في ظل ما تقوم به الدولة من محاربة الفساد، وملاحقة كبار المسئولين الفاسدين، إلا أن جذوره مازالت متفشية داخل الإدارات بالمحافظات على أيدي صغار المسئولين والموظفين، لتهدر الملايين من المال العام للدولة وضياع حقوق المواطن. واستمرارا لمسلسل الفساد داخل قطاع الصحة، كشفت "التحرير" بالمستندات التي حصلت عليها عن وجود عملية فساد تتم داخل إدارة القرنة الصحية، إذ تمكنت من كشف مجموعة من الأوراق البيضاء المتجردة من الكتابة، ولا يوجد بها سوى ختم شعار الجمهورية، وأخرى بها ختم بيضاوي تابع للإدارة أيضا، مجهزة ومعدة للبيع، وستستخدم في أعمال غير مشروعة من الممكن أن تصل إلى حد إهدار المال العام، بصرف كميات من المستلزمات الطبية لحائزها وتهريبها إلى السوق السوداء. وأوضح مصدر داخل الإدارة رفض ذكر اسمه، ل"التحرير"، أن تلك الأوراق معدة ومجهزة للبيع لبعض الموظفين وغيرهم من المواطنين؛ لاستخدامها في أغراض غير مشروعة دون وجه حق، مشيرا إلى أن الورق المرفق به خاتم شعار الجمهورية يعطي صلاحية لمن بحيازته باستخدامه كيفما يشاء؛ لمخاطبة الإدارات الأخرى داخل المحافظة وخارجها، في اختصاصات الإدارة والمعاملات المالية. وتابع كما تتيح له الأوراق المختومة بخاتم الشعار صرف المستلزمات الصحية والطبية الخاصة بالإدارة والتطعيمات، وتسلمها من مديرية الصحة لما عليه من خاتم رسمي، ورفع الجزاءات عن الموظفين، والتكليف بالمأموريات في حالة الغياب عن العمل، بالإضافة إلى عمل شهادات صحية لحاملي الأمراض المعدية للعمل داخل الفنادق والمطاعم، أو لممارسة النشاط التجاري، أو الملاحة، وإثبات حالات حضور لعاملين متهمين في قضايا جرائم سرقات أو قتل، كما يتم استخدامها في جميع نشاطات مراقبة الأغذية بالإدارة، وتسليم تقارير فحص العينات للشرطة. وذكر المصدر أن أسعار تلك الأوراق المعدة للبيع، تتفاوت حسب الرغبة لاحتياجها، لافتا إلى أنه في حالة استخدامها كشهادة للخلو من الأمراض يصل سعرها إلى 200 جنيها، أما في حالة إثبات الحضور 100 جنيها، وفي احتياجها لاستخراج تراخيص سيارات يصل السعر إلى 300 جنيها. وأشار المحامى محمد العشاوي إلى أن هذا الأمر يعد اختلاسا وعدوانا على المُحرَر الرسمي، بالتحايل على القانون في حال ارتكاب الجرائم، إذ تقدم تلك الأوراق كإثبات حضور المتهم في محل عمل أو جهة رسمية، مما يمكنه من الفرار من العقاب بشكل رسمي. ومن جهة أخرى أكد الدكتور أسامة دسوقي وكيل وزارة الصحة، ضرورة تقديم تلك الأوراق التي حصلت عليها "التحرير" للمديرية؛ لتحويلها للشؤون القانونية ومن ثم تحويلها إلى النيابة العامة للتحقيق ومحاسبة المسؤولين عن استخراجها.