سمير فرج: طالب الأكاديمية العسكرية يدرس محاكاة كاملة للحرب    رموز «الحوار الوطني» يتحدثون عن المبادرة الأهم بتاريخ مصر الحديث    تباين أداء مؤشرات البورصات الخليجية خلال تداولات الأسبوع    محافظ الإسكندرية: معرض ثابت كل أسبوعين لدعم الأسر المنتجة    وزير خارجية إسرائيل: سنؤجل عملية رفح الفلسطينية إذا توصلنا لاتفاق بشأن المحتجزين    شيفيلد يونايتد يودع البريميرليج بعد الخسارة أمام نيوكاسل بخماسية    أمن الجيزة يضبط تشكيل عصابي لسرقة السيارات بالطالبية    ياسمين عبد العزيز تكشف ظهورها ببرنامج «صاحبة السعادة» | صور    أبو حطب يتابع الأعمال الإنشائية بموقع مستشفى الشهداء الجديد    لمكافحة الفساد.. ختام فعاليات ورش عمل سفراء ضد الفساد بجنوب سيناء    «صلبان وقلوب وتيجان» الأقصر تتزين بزعف النخيل احتفالاً بأحد الشعانين    خبير: التصريحات الأمريكية متناقضة وضبابية منذ السابع من أكتوبر    خبير ل الحياة اليوم: موقف مصر اليوم من القضية الفلسطينية أقوى من أى دولة    توقعات عبير فؤاد لمباراة الزمالك ودريمز.. مفاجأة ل«زيزو» وتحذير ل«فتوح»    رمضان عبد المعز: على المسلم الانشغال بأمر الآخرة وليس بالدنيا فقط    وكيل صحة الشرقية يتابع عمل اللجان بمستشفى صدر الزقازيق لاعتمادها بالتأمين الصحي    الرضيعة الضحية .. تفاصيل جديدة في جريمة مدينة نصر    استهداف إسرائيلي لمحيط مستشفى ميس الجبل بجنوب لبنان    المصريون يسيطرون على جوائز بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية للرجال والسيدات 2024 PSA    حكم الاحتفال بعيد شم النسيم.. الدكتور أحمد كريمة يوضح (فيديو)    بالفيديو .. بسبب حلقة العرافة.. انهيار ميار البيبلاوي بسبب داعية إسلامي شهير اتهمها بالزنا "تفاصيل"    سؤال برلماني عن أسباب عدم إنهاء الحكومة خطة تخفيف الأحمال    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    بعد جريمة طفل شبرا الخيمة.. خبير بأمن معلومات يحذر من ال"دارك ويب"    كيفية التعامل مع الضغوط الحياتية.. لقاء تثقيفي في ملتقى أهل مصر بمطروح    رامي جمال يتخطى 600 ألف مشاهد ويتصدر المركز الثاني في قائمة تريند "يوتيوب" بأغنية "بيكلموني"    رئيس الوزراء الفرنسي: أقلية نشطة وراء حصار معهد العلوم السياسية في باريس    أحمد حسام ميدو يكشف أسماء الداعمين للزمالك لحل أزمة إيقاف القيد    مصر ترفع رصيدها إلى 6 ميداليات بالبطولة الإفريقية للجودو بنهاية اليوم الثالث    إنجازات الصحة| 402 مشروع قومي بالصعيد.. و8 مشروعات بشمال سيناء    بيريرا ينفي رفع قضية ضد محمود عاشور في المحكمة الرياضية    الإمارات تستقبل دفعة جديدة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان.. صور    بالتعاون مع فرقة مشروع ميم.. جسور يعرض مسرحية ارتجالية بعنوان "نُص نَص"    فوز أحمد فاضل بمقعد نقيب أطباء الأسنان بكفر الشيخ    «صباح الخير يا مصر» يعرض تقريرا عن مشروعات الإسكان في سيناء.. فيديو    "بيت الزكاة والصدقات" يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة عملاقة ل "أغيثوا غزة"    رئيس جامعة جنوب الوادي: لا خسائر بالجامعة جراء سوء الأحوال الجوية    الشرطة الأمريكية تفض اعتصام للطلاب وتعتقل أكثر من 100 بجامعة «نورث إيسترن»    الكشف على 1670 حالة ضمن قافلة طبية لجامعة الزقازيق بقرية نبتيت    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    «تملي معاك» أفضل أغنية عربية في القرن ال21 بعد 24 عامًا من طرحها (تفاصيل)    مصر تواصل أعمال الجسر الجوي لإسقاط المساعدات بشمال غزة    الصين: مبيعات الأسلحة من بعض الدول لتايوان تتناقض مع دعواتها للسلام والاستقرار    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    قطاع الأمن الاقتصادي يواصل حملات ضبط المخالفات والظواهر السلبية المؤثرة على مرافق مترو الأنفاق والسكة الحديد    وزير التعليم ومحافظ الغربية يفتتحان معرضًا لمنتجات طلاب المدارس الفنية    الدلتا للسكر تناشد المزارعين بعدم حصاد البنجر دون إخطارها    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    «شريف ضد رونالدو».. موعد مباراة الخليج والنصر في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    إزالة 5 محلات ورفع إشغالات ب 3 مدن في أسوان    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    حصيلة تجارة أثار وعُملة.. إحباط محاولة غسل 35 مليون جنيه    تعليم الإسكندرية تستقبل وفد المنظمة الأوروبية للتدريب    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    خبير أوبئة: مصر خالية من «شلل الأطفال» ببرامج تطعيمات مستمرة    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الملف الأخطر في تاريخ الصحافة المصرية.. الأقباط تحت حكم الإخوان


أكبر 7 جرائم ضد المسيحيين منذ تولى مرسى
حقيقة هجرة 83 ألف مسيحى إلى جورجيا بعد حكم الإخوان
هل تَخلَّت أمريكا عن القضية القبطية من أجل مصالحها مع الإخوان؟
أسامة سلامة: الأقباط ليسوا أهل ذمة
رفيق جريش: الله ليس ديكتاتورًا
الأنبا موسى: نخشى من الحكم الدينى.. والإخوان بيراضونا ومش عايزين يقرصوا علينا
منذ أن جلس مرشح جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسى، على كرسى الحكم، فى 30 يونيو من العام الماضى، لم تتوقف الاعتداءات والأحداث الطائفية التى تقع بين حين وآخر فى شتى محافظات مصر، ورغم أن مصر تشهد أحداثًا طائفية كبرى منذ عهد الرئيس السادات، فإن الأحداث الطائفية فى ازدياد وسمتها العنف فى ظل حكم مرسى، بل إن المعتدين فى كل مرة يسارعون بمهاجمة أقرب كنيسة فى المنطقة ومحاولة حرقها.

فبالإضافة إلى الحادثة الكبرى التى نشبت فى مدينة الخصوص بالقليوبية مؤخرًا، بسبب مشاجرة بين مسيحيين ومسلمين أدّت إلى مقتل عدة أشخاص، فإن الأحداث الطائفية بدأت فى عهد مرسى فى أغسطس الماضى، عندما حدثت مشادة عادية فى دهشور، جنوب الجيزة، بين مكوجى مسيحى وزبون مسلم، بسبب حرق قميص، فاندلعت اشتباكات لجأ كل شخص فيها إلى أصدقائه وتحوّلت إلى فتنة طائفية، توفّى إثرها شاب ليست له علاقة بالمشكلة يدعى معاذ محمد أحمد، وتحولت المعركة بين شخصين إلى اعتداءات إجرامية على الأقباط، كما يسميها المفكر القبطى كمال زاخر، حيث تم تهديد المسيحيين بترك منازلهم، لأنه سيتم مهاجمتها رغم أنها تقع أغلبها فى البر الثانى من القرية البعيد عن موقع الحادثة، وتم بالفعل مهاجمة بيوت المسيحيين فى قرية دهشور، بالإضافة إلى كنيسة مارجرجس بالقرية، البعيدة أيضًا عن موقع المشكلة، فكانت حادثة التهجير الثانية التى تشهدها مصر بعد حادثة العامرية فى يناير 2012، قبل مجىء مرسى إلى الحكم.

وخلال فتنة دهشور، حاول متشددون مهاجمة الكنيسة، لكن الأمن، بمساعدة الجيران المسلمين، منعوا إحراق الكنيسة، إلا أن الأمن لم يتدخّل لحماية منازل ومحلات مسيحيى القرية التى تم مهاجمتها جميعًا وسلب محتوياتها وإحراق ما تبقّى بمساعدة بلطجية من خارج القرية، حسب ما روى شهود العيان وقتها. وانتهت المشكلة بجلسات عرفية، ولم يتم تنفيذ القانون، ولم يقبض على المعتدين ولم يحاكم إلا المكوجى، ووقع فصل ثانٍ فى أحداث دهشور منذ أيام بمقتل عم المكوجى المحبوس، وهناك شبهة ثأر فى الموضوع.

الشهر الماضى شهد حادثتين، الأولى فى قرية كوم أمبو بأسوان، والثانية فى مركز الواسطى ببنى سويف، وتعود وقائع أحداث كوم أمبو إلى اختفاء مدرسة مسلمة، انطلقت شائعة بين أهل القرية أنه تم اختطافها لتنصيرها وحجزها فى كنيسة مارجرجس بكوم أمبو، وهاجم المتشددون الكنيسة من أجل تحرير الفتاة بالمولوتوف والحجارة، ولجأت الشرطة إلى قنابل الغاز المسيلة للدموع لتفريق المتجمهرين، وبعد فترة عادت الفتاة المسلمة، التى كانت ذهبت إلى الغردقة من أجل الاستجمام، ولم تكن مختطفة.

القمص أبانوب وحيد راعى الكنيسة، عدّد الخسائر التى نتجت وقتها جراء الأحداث وهى «إلقاء مولوتوف على حضانة خاصة بالكنيسة، واحترق جزء منها، كذلك مبنى الخدمات الملحق بالكنيسة حدثت به بعض التلفيات، وكسر زجاج قاعات المناسبات بالمبنى وتحطيم بعض السيارات الخاصة بأبناء الكنيسة»، مضيفًا «هناك شباب أُصيبوا ببعض الحروق بسبب المولوتوف، وأحد الشباب سقط من الدور الثانى وأُصيب بكسور، غير الإصابة بالاختناق بسبب الغاز الذى ألقته الشرطة على محاصرى الكنيسة، وكان يؤثّر على الموجودين بالكنيسة ورجال الأمن ومحاصريها»، وكالعادة انتهى الأمر فى الجلسات العرفية، وتم تهميش القانون. وفى نوفمبر الماضى، شهدت منطقة شبرا الخيمة اعتداء عدد من السلفيين على قطعة أرض تبنيها مطرانية شبرا الخيمة بعدما حصلت على ترخيص لها كمبنى خدمات، وقاموا بمساعدة بلطجية بسرقة بعض معدات البناء، وكتبوا على الأرض لافتة باسم «مسجد الرحمة»، رافضين بناءها كنيسة، وتدخل الأمن وقتها لحماية الأرض ولم يتم القبض على الجناة والمعتدين.

أما شهر فبراير 2013، فشهد محاصرة كنيسة أبو مقار بمنطقة ابن الحكم بشبرا الخيمة، من قبل بعض السلفيين والمتشددين بدعوى أن الكنيسة تخالف الترخيص الذى حصلت عليه، واضعين نفسهم محل الجهات القانونية والإدارية المسؤولة، ولجأ الأنبا مرقس أسقف شبرا الخيمة، إلى الشرطة، طالبًا منها حماية الكنيسة ولم يتم القبض على مشعلى الأحداث.

وفى فبراير أيضًا، حدثت حادثة أخرى فى قرية سرسنا بمحافظة الفيوم، حين قام عشرات من مسلمى قرية سرسنا برشق مبنى الكنيسة بالطوب وزجاجات المولوتوف من أعلى منزل مجاور على خلفية إجراء الكنيسة توسعات فى أرض فضاء تملكها، مما أدّى إلى تهشم جزء من قبة الكنيسة الخشبية وعدد من المقاعد الخشبية، وتحطم عدد من النوافذ الزجاجية واشتعال النيران فى قطع خشبية قبل إطفائها، وتم اللجوء إلى الجلسات العرفية ولم يقبض على المعتدين ولم تتم محاسبتهم بالقانون. تقرير منظمة العفو الدولية عن أحداث الواسطى، قال إن «منظمات حقوق الإنسان ومن ضمنها منظمة العفو الدولية، قامت بتوثيق نمط من التمييز ضد المسيحيين الأقباط فى مصر، تحت حكم حسنى مبارك، حيث تم توثيق ما لا يقل عن 15 حادثة رئيسية ضد الأقباط، والوضع لم يتحسّن فى ظل المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى حكم البلاد بين سقوط حسنى مبارك وانتخاب محمد مرسى، وفى عام 2013، أفاد نشطاء الأقباط المسيحيون أنه لا يقل عن أربع هجمات على الكنائس أو المبانى التابعة لها، بالإضافة إلى الواسطى، جرت فى محافظات أسوان وبنى سويف والقاهرة والفيوم. وكان رد السلطات على أعمال العنف ضعيفًا، فى أحسن الأحوال، وفى كثير من الأحيان كان يفضّل المصالحة على ملاحقة الجناة كوسيلة للتصدى للعنف الطائفى، وبالإضافة إلى ذلك، فشل كل من الرئيس السابق حسنى مبارك والحاكم بعده وهو المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى إنهاء الممارسات التمييزية فى منع الأقباط من بناء أو ترميم دور العبادة، وقد أغلقت أو دمرت الكنائس لأن السلطات زعمت أنه لم يكن لديهم الأذونات الصحيحة للبناء أو الترميم، فالمرسوم الرئاسى 291/2005 يجعل إصلاح أو توسيع الكنائس المسيحية يخضع لتصريح من الحاكم الإقليمى (المحافظ). وفى بعض الحالات، يقال إن السلطات المحلية تستخدمها لتأخير أو إعاقة بناء أو إصلاح الكنائس».

الأنبا موسى: نخشى الحكم الدينى.. والإخوان بيراضونا ومش عايزين يقرصوا علينا
يستقبلك دائما ببشاشة وجهه المعهودة حتى فى أحلك الظروف، ودائما ما يبحث عن الأرضية المشتركة التى يستطيع أن يقف عليها الجميع دون أن يفترقوا. الأسقف العام للشباب بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية الأنبا موسى التقته «الدستور الأصلي » وتحدثت معه حول كثير من الأمور التى تتعلق بمستقبل مصر، ومستقبل الأقباط فى ظل الأوضاع الحالية. أبدى الأنبا عدم تخوفه من المستقبل، وعبّر عن رغبة الأقباط فى حكم مدنى، لا عسكرى ولا دينى، وقال ذلك بكل وضوح ودون مواربة.

نص الحوار
■ ما رؤيتك للوضع فى مصر بشكل عام؟
- هناك دائما نظرة تفاؤل للثقة بثلاثة أشياء، أولها الثقة بالله، فنحن نؤمن أن الله معنا باستمرار، وهو الذى قال «مبارك شعبى مصر»، ثانيها الثقة بتاريخ مصر، فتاريخ مصر تاريخ وحدة وصفاء وطنى، وعلى مدى 14 قرنا لم يحدث بين المصريين أى حروب داخلية، وثالثها الثقة بشخصية مصر، لأن إسلامها وسطى ومسيحيتها معتدلة، وهذه طبيعة المصرى، الإنسان النهرى الذى يعيش على النهر، وهو عبارة عن شارع للجميع، نسكنه معا، من أول أسوان حتى إسكندرية، والأغلبية المسلمة حاضنة للأقلية المسيحية وكلهم يأكلون معا، ويزرعون معا، ويشربون المياه من مصدر واحد، فالمجتمع النهرى دائما متماسك ومترابط وهى نعمة من ربنا على مصر.
■ ما تقديرك لازدياد حالات الاحتقان الطائفى؟
- أنا مش موافق على وجود احتقان طائفى، فكلمة احتقان طائفى تعنى كل طائفة محتقنة فنجد كل المسيحيين مع كل المسلمين، وهذا لم يحدث أبدا، بل أسميه «بثورا» على جسد الوطن، فيطلع «دمل» على الجسد فى منطقة معينة تحدث غلطة بين شخص مسيحى مع آخر مسلم، وهذا تعاطف مع هذا أو ذاك فتنطلق شرارة ونجد الكل يجرى لإطفائها ولا ينتظرون مسلمين وأقباطا. لو احتقان طائفى مثلما يصور الناس لانتقلت المشكلة من بلد إلى بقية البلاد، مثلما تندلع النار فى الهشيم، لكننا نشكر الله أننا لا نرى هذا وتنطفئ فى مكانها، تأخذ بعض الوقت والكل سواء الأغلبية الساحقة من المسلمين والمسيحيين لا يريدون المشكلات، لذا أرى أن مصر ليست مرشحة لمثل هذا الأمر.
■ لكن بماذا تفسر الاعتداء على المقر البابوى لأول مرة؟
- كانت لحظات انفلات أمنى ومجتمعى، والذى جاء على الكاتدرائية ذهب للاعتداء على الأزهر قبلها، أنا أعتبرها حركات انفعالية من بعض المتشددين الذين لا يريدون الخير لمصر ولا للأزهر ولا للكنيسة. لما حصل اعتداء على الكاتدرائية، شفت بنفسى إن الإخوان قالوا ليس نحن والسلفيين كذلك، والجماعة الإسلامية «عاصم عبد الماجد» قالوا ليس نحن أيضا، وهم عبارة عن شباب قليل العدد متشنج متشدد، وساعده على ذلك أن الأمن كان يكاد يكون غير موجود متفرج وسلبى.
■ لكن كاميرات القنوات سجلت قيام قوات الأمن بإلقاء قنابل الغاز على الكاتدرائية ويقف حولها البلطجية.. فما تعليقك على ذلك؟
- ناس قالوا آه كان بيشارك.. لكن أنا لا أعتبره سياسة بل تصرف فردى.
■ وجدنا فى السنين الأخيرة تجاوزات بحق المقر البابوى مثل محاصرة السلفيين للكاتدرائية بخصوص كاميليا شحاتة؟
- قعدوا هتفوا شوية ومشيوا.. هذا ليس منهجا.. بل بثور ودمامل تظهر فى مكان ثم تختفى، بالعكس هذه الأشياء تنتهى فى مكانها.
■ لكن فى المرة التالية كان اعتداء من بلطجية بالحجارة والمولوتوف والشرطة كانت تقف سلبية.. فمن يعرف ماذا ستكون المرة القادمة؟
- بلطجية.. وإنشاء الله مايحصلش حاجة، لما ننظر لأحداث الخصوص سنجد أن من حمى الكنيسة مسلمون، وهذه حقيقة لا مجاملة، ولما بدأت الأحداث، بسرعة عقلاء المسلمين حموا الكنيسة لأن بعض المتطرفين حاولوا إحراقها، ولم يمسوا الكنيسة، وهذا يظهر جوهر مصر العميق.
■ ما تقييمك للتجاوزات التى تقع بحق المسيحيين الآن؟
- وقعت تجاوزات كثيرة طوال التاريخ، لكن بعد الثورة حدثت أشياء خطيرة منها ارتباك عام وانفلات أمنى وانفلات اجتماعى واقتصادى، وطبيعى أن تقع أشياء كهذه وبسرعة البلد احتوتها والشعب نفسه احتواها، لأنه يرفض هذا الكلام.
■ لكن عندما ننظر للشعب فى أحداث الخصوص كانت هناك حالة من الغليان الشديد لدى عموم الأقباط؟
- أعلمه ضبط النفس. شغلتنا هى ضبط المسار، وليس السير وراء الغليان، مهمتنا نقول لهم اضبطوا أنفسكم لكى تسير البلد.
■ وهل يجب على المسيحيين أن يتحملوا فوق طاقتهم طول الوقت؟
- هذه تفاعلات مجتمع، الشطارة أن تسير بالمواطنة والحكمة والمحبة، فهذا الثالوث الذى نسير به فى مصر، المواطنة أطالب بحقوقى كمواطن، الحكمة فليس معنى المواطنة أننا صرنا «سمن على عسل».. فهناك بؤر يكون فيها انفعالات وتشنجات، والمحبة وهى الجوهر، وطول ما فى محبة بيننا وبين بعض، هتبقى أرضية لا تستشرى فيها هذه الأمور بل تحجم فى أماكنها. مرة فى أحد البلاد قبل الثورة، شاب مسلم كنوع من الانفعال سكب جازا على باب الكنيسة وأشعل النار، وجرى الناس مسلمين وأقباطا يطفوها، لأن النار تأكل الكل، الأسقف لم يبلغ الأمن، فأمن الدولة قالوا للأسقف: لماذا لم تقل لنا، فرد السقف: أقول لكم ماذا؟. ولد أخطأ وأخوه أصلح خطأه.
■ هل الكنيسة راضية عن الدستور بشكله الحالى؟
- بنقول إن هذا الدستور فيه نوع من التديين من الناحية القبطية، ومن الناحية المصرية كثيرون غير راضين عنه لأنه لا أمّن الجمعيات ولا المجتمع المدنى ولا الحريات، وهناك اعتراضات عليه، ودائما نقول ما دام حصل توافق عليه مانعدله، لأن بعض البنود فيه تحتاج إلى تعديل، فلتعرض على مجلس الشعب بعد ذلك لتعدل، ولازم الحياة تمشى.
■ هل الكنيسة وضعت رؤية معينة لتعديل الدستور؟
- مكتوب ورقة شهيرة ب19 مادة، وإن شاء الله تتصلح الأمور.. وبعدين المصريين أظرف الشعوب فى أنهم يكونوا فوق القانون وليس تحته.. آه بالمحبة ولا يهمه القانون.
■ لذا نسأل نيافتكم هل بعد إقرار الدستور تغيرت الحياة؟
- المصريين هما المصريين، عايشين كلنا مع بعض، وكلنا إخوات وبيت واحد وعائلة واحدة.
■ لكن المناخ العام يشير إلى أن مصر تتجه لنظام حكم دينى.. فماذا ترى؟
- ليست دينية، الإخوان بعد ما وصلوا إلى الحكم، نقول لهم لو حكمتو لوحدكم مش هينفع، «افتح الكبسولة» أقول لهم هذا التعبير «لا تعيشوا داخل الكبسولة بتوجهات معينة ونظرات ضيقة، افتح الكبسولة واعط المجال للأقباط والمعارضة والمرأة، غير كده لن تستطيعوا أن تحكموا».. مصر لا يحكمها فصيل واحد وهذه ليست كلمة بل حقيقة، الشعب المصرى من الشعوب العجيبة التى لا تتكلم، لكن داخل نفسها تتكلم وتأخذ مواقف، يعنى لما قامت الثورة كان فى حالة رضا عامة لدى المصريين.
■ عاصرت حكم الرؤساء المصريين والمجلس العسكرى.. فما تقييمك لفترات حكم كل منهم؟ وما تقييمك لفترة حكم عبد الناصر؟
- لا يوجد شىء فى الدنيا كله أبيض أو كله أسود، عبد الناصر كان له ميزات طبعا، كان شعبى جدا، ويبحث عن الشعب، لكنه كان ديكتاتورا شديدا، وفى الديكتاتورية خطأ واحد يعود بالبلد للخلف، استعجل الحرب وكانت كارثة.. عبد الناصر كان لديه ناحية جيدة بعلاقته بالبابا كيرلس، فلم تكن توجهاته دينية بل توجهاته اشتراكية كما نعرف.
■ هل كانت العلاقة حميمية بين عبد الناصر والبابا كيرلس كما نراها فى الصور؟
- هو عبد الناصر طبعا كان بيحب البابا كيرلس، وحكى لى الأنبا أثناسيوس مطران بنى سويف عندما ذهب مع البابا كيرلس ليتحدثوا مع الرئيس فى أمر ما، وعندما جاء الياوران بعد فترة من اللقاء ليقول بما معناه إن الميعاد التالى جاء، فرد الرئيس عبد الناصر: لما يكون البابا كيرلس هنا لا تتكلم، وتركهم ناصر ليكملوا كلامهم للنهاية وبعد ما انتهت الجلسة طلب من البابا كيرلس أن يصلى لأولاده فى البيت، وهذا ما حكاه لى الأنبا أثناسيوس الذى عاصر هذا الكلام بنفسه. نظرة عبد الناصر لم يكن فيها العداء الدينى.
■ وماذا عن الرئيس السادات؟
- السادات كان الجزء الدينى أكثر عنده، ومشينا جيدا معا ثم بعد ذلك حدث الصدام الشهير، طبعا كانت أيام.. وكان السادات دائما يقول «أنا الرئيس المؤمن.. أنا الرئيس المسلم»، تمام لكن أنت رئيسنا كلنا، ثم بدأ الصدام.
■ ماذا عن مبارك؟
- مبارك كان من النوع الهادى، وليس لديه نزعة تشدد دينى، والبلد كان فيها ركود سياسى ولا يوجد أحزاب، وكان هناك نوع من السكينة.
■ هل نيافتك التقيت أحدا من الرؤساء فى مناسبات مختلفة؟
- ذهبنا للتهنئة أكثر من مرة كان ذلك فى حكم مبارك، أحيانا لما كان يزور أمريكا كنا نذهب لنستقبله هناك مع الجالية المصرية، وأشياء بروتوكولية من هذا القبيل، ولم أحضر لقاءات حوارية.
■ ما تقييمك لفترة مبارك فى علاقته برأس الكنيسة؟
- البابا شنودة جلس 3 سنين من حكم مبارك فى الدير، ومبارك كان متصور إنه لو أخرجه الدنيا هتشتعل، لكنه لم يرد ذلك، ولما جاء أحمد رشدى وزير داخلية، قال للرئيس، إن عودة البابا لن تشعل البلد، وهذا ما حدث، والناس جميعها رحبت به.
■ ما انطباعك عن فترة حكم الرئيس مرسى ونحن نقترب من عام على توليه؟
- أرى أن الإخوان يجب أن يفتحوا الكبسولة الخاصة بهم كما قلت ويتفاعلوا مع بقية أطياف البلد، سواء السلفيين أو الجماعات الإسلامية أو الأقباط أو المرأة أو الجماعات المدنية والأحزاب المدنية، لازم يضعوا جميعهم لمصر استراتيجية اجتماعية وسياسية واقتصادية للمستقبل، لكن حتى الآن لا يوجد.
■ هل يقلقك مساعى التمكين وأخونة الدولة؟
- الذى أراه أن الإخوان حصلوا على الحكم، وأى محاولات تمكين تجد من يقف لها، خصوصا أن الذى يحصل على الحكم يتعرض للنقد المستمر والسؤال عن رغيف العيش والبوتاجاز وفين وفين؟ لا أعتقد أن فكرهم سيكون فى أخونة الدولة بقدر النجاح فى إدارة الدولة، والنجاح لا يكون إلا بالاتفاق مع باقى القوى.
■ كيف تقيم حكم الإخوان المسلمين؟
- كأقباط نتخوف من الحكم الدينى مافيهاش كلام، ولا نقدر نجامل أو نكذب، ولكن الحمد لله هما بيراضونا، وواضح إنهم مش عايزين يقرصوا على الأقباط، لأن هذا ليس فى صفهم.
■ وماذا عن أحداث الكاتدرائية وتعامل الرئاسة البطىء معها والتحقيقات التى لم تنتهى إلى شىء حتى الآن؟
- ما زالت قيد التحقيق، وننتظر التحقيقات ولن نتركها، طلبنا بذلك والبابا طالب بتفعيل القانون.
■ كيف تفسر عدم زيارة الرئيس مرسى للكنيسة حتى الآن؟
- الجو حاليا ليس جو زيارات بروتوكولية، ممكن تكون فيه مظاهرات، خصوصا إنه لم يأت رئيس أو ملك فى قداس العيد، وسيرسل مندوبا عنه.
■ لكن تردد كلام عن مجيئه هذه المرة؟
- هذا مجرد كلام لأنه لم يحدث فى تاريخ الكنيسة أن أتى رئيس فى العيد.
■ وماذا عما يتردد من بعض الإخوان والسلفيين بعدم تهنئة المسيحيين بالعيد؟
- لا يقلقنا لأن الذى رد عليهم غالبية المسلمين، وشيخ الأزهر بنفسه، نحن مطمئنون على مصر بسبب الكنيسة والأزهر والجيش والأحزاب المدنية.
■ الكنيسة ترتاح للأزهر.. لكن ماذا لو تم أخونته وعزلوا الشيخ الطيب؟
- لكل حادث حديث، لما ينجحوا فى شىء مثل هذا والشعب يوافق، وقتها نتعامل مع الموقف، طب ما الحكم نفسه إخوانى، ما المشكلة.
■ كيف ترى دعوات البعض لعودة الجيش إلى الحكم؟
- لا نريد مصر دينية ولا عسكرية، نريدها مدنية حديثة، إرهاصات وتفاعلات وفى النهاية لن يصح إلا الصحيح.
■ هل سيكون الأقباط مع التيار المدنى فى الانتخابات القادمة؟
-أعتقد أنه تلقائى أن يختاروا المدنى.
■ هل أنت قلق على مستقبل الأقباط فى ظل الوضع الحالى؟
- لا لا، عندنا الآية تقول «لا تقلقوا».. نحن بالإيمان لا نقلق أبدا، وبتاريخ مصر وبالخصوصية للإسلام المصرى.
■ بأى فترة فى التاريخ تذكرك هذه الفترة فى ما يخص الأقباط؟
- الأقباط زى الفل، إحنا شفنا أيام سيئة زمان مرة أيام الحاكم بأمر الله وغيره، لكن الآن نشكر ربنا.
■ ماذا عن زيارة البابا للفاتيكان؟
- ليس لدىّ تفاصيل لأن الجميع مشغول فى أسبوع الآلام، لكن بعد العيد ستتضح الأمور.
■ ماذا عن تأسيس مجلس كنائس مصر؟
- كان موجودا طول عمره، مجرد شكل تنظيمى وهذا جيد أن يكون لنا روح واحدة وشركة محبة كطوائف مسيحية، وأن يكون لنا رأى واحد ورؤية واحدة للأحداث.
■ كيف ترى مستقبل الأقباط تحت حكم الإخوان؟
- حكم الإخوان تحت مشيئة ربنا، ولا نخاف من أحد.
■ العلاقة بين المقر البابوى ومؤسسة الرئاسة، البعض يراها غير جيدة خصوصا بعد زيارة وفد الرئاسة للكاتدرائية؟
- روح طيبة جدا ولما أتت الدكتورة باكينام كان لقاء لطيفا وتكلمنا لمدة ساعة ونصف فى كل شىء.
■ لكن فى نفس وقت وجودهم كان مساعد رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية قد أصدر بيانا يحمّل فيه الأقباط مسؤولية أحداث الكاتدرائية؟
- لم نسكت وقلنا لدكتورة باكينام ماذا فعل عصام الحداد، نصف الخطاب يقول إننا حطمنا السيارات، وهذه الأكاذيب، وكلهم تبرؤوا من الخطاب.. ولا يبقى إلا الحق.

أسامة سلامة يكتب: الإخوان لا يؤمنون بالدولة الحديثة ولا بالمواطنة.. والأقباط ليسوا إلا أهل ذمة
فتاوى الجماعة الخاصة بالأقباط تختلف حسب الاحتياج إليهم.. فيوم مواطنون ويوم كفار
فى ديسمبر 1980 نشرت مجلة «الدعوة» لسان حال جماعة الإخوان المسلمين، فتوى للشيخ محمد عبد الله الخطيب مفتى الجماعة، بتحريم بناء كنائس جديدة فى مصر وعدم جواز إعادة بناء ما يتهدّم منها، وفى أبريل 2013 أصدر د.عبد الرحمن البر مفتى الإخوان الحالى، فتوى بتحريم تهنئة المسيحيين بعيد القيامة.
بين الفتويين 33 عامًا، وهما تكشفان رؤية الإخوان للمسيحيين، وأنها ثابتة لم تتغيّر طوال هذا الوقت، يتّضح الأمر أكثر من خلال تصريحات مرشدين سابقين للجماعة، الأول مصطفى مشهور الذى قال فى حوار نشرته «الأهرام ويكلى»، أجراه الزميل الكاتب اللامع خالد داوود، «على الأقباط دفع الجزية بديلًا عن التحاقهم بالجيش حتى لا ينحازوا إلى صف الأعداء عند محاربة دولة مسيحية»، والثانى المستشار مأمون الهضيبى، والذى وصف عام 1995 الأقباط فى حوار مع الصديق الكاتب والباحث المعروف د.سامح فوزى عضو مجلس الشورى الحالى، بأنهم «أهل ذمة».
مرشدان ومفتيان سارا على درب مؤسس الجماعة حسن البنا، الذى رأى «قتال أهل الكتاب إذا حالوا دون انتشار الدعوة»، بما فُسّر وقتها على أنه تحريض على اليهود والمسيحيين إذا عارضوا مشروع الإخوان الإسلامى.
إذن الجماعة ترى أن المسيحيين كفار وأهل ذمة وليسوا مواطنين كاملى المواطنة، وأنهم خونة لا يجب الثقة بهم لأنهم قد يتحالفون مع أعداء الإسلام. الإخوان فى أدبياتهم يتحدّثون عن الدولة الإسلامية والخلافة، وليس عن دولة مدنية حديثة يتساوى فيها المواطنون جميعًا، بغض النظر عن دينهم ومعتقدهم وجنسهم، ومن هنا فإن الحقوق لغير المسلمين ليست حقًّا لهم وإنما هبة تمنح وتمنع فى ضوء رؤيتهم للشريعة وتفسيرهم القاصر لها.
هذا هو الموقف الفكرى للإخوان، فماذا سيكون مصير الأقباط إذا تمكّنت الجماعة من إحكام سيطرتها على حكم مصر ونجح مخططها فى أخونة الدولة؟
فى السياسة، يتعامل الإخوان مع المسيحيين بانتهازية واضحة ويطبقون «التقية» حسب مصالحهم، ولهذا نجد تصريحات لبعض قاداتهم تخالف أسسهم الفكرية، فيخرج علينا د.البر مفتى الجماعة، بجواز حضور احتفالات تنصيب البابا ويحضر المراسم بنفسه، وينشر دراسة فى جريدة «الحرية والعدالة» تبيّن أن التهنئة بالمناسبات المسيحية تدخل فى باب «البر والقسط» اللذين أمر بهما القرآن، ويقول فى الدراسة أيضًا إن الإسلام سمح بالزواج من مسيحية، فكيف لا يهنّئها زوجها المسلم بأعيادها، فى حين أن العلاقة الزوجية تقوم على المودة والرحمة.

كانت هذه الفتوى عند بداية حكم مرسى وحاجته إلى تجميع قوى الشعب المختلفة حوله، لكن عندما انتهت حاجة الجماعة إلى الأقباط الآن، وتبيّن لهم المعارضة المسيحية لكثير من المواقف الإخوانية، خصوصًا فى تأسيسية الدستور وغيرها، وعدم قابليتهم الانضواء تحت حكم الجماعة، ظهرت الفتوى التى تعبّر عن الموقف الفكرى الحقيقى للجماعة، فأفتى نفس الشخص بتحريم تهنئة المسيحيين بعيد القيامة، الأمر نفسه ينطبق على تصريحات كثيرة لعدد من قياديى الإخوان عن المواطنة الكاملة للمسيحيين، والتى لا تقل عن حقوق المسلمين، وأيضًا عن حقّهم فى الترشّح للمناصب العامة، ومنها رئاسة الجمهورية، وهناك فتاوى بهذا المعنى للشيخ محمد الغزالى، وللدكتور يوسف القرضاوى، حيث أرجعا الأمر إلى أنه لم تعد فى الدول الحديثة ولاية كبرى فى ظل وجود مؤسسات رقابية على الرؤساء، مثل المجالس النيابية، وعدم قيام الرئيس بإمامة الصلاة والقضاء مثل أيام الخلافة، لكن هذه الفتاوى المعتدلة والموجهة للغرب أكثر من الدول الإسلامية لم تمنع د.محمد حبيب أن يكتب فى مقال له بصحيفة «الشرق الأوسط» -وكان وقتها لم يغادر الجماعة بعد- «الأقباط مواطنون لهم كافة الحقوق فى تولّى الوظائف العامة ما عدا رئاسة الجمهورية»، وهو هنا يتّبع نهج حسن البنا الذى كتب «يجوز الاستعانة بغير المسلمين عند الضرورة وفى غير الولاية العظمى».


إذن منهج الإخوان واضح فى التعامل مع الأقباط، عندما أحتاج إليهم تصدر الفتاوى السمحة التى تعطيهم حقوقهم كمواطنين أو جزءًا منها، وفى الوقت الذى أستطيع الاستغناء عن مناصرتهم أو لا أبحث عن تحييدهم، تصدر الفتاوى المتشددة التى تتفق مع ثوابتهم الفكرية، ومن هنا فإن الإخوان إذا تمكّنوا فإن سياستهم تجاه المسيحيين المصريين ستتراوح بين الموقفين، حسب الحاجة، فعندما يتعرّضون لضغوط دولية سيتراجعون قليلًا إلى حين، وإذا اختلفوا مع السلفيين وتصارعوا معهم سيحاولون جذب الأقباط نحوهم بطريقة أنا أفضل لكم من غيرى، وأنا الذى أحميكم من تطرّف الآخرين، «لاحظوا التشابه فى هذا الأمر مع نظام مبارك» وإذا لم ييأسوا من الحصول على الصوت المسيحى فى الانتخابات فلا مانع من المداهنة والمهادنة، وبالطبع وفى كل الأحوال فإن الإخوان سيحاولون جذب بعض المسيحيين للعمل معهم بنفس طريقة النظام السابق بوضعهم فى بعض المناصب، ولن يعدموا مَن يستجيب لهم ويروّج لسياستهم، مثلما كان يحدث مع مبارك الذى وجد مَن يشيد به من المسيحيين على كثرة الحوادث الطائفية التى وقعت فى مصر، حقيقة كان بعضها خارج عن إرادة النظام، لكن معظمها بسبب تقصيره فى حماية مواطنين مصريين وعدم تطبيق القانون، بل إن بعضها ما زال النظام السابق متهمًا بتدبيره، مثل حادثة كنيسة القديسين، مثلما يتهم البعض نظام الإخوان وفصائل إسلامية أخرى، بأنها وراء بعض الأحداث الطائفية الأخيرة.

ولذلك فإننى أعتقد أن وضع الأقباط لن يختلف كثيرًا فى ظل الإخوان عن وضعهم أيام مبارك، قد تصدر بعض الفتاوى المتشددة، وتزيد حوادث الفتنة قليلًا، لكن فى السياق العام ستظل نفس طريقة التعامل والتى تتلخص فى عدة مشكلات مثل التهميش السياسى، وعدم تولى بعض المناصب المهمة مع عدم الإعلان رسميًّا عن إبعادهم، صعوبة فى بناء الكنائس مع السماح بها أحيانًا، خصوصًا وقت الأزمات الطائفية، الاعتماد على الحلول العرفية فى مواجهة الحوادث بين مسلمين وأقباط، ومحاولة أن تظل الكنيسة هى المعبر الوحيد عن المسيحيين فى كل القضايا حتى لا يهتموا بالشأن العام ويعودوا إلى تقوقعهم داخل الكنيسة، مما يسهّل التعامل معهم من خلال القيادات الدينية التى يعتقد أنها أسلس فى التفاوض من الشخصيات السياسية المستقلة، وقد يضطر الإخوان إلى التساهل أحيانًا إذا زادت الضغوط الخارجية، مستخدمين مبدأهم الأثير «التقية».

ولكن يبقى السؤال الأهم: ما موقف المسيحيين إذا انفرد الإخوان مع باقى الفصائل الإسلامية بالحكم واستطاعوا إبعاد باقى الفصائل السياسية؟
الإجابة كما أراها، أن الأقباط هنا ليسوا منفصلين عن باقى المصريين الذين ينادون بالدولة المدنية، فالمعاناة واحدة، والمصير والطريق واحد، ومَن يريد مصر بلدًا قويًّا حديثًا عليه أن لا يستسلم، وأن يعرف أنه لا يوجد شعب حصل على حقوقه وحريته مجانًا وبغير نضال، وأن الوصول إلى المدنية يحتاج إلى نفس طويل، وعدم اليأس، ولهذا فإن أول ما يجب أن نفعله هو توحيد الجهود ووضع خطة للعمل الشعبى فى الشارع للوصول إلى البسطاء وكشف أخطاء تيارات الإسلام السياسى، وأنها لا تمثّل الإسلام الصحيح، أما إذا استسلم المسيحيون ورفضوا المقاومة فستزداد أعداد المهاجرين، خصوصًا بين الفئات غير المسيسة والتى قد ترى فى الهجرة حلًّا، بعد أن تصوّر الكثيرون أننا مقدمون بعد الثورة على الدولة المدنية التى نتمناها، ثم صدمهم صعود التيارات الإسلامية وأداؤها وآراء معظمها المعارضة لمدنية الدولة، ولهذا فإن على المؤمنين بالمواطنة والراغبين فى الارتقاء بمصر وجعلها دولة حديثة بالفعل، الوقوف بقوة ضد هجرة الأقباط والعمل على منعها بالتوعية الجادة، وتوضيح خطورة ذلك على المسيحيين والمسلمين والوطن.
حقيقة هجرة 83 ألف قبطى إلى جورجيا

مع كل حادثة طائفية تقع بحق مسيحى مصر ينطلق دائما الحديث عن هجرة الأقباط إلى الخارج، خصوصا بعد حادثة الخصوص والاعتداء على المقر الباباوى لأول مرة فى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، لكن الواضح فى موضوع هجرة الأقباط هو عدم وجود رقم حقيقى عن الذين تركوا مصر، وما بين التهويل فى إطلاق الأعداد والأرقام عن الذين تركوا مصر، وبين التقليل منهم تغيب الحقيقة، لكن هذا لا ينفى انتشار حالة الخوف لدى الكثيرين الذى يسعون إلى ترك مصر. بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الأنبا تواضروس الثانى، عبر فى تصريحات صحفية مؤخرا حول ما أثير عن هجرة الأقباط قائلا: «كلها رسائل إلى المجتمع الذى يجد أبناؤه يتركونه، وهذا من المفترض أنه يقلق الوطن بحاله»، واصفا الذى يهاجر باللغة الشعبية ب«وش القفص»، مضيفا أنهم من المتعلمين الذين لديهم رؤية، ويبحثون عن الاستثمار.


وقال: «كلها خسائر للوطن». وبعيدا عن توصيفات البابا للحالة والمهاجرين، نجد أن الأرقام عن عدد المهاجرين المسيحيين منذ 25 يناير 2011، تعددت، فمنها ما ذكرته منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان التى يرأسها المحامى نجيب جبرائيل، فى بيان لها فى 25 سبتمبر 2011 وقبل أيام من أحداث ماسبيرو، فى رسالة تحذيرية إلى المجلس العسكرى الحاكم وقتها بأن «100 ألف مسيحى هاجروا إلى أمريكا وكندا وأوروبا وأستراليا»، وقال إنه اعتمد فى إحصائه على التجمعات والكنائس القبطية فى الخارج، وأخذ هذه الإحصائية دينيس روس المستشار فى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى والمساعد السابق للرئيس الأمريكى حول الشرق الوسط، فى مقال بعنوان «تحركات الرئيس مرسى.

وما يبعث على القلق منها»، حيث ذكر فى مستهل مقاله الذى نشرته «التحرير» فى أغسطس الماضى، أن «الإحصاءات والتقارير الحالية ليست مبشرة بالخير: فهناك تقارير إخبارية تشير إلى أن أكثر من 100 ألف قبطى هاجروا ورحلوا عن مصر».


وانتشرت مؤخرا أخبار عن فتح هولندا لباب اللجوء إلى الأقباط المصريين، وهو ما لم يتأكد، وأخيرا فتحت جورجيا (إحدى دول شرق أوروبا)، بالفعل باب الهجرة للأقباط الذين يرغبون فى إقامة استثمارات هناك، وتردد أن ما يقرب من 83 ألف قبطى هاجروا إلى جورجيا وأن العدد سيزداد رغم ما ذكرته صفحة (فتح باب هجرة الأقباط المصريين إلى دولة جورجيا- أوروبا الشرقية)، من أن «إيجارات الشقق داخل السنتر تبدأ من 500 دولار وخارج السنتر تبدأ من 300 دولار، وإيجارات المحلات داخل السنتر تبدأ من ألف دولار، والمحل الصغير خارج السنتر يبدأ من 500 دولار، والمدارس الجورجية رخيصة، لكن يجب إجادة اللغة الجورجية، فالمدارس الإنجليزية تبدأ أسعارها من 2200 دولار فى السنة، ومن يريد التقدم إلى الإقامة عليه أن يقيم مشروعا ويقدم أوراق المشروع مع الإثبات كى يحصل عليها، والفيزا صالحة لمدة ثلاثة أشهر من تاريخ دخولكم جورجيا.. والفيزا الجورجية صالحة لدخول جورجيا فقط ولا يمكنكم الدخول إلى دول الاتحاد الأوروبى.. ولأن جورجيا فى طور النمو الاقتصادى حاليا، فإن المستثمرين فقط، من الأجانب، يمكنهم العيش فيها، ومن الصعب جدا لأى شخص غير جورجى أن يوظف هناك، والرواتب تبدأ من 300 لارى».

وما ذكرته الصفحة يشير إلى صعوبة العيش فى جورجيا وارتفاع تكاليف المعيشة، وهو لا يقدر عليه إلا القادرون والأغنياء، وليس من السهل على السواد الأعظم من بسطاء المسيحيين الذهاب لهناك. لكن هناك أمرا آخر فى هجرة المصريين إلى الخارج بشكل عام والمسيحيين بشكل خاص، يجب أن يوضع فى الحسبان، فالأرقام الرسمية لعدد المهاجرين المصريين بشكل رسمى لا تشير إلى ارتفاع أعدادهم، لكن عددا ليس بالقليل من الشباب المصرى يلجأ إلى سفارات دول غرب أوروبا وأمريكا للحصول على فيزا سياحة، لمدد قليلة، وعندما يذهب إلى الخارج يكسر مدة الإقامة ولا يعود إلى مصر مجددا، ويعيش فى هذه الدول بشكل غير شرعى حتى يستطيع الحصول على ورق إقامة ثم جنسية الدولة الأجنبية، ونسبتهم ليست قليلة، ولكن أعدادهم غير معروفة على الأقل لوسائل الإعلام. أما الباحث والكاتب الصحفى سليمان شفيق، المتخصص فى الشأن القبطى، فقال إنه بحث فى شأن هجرة الأقباط بعد ثورة 25 يناير، موضحا «إذا توقفنا أمام أرقام وإحصائيات الهجرة فى عامى 2010، 2011 وفق إحصائيات مصادر دبلوماسية مطلعة فى سفارات الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا، فسنجد أن هناك 6411 مصريا بغض النظر عن ديانتهم هاجروا إلى تلك الدول عام 2010، أما فى عام 2011، فلم يحصل على حق الهجرة لتلك الدول حتى نهاية أكتوبر 2011 إلا 3804 مصريين، أى أن أرقام الهجرة انخفضت من 2010 إلى 2011 بنسبة 59%».

وأضاف: «من الأمور غير المنطقية أن يردد البعض عن جهل أو عن عمد أن عدد المهاجرين من المواطنين المصريين الأقباط يقارب المئة ألف إلى الولايات المتحدة فقط، علما بأنه -كما صرحت ذات المصادر- بأن الهجرة العشوائية الأمريكية (القرعة)، تقبل فيها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية خمسين ألف مهاجر من جميع أنحاء العالم».

وأوضح أنه «وفق مصادر فى الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، فإن عدد المهاجرين المصريين فى الغرب يقارب المليون مهاجر»، مضيفا «إذا عرفنا أن الهجرات المصرية إلى الغرب بدأت بعد ثورة يوليو 1952 أى أنه طوال 60 عاما، أى كانت الهجرة بمعدل 16666 سنويا»، وتابع «وإذا افترضنا أن المهاجرين الأقباط منهم يشكلون على أعلى تقدير 50%، فإن معدل هجرتهم تبلغ نحو 8333 سنويا». شفيق أشار إلى أن «أعلى معدلات للهجرة المصرية حدثت ما بين 1960 و1961 وفق تصريحات وزير الداخلية الأسبق، الراحل شعراوى جمعة، الذى أرجع ذلك إلى تأميم ومصادرة ممتلكات رجال الأعمال وكبار الملاك»، مضيفا «فى حين حدثت هجرة معاكسة فى السبعينيات والثمانينيات»، ولفت إلى أن من يراجع كتاب الدكتورة سامية سعيد «مَن يحكم مصر؟» سيجد أن معظم العائلات القبطية التى هاجرت من جراء قرارات التأميم عادت إلى الوطن مثل عائلات عبد النور وساويرس وأبادير وغيرهم.


‏يوسف‏ سيدهم يكتب:الأقباط تحت حكم الإخوان
بعد‏ عامين‏ وثلاثة‏ أ‏شهر‏ على‏ ثورة‏ 25 يناير‏، أقف‏ متأملًا ما‏ آلت‏ إليه‏ مصر، فأفزع‏ وأتحسر‏ على حالها‏.. أمة‏ منقسمة‏ على‏ نفسها‏.. أحوالها‏ السياسية‏ والاقتصادية‏ والأمنية‏ تنحدر‏ من‏ سيئ‏ إلى‏ أسوأ‏.. قيادتها‏ متخبطة، فاقدة‏ القدرة‏ على‏ القيادة‏، منعدمة‏ الرؤية‏ نحو‏ الإدارة‏، منفصلة‏ عن‏ الشعب‏ -‏أقصد‏ السواد‏ الأعظم‏ من‏ الشعب‏ اللهم‏ إلا‏ شريحة‏ الأتباع‏ والمنتفعين‏- تعوزها‏ معجزة‏ من‏ السماء‏ إذا‏ كان‏ مقدرًا‏ لها‏ إعادة‏ جمع‏ شتات‏ هذا‏ الشعب‏ وإصلاح‏ أحوال‏ البلاد‏.‏

شتان‏ بين‏ الآمال‏ التى‏ علّقها‏ المصريون‏ على‏ ثورة‏ يناير‏ فى‏ مهدها‏ وبين‏ الإحباط‏ والحسرة‏ اللذين‏ يشعرون‏ بهما‏ هذه‏ الأيام‏، تطلّع المصريون‏ إلى‏ نهاية‏ عصر‏ مبارك ونظامه‏ واستبداده وحزبه‏ الوطنى، فوجدوا‏ أنفسهم‏ أسرى‏ عصر‏ جماعة الإخوان‏ ومكتب‏ الإرشاد‏ وحزب‏ الحرية‏ والعدالة‏.. نفس‏ الاستبداد‏ لم‏ يتغير، وذات‏ الشهية‏ المسعورة‏ للاستئثار‏ بالسلطة‏ والاستحواذ‏ على سائر‏ أركان‏ الدولة‏ لم‏ تتبدل‏.. صدقوا‏ رئيسهم‏ محمد‏ مرسى‏ عندما‏ وعدهم‏ بأن‏ يكون‏ رئيسًا‏ لكل‏ المصريين‏ ويعدل‏ بينهم‏، لكن‏ سرعان‏ ما‏ خدعهم‏ وكشف‏ عن‏ أنه‏ خادم‏ أمين‏ مخلص‏ لجماعته‏ وعشيرته‏ رغم‏ أنف‏ الجميع‏.‏

صديقى‏ محمد‏ عبد‏ القدوس، طالما‏ داعبنى قبل‏ الثورة، قائلًا «‏صدقنى‏ أنتم‏ الأقباط‏ تخشون‏ حكم‏ الإخوان‏ وتفضّلون‏ نظام‏ مبارك‏.. لكنكم‏ لا‏ تدرون‏ أنكم‏ ستكونون‏ فى أفضل‏ حال‏ تحت‏ حكم‏ الإخوان‏».. والآن‏ ما زلنا‏ نتواصل‏ ونتبادل‏ الحديث‏ المقتضب‏ عن‏ أحوال‏ الوطن‏، لكنه‏ لم‏ يعد‏ يكرر‏ ذلك‏ القول‏، وأنا‏ أعرف‏ وأتفهّم‏ سبب‏ صمته‏، فمن‏ الواضح‏ أن‏ أحوال‏ الأقباط‏ تحت‏ حكم‏ الإخوان‏ أكثر‏ تعقيدًا‏ واضطرًا عن‏ ذى‏ قبل، والكثيرين منهم‏ تساورهم الشكوك‏ والهواجس‏ والحيرة‏ حول‏ مستقبل‏ مصر‏ ومستقبلهم‏ ومستقبل‏ أولادهم‏ فيها‏ فى‏ ظل‏ ما‏ يحيق‏ بها‏ وبهم‏.

والأقباط‏ دائمًا‏ موقفهم‏ أكثر‏ تأزّمًا‏ من‏ إخوتهم‏ المصريين‏ المسلمين، إذ‏ يشاركونهم‏ كل‏ هموم‏ الوطن‏ وسائر‏ تحديات‏ المرحلة‏ المتأزمة‏ التى‏ يمر‏ بها‏، لكن‏ بالإضافة‏ إلى‏ ذلك‏ يتحمّلون‏ عبئًا‏ إضافيًّا‏ من‏ الهموم‏ والمشكلات‏ والحيرة‏ المتصلة بقبطيتهم‏ وما‏ يتعرضون‏ له‏ كل‏ يوم‏ من‏ تهديدات‏ واعتداءات‏ وتحرشات‏، سواء‏ من‏ جانب‏ تيارات‏ الإسلام‏ السياسى‏ أو‏ تيارات‏ التأسلم‏ الدينى أو‏ الغوغاء‏ والخارجين‏ على القانون‏.. وأمام‏ تلك‏ الضربات‏ يتلفّت‏ الأقباط‏ حولهم‏ يبحثون‏ عن‏ الدولة‏ والأمن‏ والقانون‏ لحمايتهم‏، فلا‏ يجدون‏ إلا‏ دولة‏ مهتزة‏ الأركان‏ فاقدة‏ السيادة‏، وأمنًا‏ متقاعسًا‏ متواطئًا‏ يتركهم‏ فريسة‏ للمجالس‏ العرفية‏، وقانونًا غائبًا‏ نائمًا‏، يغض‏ البصر‏ عن‏ اغتيال‏ الحريات‏ واغتصاب‏ الشرعية‏ وذبح‏ المواطنة‏.‏

وإزاء‏ هذا‏ الوضع‏ الكارثى يتساءل‏ البعض‏ من‏ الأقباط‏ -‏مثلهم‏ مثل‏ بعض‏ المسلمين‏- عن‏ جدوى البقاء‏ فى‏ مصر‏، وهل‏ تقتضى الحكمة‏ البحث‏ عن‏ ملاذ‏ آخر‏ يقيهم‏ اجتياح‏ الإخوان‏ المسلمين‏ مصر‏، وسعيهم‏ الحثيث‏ لأخونة‏ الدولة‏ المصرية‏ وبسط‏ سطوتهم‏ عليها‏.. ولا‏ يخلو‏ الأمر‏ بين‏ الحين‏ والآخر من‏ أن‏ يجرى‏ الحديث‏ عن‏ أسرة‏ آثرت‏ الابتعاد‏ والهجرة‏، أو‏ عن‏ شاب‏ قرر‏ الرحيل‏ يأسًا‏ من‏ غياب‏ الحياة‏ الآمنة‏ الواعدة‏ المطمئنة‏.


لكن‏ كثيرًا ما‏ وقفت‏ أمام‏ تلك‏ المشاهد‏ متفهمًا‏ ما‏ فعله‏ هؤلاء‏ ولماذا‏ سافر‏ أولئك، وأتساءل‏: مَن‏ يفقد‏ الأمان‏ والسلام‏ يفقد‏ بالتبعية‏ الانتماء‏ والقدرة‏ على المقاومة‏ والرغبة‏ فى‏ تغيير‏ الواقع‏، أليس‏ له‏ كل‏ العذر‏ فى قرار‏ الرحيل؟ لكن‏ يظل‏ السواد‏ الأعظم‏ باقين‏ متشبثين‏ بهذه‏ الأرض‏، ملتصقين‏ بترابها‏ وشعبها‏ وأصالتها‏ ووسطيتها‏، موزعين‏ بين‏ مَن‏ لا‏ يرغب‏ فى الرحيل‏ وبين‏ مَن‏ لا‏ يقدر‏ على‏ الرحيل‏، وفى‏ الحالتين‏ يظل‏ هناك‏ النسيج‏ الكثيف‏ للمصريين‏ الطيبين‏، باقين‏ فى‏ هذا‏ البلد‏ يبحثون‏ عن‏ أصالته‏ ووداعته‏ ووسطيته‏، ويجاهدون‏ من‏ أجل‏ استعادة‏ ثورته‏ التى‏ اختطفها‏ الإخوان‏، وإحياء‏ آمالهم‏ نحو‏ التحول‏ الديموقراطى‏ واللحاق‏ بركب‏ الدولة‏ الحديثة‏.‏

أمام‏ هذا‏ التحدى‏ المصيرى‏ لا‏ أتصوّر‏ أبدًا‏ أن‏ يكون‏ طريق‏ الأقباط‏ منفصلًا‏ عن‏ إخوتهم‏ المسلمين‏.. ولا‏ فكاك‏ للأقباط‏ من‏ حكم‏ الإخوان‏ بمعزل‏ عن‏ إخوتهم‏ المسلمين‏..

ولا‏ أمل‏ للأقباط‏ فى‏ جهاد‏ لحل‏ مشكلاتهم‏ تحت‏ مظلة‏ الأقلية‏ الدينية، إنما‏ الأمل‏ والنجاح‏ هو‏ فى‏ التكاتف‏ والتلاحم‏ مع‏ إخوتهم‏ المسلمين‏ تحت‏ مظلة‏ المواطنة‏.. تاريخ‏ مصر‏ الحديث‏ يشهد‏ بذلك‏ ولنا‏ فى ثورة‏ 1919 أسوة‏ حسنة‏، ولنا‏ فى‏ عصر‏ الليبرالية‏ المصرية‏ الذى‏ سبق‏ ثورة‏ 1952 نموذج وطنى يحتذى ويستحق‏ العمل‏ على‏ إحيائه‏ واستعادته‏، حيث‏ تم‏ إعلاء‏ مصر‏ الوطن‏ فوق‏ الجميع‏، ومن‏ خلال‏ مصر‏ الوطن‏ ساد‏ الجميع‏ وسعد‏ الجميع‏، من‏ خلال‏ مصر‏ الوطن‏ تراجعت‏ العصبيات‏ وتوارت‏ النعرات‏ الطائفية‏، لتسمو‏ مصر‏ ويعلو‏ معها‏ أبناؤها‏، أغنياء‏ بتنوّعهم‏ أصحاء‏ بتعدديتهم‏.. ذلك‏ هو‏ درس‏ التاريخ‏.. وهذا‏ هو‏ التحدى‏ الماثل‏ أمامنا‏ اليوم‏ فى‏ مواجهة‏ تيار‏ يريد‏ أن‏ يختطف‏ هذا‏ الوطن‏ لحسابه‏.‏


الأنبا يوحنا قلتة نائب بطريرك الكاثوليك: الإخوان لم يكتشفوا خطيئتهم الكبرى حتى الآن
دور مشهود عرف به نائب بطريرك الأقباط الكاثوليك الدكتور يوحنا قلتة، فى غرس السلام الاجتماعى، عبر جمعية الإخاء الدينى.
قلتة وآخرون من الذين قضوا عمرهم فى رعاية الوحدة الوطنية، يشعرون الآن بخطورة حكم الإخوان على الوحدة الوطنية وعلى الوطن ذاته.
قلتة، فى حوار ل«الدستور الأصلي »، أبدى ملاحظاته على فكر الإخوان وحكمهم، عبر رؤية تاريخية ذكّرت بعصور اضطهاد الأقباط.
■ كيف ترى الأوضاع فى ظل حكم الإخوان؟
■■ أولا.. لا أحد يكره الإخوان أو يرفض الإخوان لأنهم إخوان، إطلاقا، لكننا نكره ونرفض ممارساتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والاستحواذ على كل مناصب الدولة، بدءا من الوزراء ومرورا بالمحافظين وانتهاء برؤساء المدن والأحياء والقرى.. فالإخوان مصريون، وهم أولادنا وإخوتنا وأولاد عمومتنا وخؤولتنا، فهم جزء من نسيج الوطن، لكن أثبتت الشهور الماضية، أنهم لا يديرون الوطن لمصلحة الوطن بل لمصلحة الجماعة.. ثانيا: فى اعتقادى أن خطيئة الإخوان الكبرى التى لم يكتشفوها حتى الآن، أنهم أهملوا ما يسمى ب«الوجدان التاريخى للشعوب»، ونسوا أن ما يحرك الوجدان التاريخى المصرى منذ سبعة آلاف سنة أمران هامان، ولن يتزحزح عنهما، لأنهما هبة من الله، أن الشعب المصرى متدين معتدل وليس متطرفا، ويتضح هذا منذ عهد الفراعنة،
■ البعض يرى أن الحالة المصرية تشهد تغيرا جوهريا، ولم يعد الأمر كما كان فى السابق، من أن القاعدة هى الاعتدال والاستثناء هو التطرف، بل نعيش اليوم حالة من التحزب الدينى والتخندق الهادف لتغيير ثقافة الشعب.. كيف ترى هذا؟
■■ هذه حالة عابرة.. ودعنى أقل لك، إن العالم الكاثوليكى لا يتيح للكاهن الزواج، للتفرغ للعبادة، وفى ذلك ما فيه من السيئات والحسنات، لكن الكنيسة القبطية لا تسمح برسامة كاهن غير متزوج.. هذه هى عبقرية المصرى، وهى تدرك أن طبيعة المواطن المصرى تختلف عن غيره من سائر البشرية.. ولك أن تسال أى مواطن مصرى مسلم، أنت سنى ولّا شيعى ولّا غير ذلك؟ سيأتيك الرد فورا «أنا مواطن مصرى».. فالمصرى، بطبيعته، لا يعرف تهميش الناس.. نعم، قد تهمش الحكومة الشعب كله.. لكن لا يقبل الشعب أن يهمش نفسه أو أن يهمش المواطن جاره.. فتجد فى نفس العمارة المواطن المسلم إلى جوار المسيحى، وتجد فى ميدان الأزهر الشريف محلات جرجس عبد المسيح، فى نفس الوقت الذى تجد حول الكاتدرائية محلات حسن وحسين، وهذه ظاهرة لا تجدها فى العالم.
■ البعض يرى أن الصراع القائم على الساحة السياسية هو صراع إسلامى-إسلامى، وهو ما قد ينتهى بنا إلى دولة شبه دينية، كيف ترى هذا؟
■■ لم تنجح الدولة الدينية فى العالم، سواء فى المسيحية أو فى الإسلام.. فالدولة الدينية تعنى تنفيذ شريعة الله إرغاما.. طيب يا أخى أنا مش عايز أدخل الجنة، وعايز أروح جهنم، إنت زعلان ليه؟ ليس لك عندى غير الالتزام بالقانون والعدالة وما تعارف عليه المجتمع.. وأقول لك شيئا، القرآن الكريم أعطى للإنسان حق الكفر فى قول الله تعالى «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر».. فإذا كان الله قد أعطانى الحق أن أؤمن أو أكفر، فتأتى إنتى يا دولة دينية وترغمينى على تطبيق شرع الله الذى لم أقتنع به، كيف هذا؟ ثانيا، لم تأت الأديان للسيطرة على الإنسان، بل لتحريره، والأنبياء والأديان جاءت لخدمة الإنسان.. لقد درست فى الكلية أن الإسلام ليس فيه كهنوت، وفى الحقيقة أننا لو نظرنا إلى الواقع الآن تجد فيه كهنوتا أكثر من المسيحية، أمال لبس «الملالى» ده إيه؟ أليس نوعا من الكهنوت؟.. شيوخ الأزهر.. أليسوا نوعا من الكهنوت؟ أنا واثق تماما أن الشعب المصرى قد يمر بمرحلة من الآلام والعذاب لافتقاد الحرية الدينية والحرية الشخصية تحت الضغوط الدينية، ولكن لن ينجح أحد، فقد حاول العثمانيون وكان الشعب المصرى وقتها 6 أو 7 ملايين نسمة، ولم يفلحوا، ولن يفلح غيرهم.
■ من منطلق اطلاعك التاريخى.. الفترة التى نعيشها حاليا، تشبه أى فترة فى تاريخ مصر؟
■■ تشبه فترة حكم المماليك، فقد استولوا على الحكم، وظنوا أن الشعب المصرى فى«جيبهم»، فاستعبدوه وأذلوه، ورغم أنهم كان لهم مساهمات فى الحضارة، فقد بنوا قصورا ضخمة ومساجد عظيمة، فإن تعاملهم مع الشعب المصرى على أنهم عبيد، كان بداية النهاية لهم، وجاء محمد على باشا و«كنسهم» فى مذبحة القلعة.
■ هل تتحول مصر إلى جزء من دولة خلافة كبرى؟
■■ لقد بدأ الرسول (صلى الله عليه وسلم) الدعوة للإسلام ونجح، ثم انتقل إلى الرفيق الأعلى دون أن يعين خليفة له، فاختار المسلمون أبا بكر الصديق، رضى الله عنه، ثم جاءت دولة بنى أمية.. ثم جاء العباسيون، لتستمر دولة الملكية-الوراثية.. نعم احتفظوا بلقب الخليفة. لكن، وأقول هذا على مسؤوليتى الشخصية، كان ذلك تقليدا للأباطرة فى ذلك الزمان، مثل إمبراطورية بيزنطة والقياصرة وتقليدا للبابوية فى روما، فكانوا فى حاجة إلى رئيس دينى لدولة المسلمين، هو أمير المؤمنين.. فالخلافة، فى حقيقة الأمر، ليست من أصول الإسلام، وليست من شرع الإسلام، وإلا كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) قد شرع إقامة خلافة بعده.
■ الفترة الحالية للأقباط فى ظل حكم الإخوان المسلمين.. تشبه أى فترة فى تاريخ مصر؟
■■ أقول لك حتى الآن، لم يتعمد الإخوان المسلمون المساس بالأقباط، فأنا أعرف الفكر الذى يدور حول الخلافة، وأعلم أن هناك تيارات لا ترغب فى وجود مسيحيين فى العالم الإسلامى، وهذا ليس فكرا جديدا، فقد كان هناك الخديو عباس الأول يكره الأقباط، وأراد أن يرحلهم إلى الحبشة، إلا أن شيخ الأزهر الشريف وقف ضده ومنع هذا المخطط، وأعتقد أن الإخوان لن يقدموا على مثل تلك الخطوة، وهم حتى الآن، لم يتعمدوا إيذاء الأقباط على الإطلاق.. وأقول لك: إن الأقباط ليسوا جالية وافدة و80% من المسلمين أصلهم أقباط، وعلى الجميع أن يتعامل مع الأقباط على أنهم جزء أصيل من هذا المجتمع.

المنظمات الحقوقية والدولية تحمّل مرسى وجهازه الأمنى مسؤولية الاعتداءات الطائفية
منذ وصول الرئيس الإخوانى إلى سدة الحكم فى 30 يونيو الماضى، واصلت تقارير المؤسسات الحقوقية الدولية والمحلية التى تدين الاعتداء على المواطنين المصريين بشكل عام وازدادت على وجه الخصوص فى ما يتعلق بالاعتداءات الطائفية على المواطنين المسيحيين، بداية من حادثة أغسطس 2012 بعد تولى مرسى مباشرة عندما تم تهجير الأسر المسيحية بقرية دهشور جنوب الجيزة وصولًا إلى الاعتداء على المقر البابوى بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية يوم7 أبريل الماضى، وبين الحادثتين وقعت مجموعة من الاعتداءات الطائفية لم تقع فى نفس المدة من حكم أى رئيس مصرى آخر ولا حتى المجلس العسكرى الذى استمر فى الحكم لمدة عام ونصف العام بعد 25 يناير 2011.


كان القاسم المشترك بين التقارير الحقوقية هو إدانة الدولة بأجهزتها، خصوصًا الأمنية، لفشلها فى حماية المسيحيين، وقال مسؤول ملف حرية الدين والمعتقد بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية إسحق إبراهيم، فى تقرير عن أحداث الواسطى صدر منذ أيام قليلة بعنوان «على هامش التوتر الطائفى بمدينة الواسطى: الشرطة تقوم بدورها حين تريد»، إن «قوات الأمن فشلت سابقًا فى أداء دورها الوقائى بالتنبّؤ بأجواء التوتر والشحن الطائفى والتدخل الاستباقى للحيلولة دون وقوع الاعتداءات، ثم بالفشل فى حماية الأرواح والممتلكات فى أثناء الاعتداءات وملاحقة المعتدين والقبض عليهم».

وأضاف إبراهيم «تبادرت إلى ذهنى تجارب مؤلمة عشتها وقصص موجعة من ضحايا الانتهاكات وتفاصيلها، انتهاكات واسعة تحدث فى حراسة قوات الأمن، تذكرت على الفور اعتداءات دهشور الطائفية يوليو 2012، عندما حذّرنا من خطورة أجواء التوتر الطائفى بالقرية، وطالبنا الجهات الأمنية بحماية الأقباط وممتلكاتهم، والتى جاء دورها ليس كما توقعنا بأن تتهاون مع المعتدين فقط، لكنها فشلت فى حماية الممتلكات وتركت المنازل التى كانت تحرسها غنيمة للمعتدين، بل طالبت قوات الأمن من المواطنين الضحايا العزل بالخروج من منازلهم فى الظلام: مَن يخاف على حياته وحياة أسرته فليغادر القرية، برسالة التحذير هذه هُجّر أقباط القرية إلى المجهول، بعد أن تركوا كل شىء يمتلكونه خلفهم».

وأوضح «تذكّرت عشرات الاعتداءات التى وقعت لكنائس فى ظل حراسة رجال الأمن وعدم تدخلهم لحمايتها، كما حدث فى أثناء حرق وهدم كنيسة قرية صول بمركز أطفيح (مارس 2011)، وحرق كنيسة العذراء بإمبابة (مايو 2011) والاعتداء على الكاتدرائية (أبريل 2013)».
وأشار تقرير منظمة العفو الدولية فى 27 مارس الماضى، عندما اندلعت أحداث الواسطى لأول مرة، إلى «ارتفاع حده التوترات الطائفية بين المجتمعات الدينية فى قرية الواسطى -نحو 100 كيلومتر جنوب القاهرة- فى الأسابيع الأخيرة، يسلط الضوء على تقاعس السلطات المصرية فى حماية المسيحيين الأقباط فى مصر، وهى أكبر أقلية دينية فى البلاد».
وأوضح التقرير أنه «انطلقت شرارة التوترات فى فبراير عندما تم إبلاغ السلطات باختفاء شابة مسلمة، وأفراد عائلتها والسلفيون المحليون -المسلمين السنة الذين يدعون إلى العودة إلى ما يعتبرونه مبادئ الإسلام الأساسية، كما تمارس من قبل المسلمين الأوائل- اتهموا كنيسة مارجرجس، بدعوى أنها قد أثّرت على المرأة، كى تعتنق المسيحية وهو الادعاء الذى نفتة الكنيسة».

وقال التقرير «قال سكان محليون إن قوات الأمن تقاعست عن التدخل وأنه فى معظم الحالات، مراكز الشرطة رفضت تسجيل الشكاوى، وقال أحد السكان لمنظمة العفو الدولية: إن رئيس مديرية الأمن ورئيس مباحث الأمن العام قال له إن تقديم الشكاوى لن يؤدّى إلا إلى إشعال المزيد من التوترات، ونصحه بالمتابعة فى سبيل المصالحة». وأوضح التقرير أنه «وفقًا للمعلومات المتاحة، لم تتم أى اعتقالات أو أى تحقيق لمعرفة مَن هو المسؤول».

وذكر التقرير أن منظمات حقوق الإنسان ومن ضمنها منظمة العفو الدولية، بمرور الوقت قامت بتوثيق نمط من التمييز ضد المسيحيين الأقباط فى مصر، تحت حكم حسنى مبارك، تم توثيق ما لا يقل عن 15 حادثة رئيسية ضد الأقباط، والوضع لم يتحسن فى ظل المجلس الأعلى للقوات المسلحة (SCAF) الذى حكم البلاد بين سقوط مبارك وانتخاب مرسى. وفى عام 2013، أفاد نشطاء الأقباط المسيحيون أنه لا يقل عن أربع هجمات على الكنائس أو المبانى التابعة لها، بالإضافة إلى الواسطة، تجرى فى محافظات أسوان، وبنى سويف، والقاهرة، والفيوم. وكان رد السلطات على أعمال العنف ضعيفًا، فى أحسن الأحوال. وفى كثير من الأحيان كان يفضل «المصالحة» على ملاحقة الجناة كوسيلة للتصدى للعنف الطائفى.

بينما طالبت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحكومة المصرية ب«معالجة العنف الطائفى المتكرر، وضمان إجراء تحقيقات جادة وتعديل القوانين التمييزية». فى التقرير الذى نشرته عن أحداث الخصوص والكاتدرائية. وقالت «على السلطات المصرية تقديم المسؤولين عن العنف الطائفى الذى أودى بحياة 5 مسيحيين ومسلم واحد يوم 5 أبريل 2013 فى الخصوص، إلى العدالة. وعلى السلطات أيضًا التحقيق فى إخفاق الشرطة فى التدخل الفعال لمنع تفاقم العنف أمام الكاتدرائية القبطية فى القاهرة يوم 7 أبريل، بعد القداس الجنائزى على أرواح المسيحيين المقتولين فى الخصوص»، مؤكدة أنه «نادرًا ما تخضع الاشتباكات بين المسلمين والمسيحيين الأقباط، وهم أكبر الأقليات الدينية فى مصر، للتحقيق والمحاسبة»، وأضاف التقرير أنه «وقعت على الأقل خمس حوادث عنف طائفى بين المسلمين والمسيحيين منذ تسلم الرئيس مرسى السلطة فى يونيو 2012، إلا أن النيابة بدأت التحقيق فى حادثة واحدة، وقعت فى دهشور جنوبى القاهرة فى يوليو 2012، ولم يؤد حتى هذا التحقيق إلى ملاحقات قضائية. ومنذ صار الرئيس محمد مرسى أول رئيس مصرى منتخب على نحو ديمقراطى، لم تتخذ السلطات أى خطوة للتحقيق فى حوادث العنف الطائفى الخطيرة المرتكبة فى عهد الحكم العسكرى السابق، ولا فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك».

وانتقد التقرير القانون المصرى وقال عنه إنه «يميز ضد المسيحيين إذ يحظر ترميم أو إنشاء الكنائس إلا بمرسوم رئاسى، وهو الشرط الذى لا ينطبق على الأديان الأخرى ودور عبادتها. ولطالما كان هذا مصدرًا للتوتر بين المسلمين والمسيحيين.

كما ذكرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية فى تقرير عن أحداث دهشور يوم 7 أغسطس 2012. وقال التقرير عن نتائج تحقيقات المبادرة فى الاعتداءات الطائفية التى تعرضت لها منازل وممتلكات مسيحيى قرية دهشور الكائنة بمركز البدرشين، والتى وقعت مساء الثلاثاء 31 يوليو 2012، إن «المبادرة أدانت فشل الأجهزة الأمنية فى منع الاعتداءات قبل وقوعها رغم التحذيرات المتكررة من ارتفاع حدة التوتر الطائفى والتهديدات التى تعرض لها مسيحيو القرية على مدى الأيام السابقة للاعتداءات.

إكرام لمعى يكتب: الإخوان والمسيحيون



ترجع العلاقة بين الإخوان والمسيحيين منذ تأسيس الجماعة على يد حسن البنا فى الإسماعيلية عام 1928، حيث كان البنا يرى أن المؤسسات الكنسية الخدمية من مدارس ومستوصفات تخدم الفقراء، وكانت رؤيته إقامة جماعة دعوية تدعو إلى الإسلام الصحيح، أى أنه كان يريد أن يقوم بعملية إصلاح تشبه الإصلاح الدينى الذى وقع فى أوروبا فى القرون الوسطى، فقد رفض أن يكون الأزهر يمثّل كهنوتًا للإسلام، وهاجم شيوخ الأزهر، لأنهم يداهنون السلطان، وفى ذات الوقت هاجم الصوفية، لأنها تغيّب عقل المسلم عن الإصلاح الاجتماعى وعن بذل الجهد الحقيقى بادعاء الروحانية.

وهذه نفس مبادئ الإصلاح الإنجيلى التى رفضت الكهنوت، ورفضت أيضًا التغييب الروحى، وفصلت بين السياسة والكنيسة، واعتبرت حركتها علمانية مقابل الكهنوت، وقد عبّر حسن البنا عن حركته بأنها «حركة أفندية» مقابل طبقة رجال الدين الأزهريين، وكان قبول الآخر مهما يكن لا يمثل لحسن البنا مشكلة، وقال مقولته الشهيرة «دعونا نعمل معًا فى ما نتقق عليه ونعذر بعضنا بعضًا فى ما نختلف عليه»، لكن ما حدث بعد ذلك كان عجيبًا حيث عضدت السفارة البريطانية حسن البنا بخمسة جنيهات إسترلينية شهريًّا وهو مبلغ لا يستهان به فى ذلك الوقت.

كذلك سافر البنا إلى السعودية وتقابل مع قيادات الحركة الوهابية، وبعدها عاد إلى الوطن ليعمل بالسياسة، فبعد أن كان يعمل لأجل الأخلاق الحميدة بدأ يتصدّى للفساد السياسى، حسب وجهة نظره، وبدأ اصطدامه بالقصر أحيانًا وبالإنجليز أحيانًا أخرى، ثم وقع مصرع وزير الداخلية النقراشى على يد الجناح العسكرى للإخوان، دون علمه، مما دعاه لأن يصدر بيانًا بعنوان ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين، وقد أدّى كل ذلك فى النهاية إلى مصرعه.

وحتى هذه اللحظة، لم تكن هناك ردود فعل مسيحية واضحة تجاه الإخوان، ذلك لأنه قبل ثورة يوليو كانت الحياة الديمقراطية النسبية تعطى بعض الطمأنينة، لكن ما أخاف المسيحيين من الإخوان كان الدولة، والتى أعلنت أن حريق القاهرة كان من صنع الإخوان، ونسبت معظم الاغتيالات إليهم. وفى زمن عبد الناصر أراد أن يقضى على الإخوان كما همّش المسيحيين وانصهرت كل القوى والتيارات فى مشروعه القومى، وبعد هزيمة 1967 بدأت عودة الإخوان وبقوة فى الجماعات الإسلامية التى خرجت من عباءتها، وكان تشجيع السادات لهم مع اصطدامه بالكنيسة سبب توتر ضخم بين الكنيسة والدولة وخوف ورعب من الإخوان والجماعات.

وفى عهد مبارك استخدم الإخوان كفزاعة للغرب وأمريكا وللمسيحيين، ففى كل حادثة طائفية كان رجال مبارك يميلون كثيرًا على المسيحيين ويظلمونهم من خلال الجلسات العرفية ويوحون للكنيسة والمسيحيين بأنهم يفعلون ذلك خوفًا عليهم من الإخوان إذا أطلقوهم عليهم.

ولقد استمر تضخيم فزاعة الإخوان للغرب للحصول على مميزات للرئاسة والدولة، ومنها عملية التوريث، وللمسيحيين للضغط عليهم بطريقة أو أخرى حتى إن حادثة كنيسة القديسين قيل إنها من تدبير رجال أمن مبارك، كل هذه السياسات جعلت المسيحيين يشعرون بالقلق الشديد والرعب من الإخوان، رغم أنهم على المستوى الفردى كانوا يتعاملون مع المسيحيين بصورة جيدة ومعتدلة عن الجماعات الإسلامية والسلفيين، إلا أن الشائعات التى كانت تصدر من الدولة والإعلام على أساس أنهم منظمون تنظيمًا دقيقًا، ومسلحون وسياسيون من الدرجة الأولى ولديهم علاقة خارجية متميزة ورائعة مع الغرب والشرق، كانت كلها تصب فى خانة ترويع الغرب وترويع المسيحيين.
لكن بعد وصول الإخوان للحكم فوجئ المصريون المسيحيون منهم والمسلمون، وكذلك العالم الخارجى أن تنظيمهم الدعوى لا يصلح إطلاقًا لقيادة دولة، وأنه ليست لديهم أى خبرات سياسية حقيقية تؤهلهم لهذا العمل، فالإخفاقات العديدة لهم التى سواء فى السياسة الخارجية التى لا يعلم أى مراقب أو متابع لأى اتجاه يريد الإخوان أن يتجهوا.

فالزيارات لأماكن متناقضة والحديث عن القروض أمر مخجل وكأن السياسة الخارجية لأجل جلب الأموال، وهذا الإحساس بالمهانة لم يشعر به المصريون من قبل فى أى عصر من العصور بل والإحساس بالمرارة وخيبة الأمل بسبب فقد الأمان وعدم وضوح أى رؤية سياسية للقيادة، فمعظم الخطب والأحاديث والتعليقات القادمة من الرئاسة مجرد شعارات وكلمات رنانة، لكنك لا تشعر بأن هناك شيئًا ما يمكنك أن تمسكه بيدك أو تفهمه بعقلك، بهذه النتيجة اطمأن المسيحيون على أن الإخوان ليسوا بالقوة التى كانوا يتصورونها.

خصوصًا وقد وضح اتفاقهم مع أمريكا ومهادنتهم لإسرائيل وتنكرهم لكل شعاراتهم السابقة النارية ضد الصهيونية وإسرائيل، لكن الخوف الحقيقى للمسيحيين اليوم هو من حالة الفوضى الضاربة وضعف الأمن والاقتصاد المتدهور وثورة الجياع القادمة مع عدم وجود نظام سياسى قوى يحفظ مصر من الانهيار وهو خوف المصريين جميعًا وتطلعهم إلى الجيش لكى يحل المشكلة، لكن الجيش لن ينزل إلى الشارع إلا فى حالة الحرب الأهلية وساعتها لن يفيد فى شىء، ودليلنا على ذلك الموقف السورى.
صفوت البياضى رئيس الكنيسة الإنجيلية: الإخوان ليسوا فى انسجام مع بقية المسلمين.. وانحياز مرسى إلى فريق دون الآخر خيانة للأمانة
الأقدار وحدها قادت القس الدكتور صفوت البياضى، إلى رئاسة الكنيسة الإنجيلية بمصر، ليكون شريكا وشاهدا على مساهمات تلك الكنيسة الوطنية فى أحداث الثورة، حيث وضعتها الأقدار أيضا، فى بؤرة الحدث، بجوار منبع الثورة «ميدان التحرير».. الدكتور البياضى فى السطور التالية يطرح أفكاره حول الأزمات التى تشهدها مصر خلال حكم الإخوان، ويسرد آراءه فى السياسة المتبعة حاليا.

■ انطباعك عن الوضع العام فى مصر وهل أنت قلق؟
■■ القلق شىء طبيعى للإنسان، وهناك فرق بين القلق الصحى والقلق المرضى، فإذا تجاوز القلق حدوده تحول إلى مرضى، ونرجوا أن لا نصل إليه، ولا شك أن أى مواطن يقلق من أجل بلده، خصوصا مصر بتاريخها وتراثها وتركيبتها المختلفة عن كل المنطقة التى حولها، ففى لبنان سنجد منطقة للمسيحيين ومنطقة للمسلمين، لكن فى مصر لن نجد بيتا أو شارعا أو قرية خالية من المسيحيين أو المسلمين، فالنسيج المصرى متماسك ومتداخل ومتشابك جدا، التاريخ واحد والمصير واحد، من 640 سنة ميلادية دخل الإسلام، وقبله بنحو 600 عام دخلت المسيحية، منذ القرن الأول الميلادى، والمسلمون دخلوا على المصريين وحدث تزاوج وارتباط عائلى، ولو نظرنا لكثير من المسلمين وشجرة عائلاتهم سنجد الاسم الأخير جرجس، وأى محاولة لتفكيك هذا النسيج أعتقد أنها صعبة بل مستحيلة، وفى نفس الوقت المجتمع لا يقبلها.

إخوتنا الإخوان ليسوا منسجمين مع بقية المسلمين، بل فصيل يحاول فصل النسيج الإسلامى عن بعضه، وقلتها مرة فى اجتماع عام كان فيه الإخوان، قلت لهم «أعترض على اقتصار الإخوة على فريق من المصريين، لماذا ليس كل المسلمين وكل المسيحيين ليسوا إخوة فى الوطن والجيش والدم»، فالمرحلة التى نحن بها هى محاولة خلق جسم مختلف فى المجتمع وأعتقد أنها لن تنجح فلن يقبلها المسلم المعتدل ولن يقبلها المسيحى، وهذه رسالة للحاكم والمحكوم أن يراعى طبيعة هذا البلد وأنه من الصعب عزل هذا المجتمع عن بعضه، محاولة قسمة البيت الواحد هى ظاهرة غير صحية، وعندنا تعبير فى الكتاب المقدس «المملكة المنقسمة على ذاتها تخرب»، وكذلك المجتمع إذا انفصل لا يمكن أن ينجح.
■ هل متخوف على المسيحيين ومستقبلهم فى ظل حكم الإخوان.. خصوصا أننا نسمع عن هجرة عدد كبير منهم عقب الثورة؟
■■ أعتقد أن محاولة الهجرة قائمة منذ القدم وسببها ليس الخوف، ولدينا قطاع كبير من المصريين لم يهاجروا لكنهم يعملون بالخليج، هى مساحة الرزق وفرص العمل الضيقة، وأى إنسان يريد أن يعيش عيشة كريمة سيترك البلد سواء للخليج أو للدول الأوروبية أو لدول المهجر، سواء أستراليا أو كندا أو أمريكا، هذا حلم ليس فقط للمسيحيين، والبعض حاولوا السفر وفشلوا، الآن أصبحوا يجدون تعاطفا من بعض الدول لأن لديهم مشكلات، وحدث هذا فى العراق، بسبب الاعتداء على المسيحيين، فعدد كبير منهم ترك العراق.
■ كل ما صدر عن المنتمين إلى التيار الدينى، سواء فى عدم تهنئة المسيحيين بالأعياد وظهور ما يسمى ب«هيئة الأمر بالمعروف» وغيرها.. ألا يشعرك بالقلق؟
■■ اعتدت أن أنظر للأمر حسب قاعدة «تكلم حتى أراك»، أحباؤنا من جماعة الإخوان، خسروا أكثر مما كسبوا، فى البداية ونحن نعمل معا فى الدستور لم نشعر بما يجرى الآن، لكن لما ابتدوا يقولوا إن فلان من دولة أخرى أهم، ويضعون مادة فى الدستور بأن القاهرة عاصمة الجمهورية ويجوز اختيار عاصمة أخرى، فمعناها أنك لا تفكر فى مصر بل تفكر فى باكستان وأفغانستان، وحماس.. حتى الاتحاد الأوروبى فهناك فواصل وقيم خاصة بكل دولة رغم أنهم فتحوا الحدود على بعض، فمن الخطأ الإقدام على فكرة فتح الحدود بلا قيود فى وقت أنت غير مستعد فيه ولا تقف على أرض صلبة سياسيا أو اقتصاديا، ولا بد لكى ندخل فى شراكة أن نكون فى نفس المستوى.
■ ماذا تفسر الاعتداء على المقر البابوى تحت مرأى ومسمع من الشرطة؟
■■ ما أرعبنى فى هذه الأحداث هو سقوط القانون، لأن هذا حدث أيام نجع حمادى والكشح، وأبو قرقاص، وحادثة القديسين بالإسكندرية، وقمة الاعتداء أنه يتم على المقر البابوى وهو رمز، مثلما اعتدوا على الأزهر، لكنه لم تصل إلى حد ضرب النار والقتلى.. والأخلاق علمتنا لما نشوف ميت ننزل نترك السيارة ونقف للجنازة، وفى القرية عندما تمر جنازة سواء مسلم أو مسيحى يقف الجميع احتراما للميت الذى لا يعرفونه، لكن بقيمنا وأخلاقنا هذه وصلنا إلى ضرب جنازة والاعتداء على الكاتدرائية، فى غيبة الأمن.. لكن هذا تحت بند «تكلم حتى أراك»، طلع كل المواهب التى عندك، كنت فى الأول تختبئ بجانب الحائط وتقول أنا أخوك والآن اظهر على حقيقتك، فالشعب المصرى ذكى ويستطيع أن يفرز من الذى يبكى على البلد ومن الذى يبكيه، كل هذه التجاوزات أعتقد أنها أثرت سلبيا على الهيئة الحاكمة وعلى الجماعة التى كنا ننتظر أن تطبق القيم الدينية تطبيقا صحيحا.
■ ما رأيك فى بيان وزارة الأوقاف بمنع التعامل مع الكنيسة الإنجيلية، وماذا أضاف لقاؤكم مع وكيل الوزارة بمقر الطائفة؟
■■ فى حوار على إحدى القنوات، قال أحد القيادات الدينية بمدينة طنطا للشيخ الذى أصدر هذا القرار «لن نأخذ به ولن نقبله، ولن نقاطع الكنيسة الإنجيلية»، وبالفعل لم يقبل الأئمة والدعاة المستنيرون هذا القرار، الذين أخذوا القرار يبدو أنهم حديثو عهد بالوزارة ولا يعرفون أن هناك اتفاقية بين الوزارة والهيئة القبطية الإنجيلية بوصفها جمعية مسجلة فى الشؤون الاجتماعية، ولا تخضع للكنيسة وتعمل مع المجتمع ككل، ومن الممكن تفسير القرار بأن البعض مستمتع ببعض اللقاءات التى يشارك فيها، والبعض الآخر لا يسافر مثل الآخرين، فقالوا يبقى نحدد من يسافر ومن لا يسافر، مثلما يحدث الآن مع القضاء، وهو فساد يصل إلى الرأس وإذا فسد القضاء فسد المجتمع كله، إذا أخرجت 3500 قاض من قمم القضاة فى المحاكم العليا، فستقضى بذلك على ذراع العدالة التى يستند إليها الناس.
■ هل الكنيسة أو الهيئة الإنجيلية صدر منهما شىء غير المتفق عليه مع وزارة الأوقاف؟
■■ لا إطلاقا، ورأوا بأنفسهم نماذج الخطابات عندما نطلب منهم بعض الأئمة للسفر معنا إلى ألمانيا أو غيرها، فيردون علينا إما بالموافقة وإما بتغيير الأسماء، ولهم مطلق الحرية، فما الجديد فى هذا الموضوع؟!
■ وكيل وزارة الأوقاف قال هنا فى مقر الطائفة فى أثناء لقائه معكم إنه سيتم وضع بروتوكول جديد لتنظيم التعاون بين الكنيسة والوزارة.. لكن انتهى اللقاء دون وضع بروتوكولات، وقال إنه سيدعو حضرتك لزيارة الوزارة لوضع البروتوكول.. فما تعليقك؟
■■ هل تعرف حكاية الرجل الذى كتب على باب محله «غدا الحلاقة مجانا»، فذهب له واحد فى اليوم التالى وقال له «اليوم مجانا» فرد «اقرأ اللافتة جيدا قلت لك غدا وليس اليوم»، مجرد كلام فلغتنا ثرية وأستطيع أن أقول لك كل ما أريد أن أقوله وفى الآخر لا جديد.
■ لكنك أشرت إلى محاولة الاعتداء على القضاء.. ألا يخيفك هذا؟
■■ لو لم تحدث كل هذه الأحداث كنا سنظل على عمانا ولن أعرف أخى من ابن عمى، وكل واحد يطلع المواهب التى عنده وإما أن يغيروا المسار، يا الناس هتقول كفاية لحد هنا، الشعب المصرى ليس غبيا ولديه خبرة، ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، وإذا كثرت اللدغات لن تكون فى مصلحة من يلدغ.
■ هل ترى أن الاعتداء على الكاتدرائية وبيان منع الأئمة من التعامل مع الكنيسة الإنجيلية نوع من العقاب على الانسحاب من «التأسيسية»؟
■■ الكنائس لم تنسحب بمفردها، بل كل التيار المدنى انسحب، لأنه لم يكن أمامنا حل آخر، وثبت أن الذين انسحبوا كانوا على حق، بدليل أن الرئيس دعا إلى حوار حول تعديل المواد الدستورية، وهو اعتراف كامل من الرئيس الذى مضى على الدستور بأن هذا الدستور يحتاج إلى تعديل، وتعهد بإجراء تعديل عليه.
■ بماذا تفسر عدم زيارة الرئيس للكنيسة؟
■■ الرئيس فى العيد الماضى اتصل بالتليفون وهنأنا وأرسل مندوبا عنه، لكن إخضاع السياسة لقواعد دينية نختلف عليها، ولا يصح أن يقود كل واحد المجتمع وفقا لعقيدته.. فالدولة هى المظلة التى يقف تحتها الجميع ليحتمى بها، لكن إذا قسمناها ستتمزق ولن تصلح لأحد.. لما تقاطعنى هذا يسىء إليك ولا يسىء إلىّ أنا، خصوصا أنك موظف عام، وأنك أقسمت أن تكون رئيسا لكل المصريين، وجميع المواطنين لهم حق عليك، لكن إذا انحزت إلى فريق دون فريق تكون قسمت المجتمع وخنت الأمانة.. وأنت مسؤول وعليك أن تعرف أن الكرسى لا يدوم لأحد لأنه لو دام لغيرك ما جاء إليك.. لما تعيد على المسيحى أو المسلم فهذا يكون بصفتك وليس طبقا لانتمائك الحزبى أو الدينى.

أمريكا دعمت القضية القبطية فى ظل حكم مبارك وتجاهلتها فى عهد مرسى
فى الماضى القريب، كانت تقارير الإدارة الأمريكية فى ظل حكم مبارك، عنيفة وقوية تجاه القضية القبطية، وكانت تقارير لجنة الحريات الدينية فى الكونجرس الأمريكى، دائما ما تلقى صدى واسع النطاق.

مع قيام الثورة، ظلت القضية القبطية فى دائرة اهتمام الإدارة الأمريكية، واتضح ذلك فى رد فعلها عقب أحداث كنيسة «صول» فى حلون فى 4 مارس 2011، وأحداث إمبابة فى مايو من العام ذاته، ثم أحداث ماسبيرو فى 9 أكتوبر.

مع وصول الإخوان إلى الحكم، بفوز محمد مرسى برئاسة الجمهورية فى 24 يونيو 2012، ومد الإخوان جسور التواصل مع الإدارة الأمريكية، شهدت الساحة تراجعا ملحوظا من الإدارة الأمريكية فى دعمها للقضية القبطية، حتى إن تصريحات المسؤولين بها حول أحداث الفتنة الطائفية الأخيرة فى مدينة الخصوص كانت على استحياء شديد، رغم أن فترة حكم الإخوان شهدت أحداث فتنة كبرى وهى أحداث الخصوص التى انتهت بوفاة تسعة أقباط وأحداث الكاتدرائية، التى شهدت -لأول مرة- تعدى قوات الأمن على مقرها.

يرى عديد من النشطاء والمتابعين، أن الإدارة الأمريكية تخلت عن القضية القبطية، مؤقتا، لأن الإدارة المصرية، ممثلة فى نظام حكم الإخوان، حققت لها مصالحها بتهدئة الأوضاع بين إسرائيل وحماس.

محللون يرون أن الإدارة الأمريكية لا يهمها القضية القبطية ولا قضية حقوق الإنسان، لكنها تسعى إلى تحقيق مصالحها، ومستعدة للتعاون مع أى نظام، أيا كان، ما دام سوف يحقق المصالح الأمريكية داخل مصر وفى المنطقة.

رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائى، محمد زراع، قال: إن «أوضاع الأقباط فى مصر تتحول من سىء إلى أسوأ، من حيث استمرار التهميش والمعاناة، وزاد الأمر سوءا بالانتهاكات الضخمة التى يمارسها المتشددون الإسلاميون والمواطنون العاديون، الذين انتقل إليهم فيروس التشدد واضطهاد الأقباط».
زارع أضاف: «مصالح الدولة الأمريكية أهم من قضايا حقوق الإنسان»، مدللا على ذلك بفترة حكم حسنى مبارك.

وقال: «شهدت فترة حكم مبارك عديدا من الانتهاكات فى حالة حقوق الإنسان والقضية القبطية، ومع ذلك، صمتت الإدارة الأمريكية ولم تتدخل إلا فى إطار حسابات تخص المصالح الأمريكية داخل مصر وفى المنطقة العربية»، مشيرا إلى أن الإدارة الأمريكية كانت تعتبر مبارك صديقا لها ويحقق لها مصالحها، وهو ما كان يتطلب منها غض الطرف عنه وعن الانتهاكات التى تقع داخل مصر.

وأكد زارع أن الإدارة الأمريكية لها حساباتها ومصالحها مع الإخوان المسلمين، وملف حقوق الإنسان لن يكون له وزن لديها، ما دام الإخوان يحققون المصالح الأمريكية، سواء بإقرار التهدئة بين حماس وإسرائيل أو فى الملف السورى أو الملف الإيرانى.

وأوضح أن أمريكا لم تتخل عن القضية القبطية، لكنها تتجاهلها، كما تتجاهل قضايا حقوق الإنسان، «لأن هذا ليس مطلوبا وليست فى حاجة إليه فى الوقت الحالى».

مدير المركز العربى لاستقلال القضاء والمحاماة، ناصر آمين، قال: «كانت أحداث الفتنة الطائفية فى الماضى، تلقى رواجا واهتماما واسعا من قِبل الرأى العام، لأنه لم يكن غيرها على الساحة، أما اليوم فإن أمريكا وكثيرا من الدول الخارجية ترى أن مصر لا تزال فى مرحلة انتقالية، ولا يجوز أن تتشدد فى التعليق ومتابعة الأحداث الداخلية».

آمين استدرك بأن كلامه لا ينفى أن الإدارة الأمريكية تتعامل مع الأحداث الداخلية بمكيالين، وأوضح «أنه لا توجد مواقف ثابتة للإدارة الأمريكية تجاه قضايا حقوق الإنسان، لكنها تستخدمها من وقت إلى آخر وفقا لمصالحها، وأكبر دليل على ذلك، الحالة السعودية»، مشيرا إلى أن ملف حقوق الإنسان فى السعودية به العديد من الانتهاكات الجسيمة، ولم تجرؤ الإدارة الأمريكية على فتح هذا الملف، بسبب مصالحها مع نظام الحكم فى السعودية. مدير مؤسسة النقيب للتدريب وحقوق الإنسان، صلاح سليمان، قال: «أتصور أن التفاهمات التى تمت بين الإخوان المسلمين والإدارة الأمريكية قد تؤثر مستقبلا على ملف حقوق الإنسان، وعلى التمويل المقدم إلى منظمات حقوق الإنسان، لأن التوصل إلى تفاهمات من شأنها الحفاظ على المصالح الأمريكية فى الداخل وفى المنطقة، وسوف يؤدى هذا إلى تجاهل أمريكا لقضايا حقوق الإنسان، وإن نظرت لها وقررت استمرار التمويل لمنظمات حقوق الإنسان فسوف يكون فى إطار من الاتفاق مع الإخوان المسلمين».
الدكتور أحمد كمال أبو المجد: مرسي عليه أن يزور الكنيسة.. ومن حق الأقباط أن يخافوا








كيف ينظر المفكر الإسلامى الدكتور أحمد كمال أبو المجد إلى وضع الأقباط تحت حكم الإخوان؟ وكيف يفسر أداءات الجماعة المناهضة للآخر المختلف معها؟ وكيف يستقبل رفض دخول مرسى الكنيسة وتهنئة البابا؟ الدكتور أبو المجد يرى أن خوف الأقباط من حكم الإسلاميين مبرر، خصوصا أن تصرفاتهم لا علاقة لها بالدين الإسلامى. وأوضح أبو المجد فى حوار خاص ل«الدستور الأصلي » أن على مرسى أن يزور الكنيسة، لأنه «ليس أكثر إيمانا من سيدنا عمر بن الخطاب». وعبّر المفكر الإسلامى عن حزنه الشديد لمشاهدة إلقاء الغاز على الكاتدرائية الكبرى بالعباسية «لأنها رمز لا يجوز المساس به» هكذا علّق.. وفى نص الحوار عديد من التفاصيل.

■ كيف ترى أحداث الفتنة الطائفية التى تفجرت مؤخرا؟
■■ هى امتداد لشر بدأ منذ فترة، وهناك تقصير من كل الأطراف فى هذه القضية. الإخوة الأقباط فى مصر لهم حقوق لا ينكرها أحد، والمسلم الذى لا يعرفها إسلامه ناقص. انظر لآيات القرآن التى امتدحت المسيحيين: «وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ». والآية الأخرى تقول: «وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل».. وهنا مدحته ومدحت الإنجيل وإلا لم يذكر الإنجيل من الأساس. ويكمل فى قوله تعالى: «وجعلنا فى قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة»، قل لى أين ذكر عيسى عليه السلام بهذا الكلام الطيب فى دين سماوى آخر؟ ثم عندك آية آخرى تقول: «آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ».

■ ما شعورك حين شاهدت إلقاء قنابل الغاز على الكاتدرائية؟
■■ حزنت واعتبرت هذا مخالفة صريحة لتعاليم الإسلام، عمر بن الخطاب رفض أن يصلى فى كنيسة القيامة حتى لا يتخذها المسلمون للصلاة، احتراما لأهل الكتاب الذين لهم منزلة خاصة جدا.. فكلمة غير مسلم ليست كافية، إذا كان من أهل الكتاب يجوز أن تزاوج نساءهم، ويحوز أن تأكل معهم.. لكن حين تذهب لمشركين أو هندوس فلا، لأنهم ليسوا أهل كتاب.. فكونك عملت تصنيفة معينة لأهل الكتاب فأنت وقعت فى خطيئة كبيرة، والنبى قال: «يرحم الله أخى موسى أوذى كما أوذيت».. ضع هذه الصور بجانب بعضها ستجد أن هذا دين عالمى.. وأقول لك لماذا أجاز الإسلام الزواج من مسيحية ولم يجز زواج المسلمة من مسيحى؟ لسبب بسيط، نحن معترفون بسيدنا موسى وسيدنا عيسى، إنما المسيحى غير معترف بالإسلام.. فهل أضع الزوجة والأولاد فى يد واحد لا يعترف بالإسلام، بينما أنت لو مسلم تعترف بموسى وعيسى.. وهذه الخناقة بفعل فاعل للوقيعة بين المسلمين والمسيحيين فى مصر الذين عاشوا فى سلام سنين طويلة، وتقصير منا فى حل هذه المشكلة بالحل القانونى الأمثل.

■ كيف ترى بيان الدكتور عصام الحداد الذى حمّل الأقباط أسباب أحداث الكاتدرائية؟
■■ هذا أمر غير مقبول.. ناس مضروبين تقول إنهم كسروا، ما هو ده رد فعل نتيجة تراكمات قديمة، أنا شفت ناس فى كندا مهاجرين بيقولوا كنت متقدم لوظيفة وتركونى وعينوا مسلمين، لا يقبل منك هذا، كمسلم تخالف الإسلام وتضطهد المسيحيين أو تظلمهم، «من آذى ذميا فقد آذانى».
■ الوسط القبطى بدأ ينظر لعصر مبارك كعصر ذهبى بالنسبة إلى القضية القبطية مقارنة بعصر مرسى؟
■■ عشان الاستقرار وأنا فى مجلس حقوق الإنسان فى آخر سنوات مبارك اتظلموا وانضربوا واتقتل منهم بتوع الحبشة فى ميدان مصطفى محمود، لذا لا تقارن نظاما مستقرا بنظام فى حالة انفلات، هل نحن اليوم وصلنا إلى النظام؟ فى الحقيقة لا، أنا غير آمن على أولادى وهناك انفلات فى المجتمع.
■ لكن هناك شعور دفين برفض الحكم الإسلامى؟
■■ من إيه؟ من تصرفاتهم.. هؤلاء الأولاد لو كانوا بذكاء مصحوب بإخلاص كانوا توقفوا عن الكلام عن الإسلام، لأنك تحتاج إلى فترة لتطمئن الناس، تقوم تطلع لى واحد يسب ويلعن. سوف أروى لكم قصة طريفة، كنت داخل مجلس الشورى ووجدت واحدا بلحية يبدو أنه صرف عليها مبالغ طائلة من تحت برتقالى فاتح، ومن فوق أسود على أبيض، وأنا لم أعرفه ولم أستطع أن أمنع نفسى، فهزرت معاه وقلت: أنت مرتكب جريمة يعاقب عليها القانون، ده أنت بتقلد ألوان العلم المصرى فيها الأحمر والأسود والأبيض، فأنت مرتكب جريمة، وقلت له: نفسى أعرف صرفت عليها قد إيه؟ هو فاكر حضرته هيدخل الجنة بهذه اللحية، وإحنا هندخل الجنة بأعمالنا، الله يرحمك يا شيخ غزالى كان وكيل وزارة الأوقاف وذهب للجزائر وقالوا أنتم ترسلون لنا مبعوثين من الأزهر للتدريس ولا يربون ذقونهم، فقال: والله عجبت هذه التقوى التى يزيلها حلقها، يعنى هذا إذا حلق ذقنه أزيلت التقوى.
■ تقييمك لتعامل رئاسة الجمهورية مع أزمة الكاتدرائية؟
■■ فيه بطء إيقاع، الحوادث تحركت ورد الفعل بطىء، الأمر الثانى كان لا بد أن يكون أشد وضوحا، مرسى حينما حضر معنا فى مكتبة الإسكندرية والأجانب كلهم موجودون، قال كلاما جيدا، كنت أتمنى أن يقال ثانيا وثالثا ورابعا.
■ الرئيس مرسى حتى الآن لم يزر الكنيسة التى مرت بموت البابا شنودة ومجىء البابا تواضروس وعيد الميلاد فى يناير الماضى؟
■■ لازم يزورها.
■ لكن البعض يظن أنه يتعامل مع الكنيسة بشكل طائفى؟
■■ هيكون أكثر إيمانا من عمر بن الخطاب الذى رفض الصلاة فى كنيسة القيامة، حتى لا يعتقد المسلمون أنها مباحة لهم، ده هم محميين بالدولة المسلمة، التى لا تكون مسلمة إلا إذا وفرت لهم الحماية الواجبة، أو إذا ساوت فى المعاملة، لذلك من الكلمات القليلة النادرة للشيخ محمد عبده: «وليس فى الإسلام ما يسميه القوم ثيوقراطيك»، فكرة الدولة الدينية غير موجودة فى الإسلام، وإلا دلنى هنأخذ من نظام أبو بكر أم عمر ولّا الحكمة الإلهية، فالنظام اختلف من خليفة لآخر، ده اجتهاد، إنما الدولة المدنية باختيار الشورى، المشاورة والمناقشة بالحوار حول القضايا.. لماذا لا نفعل ذلك لأننا لا نفهم الإسلام ولا نريد فهمه.
■ هناك مشكلات يعانى منها الأقباط منذ زمن طويل، مثل قضية بناء الكنائس، لماذا تصر الدولة على البقاء على تلك المشكلة دون حل؟
■■ السادات كان ذكيا لما توفى الملك فيصل أعلن الحداد شهرا، بعد 5 أيام طلبنى فى بيته وكنت وزير إعلام.. قال لى: يا كمال الناس زهقت وعايزة تسمع أغانى، فأنت من سكات من غير ما تعلن شىء رجعها شوية بشوية دون أن تعلن شيئا، وأدرك أن الناس تنكدت، وقال لماذا لا يسمعون موسيقى شهرا كاملا.. لا بد أن تبحث ماذا تحتاج الرعية، الناس لديها اكتئاب قوى وكلنا شركاء فيه فعلى ماذا نبتسم؟.. فأدفع 40 جنيها فى أسطوانة البوتاجاز.، ليه يعنى؟ أقصد من هذا أن الشعب يعانى، وعلى الحاكم أن يسعى لتحقيق متطلبات الشعب واحتياجاته، فإذا كانت هناك فئة واقع عليها ظلم وهى فى حاجة إلى بناء مزيد من الكنائس، فلماذا لا تعطيهم الحق فى ذلك، فبناء مسجد أو كنيسة لا يضر ، بل إنه يصب فى الصالح العام.
■ هل التقيت البابا تواضروس؟
■■ نعم التقيته.. وهو رجل متزن، لكن ليس لديه حنكة البابا شنودة، فالبابا شنودة كان أديبا وشاعرا.
■ كيف ترى وجود الأقليات بشكل عام ومن ضمنهم الأقباط فى ظل الحكم الإخوانى الذى يقال إنه «إسلامى».. خصوصا مع تخوف البعض ومحاولات البعض للهجرة كثيرا؟
■■ من حقهم أن يتخوفوا لأن تاريخنا القريب ملىء بالمطالب التى يقدمونها ولا يستجاب لها لسبب غير مقنع. على الحكومة أن تجعل لهم كوتة فى كل قائمة، وأن يكون التعيين فى الوزارات على أساس الكفاءة فقط. إن الأحزاب تلتزم بقوائم فيها مسيحيون وامرأة، الفئات التى لا تمكنها بوسائلها الخاصة، وده حصل فى ولاية كاليفورنيا بأن يوجد نسبة للملونين لأن فرصتهم ضعيفة فى النجاح، بشرط أن يكون هذا حلا مؤقتا حتى تنضج الناس، وتتغير الثقافة.
الأب رفيق جريش يكتب: قيامة الشعوب
الله ليس ديكتاتورًا..بل يحب الإنسان ويحترمه
نحن أيضًا فى حاجة إلى قيامة شعوبنا لتنهض من حروبها وقلقها
كما هى عادتنا فى مصر نهنّئ بعضنا بعضًا بأعيادنا الدينية، مسيحية كانت أم إسلامية، ولأننى أؤمن بأن أعياد المصريين ملك لكل المصريين، أهنّئكم أعزائى القراء ب«عيد القيامة المجيد» أعاده الله على مصرنا الغالية بالخير والبركات.
إن قيامة يسوع المسيح جزء لا يتجزّأ من التاريخ المعاش، فقد أعطى يسوع بعدًا جديدًا للحياة وللإنسان، بل أعطاه حقيقة جديدة وهو ليس للموت سلطان على الإنسان بل الحياة.
يقول العلامة ترتيليانوس «الروح والدم لهما مكانة فى الله»، وكذلك بولس الرسول فى رسالة كولوسى 1/12 13 وأفسس 1/3 23، نجد هذا المعنى، «إن الإنسان بطبيعته مخلوق لعدم الموت وروحه العديمة الموت تجد مساحتها داخل هذا الجسد العديم الموت فيكتمل المعنى كشركة مع الله والإنسانية المتصالحة فيه».
هذا هو سر الله أن يعمل بطريقة بسيطة ومتواضعة ورويدًا رويدًا يدخل إلى تاريخ الإنسانية، يقرع «بتواضع» على «باب القلوب» فإذا فتحنا له دخل ويمكث فينا.
هذه هى طريقة الله الذى لا يفرض بقوة خارجية على الإنسان أى شىء «الله ليس ديكتاتورًا»، لكن يحترم حرية الإنسان الذى يحبّه.
المسيح يأتينا بنور قيامته من جيل إلى جيل، منذ أكثر من 2000 سنة إلى اليوم، فهو قائم وهو حى وهو محور إيماننا.
إن القيامة تعنى أن نقوم من سقطاتنا، أى أن نقبل ضعف طبيعتنا البشرية ومحدودية إمكانياتنا، وأن لا نيأس أو نحبط عندما تأتينا الصعوبات والمشكلات، نعرف أن القيامة هى جزء من حياتنا اليومية، فهناك القيامة من المرض والقيامة من الخطيئة والقيامة من شهواتنا، ونعرف جيدًا أن هناك قيامة بعد إماتات وضعفات الجسد، فلا مجال لأى سلبية فى حياتنا، بل أن ننظر إلى الحياة بعين الله المُحبّة، فنحب الجميع وندعوهم إلى الإخوّة والمحبة والسلام، وبذلك نسهم فى «قيامة» حياتنا وحياة الآخرين والعالم كله.
وإذا كانت القيامة للأشخاص، فهى أيضًا للشعوب، وكم تحتاج بلدان الشرق إلى قيامة من كبوتها، فإلى متى تستمر الحروب والقلاقل التى تستنزف قوى الروح والجسد للإنسان وتجعله غير آمن على حياته وحياة أسرته، فإذا كانت ثورات الشرق الأوسط إقامتنا من ثُبات عقود كثيرة، فإننا اليوم فى حاجة ماسة إلى مصالحة شاملة مع الذات والآخر، لنعمل سويًّا من أجل بناء أوطاننا بشكل أفضل، غير عابئين بشعارات زائفة تنشر الفرقة والانقسام تتوارى تحت عباءة الاختلاف العقائدى متخذة الجهل والفقر سلاحًا لها.
أوجه الشكر إلى إخوتنا المسلمين الذين قدّموا التهنئة لنا ويشاركونا فرح الأعياد، كما نحن فاعلون، فإخوة الوطن الواحد يتقاسمون الأفراح والأتراح ويشعرون ببعضهم البعض، هكذا دعانا الله أن نكون دائمًا، هذا إن أردنا قيامة حقيقية لأوطاننا كى تنعم برخائها وازدهارها أجيالنا القادمة، وكل عام وأنتم بألف خير وسلامة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.