إطلاق أول قاعدة بيانات وطنية متكاملة للتعليم قبل الجامعي للعامين 2024–2025    «إعلام الأزهر» تطلق مؤتمرها الدولي السادس    منال عوض تكرم عددًا من المسئولين لدورهم في نجاح "التنمية المحلية بصعيد مصر"    وصول الطائرة البابويّة إلى مطار أنقرة وبداية الرحلة الرسوليّة الأولى للبابا لاوون ال14 إلى تركيا    سعر الذهب الآن في مصر.. بكم عيار 21 ؟    وزارة التخطيط تستعرض الإصلاحات الهيكلية المنفذة منذ يوليو 2024    عبدالعاطي: موقف مصر ثابت تجاه تثبيت وقف إطلاق النار بغزة    منظمات حقوقية: مقتل 374 فلسطينيا منهم 136 بهجمات إسرائيلية منذ وقف إطلاق النار    مؤتمر صحفي غدًا لعبد الرؤوف وعمر جابر قبل لقاء الزمالك وكايزر تشيفز    الإمارات تعلن إنسحابها من سباق استضافة كأس آسيا 2031    تفاصيل اجتماع وزير الشباب والرياضة مع رئيس اتحاد الجودو    اكتمال النصاب القانوني لعمومية اتحاد الكرة لمناقشة تعديلات لائحة النظام الأساسي    تحويلات مرورية شاملة بسبب أعمال إنشائية بمحطة مترو المطبعة بالجيزة    خبراء الأرصاد يتوقعون طقسًا خريفيًا مائلًا للبرودة بالقاهرة الكبرى    "شرم الشيخ للمسرح" يخصص سوق دولي لرؤساء ومديري المهرجانات حول العالم    بينهم 7 مصريين.. الإعلان عن القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد    القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب تضم صيف سويسري لإنعام كجه جي    الصحة: فحص 4.5 مليون شاب وفتاة مقبلين على الزواج    تحرير 104 مخالفات للمحلات غير الملتزمة بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    بسبب الإهمال.. استعباد مدير ووكيلي مدرسة في قنا    الأهلي يختتم تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة الجيش الملكي    السعودية: 4.8% من سكان المملكة أكبر من 60 عاما    موسكو: زيارة ويتكوف لا تزال قائمة وروسيا ستعمل مع أي مقترحات يقدمها    مقتل أكثر من 30 وفقدان 14 آخرين بسبب الأمطار الغزيرة والانهيارات الأرضية في سريلانكا    الهلال الأحمر المصري يرسل القافلة ال82 إلى غزة محملة ب260 ألف سلة غذائية و50 ألف بطانية    وزير البترول يعقد لقاءً موسعاً مع شركات التعدين الأسترالية    وزير الري يعرض المسودة النهائية لهيكلة روابط مستخدمي المياه    مندور يستقبل عميد حاسبات ومعلومات قناة السويس الجديد    بسبب تعاطيهم الحشيش.. إنهاء خدمة 9 من العاملين أثناء أدائهم للعمل الحكومي    روز اليوسف على شاشة الوثائقية قريبًا    قبل موتها المفاجئ.. المذيعة هبة زياد تكشف تعرضها للتهديد والابتزاز    عشرات القتلى و279 مفقودًا في حريق الأبراج العملاقة ب هونغ كونغ    الداخلية توجه ضربة قاصمة للعناصر الإجرامية.. مقتل 4 خطرين وضبط مخدرات ب105 ملايين جنيه بعدة محافظات    حقيقة فسخ بيراميدز تعاقده مع رمضان صبحي بسبب المنشطات    "إسرائيل ليست على طريق السلام مع سوريا".. كاتس يشير إلى خطة جاهزة في اجتماع سري    محافظ الجيزة يعتمد تعديل المخطط التفصيلى لمنطقة السوق بمركز ومدينة العياط    وزارة التعليم: لا دراسة أونلاين أو وقف الغياب بسبب الفيروسات الشتوية وحضور الطلاب مستمر بالمدارس يوميا    هيئة الرعاية الصحية تعلن الفائزين بجوائز التميز لعام 2025    جامعة قناة السويس تنظم ندوة "تجليات وعبقرية المعمار المسلم" ضمن "طوف وشوف"    نهاية الملاذ الآمن    المعارضة تقترب من حسم المقعد.. وجولة إعادة بين مرشّح حزبى ومستقل    وزير الانتاج الحربي يتابع سير العمل بشركة حلوان للصناعات غير الحديدية    انطلاق امتحانات شهر نوفمبر لطلاب صفوف النقل    إصابة 9 أشخاص فى حادث انقلاب ميكروباص بطريق أبوسمبل    القبض على مريض نفسى حرق سيارة بمدينة 6 أكتوبر    مواعيد مباريات اليوم الخميس 27 نوفمبر 2025    مواعيد مباريات الخميس 27 نوفمبر 2025.. ثلاث مواجهات في كأس مصر ونهائي مونديال الناشئين    عمر خيرت يوجه رسالة للجمهور بعد تعافيه من أزمته الصحية.. تعرف عليها    ضبط المتهم بالتعدى على فتاة من ذوى الهمم بطوخ وحبسه 4 أيام    سر ظهور أحمد مكي في الحلقة الأخيرة من مسلسل "كارثة طبيعية" (فيديو)    عصام عطية يكتب: «دولة التلاوة».. صوت الخشوع    محافظ كفر الشيخ: مسار العائلة المقدسة يعكس عظمة التاريخ المصري وكنيسة العذراء تحتوي على مقتنيات نادرة    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    ضعف المناعة: أسبابه وتأثيراته وكيفية التعامل معه بطرق فعّالة    موعد أذان وصلاة الفجر اليوم الخميس 27نوفمبر2025.. ودعاء يستحب ترديده بعد ختم الصلاه.    خالد الجندي: ثلاثة أرباع من في القبور بسبب الحسد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باستخدام التشيع والعلاقات الاقتصادية.. إفريقيا بوابة إيران للهيمنة على قارة المستضعفين

دراسة أمريكية: دول القارة غنية باليورانيوم الذى أوشك رصيد طهران منه على النفاذ

- طهران تدعم روابطها بموريتانيا بعد قطع علاقتها بتل أبيب

مما لاشك فيه أن توغل إيران فى قارة إفريقيا لم يعد خافيا على أحد، بل إنه بمرور الوقت يتعاظم بشكل تدريجى، على الرغم من توجس الكثيرين من دول القارة الآن أنها تخطو على مر السنين خطوات ثابتة نحو تحقيق أهدافها، وتوفير احتياجاتها التى تحاول جاهدة اكتسابها من خلال سلك العديد من الطرق التى تراها مشروعة من وجهة نظرها سواء كانت سياسية أم اقتصادية أم حتى دبلوماسية. حيث قام الساسة الإيرانيون بالعديد من الزيارات للدول الإفريقية ركزوا خلالها على استعداد طهران لدعمهم ومساعدتهم فى تشكيل جبهة موحدة فى وجه الأطماع الغربية، شملت دول شرق إفريقيا وجزر القمر وجيبوتى وكينيا، كما تنشط فى نيجيريا وتونس والسودان من هنا، أصبحت بعض دول إفريقيا المطلة على البحر الأحمر، ودول القرن والشرق، ساحة رحبة للنشاط الاقتصادى والعسكرى والسياسى الإيرانى بهدف تحقيق مشاريع كبرى للهيمنة، وبسط نفوذها، ليس على مستوى الشرق الأوسط فحسب، بل من خلال خلق ولاءات فى القارة السمراء، مما يشكل تهديدا على العالم العربى الإسلامى يحتاج إلى إعادة ترتيب الأوراق العربية بالقارة .

وبما أن نجاد هو أول رئيس إيرانى يتجه لإفريقيا، فإن أحد أهم ما ساعده على توثيق العلاقات وتطويرها واستقباله بحفاوة فى كل دولة زارها هى رئاسة طهران لحركة عدم الانحياز، حيث إنه حتى نهاية مدته قام بخمس جولات إفريقية موسعة آخرها كان 2013، حيث زار كلاً من غانا وبنين والنيجر.
وما يؤكد عمق العلاقات الإيرانية، وصف الرئيس الأوغندى السابق يوفه كاكوته فى أحد تصريحاته، الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بأنها اعتمدت دومًا سياسة قائمة على حسن النية تجاه إفريقيا، وأنها من أهم أصدقائنا وشركائنا التجاريين.
فك الحصار
ولا يقتصر الأمر على العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية فقط، بل إن الدكتور محمد بن صقر السلمى، المتخصص فى الشئون الإيرانية كشف عبر دراسة نشرت له فى جريدة مكة عن" توغل إيران فى إفريقيا"، أن طهران التى تعزلها الولايات المتحدة منذ عام 2005 عندما قررت أن تفك حصارها، لم يكن هناك أنسب لها من إفريقيا، حيث تمتلك الآن سفارات فى أكثر من ثلاثين دولة آخرها المغرب.
السؤال الأهم الذى تطرحه الدراسة ما الذى تريده إيران تحديدًا فى إفريقيا؟ وما الذى تعطيه فى المقابل؟
مشكلة إيران الكبرى أنها دولة فقيرة باليورانيوم، ومخزونها أوشك على النفاذ ومع برنامجها الذى يستهدف بناء ستة عشر مفاعلًا نوويًّا فى السنوات التالية، تمثل إفريقيا كنزًا حقيقيًّا لها، كقارة ترقد على جزء ضخم من الاحتياطى العالمى له فى كلا من جنوب إفريقيا والنيجر ومالاوى وناميبيا وزيمبابوى وأوغندا، وهى الدول التى تتجه إليها الآن وتضعها على أولوية سياساتها الخارجية.
ويكيليكس
وفى 2006، كشفت إحدى وثائق (ويكيليكس) المسربة أن الولايات المتحدة تلقت تقريرًا استخباراتيًّا من سفارتها فى دار السلام أن يورانيوم الكونغو ربما يمر من تنزانيا عن طريق شركتين سويسريتين للشحن ثم يصل إلى إيران، يفسر هذا بعدها الاهتمام الأمريكى الشديد بتوقيع اتفاقية مع الكونغو، تهدف إلى منع الاتجار فى المواد النووية بهدف قطع الطريق على طهران. وفى عام2007، تم اكتشاف اليورانيوم فى غينيا على يد الشركة الأسترالية مورتشيسن يونايتد، مما أدى إلى تحولها من دولة هامشية لمحط أنظار الدول النووية، حينها بدأت إيران مباشرة فى برنامج للتعاون الاقتصادى مع غينيا.
بعدها زار أحمدى نجاد هرارى ليعقد اتفاقًا مع روبرت موجابى، بموجبه توفر زيمبابوى بطاقة خضراء لطهران لتصل إلى يورانيوم خام تقدر كميته ب 455 ألف طن على مدار خمس سنوات.
ويبدو الاهتمام الإيرانى بأوغندا أوضح، مثلًا، وبعد تاريخ لا بأس به من الدعم الدبلوماسى أمام مجلس الأمن فى 2010، ومشاريع اقتصادية ممولة، وفى أواخر العام الماضى زار العميد إسماعيل أحمدى مقدم، قائد الشرطة الإيرانية أوغندا ليوقع بروتوكول تعاون، بمقتضاه تقوم إيران بتدريب شامل للشرطة الأوغندية.
أما جنوب إفريقيا، فيكفى ذكر التعاون الوثيق بين إيران وعملاق الاتصالات، حيث تسيطر المجموعة الجنوب إفريقية الآن على 45% من سوق الاتصالات الجمهورية الاسلامية .
وتُولى طهران اهتمامًا خاصًا للصومال، حيث إنها من جهة تدعم بشكل غير مباشر حركة الشباب لمواجهة النفوذ الأمريكى هناك.
هذا فضلا عن علاقات تجارية متبادلة مع القارة وصلت لأكثر من مليار دولار، الرقم الذى قد لا يبدو ضخمًا يشكل بابا مهما من أبواب الدخول الإيرانى لتحقيق أهداف أخرى قد لا تتحقق إلا عن طريق الاستثمار والشراكة التجارية.
مكاسب إيران
وطبقاً لإيلان بيرمان، من موقع ريال كلير وورد الأمريكى، أن إيران دخلت فى لعبة إفريقية مع كلٍّ من الولايات المتحدة والكيان الصهيونى من أجل البحث عن اليورانيوم وعن دور متنام هناك، حيث إن واشنطن تحاول تقزيم نفوذها.
واستطاعت إيران أن تحقق مكاسب فى التوسّع الإفريقى على حساب الكيان الصهيوني، ففى مارس 2010م، اقتربت إيران من موريتانيا، وهى إحدى ثلاث دول عربية لها علاقات دبلوماسية رسمية مع تل أبيب، وذلك بعدما قطعت موريتانيا علاقاتها مع «إسرائيل» بعد حملتها الأخيرة على غزة.
تسريب وثائق سرية
وأخيرا أعلنت وحدة الصحافة الاستقصائية فى شبكة الجزيرة عن امتلاكها لمئات الوثائق الاستخباراتية عالية السرية من العديد من أجهزة المخابرات وشبكات التجسس فى العالم، الوثائق التى تنشرها بالتعاون مع الجارديان البريطانية عبارة عن تحليلات تفصيلية وتقارير معلوماتية، كتبها عملاء تابعون لجهاز أمن الدولة (SSI) فى جنوب إفريقيا، التحليلات والبرقيات عبارة عن مراسلات سرية ثنائية واسعة النطاق بين جنوب إفريقيا والمخابرات المركزية الأمريكية CIA والمخابرات البريطانية MI6، ومخابرات رئاسة الوزراء الإسرائيلية (الموساد) والمخابرات الروسية FSI والإيرانية وأجهزة أخرى على امتداد العالم، وصولًا إلى كوريا الشمالية، وملفات رصد كاملة لبعض أنشطة عدد كبير من دول العالم فيما يخص ثلاثية الهيمنة الاقتصادية والمعلوماتية وصناعة السلاح.
أحد أول التسريبات التى أعلنتها الجزيرة فى فيديو قصير لم يتعد الأربع دقائق كانت عن مراقبة عملاء ال SSI الجنوب إفريقيين للسفارة الإيرانية والعاملين فيها، وإعدادهم لملف سرى عن إيران، وقدراتها الاستخباراتية من مائة وثمانٍ وعشرين صفحة كاملة، الملف ركز بشكل كامل على رصد أنشطة إيران الإفريقية، وكيفية استخدامها لأنشطة اقتصادية وتجارية كغطاء فاعل لنشاطها المخابراتى فى جنوب إفريقيا.
توريد الأسلحة
وفى السياق ذاته، قام معهد الدراسات التنموية والدولية العالى بجنيف السويسرية عن طريق المشروع الاستقصائى، (مسح الأسلحة الصغيرة) SAS بتتبع أصول ومصادر توريد الأسلحة فى حدود دولتى (السودان، وجنوب السودان)، حيث تنتشر الميليشيات المسلحة هناك، وقد جدت أن جزءًا لا يستهان به من هذه الأسلحة إيرانية الصنع.
منافسة القوى الغربية
وطبقاً لجريدة الإيكونوميست البريطانية؛ قامت إيران بإجراء زيارات على مستوى الوزراء، أو كبار المسئولين لعشرين دولة إفريقية فى عام 2009م كما أنه فى سبتمبر 2010م، استضافت طهران مؤتمراً ليومين عن العلاقات الإيرانية الإفريقية.
وبالرغم من زيادة وتيرة التدخل الإيرانى فى إفريقيا، فإن قدرتها على منافسة القوى الغربية والصين تعد محدودة، حيث يظل النفوذ مرهوناً بعدة محدّدات أساسية، من أهمها جدوى الضغوط الغربية لضرب الاقتصاد الإيراني، ومن ثم كبح جماح أموالها التى تدفعها من أجل التبشير بالمذهب الشيعى، أو بمد يد العون الاقتصادى إلى الدول الفقيرة، أو إنجاز مشروعات متبادلة من أجل الحصول على المصادر الطبيعية لتلك الدول .
بوابة التشيع
وسوَّقت إيران نفسها وبسطت نفوذها بالقارة الإفريقية، من بوابة التشيع الذى مكَّنها من تحويل 7 ملايين مسلم سنِّى على مذهب الإمام مالك إلى شيعة فى غرب القارة، هذا ماذكره محمد الأمجد، عبر موقع موريتانيا اليوم عن انتشار التشيع فى قارة إفريقيا، استخدمت إيران ترسانة دعائية ضخمة وصرفت عشرات المليارات من الدولارات ووظَّفت جيشًا من الدعاة والخبراء والمستشارين والتجار زاد على ثلاثين ألف شخص إيرانى.
ولعبت البعثات الدبلوماسية الإيرانية دورًا محوريًّا فى إقامة شبكة علاقات مع النافذين ورجالات المجتمع المدنى والطيف السياسى فى القارة، ومع الدول المحورية فى المنطقة وعلى رأسها السنغال التى توليها السياسة الخارجية الإيرانية اهتمامًا خاصًّا، نظرًا لريادتها فى منطقة غرب إفريقيا ولأنها الدولة الأكثر استقرارًا بالإقليم .
التأييد الدولى
تؤكد الدكتورة نجلاء مرعى بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، أنه فى ظل تحول أهداف السياسة الخارجية الإيرانية من مجرد محاولة مواجهة الظروف المحلية الطارئة وتلبية الاحتياجات، سعت إلى التعاون مع دول الهامش "الشركاء" فى إفريقيا لتحقيق العديد من الأهداف، منها الحاجة إلى مصادر اليورانيوم لتغذية برنامجها النووي، ونشر المذهب الشيعي، وتحقيق مصالحها الاقتصادية فى ضوء العقوبات التى تلحق الضرر بها فى القارات الأخرى، وذلك فى محاولة لامتلاك أوراق جديدة، لكسب المزيد من التأييد الدولى لمواقفها، وإرسال رسالة إلى الدوائر الغربية تحديدًا مفادها أن لديها القدرة على الانفتاح؛ لتغيير الصورة النمطية عنها التى تصفها دائمًا بالتشدد.
مستخدمة على حد قولها ما يسمى ب "القوة الناعمة"، حيث عملت على تسويق النموذج الإيرانى إفريقيا، وقدمت المساعدات التنموية والتعاون المشترك، لاسيما فى قطاع التكنولوجيا ومجالات الطاقة مثل التنقيب عن النفط وصيانة معامل تكريره واستغلال الإمكانات البتروكيماوية والغاز.
وتابعت: يشكل كثافة النفوذ الإيرانى فى العمق الإفريقي، فى ضوء التراجع وسلبية الأداء العربي، خصماً موضوعياً من الوجود والمصالح العربية، حيث تقوم باختراق النظم الأمنية والإقليمية الخاصة بالقرن الإفريقى، كما تلعب دوراً خفياً فى الصومال، مما لاشك فيه، أن كل ذلك فى غير مصلحة النظام الإقليمى فى ظل ما يدور فى اليمن، والدعم الإيرانى المباشر وغير المباشر للحوثيين، بما يهدد وحدة وسلامة أرضه، إضافة إلى تهديده للأمن والاستقرار فى المملكة العربية السعودية ولمنظومة الأمن الخليجى، كنظام فرعى للأمن القومى العربى .
وأضافت أن إيران حرصت على إقامة علاقات طبيعية مع دول حوض النيل، وتولى أهمية قصوى للسودان باعتباره البوابة الرئيسية للتغلغل فى إفريقيا، وكذلك قاعدة لنشر المذهب الشيعى فيها وتقوم بمحاولات لتوتير العلاقات المصرية خاصة إزاء المساعى لتوظيف الأراضى السودانية كساحة لتهريب الأسلحة.
وذكرت د.نجلاء مرعى أن موجة التغيير الناتجة عن ثورات الربيع العربى ادت إلى إعادة التفكير فى خريطة المصالح الإستراتيجية الإيرانية، وذلك بعد حصار هذه الثورات للنظام السورى الحليف الرئيسى لإيران فى المنطقة العربية، إذ عادت الدولة الإيرانية من جديد تستقطب الدعم من دول عربية وإفريقية أخرى.
وحذرت د. مرعى من أن ما يزيد من خطورة الاختراق الإيرانى على الأمة العربية والإسلامية امتداد مدة الانقطاع التى تمثل عائقا أمام دعم جهود التضامن العربى الإفريقى. وهو ما يقتضى من الشعبين عودة التلاحم بينهما، وانعكاس ذلك على أجندة جميع تنظيمات العمل الجماعى المشترك بين الجانبين، لا سيما الاتحاد الإفريقى وجامعة الدول العربية. وهو ما يؤسس حوارا إستراتيجيا جديدا بين العرب والأفارقة تطرح من خلاله كل القضايا المشتركة، بهدف الوصول إلى رؤية واحدة لمواجهة تلك القضايا..
قارة المستضعفين
ولا يبتعد كثيرا الدكتور حمدى عبد الرحمن بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، عن هذه الرؤية، إذ يؤكد أن التوجه نحو إفريقيا خلال السنوات الأولى للثورة الإيرانية يختلف عن النهج الحالى الذى تتبناه حكومة حسن روحانى، حيث كانت تنظر إلى إفريقيا باعتبارها قارة المستضعفين، وأنها بحاجة إلى مد يد العون لها فى مجالات الصحة والإعمار وغيرها من المساعدات الإنسانية.وطوال فترة الحرب العراقية، ظلت تنظر إليها من خلال منظور أيدولوجى مختلف. فإفريقيا تمثل ثلث مقاعد الأمم المتحدة وتشكل نصف مجموعة عدم الانحياز، وهو ما يعنى أنها تمثل حليفاً محتملاً لإيران. كما أنها فى الوقت ذاته تمثل ساحة مناسبة لتبنى أفكار الثورة الإيرانية.
وتم تجسيد هذا التوجه الجديد على حد قوله فى ظل حكم الرئيس هاشمى، حيث قام فى عام 1996، بزيارة لست دول إفريقية صحبه خلالها وفد رفيع المستوى، واستمر هذا التوجه نحو دعم العلاقات الاقتصادية فى ظل حكومة خاتمى، إذ قام عام 2005 بزيارة سبع دول، وتصاعدت العلاقات فى ظل حكم أحمدى نجاد. ففى عام 2009 وحده قام كبار المسئولين الإيرانيين بنحو عشرين زيارة لإفريقيا.
ويشير د. حمدى عبد الرحمن إلى أن حزب الله اللبنانى، هو أحد أدوات إيران الأكثر أهمية فى معركة إيران من أجل الفوز بإفريقيا، حيث ينشط فى شمال غرب القارة، فمنذ أكثر من قرن، هاجر عدد كبير من المسلمين الشيعة من لبنان إلى المنطقة. ولا يزال مئات الآلاف منهم يعيشون هناك حتى الآن. ولا شك أن هؤلاء يمثلون بيئة خصبة للتجنيد لصالح حزب الله.. وتعد غرب إفريقيا أكبر مركز لجمع التبرعات لصالح حزب الله . ويتم الحصول على الأموال أيضا، عن طريق تجارة المخدرات والألماس والابتزاز .
وتتورط بشكل مباشر فى تجارة الأسلحة فى جميع أنحاء القارة، حيث تعد من أكبر مصدرى السلاح لها، وأعلنت السلطات النيجيرية مرارا عن إحباطها محاولات لتهريب الأسلحة، تورط فيها بعض عملاء إيران أو حزب الله اللبنانى، ولا يخفى أن رفع العقوبات الدولية عن إيران، قد يشكل دافعا جديدا لإيران لدعم وجودها الإفريقى برغم التأثيرات السلبية لإعادة الصياغة لدول الجوار العربية ولاسيما اليمن . فقد قامت السودان بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران لتنضم إلى مصر والصومال وجيبوتى. وعليه فإن إيران تعد واحدة من أبرز القوى الدولية التى تسعى من أجل اكتساب الثروة والنفوذ فى إفريقيا.
ثقل تصويتى
ويرى الدكتور أيمن شبانة بمعهد الدراسات والبحوث الإفريقية، أن القارة تحظى بأولوية واضحة بين دوائر حركة السياسة الخارجية الإيرانية، فهناك العديد من العوامل التى تقف وراء التوجه صوب القارة، حيث تجسد فى مجموعها ثقلاً تصويتياً لا يستهان به فى المحافل الدولية، وعلى رأسها الجمعية العامة للأمم المتحدة، التى تحل فيها إفريقيا فى المرتبة الثانية بعد الكتلة الآسيوية، بالإضافة إلى حركة عدم الانحياز، ومجموعة السبع والسبعين، ومنظمة التعاون الإسلامى، ومجموعة الدول النامية الثمانى، والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وتسعى إيران إلى خلق بيئة مواتية ومتقبلة لمبادئ سياستها الخارجية، بما يمنحها الفرصة لإيجاد موطئ قدم بين القوى الدولية والإقليمية المتنافسة فى القارة، خصوصاً الولايات المتحدة وإسرائيل، حيث تعتقد أن تاريخها ومقدراتها القومية، تسوغان لها الحصول على مكانة مرموقة فى إفريقيا. وهو ما بات ضرورياً باحتدام الصراع فى سوريا، والمشكلات التى ألمت بحزب الله، بما يؤشر إلى تراجع نفوذهما الإقليمى.
ونوه د. أيمن شبانة أن طهران لم تتردد فى توظيف جميع أدوات سياستها الخارجية فى تعظيم مصالحها فى القارة، إذ ترتبط بعلاقات دبلوماسية مع نحو ثلاثين دولة إفريقية، كما يحرص الرؤساء الإيرانيون على زيارة الدول الإفريقية بشكل دورى، خلال جولات مطولة، وتهتم بالمشاركة فى الأطر التنظيمية الدولية والإقليمية القائمة، وتحظى منظمة التعاون الإسلامى بأهمية واضحة، ذلك لاعتبارين أولاهما: أنها تمنح إيران منبراً تبدو فيه فى هيئة المدافع العالمى عن الإسلام. أما الآخر فهو أن القارة الإفريقية هى أكبر قارة من حيث نسبة المسلمين إلى إجمالى عدد السكان (52%)، كما تحرص على المشاركة فى القمم الدورية للاتحاد الإفريقى .
وتابع أنه بالنسبة للاستثمارات الإيرانية، فهى تركز على فتح آفاق جديدة أمام الصناعة والتكنولوجيا الإيرانية، والبنية الأساسيةوفيما يتعلق بلجان تنسيق السياسات الاقتصادية، فأهمها اللجنة العليا المشتركة بين إيران وجنوب إفريقيا، ونيجيريا، فيما يتعلق بإنتاج وتصدير وتسعير النفط، التى وصفها الرئيس محمد خاتمى بأنها تمثل "نموذجاً يجب أن يحتذيه الآخرون". ولا يمكن إغفال المساعدات التنموية والثقافية.
وحقق التوغل الإيرانى فى القارة على حد قوله العديد من المكاسب لها، أبرزها مساعدة إيران على الخروج من العزلة الدولية والإقليمية، وضمان تصويت الأفارقة لصالحها، فى العديد من الملفات خصوصاً بالنسبة لمسائل حقوق الإنسان والملف النووى، بالإضافة إلى زيادة حجم التجارة والاستثمارات الإيرانية، وتوقع الكثيرون أن يسهم الاتفاق النووى الإيرانى الذى أبرمه الرئيس حسن روحانى مع الدول الغربية، رفع العقوبات الأمريكية فى إطلاق العنان للسياسة الإيرانية فى إفريقيا.
لذا طالب بضرورة الاستمرار فى رصد ومتابعة الدور الإيرانى، خصوصا أن الممارسات أوضحت أن حجم التهديد الذى تمثله السياسات الإيرانية بالنسبة للمصالح العربية، يفوق تهديدها للمصالح الأمريكية والإسرائيلية، الذى اتضح مع الدعم الإيرانى للحوثيين فى اليمن، ومحاولات نشر المذهب الشيعى، وهنا يمكن استثمار الأزمة السعودية - الإيرانية فى كشف الأهداف الحقيقية، كما تقع مسئولية أساسية على الأزهر الشريف فى التصدى لمخططات نشر المذهب الشيعى فى إفريقيا، فى ظل ما يتمتع به من رصيد فى القارة الإفريقية.
مناطق نفوذ ناعمة
وعرضت فاطمة بندارى الباحث بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة رؤيتها فى أن إيران أرادتْ وفق منظومة فكرية محددة، وسياسة خارجية مرسومة بعناية؛ استهدافَ القارة الإفريقية لنشر مذهبها، وخلق مناطق نفوذ ناعمة جديدة خارج مناطق نفوذها التقليدية فى القارة الآسيوية؛ وإن كان ذلك يتم بالتوازى أو بالتواطؤ مع الجهد الدبلوماسى، والتعاون الاقتصادي، والتجارى.
وإذا كان التوجه الإيرانى نحو إفريقيا قد حقق حضورا ملموسا فى شرق القارة؛ فإن التوجه إلى غرب القارة؛ هو بدروه، لم يخل من الأهمية والخطورة، والحيوية. فهذه المنطقة تمثل حزاما إسلاميا عظيما، (بحكم كون المسلمين فيها هم الأغلبية، وهم سنة)؛ ويغطى ستة عشر دولة؛ ذات أهمية إستراتيجية كبيرة، وكثافة سكانية كبيرة (250 مليون نسمة).


د. إبراهيم نصر الدين: لا نستطيع منع طهران وإسرائيل وأمريكا من التوغل فى القارة وإيران ترى مصلحتها مع الغرب

على الجانب الآخر يرى الدكتور إبراهيم نصر الدين، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بمعهد الدراسات والبحوث الإفريقية، أن طهران تسعى لتحقيق مصالحها من خلال وجودها فى القارة، وقد بدأ الوجود الإيرانى فى إفريقيا لاسيما بعد نجاح الثورة الإيرانية. ففى السودان بدأ ظهور الفكر الشيعى بعد تولى البشير السلطة، لاسيما أن انتشار الصوفية هناك ساعد على ذلك برغم تحول السياسة الخارجية السودانية، حيث أصبحت تميل أكثر إلى العلاقات السعودية بديلا عن إيران، لأن المسألة تحكمها فى الأساس مصالح اقتصادية، خصوصا بعد انفصال الجنوب . أما فى إثيوبيا عندما تولى زيناوى مقاليد السلطة، استقدم شيعيا ونصبه رئيسا للمجلس الإسلامى الأعلى، فى عملية كان الهدف منها تفتيت المسلمين بين سنة وشيعة، وهو ما ترتب عليه حدوث العديد من القلاقل، مخافة أن يشكل المسلمون كتلة. لذا فالنبت الشيعى وضع من قبل النظام نفسه ليحول الصراع فى الدولة ليس بين مسلمين ومسيحيين بل بين مسلمين ومسلمين وقد كان، وجزر القمر رئيسها شيعى الذى يتحرك بها فى الأساس إيران. وفى جنوب إفريقيا، ورهناك منظمات شيعية أهمها القبلة والمذهب منتشر بين الملونين بمدينة الكيف، ولو صعدنا غربا حيث نيجيريا، سنجدها منقسمة بين مسلمين سنة صوفية ومسيحيين . وعقب الثورة الإيرانية تحول الكثيرون إلى المذهب الشيعى وأعلنوا أنفسهم ملالى. وهو ما نتج عنه ظهور جماعة بوكو حرام ضد توجهات الفكر الشيعى، وبدأت تتجه إلى غرب إفريقيا لانتشار الشيعة بها. وبالتالى الصراع الموجود فى منطقة غرب إفريقيا حدث ليس ليخدم المصالح الإيرانية فحسب. بل ليحقق خطط وتوجهات الغرب، فالشيعة يستخدمون لتفتيت الكتل الإسلامية فى إفريقيا، والأمر ليست له علاقة بحلم المفاعلات النووية والمشروع النووى وغيره، فهم على علاقة وطيدة تاريخيا بالولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، هذا يعنى أن جميعهم يخدمون فى سياق واحد وهو تحقيق المصالح الغربية وتحويل الصراع فى منطقتنا إلى صراع دينى سنى شيعى، الهدف منه إزاحة العرب من شمال إفريقيا، لا سيما أن قارة إفريقيا يوجد بها أكبر عدد من المسلمين مقارنة بعدد السكان بما يعادل 50%.
ويضيف د. إبراهيم نصر الدين، أن إيران تحصل - على سبيل المثال - على اليورانيوم من النيجر عن طريق فرنسا. لكن الغرب لا بد أن يخلق لنفسه عدوا كى يتماسك بعد أن استخدم الإسلاميين فى إسقاط الاتحاد السوفيتى.
أما إيران فهى لا تسعى إلا لتحقيق مصالحها، وترى أنها تتحقق مع الغرب ومع المخطط الأمريكى أكثر ما تتحقق مع العلاقات العربية الإسلامية.
من جانب آخر فقد دمرنا ومنذ فترة طويلة علاقتنا مع إفريقيا، لأننا انصعنا لرغبات الغرب وعلى رأسها أمريكا فخسرنا الدول الإفريقية. فى حين تقيم إيران توازنا بين سعيها فى إفريقيا ودعم مواقفها بل وتقويتها مع أمريكا ودول الغرب. وبصفة عامة، نحن لا نستطيع منع إيران أو إسرائيل وحتى أمريكا من الوجود فى القارة، خصوصا أن الدول الإفريقية ليست محملة بهذا النقاش ولا تشغلها كل هذه الأمور، المهم هو تحقيق المصالح والأهداف، ومن الضرورى أن نبحث نحن عن أهدافنا فى القارة ونسعى لتقوية علاقتنا فيها ولا ننظر إلا لما يتعلق بمصالحنا ونضع الأمور فى نصابها الصحيح الآن. المرحلة المقبلة تحتاج الكثير من الإدراك والعمل فى دول القارة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.