لم يكن اقتراب السعودية من اتمام صفقة لبناء قاعدة عسكرية في جيبوتي هو أول درجة في سلم وصول المملكة للقارة السمراء والسعي لمواطئ أقدام بها على كافة الأصعدة. "لم يكن اقتراب السعودية من إتمام صفقة لبناء قاعدة عسكرية في جيبوتي هو أول درجة في سلم وصول المملكة للقارة السمراء والسعي لمواطئ أقدام بها على كافة الأصعدة". صحيفة "فيننشال تايمز" البريطانية كشفت اليوم عن اقتراب السعودية من إتمام صفقة لبناء قاعدة عسكرية في جيبوتي. وقالت الصحيفة إنَّ الخطوة تأتي من منطلق رغبة الرياض في لعب دور أكبر بأمن المنطقة، وبخاصةً مع الموقع الاستراتيجي على البحر الأحمر وخليج عدن، واحتوائها على منشآت عسكرية أمريكية وفرنسية. الصحيفة تساءلت: "ما هي أبعاد هذا الدور الأكبر للسعودية؟، هذا ما يجيب عنه مراقبون بعدد من اللإجابات من بينها أنَّ هذه الخطوة ستكون مفيدةً فيما يتعلق بالحرب التي تشنها المملكة ضد الحوثيين وقوات علي عبد الله صالح في اليمن، ومواجهة ما تراه الرياض التدخل الإيراني في النزاعات بالعالم العربي، وغيرها". ووفقًا لتقريرٍ أعدَّته مؤخرًا قناة "العربية"، فإنَّ توجُّه المملكة ناحية القارة السمراء لا يهدف إلا لوقف طهران، موضِّحةً أنَّ جولة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لأربع دول إفريقية لم تهدف إلا لمناقشة تدخلات إيران. وذكرت القناة: "إيران سعت منذ مدة إلى كسب حلقات نفوذ في مواقع مختلفة من القارة الإفريقية وعلى أكثر من محور، حيث بدأت برفع مستوى تمثيلها الدبلوماسي هناك بصورة ملحوظة في أكثر من 30 بلدًا خلال العقد الأخير، كما لوحظ نشاطًا بارزًا لعددٍ من الدوائر الثقافية والدينية المرتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بالنظام الإيراني، الأمر الذي ساعد طهران بتحقيق الاختراق للقارة وسط انشغال دول عربية على رأسها السعودية بقضايا داخلية وخارجية كالحروب المستعرة في اليمن وسوريا". وأضافت: "الوضع تغير في الفترة الأخيرة خصوصًا مع اهتمام الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز بالعلاقات مع القارة السمراء، ما يذكِّر بالسياسة التي انتهجها الملك فيصل بن عبد العزيز في حقبة الستينيات، والتي أفضت إلى إنشاء منظمة التعاون الإسلامي". وتابعت: "يبدو أنَّ التوتر بين السعودية وإيران يجد له انعكاسًا في دول إفريقية أبرزها السودان التي كانت قبل سنوات محسوبة على طهران ومتهمة بتهريب السلاح الإيراني عبر أراضيها قبل أن يتغير موقفها مؤخرًا وتنضم لمعسكر الرياض، وهو ما تزامن مع صحف الخرطوم هجومًا على طهران وتأييدًا للسعودية؛ لتصبح أول دولة إفريقية تتدخل في حلبة التناطح بين طهرانوالرياض". وكان أبرز تجليات ذلك - حسب القناة - هو حكم الإعدام الذي نفَّذته المملكة على الداعية نمر باقر النمر المقرب من طهران، ولم تكتفِ الحكومة السودانية بالهجوم الإعلامي، بل اتجهت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران تمامًا، وشاركتها جيبوتي والصومال نفس الموقف. وأرجع البعض ذلك الموقف إلى معاناة اقتصاد السودان منذ انفصال الجنوب الغني بالنفط عنها عام 2011؛ لذلك تأمل الخرطوم أن تكون السعودية داعمًا قويًّا لها في إعادة بناء اقتصاد السودان، حسب القناة. خبراء سياسيون تحدَّثوا عن أيضًا ل"ساسة بوست" عن أنَّ الصومال أيضًا في حاجة ماسة للاستثمارات، بعد مرور أكثر من عقدين على الصراع الذي دمَّر البلاد، بما في ذلك التمرد الحالي، وعمليات حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، موضِّحين أنَّ السعودية تتنافس مع إيران على كسب ود نيجيريا، والتي بها أكبر نسبة مسلمين في القارة، وتعتبر غنية بالنفط. وبدأت العلاقات السعودية مع القارة السمراء عام 1934 حينما افتتحت أول سفارة بها بإثيوبيا، وعلى مدار الثمانين عاماً الماضية، استضافت المملكة سفارات وبعثات دبلوماسية لجميع دول القارة الإفريقية، كما توفد إلى جميع دول القارة بعثات دبلوماسية وقنصلية دائمة. يأتي هذا في الوقت الذي تلعب فيه المغرب دور بوابة المملكة لتوسيع النفوذ السعودي في شمال إفريقيا، حيث يرى خبراء إنَّ المملكة تسعى لتوسيع نفوذها في المغرب العربي، بالشروع في تحالف استراتيجي مع الرباط. وأضاف الخبراء أنَّ هذا الدعم شمل تقديم السعودية منحًا مالية لا ترد للمغرب، من بينها ثلاث اتفاقيات تمويل، تصل قيمتها الإجمالية إلى 230 مليون دولار، تخصّص الأولى لمشروع خاص بالري والثانية لمشروع توفير التجهيزات الطبية للمستشفيات العمومية، فيما تخصّ الاتفاقية الثالثة مشروعًا لدعم المقاولات المتوسطة والصغرى. ولفت الخبراء إلى أنَّ هذا الدعم المالي مرتبط باعتماد السعودية على المغرب، كحليف عسكري قوي لها، شارك معها في مجموعة من الجبهات العسكرية، آخرها عملية "عاصفة الحزم" في اليمن، ومناورات "رعد الشمال". وأوضح الخبراء: "هذا الدعم السخي من السعودية للمغرب له علاقة بمحاولة توظيف القدرات الأمنية والمعلوماتية، التي تمتلكها الرباط لصالح مشروع الزعامة للسعودية في الشرق الأوسط؛ بجانب القدرات البشرية والعسكرية للمغرب؛ بغرض مساندة السعودية ضمن تحالف إسلامي واسع؛ في مواجهتها مع إيران". ويعتبر الأمن الغذائي هو سبب آخر وراء سعي السعودية وراء شراء أراضٍ زراعية بالقارة السمراء، فوفقًا ل"روسيا اليوم" فإنَّ الرياض تقوم بهذه الخطوة لوقف استنزاف مواردها المائية الشحيحة. وأضافت: "السعودية تسعى إلى امتلاك أراضٍ زراعية واسعة في عدة دول إفريقية وفي الأرجنتين وحتى في الولاياتالمتحدة، وذلك لإنتاج القمح والشعير والأرز والذرة وأعلاف الحيوانات وشحنها إلى البلاد بدلًا عن استيرادها من المنتجين الدوليين".