احتفلت حركة المقاومة الإسلامية حماس وسط حشد جماهيري كبير قدر بعشرات الآلاف في غزة بالذكرى العشرين لانطلاقتها. وأقيم مهرجان جماهيري كبير ألقيت فيه عدة كلمات لزعماء في حماس والجهاد إضافة إلى كلمة ألقاها رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية. الحشد الذي حمل اعلاما خضراء توجه الى ساحة الكتيبة في غرب مدينة غزة السبت 15 ديسمبر وهو يعتبر تاريخ بداية تشكيل الحركة. هذا التجمع يشكل اضخم عرض قوة لحماس منذ سيطرتها على قطاع غزة بعد مواجهات دامية مع قوات تابعة لحركة فتح بزعامة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في يونيو الماضي. ويشكل الخامس والعشرون من يناير عام 2006 يوما مفصليا في تاريخ حركة حماس، إثر فوزها في الانتخابات التشريعية. وكان الفوز الساحق لحماس في الانتخابات التشريعة انطلاقة جديدة لها في عمل سياسي لم تعهده من قبل، خاصة أن حماس دخلت المعترك السياسي بغياب أبرز قيادييها المؤسسين، وعلى رأسهم الشيخ أحمد ياسين وخليفته عبد العزيز الرنتيسي الذين أشرفوا على بناء نواة الحركة الأولى وميثاقها قبل عشرين عاما، حيث غيبتهم عمليات الاغتيال الاسرائيلية في الانتفاضة الثانية التي عرفت بانتفاضة الاقصى، وسجلت فيها حماس تطورا نوعيا في عملها العسكري ضد إسرائيل. حركة المقاومة الإسلامية المعروفة اختصارا باسم "حماس" أسسها الشيخ أحمد ياسين مع بعض عناصر الإخوان المسلمين العاملين في الساحة الفلسطينية مثل الدكتور عبد العزيز الرنتيسي والدكتور محمود الزهار وغيرهما. وكان الإعلان الأول لحركة حماس عام 1987، لكن وجودها تحت مسميات أخرى في فلسطين يرجع إلى ما قبل عام 1948 حيث تعتبر نفسها امتدادا لجماعة الإخوان المسلمين التي تأسست في مصر عام 1928. وقبل إعلان الحركة عن نفسها عام 1987 كانت تعمل على الساحة الفلسطينية تحت اسم "المرابطون على أرض الإسراء" و"حركة الكفاح الإسلامي". التوجهات الفكرية والسياسية لا تؤمن حماس بأي حق لليهود في فلسطين، وتعمل على طردهم منها، ولا تمانع في القبول مؤقتا وعلى سبيل الهدنة بحدود 1967 ولكن دون الاعتراف لليهود الوافدين بأي حق لهم في فلسطين التاريخية. وتعتبر صراعها مع الاحتلال الإسرائيلي صراع وجود وليس صراع حدود. وتنظر إلى إسرائيل على أنها جزء من مشروع استعماري غربي صهيوني يهدف إلى تهجير الفلسطينيين من ديارهم وتمزيق وحدة العالم العربي. وتعتقد أن الجهاد بأنواعه وأشكاله المختلفة هو السبيل لتحرير التراب الفلسطيني، وتردد أن مفاوضات السلام مع الإسرائيليين مضيعة للوقت ووسيلة للتفريط في الحقوق. وتعتقد حماس خطأ المسيرة السلمية التي سار فيها العرب بعد مؤتمر مدريد عام 1991، وتعتبر اتفاق أوسلو عام 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل ومن قبله خطابات الاعتراف المتبادل ثم تغيير ميثاق المنظمة ، تفريطا واعترافا لإسرائيل بحقها في الوجود داخل فلسطين لذا وجبت مقاومته. وتنشط حماس في التوعية الدينية والسياسية والاجتماعية، وتتوزع قياداتها السياسية بين فلسطين والخارج، وفضلاً عن مؤسساتها الكثيرة المتعددة داخل فلسطين فإنها تحظى بدعم عدد مهم من المؤسسات في الخارج. العمل العسكري في فكر حماس تعتبر حماس أنها ليست على خلاف مع اليهود لأنهم مخالفون لها في العقيدة ولكنها على خلاف معهم لأنهم يحتلون فلسطين . يمثل العمل العسكري لدى حركة حماس توجها إستراتيجيا -كما تقول- لمواجهة المشروع الصهيوني في ظل غياب المشروع التحرري العربي والإسلامي الشامل، وتؤمن بأن هذا العمل وسيلة للإبقاء على جذوة الصراع مشتعلة حتى تحقق أغراضها وللحيلولة دون التمدد الصهيوني التوسعي في العالمين العربي والإسلامي. وقامت حماس بالعديد من العمليات العسكرية عن طريق جناحها العسكري المسمى "كتائب عز الدين القسَّام" وأثارت عملياتها الفدائية جدلاً دولياً انعكس على الداخل الفلسطيني. وتقوم حماس بدور أساسي في انتفاضة الأقصى التي بدأت في سبتمبر2000 ولا تزال مستمرة حتى الآن، كما كانت المحرك الرئيسي للانتفاضة الأولى عام 1987. الموقف من سلطة الحكم الذاتي وعلى الرغم من أن العلاقة بين الطرفين الموجودين على الساحة الفلسطينية تنتكس فى هذه الايام فتقوم السلطة الفلسطينية أحياناً بحملات اعتقال لأفراد حماس وغيرهم، فإن الحوار بينهما قلما ينقطع. على القائمة الأميركية للإرهاب وضعت الولاياتالمتحدة الأميركية حماس على قائمتها للإرهاب معتبرة المقاومة الوطنية التي تقوم بها داخل فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي عملا إرهابياً. ومن ثم أعطت بهذه القائمة الضوء الأخضر للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة للتخلص منها بوسائلها الخاصة التي منها الاغتيال والتصفية الجسدية المباشرة لقادتها وكوادرها. تشكيل الحكومة فازت حماس في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006 بأغلبية كبيرة، وأقصت بهذا الفوز حركة فتح عن تصدر المشهد الفلسطيني الذي كانت تحتكره منذ عقود، وشكلت حكومة برئاسة إسماعيل هنية. وواجهت على إثر ذلك ضغوطا داخلية وخارجية لإفشالها، واندلعت بينها وبين حركة فتح صراعات دموية انتهت بسيطرة حماس على قطاع غزة، الأمر الذي دفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الإعلان عن حل حكومة الوحدة الوطنية التي تشكلت بعد اتفاق مكة، وتكليف سلام فياض بتشكيل حكومة طوارئ، ولا يزال الخلاف بين الحركتين قائما حتى الآن.