تمثلت أبرز القرارات التي اتخدتها وزارة المالية هذا الأسبوع مجموعة من اللقاءات بمجلس الوزراء لمناقشة آخر ما توصلت اليه مصر من إعداد للبرنامج الاصلاح الاقتصادي الاجتماعي لدعوة صندوق النقد لاستئناف المفاوضات فيما بينهما بشأن القرض المقدم لمصر بقيمة 4.8مليار دولار مع التحضير لعقد حوارات مجتمعية جديدة لاعادة طرح التعديلات الضريبية التي كانت قد صدر قرار من رئاسة الجمهورية بتجميدها في الأول من ديسمبر الماضي، باعتبارها عنصرا اساسيا في البرنامج الاصلاحي وأحد الشروط للحصول علي القرض المذكور. وقال الدكتور صلاح الدسوقي الخبير الإقتصادي،أن الحوار المجتمعي الذي اعدته الحكومة متمثلة في وزارة المالية،لا يستحق الحملة الاعلامية المثارة حوله، معتبرا أنه لا يوجد مثل تلك الاشياء في ظل وجود حكومة هدفها تمرير التعديلات الضريبية بأي شكل للحصول علي قرض صندوق النقد الدولي والمقدر بنحو 4.8مليار دولار. وأضاف الدسوقي: أن الحكومة اتجهت في البداية لتجميد قرار التعديلات الضريبية الأخيرة لحين الانتهاء من الحوار المجتمعي و اجراء الاستفتاء الشعبي عليها بعد حالة الغضب التي كانت بالشارع المصري خلال تلك المدة، متوقعا ان تتسبب تلك القرارات التي تتبعها القيادة السياسية في مصر لأحوال كارثية علي الاقتصاد المصري ومزيد من الاحتقان لدي الشعب خاصة وانها ستتسبب في الاسعار بما يضغط علي محدودي الدخل ويزيد من معدل الفقر وارتفاع لنسبة البطالة وهو أمر متوقع بسبب تلك الافعال. وأشار الي اتجاه الحكومة لرفع الدعم سواء علي الخبز أو المواد البترولية والطاقة كما فعل النظام السابق، معتبرا ان مثل هذا القرارات ليست لها سوي معني واحد وهو الضغط علي البسطاء من هذا الشعب، معتبرا ان هذا كله يعد اهدار لكل ما نادت به ثورة 25يناير والتي قامت علي اساس العدالة الاجتماعية بين جميع المواطنين. وأضاف الدسوقي: أن الحكومة أمامها حلول لتجنب أزمة فرض الضرائب دون وجه حق أو الحصول علي قروض من الخارج من خلال استحداث موارد ذاتية و تشجيع فرص الاستثمار والذي لا يتحقق الا من خلال توافر الاستقرار الأمني والسياسي إلي جانب فتح آفاق جديدة لفرص العمل وتشغيل المئات من المتعطلين ، بالاضافة الي دمج حسابات الصناديق الخاصة الي الخزانة العامة للدولة بما يقلل عجز الموازنة وكذلك فرض ضرائب تصاعدية علي رؤوس الأموال و علي المعاملات بالبورصة. وعلي نفس السياق أكد الدكتور مختار الشريف الخبير الاقتصادي، أن المناخ السياسي في مصر لا يسم بأي حال من الأحوال فرض ضرائب علي المواطنين لأنه يعتبر تحميلهم لأعباء اضافية، مشيرا إلي انه ما تم في الفترة السابقة لا يعتبر حوارا مجتمعيا شاملا ولم يحقق أية نتائج ملموسة لأنه لم يطبق بكل شفافية ووضوح. وأضاف أن الحكومة تعتمد في فرض الضريبة علي مبدأ الجباية كأحد الحلول لتعويض عجز الموازنة العامة ،مؤكدا ان الحل أمام الحكومة هو عقد حوارات مجتمعية حقيقية ومعبرة عما يشعر به المواطنين ومصارحتهم بالحقيقة بالاضافة الي استضافة الخبراء والمعنين بالأمر للخروج من تلك الأزمة التي تمر بها البلاد. من جهة أخري أشار أسامة غيث الخبير الاقتصادي إلي ان فرض الضرائب في أي دولة سواء بالارتفاع أو بالانخفاض هو معيار للأزمة التي تشهدها البلاد ،مشيرا الي ان الحكومات بحاجة لتنشيط الاسواق والمعاملات الاقتصادي ورفع معدل الاستهلاك من خلال تخفيض ضرائب القيمة المضافة، مؤكدا ان ذلك حدث بالفعل عندما ضربت الأزمة المالية عام 2008 دول أوروبا . وأضاف أن الدول الأوربية قامت بعد انتهاء أزمتها برفع قيمة الاعفاءات الضريبية المقررة للمواطنين ففي بريطانيا تم رفع حد الاعفاء علي ضرائب الدخل بالنسبة للرواتب التي لا تتجاوز 150ألف جنيه استرليني سنويا وكذلك الحال في أمريكا رفعت حد الاعفاء إلي 250ألف دولارسنويا،مشيرا إلي أن تلك الحكومات قامت برفع الضرائب علي الاستثمارات والدخول العالية . وأكد غيث أن ما تتحدث عنه وزارة المالية في تحصيل المتأخرات الضريبية هو مجرد ادعاءات وليست حلول حقيقية للأزمة ،مشيرا إلي انه من الهام والضروري زيادة حجم الاعفاء الضريبي علي الممولين حتي يتمكنوا مرة أخري من توفيق أوضاعهم مع مصلحة الضرائب ،منتقدا ما أثير علي رفع الحد الضريبي الي 5آلاف جنيه سنويا أي بما يساوي 480جنيها كدخل شهري وهو غير حقيقي ولا يتناسب مع ظروف الحياة الآن. وأشار إلي أن ما يحدث الآن في مصر هو تقنين لزيادة ثراء الأغنياء وأصحاب رؤوس الأموال والشركات الاستثمارية والتي لا تخضع للنظام الضريبي علي الاطلاق وهو ما يؤدي لتركز الثروة في أيدي هؤلاء علي حساب الطبقات الفقيرة،مشيرا إلي وجود دراسات حقيقية تؤكد العبء الضريبي علي الطبقات الغنية بنحو 20% كقيمة للضريبة الحقيقة والتي تصل بعد خصمها وفقا لقانون الضرائب والسعر الحقيقي للضريبية ،إلي 7-8% وهو لا يراعي العدالة الاجتماعية علي الاطلاق. وأوضح غيث أن الحكومة لم تفرق بين أمرين أولهما ان فرض الضريبة علي محدودي الدخل وثانيهما انخفاض الدخل والذي يعتبر أمرا مرفوضا خاصة وان الحكومة ينبغي عليها ان تقلل العبء الضريبي علي تلك الفئات سواء بطرق مباشرة أو غير مباشرة. وأشار الي ان الحكومة هي المتحكمة في الحوار المجتمعي ،مؤكدا ان رؤيتها قاصرة علي تنفيذ سياسات لوزراء النظام السابق واصفا اياها بالسياسة المتخلفة في ادارة الازمات ،مؤكدا ان مسألة فرض ضرائب مبيعات جديدة تمثل زيادة في اسعار السلع الحيوية التي يحتاجها المواطن البسيط كالمواد الغذائية ،مطالبا اياها بالاتجاه لضرائب القيمة المضافة كاحد الحلول لتلك الأزمة. Comment *