شهدت مصر موجه عنيفة من التضخم، مصحوبة بارتفاع أسعار كافة السلع والمنتجات، عقب قرار تعويم الجنيه الصادر في الثالث من نوفمبر الماضي، الأمر الذي دعا صندوق النقد الدولي لوصف انخفاض الجنيه المصري إلى هذا الحد "بغير المتوقع"، مؤكدًا على ضرورة أن تواجه مصر مشكلة التضخم بحلول غير تقليدية. وبعنوان "التعويم الأعمق في العالم يجعل الأصول المصرية ضمن قمة اختيارات رينيسانس كابيتال"، نشرت وكالة بلومبرج الأمريكية، تقريرًا لبنك "رينيسانس كابيتال" الروسي المتخصص في الاستثمارات المصرفية للدول النامية، يشيد بتجربة تعويم الجنيه المصري. ورأت بلومبرج أن مصر تجني ثمار قرار التعويم المؤلم، حيث أوضحت أن المغامرة التي جعلت العملة المصرية ترتجف على نحو هو الأكبر في العالم خلال الشهور الستة الماضية، جعلت الأصول المصرية ضمن صدارة اختيار "رينيسانس كابيتال". ومؤخرًا تراجع العجز التجاري لمصر إلى 6.59 مليار دولار، في الربع الأول من عام 2017، منخفضًا بذلك 46% عن الفترة ذاتها من العام الماضي، كما شهدت مصر زيادة في الصادرات منذ تعويم عملتها في نوفمبر الماضي، مما قلص قيمتها بمقدار النصف تقريبًا، وعزز القدرة التنافسية لمنتجاتها في الأسواق العالمية. ومنذ قرار تحرير سعر الصرف شهد الاحتياطي النقدي الأجنبي ارتفاعًا ليصل إلى 28.5 مليار دولار، بعدما كان 23 مليار دولار فقط في نوفمبر الماضي، فيما تشهد مصر تدفقات نقديه على شكل استثمارات أجنبية من الخارج ولكنها لم ترق لما تأمله الحكومة في ظل انخفاض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية. وبحسب تشارلز روبرتسون، كبير الاقتصاديين ب"رينيسانس كابيتال"، فإن الجنيه المصري الآن هو الأرخص قيمة بين كافة أسواق العملة للدول الناشئة، والقارة الإفريقية بعد إلغاء ضوابط سعر الصرف في نوفمبر، لكن ضعف العملة يحمل ميزة تتمثل في تحفيز الصادرات وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر على مدى السنوات القليلة المقبلة. وأضاف روبرتسون في مقابلة أجرتها بلومبرج معه، أن مصر تعد إحدى أكثر القصص المثيرة للاهتمام في الأسواق الناشئة مقارنة بأي مكان آخر، فهي تعد فرصة استثمارية على غرار ما حدث في جنوب إفريقيا عندما بلغت قيمة الدولار 16 "راند" منذ نحو عام. وفيما تستورد مصر 50% من احتياجاتها من القمح و30% من السكر، بينما يتم استيراد 95% من الزيوت وما يتراوح بين 10 و15% من اللحوم والدواجن، فقد ارتفعت الصادرات المصرية في الربع الأول وقفزت إلى 5.52 مليار دولار من 4.79 مليار دولار، في حين انخفضت الواردات إلى 12.11 مليار دولار من 17 مليار دولار قبل عام. وحول ما إذا ما كان المستثمرون ينبغي أن يشعروا بالقلق من المخاطر القائمة بمصر، أجاب تشارلز روبرتسون: "السوق المصري الأكثر مخاطرة بين الأسواق الناشئة فيما يتعلق بتغيير الأنظمة، جنبًا إلى جنب مع تايلاند، لكن الرئيس السيسي لا يرجح أن يعين نفسه ملكا للأبد". وواصل روبرتسون: "الأكثر احتمالا لو أن هنالك تغيير، سيكون الوضع أشبه بتركيا أو روسيا أو ماليزيا حيث تجرى انتخابات برلمانية يمكن للعديد من الأحزاب التنافس فيها لكنها ليس ديمقراطية كاملة، وشجع الخبير المستثمرين لضخ أموالهم في السوق المصري الأرخص عملة بين الأسواق الناشئة وإفريقيا". تجدر الإشارة إلى أن معدلات التضخم قفزت في مصر من نحو 15% فى أكتوبر 2016، قبل تحرير سعر الجنيه إلى ما يزيد على 32% خلال الشهر الماضى على أساس سنوي.