منذ نشأتها فى نهاية عام 1987، أى بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى، شكلت حركة حماس عبئًا شديدًا على المقاومة الوطنية، فقد مثلت تحديًا كبيرًا للقيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة التى تشكلت من مختلف القوى والفصائل الوطنية الفلسطينية، وكانت تتولى تنسيقًا فى ما بين هذه الفصائل وتعمل على تنظيم عمليات الإضراب والمقاطعة، وفى الوقت الذى عملت فيه القيادة الموحدة على وضع خطة شاملة لترتيب عمليات المقاومة والضغط على قوات الاحتلال دون إجهاد المواطن الفلسطينى العادى، ظهرت حركة حماس بعد اندلاع الانتفاضة ودخلت على الخط، رفضت الانضمام إلى القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة، أصرت على العمل بشكل مستقل، وتدريجيا بدأت تنافس القيادة الوطنية الموحدة، وادَّعت أنها مفجرة الانتفاضة، وأنها مَن خططت لها، وكل الشهادات والتقارير تقول بأن الانتفاضة اندلعت بشكل عفوى تلقائى، احتجاجًا على حادثة سير أودت بحياة عدد من المواطنين الفلسطينيين، وتسببت أعمال القمع المبالغ فيها من جانب قوات الاحتلال فى زيادة حدة الاحتجاجات واتساع نطاقها وتحولها إلى انتفاضة، ومسمى الفعل خير دليل على محتواه، فقد سميت انتفاضة والمصطلح يحمل فى ذاته التلقائية والعفوية. اتجهت الحركة إلى منافسة القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة، وعملت على شق الصف الفلسطينى ولم تتوقف أمام إجهاد المواطن العادى، فقد كانت القيادة الوطنية الموحدة تدعو إلى الإضراب الشامل فى يوم محدد من أيام الأسبوع، وكانت حماس ترد بدعوة أنصارها إلى عدم المشاركة فى الإضراب والقيام بذلك فى يوم آخر، كانت النتيجة انقسام الشارع الفلسطينى إلى قسمين، قسم يلبى دعوة القيادة الموحدة، وآخر يلبى دعوة حماس. وفى مراحل تالية وعندما بدأت منظمة التحرير فى مفاوضات أوسلو، ووقعت الاتفاق الخاص به فى سبتمبر 1993، رفضت حماس الاتفاق وعملت على تعطيله بشتى الطرق وإفشاله، وهنا بدأت حماس القيام بعمليات انتحارية داخل المدن الإسرائيلية، الأمر الذى تسبب فى وقف تنفيذ إسرائيل لعمليات سحب قواتها من الأراضى الفلسطينية حسب اتفاق أوسلو. تعمدت حركة حماس تعطيل عمليات الانسحاب عبر القيام بعمليات انتحارية داخل الأراضى الإسرائيلية، وعندما بدأت الاستعدادات لإجراء الانتخابات البرلمانية، رفضت حماس المشاركة فيها مؤكدة أن الانتخابات هى استحقاق مترتب على اتفاق أوسلو الذى ترفضه الحركة وتراه خيانة للقضية الفلسطينية، ومن ثم قاطعت حماس انتخابات عام 1996، وواصلت القيام بعمليات انتحارية داخل إسرائيل، الأمر الذى انتهى بإعادة احتلال إسرائيل للأراضى التى سبق وانسحبت منها. ورغم رفضها اتفاق أوسلو، قررت حماس المشاركة فى الانتخابات البرلمانية التى جرت عام 2006، وفازت بالأغلبية وشكلت الحكومة الجديدة، وانتهت التجربة بسيطرة حماس على قطاع غزة عسكريا وطردت القوات التابعة للسلطة الوطنية، ومارست أبشع أنواع الاغتيالات والقتل والسحل والتعذيب بحق نشطاء حركة فتح والمنظمات اليسارية فى القطاع، وبدأ نضال الحركة يتحول من مواجهة القوات الإسرائيلية إلى مواجهة قوات السلطة الوطنية الفلسطينية، من النضال ضد قوات الاحتلال إلى التحرش بالقوات المصرية على الحدود. عندما فازت الجماعة بأكثرية مقاعد البرلمان المصرى وفاز مرسى فى الانتخابات الرئاسية، أوقفت الحركة- بتعليمات مباشرة من مكتب الإرشاد- كل أشكال المقاومة وتفرغت لحصد ثمار النصر السياسى للجماعة. وما إن بدأت بوادر ثورة الثلاثين من يونيو حتى استعانت الجماعة بمسلحى حماس للقيام بكل ما هو مطلوب لردع المصريين، أتوا بمسلحى حماس إلى اعتصامَى رابعة والنهضة، ووزعوا عددًا من المسلحين فى مدن مصرية مختلفة، وكان التعاون عبر الأنفاق على قدم وساق.