من بين ما يميز قمة الإعلام العربى التى تنعقد فى هذا الموعد من كل سنةٍ فى دبى، أنها توسع الدائرة فلا تتوقف مظلتها عند حدود الإعلام. وهى تفعل ذلك بأن تدعو عددًا من الشخصيات العامة ذات الوزن لتتكلم من فوق منصتها، وقد كان الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب فى المقدمة من شخصيات هذا العام، وإلى جواره حضر نواف سلام، رئيس وزراء لبنان، وكذلك غسان سلامة، وزير الثقافة اللبنانى، وكان من المفترض أن يحضر أسعد الشيبانى، وزير الخارجية السورى، لولا أنه اعتذر فى اللحظة الأخيرة.. وهكذا يجد الحاضرون فى القمة أنهم يسمعون من أهل الشأن أنفسهم فيما يخص الأزهر مثلًا، أو يخص سوريا أو لبنان. وفى جلسة خاصة على هامش القمة جلس الدكتور الطيب يتحدث إلى مجموعة ضيقة من ضيوف القمة، وكان كما قال فى البداية يتمنى لو يسمع منا ولا يتكلم فينا، ولكن أسئلة الحاضرين كانت أسبق وكانت جاهزة تبحث عن إجابات فى قضايا حائرة. وكان سؤال الأقليات فى العالم العربى ضاغطًا وحاضرًا، وكان السؤال عن القلق الذى تشعر به أكثر من أقلية فى أكثر من بلد عربى، وعما إذا كان لدى الإمام ما يستطيع به طمأنتها. وكان تقدير الشيخ أن أقوى ما يمكن أن تطمئن به كل أقلية فى مكانها أن يكون مبدأ المواطنة هو الأساس فى التعامل معها، وأن هذا هو ما يعتمده الأزهر على الدوام ويعلنه، وأنه لا شيء يبدد مخاوف أى أقلية فى أى بلد عربى إلا أن يكون هذا المبدأ هو القانون النافذ فلا يقع تمييز بين المواطنين على أى مستوى. ولا معنى لمبدأ المواطنة إلا أن يكون الانتماء إلى البلد لا إلى الجماعة أو الطائفة هو الأصل والمرجع، وأن تكون الجنسية هى الأرضية الجامعة بين شتى المواطنين فى كل قُطرٍ عربى، وأن تكون الحقوق بالتالى واحدة بمثل ما إن الواجبات تبقى واحدة أيضًا. وفى وقت من الأوقات كان الدكتور سعد الدين إبراهيم قد دعا إلى مؤتمر للأقليات فى مصر، وكان المؤتمر قد أثارَ ضجةً فى حينه، وكانت النتيجة أن المؤتمر انتقل إلى قبرص ولم ينعقد فى المحروسة، وكان الأستاذ محمد حسنين هيكل قد كتب يعلق عليه فقال: الأقباط ليسوا أقليةً. وكان القصد أن الأقباط جزء حى من نسيج المصريين جميعًا، وأن هذا النسيج يضم الجميع فى قماشة واحدة بلا تفرقة، ويُعلى من مصرية كلِّ مواطن فوق كلِّ ما سواها.. وهذا بالضبط ما يتعين أن يعلو ويسود فى أنحاء المنطقة، وإذا علا فسوف يقطع الطريق على الذين يحاولون اللعب على وتر الأقليات.. وحين خاطبت إسرائيل دروز سوريا مؤخرًا، فإن هذا كان مثالًا حيًا فى الموضوع.