في تطور جديد يعكس فشل نظام المنقلب عبد الفتاح السيسي في إدارة أزمة سد النهضة، أطلق وزير الخارجية بحكومة الانقلاب بدر عبد العاطي تحذيرًا من احتمال اندلاع توتر إقليمي متجدد، نتيجة استمرار الجمود في المفاوضات مع إثيوبيا، وتجاهل أديس أبابا للمطالب المصرية بشأن تقاسم مياه النيل بشكل منصف. تحذير جديد بعد انسداد الأفق وخلال كلمته في منتدى قادة السياسات الذي تنظمه غرفة التجارة الأمريكيةبالقاهرة، أشار عبد العاطي إلى أن "الموقف الحالي قد يقود إلى توتر في المنطقة"، في ظل استمرار ما وصفه ب"التعنت الإثيوبي"، ورفض أديس أبابا التوصل إلى اتفاق قانوني وملزم حول تشغيل سد النهضة. وقد توقفت المفاوضات فعليًا منذ نهاية عام 2023 بعد إعلان إثيوبيا استكمال المرحلة الرابعة من ملء السد دون توافق، ما دفع القاهرة إلى إصدار احتجاجات رسمية، واتهام إثيوبيا بانتهاك اتفاق المبادئ الموقع في 2015. اتفاقية المبادئ.. بداية الأزمة لا نهايتها ويحمّل خبراء وسياسيون مصريون نظام السيسي المسؤولية عن المأزق الحالي، بعد توقيعه على "إعلان المبادئ" في مارس 2015، والذي اعتُبر أول اعتراف رسمي مصري بحق إثيوبيا في بناء السد دون اشتراطات مسبقة. ويرى مراقبون أن توقيع السيسي فتح الباب أمام إثيوبيا للمضي قدمًا في مشروع السد دون التزام واضح، إذ لم يُلزم الإعلان أديس أبابا بآلية قانونية لتقاسم المياه، مما أضعف الموقف التفاوضي المصري. نكوص عن القسم وتجاهل متكرر وفي مشهد بات رمزًا لما يصفه البعض ب"الخذلان السياسي"، عاد إلى الواجهة مقطع فيديو لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد وهو يقسم أمام السيسي عام 2018 في القاهرة قائلاً: "والله لن نقوم بأي ضرر لمصر"، في محاولة آنذاك لطمأنة الرأي العام المصري. لكن آبي أحمد، بحسب كثيرين، لم يلتزم بقسمه، بل مضى في سياسات فرض الأمر الواقع، مع استكمال البناء والتخزين رغم اعتراضات مصر والسودان. مشاهدة قسم آبي أحمد أمام السيسي السد.. مشروع تنموي أم ورقة ضغط؟ تؤكد إثيوبيا أن سد النهضة مشروع حيوي للقضاء على الفقر وتوفير الكهرباء لنحو 60% من سكانها المحرومين منها، غير أن مصر تحذر من أن تشغيل السد بشكل منفرد يمكن أن يحول المياه إلى أداة ضغط سياسي، بما يهدد الأمن المائي المصري ويؤثر على الزراعة والصناعة ومياه الشرب. ومع اعتماد مصر بنسبة تزيد عن 98% على نهر النيل، يعتبر سد النهضة تهديدًا وجوديًا للبلاد، في غياب أي آلية تضمن توزيع المياه خلال فترات الجفاف أو انخفاض الأمطار. مأزق التفاوض وأفق مسدود يُذكر أن المفاوضات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان انهارت في أواخر 2023، بعد رفض إثيوبيا مقترحات مصرية وإقليمية تهدف إلى تقاسم المنفعة والضرر بشكل عادل، ما دفع القاهرة إلى اتهام أديس أبابا ب"التلاعب وكسب الوقت". ويرى مراقبون أن النظام المصري لم ينجح في حشد دعم دولي كافٍ للضغط على إثيوبيا، كما لم يترجم تهديداته المتكررة باتخاذ إجراءات حاسمة إلى خطوات عملية، ما زاد من تعنت الجانب الإثيوبي.