 عامًا، أحد أقدم عمال المصنع الذين بلغوا سن المعاش، فإن الاتحاد السوفيتي، أول من طرح فكرة إقامة المصنع على الرئيس جمال عبد الناصر في بدايات عام 1976. ويتابع عاشور في سياق حديثه ل"التحرير"، أن فكرة إنشاء المصنع، كانت لأسباب عديدة أهمها، استغلال الطاقة الكهربائية التي ينتجها السد العالي عقب بنائه، بعدما لوحظ وجود كميات كبري من الكهرباء غير المستغلة في مشروعات قومية، تفيد الوطن اقتصاديًا واستثماريًا. ويضيف أحد أقدم العمال، أن رئيس الجمهورية الراحل، رحب بفكرة إنشاء المصنع، خاصةً أنها ستساهم في تخفيض البطالة، لأنه سيوفر الألاف من فرص العمل لأهالي محافظات الصعيد بأكملها، فضلاً عن توفير الاحتياطي الأجنبي في تلك الفترة التي كانت مصر تعاني فيها من خفض للنقد الأجنبي، وهو ما سيوفره المصنع، نتيجة التصدير إلى الخارج باعتباره أول مصنع في الشرق الأوسط في ذلك الوقت. معدات وخبرات روسية وأشار عاشور، إن المصنع لدى افتتاحه وإنطلاق الشرارة الأولى لإنتاجيته في عام 1976، كان بعد دعم الإتحاد السوفيتي بالمعدات والألات اللازمة، التي أدت إلى بدء العمل في المصنع. وأفاد العامل، إن الروس دعموا المصنع بخبراتهم، حيث كانت الخبرات الروسية حاضرة في عملية التصنيع، وأشرف الخبراء والمهندسون الروس على عملية تركيب المعدات، وعلى عملية تعليم العمال للصناعة الأهم في الشرق الأوسط بل والعالم بأكمله. ولفت إلى إن جميع المعدات كانت روسية، فضلاً عن الدعم المالي الذي قدمته الدولة الروسية والاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت لمصر من أجل نجاح إنشاء المصنع الفريد من نوعه في الشرق الأوسط. إنتاج المصنع قديما ويشير عاشور إلى إن المصنع كان ينتج العديد من المواد المختلفة والتي كان من أبرزها، الفافات المدرفلة من البارد والساخن، وألواح الألومنيوم الثقيلة، وشرائح الألومنيوم، والرقائق، وألومنيوم بقلاوة، وألومنيوم محبب، وذلك بهدف الدخول في صناعات جديدة. وألمح عاشور إلى إن المصنع كان يصدر إنتاجيته إلى مختلف الدول العالمية والأوروبية والعربية، حيث كان يدخل إنتاجه في صناعة المعلبات بالدول المختلفة، فضلاً عن رقائق الألومنيوم واحتياجات الطباعة، أجهزة التبريد، والتنكات، وصناعة الطائرات، بالإضافة إلى احتياجات مواد الإنشاء والبناء. ويقول العامل خلال تصريحاته "المصنع أكبر مصنع ينتج الألومنيوم في العالم وهو المصنع الأول في الدول العربية، وكان بيدخل دعم مالي محلي وأجنبي يساهم في أكثر من 20 في المائة من اقتصاد مصر في الوقت ده". إهمال المسؤولين فيما ذكر محمد باهي، عامل بالمصنع على المعاش، إن المسؤولين في الحكومة والذين يتغيرون سنويًا، لا يدركون الأهمية الكبرى للمصنع الأكبر في الشرق الأوسط بسبب عدم اهتمامهم به وعدم تجديده وتحديثه، حيث أن المصنع يصدر أكثر من 80 في المئة من إنتاجه إلى دول أوروبا. ولفت باهي في تصريحات خاصة ل"التحرير"، إلى إن أسعار الطاقة الكهربائية، التي زادت خلال الفترة الماضية إلى جانب الوقود، أدت إلى خسائر فادحة للمصنع، حيث أن الشركة تشترى ك/س ب30 قرشًا و20 مليما، بعدما كان 11 قرشا و10 ملاليم في 2006. سنوات التجاهل وأبدى باهي استياءه من عدم تجديد معدات وآلات المصنع المستخدمة في الإنتاج، حيث أن تلك المعدات الموجودة في المصنع، لم يتم إحلالها وتجديدها منذ قرابة أكثر من 50 عامًا، مما أدي إلى تهالكها بنسبة تفوق ال90 في المئة. وأضاف أن المعدات داخل المصنع، تتوقف مرارًا وتكرارًا أثناء دورة العمل، مما يؤدي إلى تكبد المصنع خسائر فادحة، حيث أن الدقيقة الواحدة التي يتوقف فيها المصنع عن الإنتاج تتكلف الآلاف من الجنيهات. الصناعة مهددة وتواجه القلعة الصناعية الأهم في مصر، خطر الخسائر الفادحة في تلك الأيام الحالية، وذلك منذ أن أقرت الحكومة زيادة أسعار الكهرباء والوقود منذ أشهر، والتي قد ترتفع مرةً أخرى خلال عام 2018 بحسب محللين وخبراء اقتصاديين. وبحسب مسؤول في المصنع - رفض نشر اسمه -، فإن المجمع يستهلك قرابة 20 في المئة من إجمالي الكهرباء التي ينتجها مشروع السد العالي يوميًا فضلا عن كميات الوقود، حيث أن الصناعة تعتمد على الكهرباء والسولار والمازوت. زيادة أسعار الكهرباء وتابع المسؤول بإدارة المصنع خلال تصريحاته، أن استهلاك المجمع من كهرباء ازداد إلى أكثر من 3 مليارات جنيها سنويا، وذلك بعد ارتفاع الأسعار، مما يؤدي إلى تكبد المصنع خسائر فادحة، وذلك بسبب تأثير ذلك المبلغ على ربحية المصنع الأساسية، حيث أن المصنع كان يستهلك الكهرباء بمليار جنيه واحد فقط، قبل ارتفاع سعر الكهرباء، لتصل التكلفة النهائية لاستهلاك الكهرباء إلى 4 مليارات جنيه في العام الواحد. وأفاد المسؤول، أن المجمع الصناعي في الألومنيوم يستهلك أنواعا مختلفة من الوقود ما بين - السولار والمازوت - وذلك في قطاعات غلاية الزيت، وأفران صهر العوادم بالمسبك داخل المصنع، حيث وصلت تكلفة استهلاك الوقود خلال هذا العام إلى 6 مليارات جنيه، بعدما كانت تبلغ التكلفة قبل زيادة الأسعار ملياري جنيه فقط لا غير، لتؤثر زيادة اسعار الوقود برفع تكلفة المصنع في الوقود سنويا إلى 6 مليارات بدلا من ملياري بواقع زيادة 4 مليارات جنيه، وبذلك تصل زيادة تكلفة المصنع لإنتاج الألومنيوم خلال العام 7 مليارات جنيه للكهرباء والوقود فقط بسبب زيادة أسعارهما. زيادة التكلفة فيما أكد المهندس ياسر طاهر، رئيس اللجنة النقابية للعاملين بشركة مصر للألومنيوم، إن زيادة أسعار الكهرباء والوقود الماضية، أدت إلى زيادة في تكلفة تصنيع وإنتاج الألومنيوم. وقال رئيس اللجنة النقابية خلال تصريحاته "المصنع لا يتحمل زيادات مرةً أخرى في الوقود والكهرباء، حيث أن تلك الزيادات تؤدي إلى خصم تكلفتها من الربح الأساسي للمجمع". محافظ قنا: يدعم الصناعة الوطنية ومن جانبه أكد اللواء عبد الحميد الهجان، محافظ قنا، إن المصنع يدعم الصناعة الوطنية، لكونه صرحا صناعيا ضخما ونموذجا فريدا على أرض مصر يجب الاحتذاء به عند تنفيذ المشروعات القومية العملاقة، مؤكدًا في الوقت ذاته أن هناك تحركات بشكل كبير رغم الأعباء التي تتكبدها هذه الصناعة واستثناء المصنع من أي زيادة في الكهرباء مستقبلا.