لا شكّ أن الفنان زياد الرحباني يشكّل حالة خاصّة في العائلة الرحبانيّة التي أغنت المكتبة الموسيقيّة العربيّة، والكثيرون يجمعون على تفرّده عن غيره من الفنانين، وتأسيسه مدرسة خاصّة به سواء بأعماله الفنية أو آرائه ومواقفه السياسيّة، فهو كلّما أعلن موقفًا أو كشف جديدًا أثار بلبلة لسنين. في مقابلة أخيرة معه أجراها موقع العهد الإخباري، تحدّث الرحباني عن الكثير من المواضيع السياسيّة وعبّر عن رأيه في الوضع السوري واللبناني والعربي، وتطرّق في حديثه إلى مواقف والدته السياسيّة، مشيرًا إلى أنها تحبّ السيّد حسن نصرالله، وقال حرفيًا كما جاء في المقابلة: «فيروز تحبّ السيد حسن نصرالله كثيرًا، مع العلم أنّها ستعتب عليّ كما المرّة الماضية عندما ظهرت في مقابلة تلفزيونيّة وكشفتُ عن بعض الأمور الخاصة به، وقاطعتني حينها». الأمر لم يمرّ مرور الكرام، فكما اعتدنا في عالمنا العربي خرجت أبواق التنديد والتخوين المنبثقة عن ثقافة عدم تقبّل الآخر، واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بردود فعل مندّدة بموقف السيدة فيروز، فيما عبّرت مواقف أخرى عن تأييدها لها مهلّلة لها. وامتلأت هذه المواقع بمقاطع محوّرة من أغنيات فيروز لتتلائم مع موقفها الجديد، فأصبحت أغنية يا حجل صنين، يا حجل إيران، وتحوّلت أغنية بحبك يا لبنان إلى بحبك يا إيران. أمام سخافة الموقف والإنقسام الذي يعبّر عن الشرخ الحادّ في المواقف العربية بين محورين، غاب صوت العقل وتقدّمت المشاعر والغرائز في محاولة لاضهاد الرأي، لكن السؤال: ما هي الحرية والديمقراطية اللتان يطالبون بها العرب وهم لا يتقبّلون الرأي الآخر؟ وما الجرم الذي ارتكبته السيّدة فيروز إذا أعجبت بمواقف أو ربّما كاريزما أو سياسة السيد حسن نصرالله ؟ ألا يحق للفنان أن يحبّ من يحبّ وينتقد من ينتقد خصوصًا أنه مواطن وإنسان كغيره ؟ أم أن الحقد والجهل سيبقى يحكمنا، فنطالب بحرية دون أن نفهم ما هي، ونسرف في اضطهاد من يخالفنا الرأي ونمجّد من يوافقنا فيه؟.