خطوة جديدة أدرجتها الحكومة في مشروع تعديلات قانون الاستثمار، الذي عرضته وزيرة الاستثمار للحوار المجتمعي، خلال الأيام الماضية، بهدف تعزيز النشاط الاقتصادي؛ عن طريق تخفيض عبء الضرائب المفروضة على المنظمات المالية والتجارية، أو الأفراد المشاركة في أنشطة السوق والاقتصاد، تحت مسمى «الإعفاء الضريبي» من أجل تحفيز الاقتصاد، إلا أن الفكرة في تعديلات القانون الجديد قوبلت بنقد شديد وهجوم من اقتصاديون. «الإعفاء من جميع أو بعض الضرائب التي تفرضها الدولة» إحدى أدوات الحكومة لتشجيع الاستثمار في مصر، التي لم تلق استحسان نائب رئيس اتحاد الصناعات، الدكتور طارق توفيق، حيث أوضح أن المطلوب من الدولة هو ضمانات وليس تحفيزات أو إعفاءات، تزيد من رغبة المستثمرين المحبطين على الدخول إلى الأسواق مرة أخرى. وأكد «توفيق»، في تصريح خاص ل«التحرير»، أن الإعفاءات الضريببية التي تقرها الحكومة في تعديلات القانون الجديد تُزيد من البيروقراطية، فضلًا عن قتلها لروح المنافسة بين الشركات في الأسواق، ووضعها كلها في سلة واحدة، مطالبًا الحكومة بضرورة مواجهة الاقتصاد غير الرسمي. وعن القانون، أوضح نائب رئيس اتحاد الصناعات، أن القانون به عوار شديد، أدى إلى وقف الاستثمارات الجديدة بسبب فكرة الشباك الواحد، التى عمل عليها والموجودة فى مسودة الجديد، مشددًا على أنها لن تفلح دون إصلاح جذرى لآلية إصدار التراخيص. وهاجم الدكتور بهاء زياد الدين، وزير التعاون الدولي الأسبق، الإعفاء الضريبي، مؤكدًا أن جزء كبير منه تقديري وعشوائي، ويضيع على البلد حصيلتها الضريبية، وينتج عنها تشوهات في الاقتصاد وليس طفرة، فضلًا عن حجم التلاعب والفساد من استغلال الإعفاء الضريبي، ومضيفًا أن باب الفساد والتلاعب من الصعوبة تجاوزه، وأن بديل الإعفاءات الضريبية هو تجاوز هوس قانون الاستثمار، وأخذ قرار سياسي وقرار مجتمعي جيد لصالح الاقتصاد. وتحدث وزير التعاون الدولي الأسبق، في تصريحات خاصة، على هامش مؤتمر «إعادة التوازن الاقتصادي المصري لتحقيق الانطلاق استلهام تجربة طلعت حرب»، بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، عن الجانب القانوني من قانون الاستثمار «جاءني نسخة من تعديلات قانون الاستثمار الواسعة بدلًا من القانون القديم، وتفاجئت بأنه يناقش عددًا من النقاط بعضها حسم منذ فترة كبيرة والأخرى عليها لغط كما كان في السابق». وقال إن أول قانون استثمار صدر سنة 1971، وأسست بموجبه عدد من الشركات ولم يكن معروف بسبب الحروب، ومنذ وقتها تتعامل الدولة مع أصحاب الأموال في الاستثمار عن طريق قائمتين أمام الراغب في إنشاء شركة، وهما؛ «هتعمل الأنشطة دي هتاخد الإعفاءات والحوافز دي»، فكانت الهندسة المستخدمة هي قائمة نشاط أمام المستشمر يقابلها قائمة وإعفاء وامتيازات. وأشار إلى أن وضع نهاية للإعفاءات الضريبية فيما بعد سيكون صراعًا مريرًا «لا أعرف لماذا نعود إليها الآن رغم الفجوة الكبيرة بين الحصيلة الضريبية المتوقعة والمصيبة الضريبية الواقعية، ولماذا نريد أن نضيع على مصر حصتها الضريبية وأموالها، لماذا لا نتعلم من تجربة الإعفاء الجمركي في مدينة بورسعيد التي تحدد منذ 45 سنة، ولا نستطيع تعديلها لأن دخول مجال الإعفاء الضريبي صعب والخروج منه أصعب وأصعب ولن يتم بسهولة». وتابع «الازدواج الضريبي لم تستطع مسودة القانون الجديد إصلاحه، فعلى سبيل المثال على المستشمر أن يدفع ضريبة طبقًا للاتفاقات الدولية، فلو تم إعفاء مستشمر أجنبي ألماني من الإعفاء الضريبي في مصر عليه أن يدفعها في ألمانيا، حتى لا يقع في الازدواج الضريبي، وهو كارثة فعلية يعني أرفع الضرائب عنه في مصر مع عدم مراعاة قوانين الإعفاء الضريبي والازدواج العالمية، وتحصلها ألمانيا الدولة المتقدمة وتحرم منها مصر». وتعجب «بهاء الدين» من حالة الحوار المجتمعي الاقتصادي الآن، وقال إنه يوجد شيء يحدث في مصر عبارة عن نوع من إعادة فتح نقاش وحوار مغلق لسنوات طويلة عن التقدم المعروف بالحوار الاقتصادي من أجل التطوير وهو معطل في مصر لفترة سنوات كبيرة. ورفض زياد بهاء الدين الإدلاء بأي تصريحات أخرى عن الأخبار الأخيرة؛ بشأن احتمالية عودته لتولي إحدى الحقائب الوزارية. أساتذة اقتصاد وعلوم سياسية أكدوا أن الإعفاءات وغيرها من الخطوات الصغيرة؛ ما هى إلا مسكنات بسيطة لا تصلح لاقتصاد مصر، وأن التنمية الحقيقة لن تحدث إلا إذا توافرت الإرادة السياية والتوافق المجتمعي، حيث قال الدكتور محمد فتحي صقر، أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إنه لن تتحقق الطفرات في الاقتصاد إلا بالإرادة السياسية، والتوافق المجتمعي، موضحًا أن الظروف الاقتصادية في مصر تتطلب الإحساس الحقيقي بالحاجة إلى الإنجاز، والإطار المؤسسي الموائم والتخطيط الاستراتيجي والرغبة في الإنجاز. وأكد الدكتور جودة عبد الخالق، وزير التضامن الأسبق، أن اتزان الاقتصاد لن يتحقق إلا من خلال التوازن بين اقتصاد الدولة واقتصاد السوق، والبعد عن اقتصاد السياسة، مشيرًا إلى أهمية الصناعة التي تزود الاقتصاد قوة ديناميكية بخلق فرص عمل وتطوير واختراع سلع جديدة. بينما رأت الدكتورة هالة السعيد، المتحدث باسم البنك المركزي، أن مشكلة مصر الأساسية هي عصبها الاقتصادي وليست مشكلة صرف أو تحفيزات وإعفاءات، مطالبة توزيع عادل لثمار التنمية على الطبقات الاجتماعية، ولفتت النظر إلى أن القطاع الخاص له دور أساسي في التنمية بالشراكة مع الحكومة.