الرفاق حائرون، يفكرون يحللون يتساءلون: ماذا حدث لفريق الأهلى؟ كيف توقف تقدمه فجأة فى بطولة الدورى وخسر سبع نقاط من أربع مباريات، بعد أن كان يسير فى الدورى مثل السكين فى قطعة الجاتوه، حتى ظن الكثيرون أن الأهلى حسم البطولة قبل نهاية فصلها الأول؟ وتنوعت التحليلات، إلى من يرجع هبوط مستوى الأهلى، وقلة حيلته وعجزه عن الفوز بسهولة ويسر، إلى إجهاد اللاعبين وإرهاقهم من ضغط المباريات، وآخرون ذهبوا إلى تحميل الكابتن حسام البدرى المسئولية بدعوى أن طريقته باتت محفوظة وأسلوب لعبه مكشوف للمدربين وتشكيله تقليدى وروتينى وثابت، ونادرًا ما يتغير لظروف طارئة للإصابات والإيقاف. ورغم الوجاهة الظاهرية للأسباب المطروحة فإنها تحتاج إلى مراجعة وتدقيق، فالحديث عن الإجهاد والإرهاق مردوده أن هؤلاء اللاعبين -وبنفس حالتهم- شاركوا فى البطولة الإفريقية قبل شهر ونصف الشهر وحققوا فيها نتائج مذهلة، وحولوا تأخرهم إلى فوز، والصعب إلى سهل، وتجاوزوا الترجى التونسى ثم النجم الساحلى فى لقاءات أطلق عليها المراقبون «مذهلة» ووصلوا إلى نهائى إفريقيا وخلال المشوار كانوا يلعبون فى إفريقيا ويعودون ليفوزوا ويحصدوا النقاط فى الدورى، حتى فى لحظات التشتت الإدارى أثناء الانتخابات لم يتأثر الفريق أو يرتبك ويهتز وفاز على المصرى قبل ثلاثة أيام من إجرائها. فى نفس الوقت، فإنه من المفترض أن الأهلى لديه وفرة من اللاعبين، ويمكن القول إن لديه فريقين على نفس المستوى الفنى والبدنى وإن تفاوتت الخبرات، وهى ميزة لا تتوفر لأغلب أندية الدورى الممتاز. أما القول بأن حسام البدرى بات مكشوفًا فنيا وتكتيكيا للفرق المنافسة فهذا الأمر لا يخص البدرى وحده فكل مدرب له طريقته التى يتقن تلقينها للاعبيه وإن كان الاختلاف يظهر فى القدرة على المناورة وتغيير التكتيك والتشكيل، وفقًا لظروف الخصم وذكائه فى التعامل مع المواقف المختلفة والمتغيرة من مباراة لأخرى، والثابت أن حسام البدرى نجح بهذا الأسلوب فى إحراز بطولتى الدورى والكأس الموسم الماضى والوصول إلى نهائى إفريقيا ناهيك بأن مستوى فرق الدورى لم تحدث لها طفرة مفاجئة تشكل قلقًا على الأهلى وتدفعه لفقد سبع نقاط، وبالمناسبة هو أمر أراه عاديًا ويمكن تجاوزه بسهولة، إذا خلصت النية وتعاملت إدارة الأهلى الجديدة برئاسة الكابتن محمود الخطيب بهدوء واحترافية ونزعت من قلبها الحقد والغل وروح الانتقام وتنبهت للأخطاء التى ارتكبتها فى الفترة القصيرة التى أشرف فيها الخطيب على فريق الكرة، وعن نفسى لم أكن أرغب فى الحديث فى هذا الأمر، لسببين: الأول أن الفترة ما زالت قصيرة جدا جدا للحكم على عمل الإدارة الجديدة وأنها تحتاج إلى وقت لتنفيذ أفكارها. والثانى أننى لدى قناعة مسبقة ويقين بأن محمود الخطيب ليس لديه السمات الشخصية والإدارية للقيادة المنفردة وأن الرجل عاش حياته كلها فى جلباب كابتن حسن حمدى ولم يسبق له أن برز فى قيادة عمل منفردًا، خاصًّا أو عامًّا وهو كلام سبق أن كتبته وشرحته تفصيلًا، من ثم تقتضى أمانة الكلمة التمهل قبل الحكم فلربما يثبت الخطيب العكس. من هنا فإننى لن أتورط فى إصدار أحكام قاطعة، بل سأكتفى بذكر ملاحظات وقرارات اتخذها الخطيب وأثرت بشكل سلبى على فريق الكرة وأظهرته على الحالة المرتبكة التى يلعب بها بلا روح، رغم أن الإدارة الجديدة كان شعارها "طعم الفانلة الحمراء". أولًا: بعد مرور ساعات قليلة من إعلان فوز الخطيب برئاسة الأهلى أعلن منفردًا ودون الرجوع لجهاز الكرة والمدير الفنى عن إقامة مباراة الأهلى وأتليتيكوا مدريد يوم ٣٠ ديسمبر وهذه المباراة مع هذا الفريق تحديدًا سبق أن رفضها الجهاز الفنى بسبب توقيتها الصعب، حيث تأتى فى ظل ضغط مباريات بطولة الدورى والاستعداد للمشاركة فى كأس السوبر أمام فريق المصرى فى الإمارات. وقصة هذه المباراة بدأت عندما أرسلت إحدى الشركات المنظمة للمباريات عرضًا رسميا للأهلى بإقامة المباراة يوم ٣٠ نوفمبر فى دبى مقابل أن يحصل الأهلى على مبلغ ٢٠٠ ألف دولار، أى ما يقرب من 53 مليون جنيه، ورغم الإغراء المادى فإن الإدارة السابقة لم تملك الضغط على الجهاز الفنى وأعطته كامل الحرية فى القبول أو الرفض عكس ما فعله الخطيب الذى تعامل مع البدرى باعتباره (كيس جوافة) ليس له رأى، وقرر أن يقيم المباراة دون تنسيق مع الجهاز والذى لا يعلم حتى الآن ما هو دور اللاعبين العرب وعدد دقائق مشاركاتهم وهل سيكون له الحرية فى تغييرهم أم أن الشركة سترسل جدولًا بالتوقيتات؟ ولم يكتفِ الخطيب بهذا الخطأ الإدارى فى التعامل مع الجهاز الفنى الذى وصله شعور بأنه يتم تجاهله والضغط عليه لتطفيشه، بل يواصل الإعلان المنفرد عن إقامة مباراة ودية أخرى فى شهر فبراير المقبل فى السعودية مع منتخب اللاعبين الأجانب المحترفين فى السعودية، دون أن يظهر من أين جاءت هذه الدعوة الغامضة، وما هى الجدوى الفنية والمادية منها؟ وهل هى مناسبة للفريق فى هذا التوقيت؟ فإذا علمنا أن السبب وراء إقامة هذه المباريات شخصى بحت بغرض مجاملة السيد تركى آل شيخ رئيس الهيئة العامة فى السعودية والذى ساند الخطيب بقوة فى انتخابات الأهلى الأخيرة والذى يسعى لتقديم وتلميع نفسه فى الوسط الرياضى من خلال الأهلى بعد أن قدم نفسه شاعرًا لأغانى عمرو دياب وللرجل قصة مع إدارة الأهلى السابقة سأحكيها حين يحين وقتها ويقلده الخطيب الرئاسة الشرفية، فإن استخدام فريق الكرة فى تسديد فواتير انتخابية ومجاملة أمر من شأنه أن يهز الفريق ويزعزع ثقة الجهاز الفنى فى الإدارة. ثانيًا: حالة التوتر التى انتابت اللاعبين الستة الذين انتهت عقودهم، وهم عبد الله السعيد وأحمد فتحى وحسام عاشور ووليد سليمان والحارسان شريف إكرامى وأحمد عادل عبد المنعم، وأغلبهم من الأعمدة الرئيسية للفريق، والذين كانت الإدارة السابقة برئاسة محمود طاهر قد استقرت -تقريبا- على التجديد لهم واتفقت على المبالغ المالية ومدة التعاقد وهو الملف الذى تم تأجيله وإحالته للجنة الكرة. ثالثًا: التعجل فى تشكيل لجنة الكرة والأهم والأكثر حساسية هو الأسماء التى شكلت منها اللجنة، وهما زيزو الذى تم تعيينه مديرًا رياضيا وهو الاسم المرادف للمشرف على الكرة وعلاء عبد الصادق المشرف السابق على الكرة والثابت أن الاثنين كانا يعملان مع الإدارة السابقة وتم الاستغناء عنهما بعد أن ثبت فشلهما، فالأول لم يقدم جديدًا لتطوير القطاع وانشغل بمحاربة المدربين، خاصة الهولندى العالمى مارتن يول كى يحل محله، والثانى شهد الأهلى فى عهده انهيارًا غير مسبوق بسبب الفتنة التى أشعلها بين اللاعبين الكبار والصغار انتقامًا من وائل جمعة مدير الكرة وقتها الذى انحاز للاعبين الصغار. كما أن الاثنين اتفقا على الهجوم الضارى على محمود طاهر قبل الانتخابات والتأييد العنيف للكابتن محمود الخطيب، مما يعنى أن تعيينهما يدخل ضمن تسديد الفواتير الانتخابية، خاصة أن القاصى والدانى والمحب والكاره يعلم أن فريق الكرة بالأهلى سار على الطريق الصحيح بعد رحيلهما فلماذا يعيدهما الخطيب الآن؟ ولماذا يستبعد الشيخ طه إسماعيل الذى وقف محايدًا فى الانتخابات؟ هذه الصورة السلبية فى الاختيار واضحة للاعبين والجهاز الفنى وجهاز الكرة وجميعهم فى انتظار لحظة الانتقام على "طريقة كونت دى مونت كريستو" وتصفية الحسابات التى سينفذها أعضاء لجنة الكرة ولماذا لا يفعلون ذلك والإدارة العليا بقيادة العامرى فاروق نفسه لم تفعل شيئًا منذ قدومها سوى الإقالة والتنكيل بجميع المديرين والموظفين الذى عملوا فى عهد محمود طاهر وسرعة التمكين وبدوا أنهم جاؤوا للاستيلاء على غنيمة توزع بين المؤيدين وليس لإدارة نادٍ كبير له قواعده الراسخة. ظنى أن مناخ الانتقام والمجاملة والاستعانة بالفاشلين أحبط اللاعبين وقتل بداخلهم روح الفانلة الحمراء، أضف إلى ذلك الكتائب الإلكترونية الموجهة التى خرجت تهاجم وتسب المدير الفنى وتطالب بإقالته وتمهد الأرض للقرار الانتقامى الذى أنصح الخطيب باتخاذه فورًا حتى تستقر الأمور ولا يفقد الأهلى فرصته الكبيرة جدا جدا فى الفوز بالدورى. اقرأ أيضا: أسامة خليل يكتب: الزمالك والوزير العاجز.. وهدية المئة مليون جنيه للخطيب أسامة خليل يكتب: الدبة التي قتلت الزمالك.. و«العقال» الذي اشترى الأهلي من طاهر أسامة خليل يكتب: الفاسدون هم الأصل والمصلحون لا يعيشون طويلاً أسامة خليل يكتب: الخطيب والوزير المتحول وحكايته مع السيسي أسامة خليل يكتب: السيسي ووزير التعاسة