بدء الصمت الانتخابي في إعادة انتخابات النواب بالدوائر ال19 الملغاة    قائد الجيش الثاني الميداني: لن نسمح بأي تهديد يمس الحدود المصرية    جامعة القاهرة تحتفي اليوم بعيد العلم العشرين وتكرّم رموز العلم والإبداع بحضور قيادات الدولة    خطوات التصالح في سرقة الكهرباء    كامل الوزير يزور ميناء صحار والمنطقة الحرة خلال مشاركته بمنتدى الأعمال المصري العماني    أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 23 ديسمبر 2025    قرار جمهوري بتشكيل مجلس إدارة البنك المركزي برئاسة حسن عبد الله    عمرو الحفني رئيسًا لغرفة تطوير واستصلاح الأراضي الصحراوية.. وناجي والمرشدي وكيلان    أسعار النفط تتراجع هامشيًا في آسيا بعد قفزة قوية وسط توتر أمريكي–فنزويلي    مانشستر سيتي: مصر تبدأ مشوارها الأفريقي بفوز مثير في ليلة تألق مرموش    وزير الصناعة والنقل يزور ميناء صحار والمنطقة الحرة للتعرف على القدرات التصنيعية ومقومات ولوجستيات الميناء    سيراميكا كليوباترا يخشى مفاجآت كأس مصر أمام أبو قير للأسمدة    محافظ القاهرة: لجنة هندسية لفحص العقارات المتأثرة بحريق مخزن خشب بالمرج    حالة المرور اليوم في القاهرة والجيزة والقليوبية: كثافات متحركة في المحاور الرئيسية    طقس شديد البرودة.. تحذير عاجل من الأرصاد بسبب حالة الطقس هذا التوقيت    مصرعامل وإصابة 3 آخرين إثر انقلاب سيارة عمالة زراعية بالبحيرة    نظر محاكمة 89 متهما بخلية هيكل الإخوان.. اليوم    اليوم.. نظر استئناف المتهم بقتل مالك قهوة أسوان على حكم إعدامه    وفاة والد الفنان أحمد عبد الحميد وتشييع جثمانه بعد صلاة العصر    الكويت حاضرة في مهرجان المسرح العربي بعرض «من زاوية أخرى»    إدارة ترامب توقع اتفاقيات صحية مع 9 دول أفريقية    المخرجة إنعام محمد علي تكشف كواليس زواج أم كلثوم والجدل حول تدخينها    أليك بالدوين في عين العاصفة مجددًا... قضية Rust تعود وتثير قلقًا واسعًا على حالته النفسية    ارتفاع صاروخي لأسعار النفط مع تصاعد التوترات الجيوسياسية    أحمد التهامي يحتفل بفوز منتخب الفراعنة ويُوجه رسالة ل محمد صلاح    الرئيس الفنزويلي: الطاقة يجب ألا تتحول إلى سلاح حرب    "بسبب غاز السخان" النيابة تحقق في وفاة عروسين    أمم أفريقيا 2025| بهذه الطريقة احتفل محمد صلاح ومرموش بالفوز على زيمبابوي    إلهام شاهين تتصدر جوجل وتخطف قلوب جمهورها برسائل إنسانية وصور عفوية    زينة منصور تدخل سباق رمضان بدور مفصلي في «بيبو»... أمومة على حافة التشويق    مواطن يستغيث من رفض المستشفي الجامعي طفل حرارته عاليه دون شهادة ميلاده بالمنوفية    بيسكوف: لا أعرف ما الذي قصده فانس بكلمة "اختراق" في مفاوضات أوكرانيا    مشروع قومى للغة العربية    نقابة أطباء الأسنان: أعداد الخريجين ارتفعت من 45 إلى 115 ألفا في 12 عاما فقط    «المستشفيات التعليمية» تعلن نجاح معهد الرمد والسمع في الحصول على اعتماد «جهار»    رئيس هيئة المستشفيات التعليمية يُكرّم مساعد وزير الصحة للمبادرات الرئاسية    أمم أفريقيا 2025| وائل القباني: منتخب الفراعنة قدم أداء جيدًا.. وهناك عيب وحيد    حسام حسن: حدث ما توقعته «صعبنا الأمور على أنفسنا أمام زيمبابوي»    استغاثة عاجلة إلى محافظ جنوب سيناء والنائب العام    مصرع شخص صدمته سيارة نقل أثناء استقلاله دراجة نارية فى المنوفية    فرقة سوهاج للفنون الشعبية تختتم فعاليات اليوم الثالث للمهرجان القومي للتحطيب بالأقصر    شعبة الاتصالات: أسعار الهواتف سترتفع مطلع العام المقبل بسبب عجز الرامات    بالصور.. مدير محطة حدائق الأهرام بالخط الرابع للمترو: إنجاز 95% من الأعمال المدنية    أمم إفريقيا - مؤتمر حسام حسن: كنت أحمل هم الجماهير في مصر.. وصلاح يصنع الفارق    حماية القلب وتعزيز المناعة.. فوائد تناول السبانخ    ما هي أسباب عدم قبول طلب اللجوء إلى مصر؟.. القانون يجيب    القانون يضع ضوابط تقديم طلب اللجوء إلى مصر.. تفاصيل    فرحة أبناء قرية محمد صلاح بهدف التعادل لمنتخبنا الوطني.. فيديو    فولر ينصح شتيجن بمغادرة برشلونة حفاظا على فرصه في مونديال 2026    القصة الكاملة لمفاوضات برشلونة مع الأهلي لضم حمزة عبد الكريم    ليفربول يعلن نجاح جراحة ألكسندر إيزاك وتوقعات بغيابه 4 أشهر    هيئة الدواء: متابعة يومية لتوافر أدوية نزلات البرد والإنفلونزا خلال موسم الشتاء    «الشيوخ» يدعم الشباب |الموافقة نهائيًا على تعديلات «نقابة المهن الرياضية»    فضل صيام شهر رجب وأثره الروحي في تهيئة النفس لشهر رمضان    رمضان عبدالمعز: دعوة المظلوم لا تُرد    "يتمتع بخصوصية مميزة".. أزهري يكشف فضل شهر رجب(فيديو)    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوروبا والشرق الأوسط ضحايا اتفاق بوتين وأردوغان
نشر في التحرير يوم 15 - 12 - 2016

بعد يوم واحد فقط من الاتصال الهاتفي بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، بدأت عمليتان متوازيتان: إجلاء المدنيين، وإخراج المسلحين. بينما أعلن الأسد عن انتصار تاريخي، وهنأ أنصاره بتحرير حلب بالكامل، وليس سيطرة قواته عليها. كل ذلك على خلفية العمليات العسكرية التي تجريها القوات التركية في مدن وبلدات في شمال سوريا بالتعاون مع الجيش السوري الحر وفصائل المعارضة الأخرى.
الكرملين أعلن في ١٤ ديسمبر الحالي أن بوتين وأردوغان ناقشا هاتفيا الوضع في حلب، بينما أعلنت أنقرة أن أردوغان أبلغ بوتين استعداده لاتخاذ كافة التدابير في مجال الإغاثة الانسانية والإيواء المؤقت للنازحين عقب فتح الممرات الآمنة في حلب. وبالفعل اتفق الرئيسان على البدء بإجلاء المدنيين من أحياء حلب المحاصرة عبر ممرات آمنة بأسرع وقت.
وفي الوقت الذي أكد فيه أردوغان أنه اتخذ جميع الإجراءات لتقديم المساعدات لمن سينزحون إلى إدلب وجوارها ومن سيتمكنون من القدوم إلى تركيا، أجرى في ذات الوقت اتصالًا هاتفيًا مع الأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، لحثه على التحرك تجاه الأحداث التي تمر بها مدينة حلب، ومعربًا عن رغبة تركيا لعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة، اجتماعًا طارئًا لمناقشة الأوضاع الجارية في هذه المدينة المنكوبة. وقال أردوغان إن "وحشية النظام السوري وأنصاره أصابت العالم كله بالرعب، وهناك ضرورة قصوى لتهدئة الوضع في المدينة لإنقاذ أرواح المدنيين والمعارضين والتركيز لاحقًا على توصيل المساعدات الإنسانية إلى المنطقة".
في الحقيقة، هناك خلط وتضليل سياسيين من جانب جميع الأطراف. وهو ما يعكس خلافات جوهرية قد تقلب الأوضاع رأسا على عقب. فالأسد يحتفل بالانتصار التاريخي في حلب بعد تحريرها كليا، حسب وسائل إعلامه، بينما الأخبار تؤكد نجاح إجلاء "المسلحين" وإخراجهم من حلب. غير أن لا أحد يتحدث عن إلى أين يتوجه المسلحون، وماذا سيفعلون، ومن هم هؤلاء المسلحون إذا كانت موسكو ودمشق قد صدَّعوا الرأي العام بالحديث عن الإرهاب والإرهابيين؟! أين الانتصار هنا، وعن أي مسلحين يدور الحديث؟ وماذا عن الرقة وإدلب والباب ومنبج؟ بل وماذا عن ضواحي دمشق نفسها! وماذا أيضا عن مدينة تدمر، ومن يسيطر عليها بالضبط، وما هي الاتفاقات التي تدور حولها؟
المثير هنا أنه يجري تجاهل المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوري الحر برعاية تركيا بالدرجة الأولى، وبرعاية التحالف الدولي بقيادة واشنطن أيضا. بينما الأخبار تؤكد أن تركيا تسيطر تماما على مناطق كاملة في شمال سوريا وتقدم الدعم الكامل لفصائل المعارضة والجيش الحر. لا أحد يتحدث عن "المدنيين النازحين"، ولماذا تجري عمليات نزوح للمدنيين، طالما تجري عمليات إجلاء للمسلحين!
هناك ظواهر غريبة للغاية، إذ تؤكد الأنباء وجود إصابات حريق من الدرجتين الأولى والثانية بين النازحين من المدنيين وفي صفوف المسلحين أيضا.. فماذا جرى، وماذا يجري بالضبط؟! وعن أي مساعدات إنسانية يدور الحديث، بينما يجري إجلاء المسلحين والمدنيين؟ وكيف يجري تقسيم المناطق بين قوات الأسد وقوات الجيش الحر والقوات التركية وبقية التنظيمات الدينية والإرهابية؟
وبالعودة إلى بداية الموضوع، يتساءل الرأي العام عن جوهر الاتفاقات التي جرت بين موسكو وأنقرة من جهة، وبين موسكو ودمشق من جهة أخرى، لأن القيادة التركية لا تزال مصممة على موقفها برحيل الأسد. وماذا قدمت روسيا لتركيا لكي تقوم بدور قد يضعها في بؤرة مواجهات ليس فقط مع الولايات المتحدة وحلف الناتو، بل وأيضا مع حلفائها الإقليميين والعديد من التنظيمات والجماعات التي تدعمها أنقرة. ومن جهة أخرى يتردد سؤال حول الدور التركي ومكاسب أردوغان، ما يعطي انطباعا بأن أنقرة نجحت في إرغام جميع الأطراف على منحها دور الوسيط المستفيد والذي يجب أن يحقق كل شروطة ويحصل على جميع مكاسبه. بمعنى أن أنقرة استفادت من كل التناقضات الإقليمية والدولية، وهو ما لم تنجح فيه لا إيران ولا السعودية، ولم يعد أمام الولايات المتحدة وأوروبا إلا التسليم بهذا الدور، والانتظار إلى أن ينطق الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بأول تصريح عن الأزمة السورية.
هناك تقارير غربية تفيد بأن حلف الناتو يتوقع ظهور بؤرة جديدة لنزاع عرقي وديني محتمل في البلقان، وتفاقم الأوضاع في تلك المنطقة بسبب عودة الإرهابيين إلى بلادهم من سوريا. الخطير في الأمر أن إحدى الوثائق تتحدث عن استعداد الناتو للتدخل في المنطقة إذا تطلب تطور الأحداث ذلك. وتدخل الناتو في البلقان قد يمون شرارة تتسبب في اندلاع مواجهات مباشرة بينه وبين روسيا. أي أن الأخيرة قد جاءت بنفسها إلى سوريا لتقف على حدود الحلف مباشرة (على الحدود تركيا عضو الحلف)، وهو ما يستوجب تلقائيا تقدم الحلف خطوة أو اثنتين من حدود روسيا، ويستحسن أن يكون ذلك في البلقان التي كانت السبب الرئيسي في اندلاع الحرب العالمية الثانية.
الوثيقة الأطلسية أشارت إلى وجود نوعين من المخاطر والتهديدات التي قد تزعزع الاستقرار في البلقان. الأول، هو انتشار التطرف نتيجة عودة المسلحين الأجانب من سوريا والعراق إلى أوطانهم. والثاني، هو سلوك روسيا التي باشرت بإعادة التعاون السياسي والاقتصادي مع دول تلك المنطقة. أي ببساطة، ضرورة مواجهة روسيا التي تثير تحركاتها في البلقان امتعاض حلف الناتو والولايات المتحدة، حيث أصبحت هذه التحركات الروسية تشكل خطرا كبيرا في قطاع الطاقة وطرق نقلها عبر دول البلقان. إضافة إلى الاتصالات التي تقيمها موسكو مع النخب السياسية في دول البلقان.
على الجانب الآخر، تتشكل مخاطر وتهديدات في منطقة الشرق الأوسط، سواء بسبب قطاع الطاقة (نفط وغاز) وطرق نقلهما، أو بسبب عودة الإرهابيين إلى دولهم بعد مغادرة سوريا، هذا في حال إذا غادروها فعلا. ويبدو أن هذا الأمر لا يهم روسيا أو الولايات المتحدة كثيرا، لأن الطرفين بعولان على توظيف دول بعينها لتقوم بالمهام "القذرة" نيابة عنهما، وكذلك توريط أكبر عدد ممكن من القوى الإقليمية في صراعات بينية للحفاظ على توازنات تخدم سياسات كل منهما، وجعل هذه القوى (الدول) تواجه الإرهاب لأطول فترة ممكنة.
وتبقى هنا أوروبا كضحية لسياساتها وسياسات نخبها تحت الضغوط والتهديدات التركية بفتح الحدود مع الدول الأوروبية أمام النازحين والمهاجرين، وإمكانية انتشار الإرهاب وتكرار العمليات التي جرت في فرنسا وبلجيكا وغيرهما، وتحت الضغوط الأمريكية بضرورة زيادة ميزانيات الدفاع لمواجهة المخاطر الروسية، والخضوع التام للسياسات الأمريكية، وتحت ضغوط روسيا تسعى لدق الأسافين بين أوروبا والولايات المتحدة من جهة، وبين الدول الأوروبية نفسها من جهة أخرى، من أجل تسوية ملفات مختلفة، من بينها أوكرانيا، ومواجهة تمدد حلف الناتو، ونشر الدرع الصاروخية في رومانيا وبولندا، وعسكرة دول البلطيق ضدها، والتغلب على مشاكلها الاقتصادية التي نجمت عن العقوبات الغربية.
إن الولايات المتحدة تقامر في أحداث سوريا والشرق الأوسط ولكن ليس بأموالها ولا بقواتها. وعلى الرغم من أن هناك عوائق وعقبات أمام سيناريوهاتها وخططها، إلا أن الوقت يلعب لصالحها في كل الأحوال، لأن التقارب الروسي – التركي ليس مدعوما بأي ضمانات أو اتفاقات مكتوبة. ومن الواضح أن هذا التقارب جاء رغما عن موسكو وأنقرة، حيث أجبرتهما الظروف على تجاوز العديد من الخلافات الحادة والجوهرية من أجل تحقيق أهداف متناقضة. وقد تظهر هذه التناقضات في المدى المتوسط لتضع بعض النقاط على الحروف بشأن مصير الأسد، وتقسيم الكعكة السورية، سواء رحل الأسد، أو بقي على رأس السلطة في إحدى المناطق السورية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.