فى الوقت الذى تسعى فيه أوكرانيا إلى حل أزمتها السياسية الآخذة فى التفاقم، لا يزال الجيش الأوكرانى خارج المعادلة حتى الآن.. هكذا استهلت شبكة بلومبرج الأمريكية تقريرها التى قارنت فيه بين تدخل الجيش المصرى فى الاحتجاجات الشعبية منذ ثورة 25 يناير، وموقف نظيره الأوكرانى مما يحدث فى البلاد. «بلومبرج» أوضحت أنه على الرغم من وجود موالين للرئيس الأوكرانى فيكتور يانكوفيتش بين القيادات العليا فى الجيش، فإنه لا خيار غير محتمل بالنسبة إلى الرئيس، لأنه جيش ضعيف وغير مجهز جيدًا، على حد قولها. كما أضافت «بلومبرج» إن جيش البلاد يضم 182 ألف جندى فقط، وهو تراجع هائل، حيث كان يبلغ عدد جنوده 800 ألف بعد الاستقلال فى 1991. لافتة إلى أن القوات المسلحة الأوكرانية قادرة فقط على توفير دفاع محدود عن الأراضى، وأن الأسلحة التى تعود إلى الحقبة السوفيتية فى حاجة ماسة إلى استبدالها. وأوضحت أن الجنود الأوكرانيين لا يزالون حتى الآن ملازمين لثكناتهم، لا يحبذون فكرة التدخل فى السياسة، على عكس ما حدث فى دول أخرى أبرزها مصر. كما أشارت إلى أن وضع الجيش الأوكرانى لا يقارن بنظيريه فى مصر وتركيا، حيث يلعبان دورًا حاسمًا فى أوقات الأزمات. متابعة أن الرئيس حتى الآن يعتمد على وزارة الداخلية، وبشكل خاص على القوات الأوكرانية الخاصة «بيركوت» التى يبلغ عدد جنودها 4 آلاف فقط فى دولة يبلغ عدد سكانها 45 مليون نسمة. متابعة أن خطة المعارضة هى نشر الاحتجاجات على مستوى البلاد حتى يعجز يانكوفيتش عن السيطرة عليها بواسطة بيركوت الموالية له. ولفتت إلى أنه مع تصاعد الأزمة، بدأ الرئيس فى العمل على زيادة ولاء الجيش له عبر وعود بمضاعفة أجور الجنود. مشيرة إلى أن وزير الدفاع ربما يكون مواليًّا للرئيس، لكن الجنود ربما لا. كما نقلت «بلومبرج» عن سوزان ستيوارت، نائب رئيس قسم أبحاث أوراسيا وأوروبا الشرقية فى المعهد الألمانى للشؤون الدولية والأمنية ببرلين: «المعنويات منخفضة فى الجيش الأوكرانى. هو نسبيا جيش غير مدرب جيدًا ومعداته غير ملائمة». «بلومبرج» تطرقت إلى انتقاد المعارضة الأوكرانية إلى التمويل السيئ للجيش، حيث يتم حاليًّا إنفاق 40% فقط من التمويل المطلوبة. ونقلت عن أحد المعارضين: «الجيش لا يمكنه المشاركة فى العملية السياسية، عليه أن يكون خارجها. لكن إذا أرادت السلطات إقحام الجيش فى الصراع السياسى، فأنا مقتنع تمامًا بأن الجنود سيتخذون صف الشعب». شبهت «بلومبرج» عجز يانكوفيتش عن السيطرة على الاحتجاجات الشعبية ضده فى أكبر ميادين العاصمة كييف، بالأيام الأخيرة للرئيس المخلوع حسنى مبارك فى 2011. وتابعت أن المعارضة والرئيس وصلوا إلى طريق مسدود بعد ما فشلت التنازلات التى قدمها الأخير فى إنهاء المظاهرات العارمة التى أصبحت دموية الأسبوع الماضى. حتى إن استقالة الحكومة لم تكن كافية للمعارضين، والطرفان يستعدان لتصعيد التوترات. من جانبه وقع الرئيس الأوكرانى الجمعة قانونًا للعفو عن المتظاهرين، الذين اعتقلوا خلال الاحتجاجات، وألغى تشريعًا يقيد التظاهر. واتهم يانكوفيتش المعارضة بوضع مصالحها الشخصية فوق مصلحة أوكرانيا. وأصدرت وزارة الداخلية بلاغًا للقبض على 3 نشطاء متهمين بنشر الفوضى، وهم ديمترى بولاتوف، أحد قادة حركة «أوتوميدان» التى تنظم مظاهرات بالسيارات، وسيرجى كوبا الذى فر من البلاد، وأليكسى جريسينكو، ابن وزير الدفاع السابق. وحذر الاتحاد الأوروبى من أن الصراع المستمر قد يؤدى إلى حرب أهلية ربما تمزق أوكرانيا إربًا. وأعربت كاثرين آشتون، المفوضة السامية للشؤون الخارجية فى الاتحاد الأوروبى، عن استيائها من تعرض الناشط بولاتوف للاختطاف والتعذيب. وفى مؤتمر صحفى فى ميونيخ أول من أمس الجمعة، دعا أمين عام الأممالمتحدة بان كى مون، الرئيس الأوكرانى إلى الاستماع إلى إرادة الشعب.