كتب- أحمد مطاوع فتحت الأزمة الأخيرة للفنانة أصالة، دوائر كثيرة من الشكوك والتكهنات حول ملابسات واقعة القبض عليها بل ومصداقيتة الادعاء من الأساس، وكون أن يكون للموضوع أبعادًا سياسية، ألمحت إليها أيضًا المطربة السورية في أول تعليق مفصل لها، بعد أن تم توقيفها بمطار بيروت، مساء الأحد، واتهامها بحيازة جرامين من مخدر الكوكايين داخل أمتعتها، وخضوعها لفحوصات الكشف عن المخدرات، قبل الإفراج عنها بضمان محل إقامتها في لبنا وعودتها إلى القاهرة، فجر أمس. أصالة.. معارضة يلاحقها بشار منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية في سوريا، ضد نظام بشار الأسد، في مارس 2011، اتخذت الفنانة أصالة، موقفًا حازمًا بالوقوف في جانب الثائرين، خاصة مع محاولات أمن النظام قمعهم ووقوع ضحايا منهم، قبل أن تتعقد الأمور وتتحول سوريا إلى ساحة للحرب الأهلية وحرب دولية بالوكالة أيضًا. ومن شدة معادة أصالة، لبشار الأسد، اتهمت شقيقها ب"خيانة أهله وشعبه، لأنه وقف مع النظام السوري ضد "الثورة الشعبية الثورية"، مؤكدة خلال حوارها ببرنامج "زمن الإخوان" على قناة "القاهرة والناس"، يونيو 2012، أنه لو كان الأسد "أبيها" لعارضته بشدة، مشيرة إلى أنها لم تنتفع من نظام بشار، ولم تخن وطنها، لأن تعريف الوطن بالنسبة لها هو "الشعب وليس النظام"، كما شددت على عدم احترامها لمثقفي سوريا ممن "باعوا ضمائرهم وكرامتهم" وأعلنوا دعمهم للنظام السوري. وتواصلت مجاهرة المطربة السورية، بمعارضتها لنظام بشار الأسد، ومناصراتها للثورة، حتى أصدرت السلطات السورية، في 2013، قرارًا بملاحقتها دوليًا، على أساسه صدرت مذكرة توقيف بحقها عن جهاز الشرطة الدولية "إنتربول". زيارت بيروت "مشاكل".. السياسة تتحدث في آواخر سبتمبر 2014، أوقفت سلطات الأمن بمطار بيروت، الفنانة أصالة، وسحبت منها جواز السفر والوثائق والمستندات الثبوتية الموجودة بحوزتها، وذلك بعد مراجعة القضاء المختص وبناءً على إشارة من النيابة العامة اللبنانية، استنادًا على مذكرة "الإنتربول"، وظلت قيد الإقامة الجبرية في لبنان، حتى عرضها على النيابة التمييزية. وأعادت السلطات اللبنانية، جواز سفر أصالة، وأورقها، كما تم إلغاء بلاغ البحث والتحري بحقها، وتركها حرة بعدما تبين أن قرار الملاحقة صادر ل"أسباب سياسية" من جانب النظام السوري. وعلى مدار السنوات التالية، ومع تصاعد حدة الحرب الأهلية والمجازر في سوريا، لم تتوقف أصالة، عن موقفها المعادي تجاه نظام الأسد، سواء عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل "تويتر"، أو تصريحات إعلامية، ودائمًا ما تقابل مواقفها منذ 2011، بهجوم شديد وعداء من جانب مؤيدي بشار الأسد. «وهو يا سوريا ده الموضوع.. وطن بيموت عشان الكل قال نفسي».. "عيش، سكر، وطن".. قي سبتمبر 2016، طرحت أصالة كليبًا إنسانيًا مؤثرًا، يرصد مأساة سوريا التي تصارع الموت والضياع يوميًا بسبب الحرب ومجازرها المرتكبة من جميع الأطراف المتصارعة على أنقاض وطن دُمر فيه الأخضر واليابس واغتال جنون السلطة حضارته، بالإضافة إلى الشعب الذي تفرقت السبل وأصبح لاجئًا مشتتًا في بقاع الأرض، مستعرضه حالته النفسية وانكساره وألمه. وخلال التحقيقات التي أجريت معها أول أمس، في لبنان، أنكرت الفنانة السورية، صلتها بمادة الكوكايين التي ضبطت ضمن حقائبها، وأنها لا تعرف شيئًا عنها، متهمة أحد أفراد الأمن بمحاولة توريطها في هذه القضية بهدف الإساءة إلى سمعتها. «كلما زرت بيروت وقعت في مشاكل».. أعربت أصالة، أثناء التحقيقات، عن انزعاجها من تكرار الأحداث "المسيئة لها وإلى سمعتها"، في كل مرة تزور فيها لبنان، على خلفية "مواقفها السياسية". وشددت المطربة السورية، خلال بيان رسمي حول الأزمة، على حبها لبيروت وأهلها، وأنها لا تشعر بحزن تجاه العاصمة اللبنانية، لكنها وضعت شرطًا للعود إلى لبنان مرة أخري، قائلة: "راح أرجع بيروت لما بتشتقلي، وتحميني قبل ما تظلمني". تلميحات سياسية.. ممنوع أطالب بالعدل؟! بعد ساعات من العودة إلى مصر، قررت أصالة، التخلي عن الرسائل المقتضبة والصور العائلية السعيدة، في مواجهة الأزمة، لترد ببيان مفصل عبر صفحتها الرسمية على "فيسبوك"، صباح اليوم، وصفت فيه حالتها النفسية وما شعرت به من من ظلم وصدمة وقهر جراء الأزمة، وشكرت كل من دعمها ودافع عنها، منتقدة التناول المُغرض لآزمتها من بعض وسائل الإعلام بقولها: "مافي شي اسمه صحافة صفرا بس فيه ناس صفرا بيشتغلوا صحافة، وكلامهم أنتوا رديتوا عليه، ومالحق يجرحني". وألمحت الفنانة السورية المعارضة، بين سطور بيانها، إلى ترتيبات سياسية وراء أزمتها، بهدف تشويه سمعتها، وبسبب ثبات مواقفها من الصراع في سوريا، موجهة مجموعة من التساؤلات إلى من أسمتهم "الصحفيين الصفر"، إذ قالت: "سؤالي إلهم (ليش لازم كون متهمة وملوثة ليكتب قلمكم عني؟ ممنوع أكون حره؟ ممنوع أطالب بالعدل؟ ممنوع أكون بشر متل البشر اللي خلقهم الله ليكونوا جنب بعض؟)". واستكملت كلماتها إلى الجمهور: "أملي ببكرة أحلى كبير، وأملي حتى بالضمير اللي مات يصحى كمان ما زال موجود، وأنا كتبت لطمنكم، إني قدوة ووفية لثقتكم ومعكم عم بستنى العدل يسود، ومعكم عم كافح لنكون أحرار". تساؤلات وشكوك.. أين الحقيقة؟ الأحداث والأخبار المتضاربة التي صاحب إعلان القبض على الفنانة أصالة، وخصوصًا فيما يخص نتيجة التحليل، بعدما نقلت وسائل إعلام لبنانية، عن مصادر مسؤولة غير رسمية -لم تسمها- تأكيدها إيجابية العينة وتناول الفنانة السورية للمخدرات، ثم الإفراج عنها والسماح لها بمغادرة لبنان، رغم أن التحليلات تدينها، وعدم صدور بيان رسمي من الجهات المعنية في بيروت يوضح ملابسات الواقعة، بالإضافة إلى أقوال المطربة السورية في التحقيقات، بأن الأزمة مفتعلة وورائها سياسة، وهو ما ألمحت إليه في بيانها المفصل أيضًا، بشكل غير مباشر، يضعنا أمام تساؤل مهم: هل كان القبض على أصالة سياسيًا؟