ترتبط مواقع التواصل الاجتماعي، أو أدوات السوشيال ميديا، بالضجيج والصخب، علاوة على الكم الكبير من المشاهدات والتفاعل مع المنشورات عليها، وهو ما يجعل ارتكاب الجرائم باستخدامها تلك الأدوات "كالسب والقذف والتشهير والإساءة أو مجرد السخرية.. وغيره" لها صدى واسع بذات حجم الانتشار الضخم، ومن ثم كان للقانون وقفة خاصة مع "جرائم السوشيال ميديا" سواء بتغليظ العقاب، أو تفنيد محاكم ونصوص خاصة تحكم تلك إساءة استخدام وسائل الاتصال في ارتكاب الجرائم. حبس 6 أشهر وغرامة 10 آلاف جنيه خلال الأسبوع الجاري، قضت المحكمة الاقتصادية ببنى سويف، بحبس "مصطفى.ح" بتهمة إساءته استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والسب والقذف عن طريق "فيسبوك"، 6 أشهر، وتغريمه مبلغ قدرة 10 آلاف جنيه. صدر الحكم برئاسة المستشار عمرو أبو الأسرار وعضوية كل من: المستشارين محمد فرحات وحسام سليمان ومحمد حسام فى الدعوى رقم 428 لسنة 2017 جنح اقتصادى بنى سويف، المقامة من النيابة العامة، ضد "مصطفى ح"، لاتهامه بالتعدى بالسب على مستشار عضو هيئة قضايا الدولة، وعلى أهله ووجه إليهم ألفاظًا خادشة والتى من شأنها خدش الشرف والاعتبار، وتعمد إزعاج ومضايقة غيره بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات، من خلال السب والقذف من خلال مواقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، وقيامه بإنشاء حسابين باسم "اتحاد محامي" و"ميار مصطفى" وبدأ في السب والقذف العلني للمجني عليه وشقيقه وإرسال شتائم لهما في رسائل خاصة ونشر صور لأقاربهما مصحوبة بسباب وتشهير بهما على حسابه الشخصي. وانتهت المحكمة في حيثيات حكمها إلى ثبوت تعمّد المتهم إزعاج المجني عليهما بإساءة استعماله لوسائل الاتصالات، وثبوت تلك الجريمة فى جانب المتهم، وهو ما تطبق معه المحكمة عقوبة الجريمة الأشد لهاتين الجريمتين وهى عقوبة إساءة استخدام أجهزة الاتصالات، والمؤثمة بالمادة 2/76 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن قانون تنظيم الاتصالات والحكم بعقوبة تلك المادة الذي تقضي معه المحكمة بمعاقبة المتهم. القانون يوصّفها إساءة استخدام يوضح الدكتور محمد الجندي، المحامي والخبير القانوني، أن النشر عبر "فيسبوك" تتحقق فيه أركان العلانية، علاوة على سرعة الانتشار واتساع مدى التعرض للرأى العام، كما أنه حال كون المنشور يمثل جريمة سواء سبا أو تحريضا أو غيره، فإنه يُضاف إلى صاحبه تهمة إساءة وسائل الاتصال، وكل هذا من شأنه تغليظ العقوبة على الشخص، لمجرد منشور كتبه يحتوى على تجاوزات قد يكون حسن النية فيها. وأوضح أن استغلال شبكة الإنترنت فى التحريض ضد الدولة أو الغير، تكون عقوبته الحبس أو الغرامة التى لا تقل عن 50 ألف جنيه، وهناك أيضًا من يحاول استخدام الشبكة فى ابتزاز الآخرين أو الضغط عليهم، للقيام بعمل ما أو الامتناع عنه بالإكراه حتى لو كان العمل مشروعا، وفى تلك الحالة لا تقل عقوبة الشخص عن الحبس سنة وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه، ولا تتجاوز 500 ألف جنيه، أو إحدى هاتين العقوبتين، علاوة على أن السب عبر الإنترنت لا يقل الحبس فيه عن سنة، ولا تقل غرامته عن 20 ألف جنيه، فى حين تعد وقائع السب والقذف التقليدية، عقوبتها هزيلة قد يكون العقاب فيها غرامة فقط أو أحبس ثلاثة أو 6 أشهر، بينما تعد العقوبة مشددة بالسب عبر الإنترنت، بسبب نص قانوني جديد يتعلق بإساءة استخدام وسائل الاتصال، بما يتناسب مع سرعة انتشارها وتحقق ركن العلانية فيها. وشرح "الجندي" أن جرائم الإنترنت بصفة عامة لها نصوص قانونية تحكمها، وتسمى قوانين مكافحة جرائم تقنية المعلومات، فمن حيث المبدأ، توجد عقوبة تصل إلى السجن وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد على 250 ألف جنيه، لكل من دخل إلى شبكة المعلومات ما من شأنه تعطيلها أو التشويش أو التنصت عليها، وتتضاعف تلك العقوبة إذا وقعت تلك الجرائم على الدولة أو الشخصية الاعتبارية، كالشركات والكيانات المؤسسية بالضرر، لتصل العقوبة فى حدها الأقصي إلى السجن المؤبد أو المشدد وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه، ويمكن أن تصل إلى مليونى جنيه لو أضرت بشبكة معلوماتية تخص الدولة أو شخص اعتباري، وذلك بغرض الردع العام. وبشأن زيادة وقائع الضبط والحبس مؤخرًا بسبب اتهامات إساءة استخدام الإنترنت فى التحريض، أوضح المحامي أنه وفقًا لقانون الطوارئ الذي أقره البرلمان، تم تعطيل كثير من ضمانات حرية المواطنين التى يكفلها قانون الإجراءات الجنائية فى الظروف الطبيعية، وبات أى متهم فى ظل الظروف الراهنة عرضة للقبض أو الاحتجاز والإحالة للتحقيق أو الاعتقال لمدة شهر، دون إعمال ضمانات قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم يتم القبض على المتهمين بالتحريض والتأليب وإحالتهم للتحقيق، حتى لو كانوا يعتبرون منشوراتهم تلك مجرد رأي.