المعسكر الغانى فتح أبوابه للجماهير.. وجهاز المنتخب تعامل مع الإعلام المصرى كأنه عدو صدقت نظرية «المعلم» بأن هناك لاعبين لا يصلحون للعب الدولى مثل عاشور وشيكابالا لم يكن أشد المتفائلين فى غانا يتوقع ما حدث فى استاد بابا يارا بمدينة كوماسى التى تبعد عن العاصمة الغانية أكرا 250 كيلومترا، وهى معقل قبيلة الأشانتى، وفى مصر كانت كل التوقعات المتشائمة تذهب إلى الهزيمة على أقصى تقدير بهدفين فقط، ومنذ وصولى إلى مطار أكرا وكل من يقابلنى فى الشارع أو فى ملاعب تدريب المنتخب المصرى وحتى قبل دقائق من صافرة الحكم يشاور بثلاثة أهداف كانت هى أقصى أمانيهم بالفوز على فراعنة مصر، ولكن لاعبى المنتخب المصرى وجهازهم الفنى كانوا سببا مباشرا فى النتيجة الثقيلة التى منى بها المنتخب المصرى بالهزيمة بسداسية مقابل هدف. وعلى الجانب الآخر كان الجهاز الفنى للفريق الغانى ولاعبوه وإعلامه وجماهيره تصنع أسباب الفوز الكبير، وهناك عديد من الأسباب حدثت كانت كفيلة بما حدث أو أكثر، ولم تكن الهزيمة وليدة اللحظة، ولكنها نتاج ما حدث على مدار شهر منذ أن أوقعتنا القرعة أمام المنتخب الغانى. أولا: يتحمل الاتحاد المصرى لكرة القدم كثيرا من المسؤولية فى إعداد الفريق، فهؤلاء الجالسون فى الجبلاية لم ينجحوا فى توفير أى لقاء قوى أو إقامة معسكر إعداد قوى للفريق المصرى، ولعب فقط مباراتين وديتين فى السر أمام منتخب أوغندا الثانوية بنين، وهو ما جعل الجهاز الفنى يعتمد بصفة أساسية على لاعبى الأهلى، لأنهم فقط من يلعبون كرة القدم فى مصر، بينما الباقون كانو نياما فى أنديتهم. ثانيا: الجهاز الفنى للمنتخب المصرى اتخذ قرارا خاطئا بالسفر بقائمة تضم 26 لاعبا، وهو رقم كبير، لأن الجهاز يحتاج على الأكثر إلى عشرين لاعبا لخوض اللقاء، ويبدو أن وجود الكثير من اللاعبين فى القائمة وسع دائرة الشك فيمن سيلعب ومن لن يلعب، وفى النهاية أخرج برادلى من حساباته من يخرجهم كل مرة، والسؤال إذا كان الرجل بالفعل لم يحتج حازم إمام ومحمد عبد الشافى، وهو الذى قال عنهم بعد لقائى أوغندا إنهم مكسب اللقاءات الودية، فلماذا سافر بهما إذا كان سيخرجهما من قائمة اللقاء؟ وإذا كان إمام وعبد الشافى يستحقان المشاركة فكان من باب أولى أن يدخلوا القائمة حتى من باب أن يصدق الأمريكى على كلامه بأنهم مكسب الوديات. ثالثا: أدار الجهاز الفنى للمنتخب المصرى معسكر الفريق فى غانا بطريقة خاطئة جدا، ففرض السرية والتعتيم على معسكر الفريق فى كوماسى، بينما على الجانب الآخر فتح الجهاز الفنى للمنتخب الغانى معسكره أمام إعلامه وحتى جماهيره لشحن الفريق، ولأننى كنت مقيما فى نفس مكان إقامة المنتخب الغانى، رأيت كيف تعامل لاعبو غانا مع اللقاء، فكان هناك يوميا حفل راقص للاعبين بعد الإفطار ولقاء مع أسرهم ومحطة إذاعية تنقل على الهواء ما يحدث داخل مقر إقامة المنتخب الغانى، وكذلك محطة تليفزيونية محلية، ولم يتوقف الأمر على ذلك، بل إن هناك رابطة تشبه روابط الجماهير فى مصر تحت مسمى «إمتاع النجوم السوداء»، وهم مجموعة من الشباب والشابات من الجماهير الغانية كانت تشرف على الحفل اليومى للاعبى غانا، أما المنتخب المصرى فقد تعامل مع الإعلام الذى سافر خلف الفريق إلى غانا وقطع هذه المسافة الطويلة كأنه إعلام الأعداء، فعندما تذهب إلى فندق الفريق تجد نفس الكلام «اللاعبين مركزين»، وهذا الأمر يشبه الطفل الصغير تضغط عليه من أجل الامتحان، وعندما يدخله يرسب من كثرة الضغوط، وهذا ما حدث بالفعل، فقد زاد الشحن عن حده من الجهاز الفنى حتى إنهم طالبوا اللاعبين بعدم إعلان أنهم قاموا بذبح أضحية العيد، وكأن هذا الأمر سيخرج الفريق من تركيزه، وأكثر من هذا أن الفريق لا يملك جهازا إعلاميا يعمل معه بصورة صحيحة، وكان من الممكن أن تعقد جلسات مع القنوات الفضائية والصحفيين من أجل دعم الفريق وزيادة استقراره النفسى وعدم زيادة الضغوط عليهم، ولكن لأن الجهاز الفنى المصرى طغى على برادلى فأصبح مصريا أكثر منا، وفعل ما نفعله، فأضاع الفريق ذهنيا ونفسيا حتى قبل أن يبدأ اللقاء. رابعا: على الورق فإن التشكيل الذى بدأ به برادلى اللقاء هو الأفضل فنيا، وهو التشكيل الذى هلل له الإعلام المصرى، وتنبأ به حتى قبل أن يسافر الفراعنة إلى كوماسى باستثناء وجود سيد معوض أو محمد عبد الشافى بدلا من شديد قناوى، ولكن كثيرا ما يكون التشكيل جيدا، ولكن الخطة سيئة، وهو ما حدث بالفعل، فقد وضع برادلى تشكيلا جيدا، ولكنه لم يقرأ المنتخب الغانى جيدا، وفوجئ بالسرعة التى ظهر عليها الرباعى الهجومى للمنتخب الغانى مجيد وجيان وأندريه أيوا ومونتارى، ولم ينجح برادلى بسبب بطء مدافعيه وتفكيره التائه فى إيقاف سرعة مهاجمى غانا، فظهرت الثغرات منذ الدقيقة الأولى فى اللقاء، ولكنه تعامل مع الأزمة بعد أن تعرض مرمى المنتخب المصرى لهدفين فى ربع ساعة كان من الممكن أن يكونوا خمسة، ولكن الأمريكى عندما قرر أن يتدخل لم يغير شكل الفريق المصرى إلى الأفضل، ولكنه أضاع الفريق بتغييرات وهمية كان أطرف ما فيها أن كل تغيير كان عن طريق أحد أعضاء الجهاز الفنى فأجرى توماك تغيير شيكابالا، وأجرى ضياء السيد تغيير حسام عاشور، وكان صاحب فكرة دخول أحمد فتحى لقلب الملعب وإشراك المحمدى، وكان التغيير الأخير من نصيب زكى عبد الفتاح، وهنا يظهر أنه فى وقت الأزمة وإدارة اللقاء اختفى برادلى من الملعب، وفعل كل من على الدكة ما يحلو لهم، وهو ما جعل عمرو زكى يغادر دكة البدلاء بعد الهدف الرابع. خامسا: أظهر اللقاء أن المدير الفنى السابق الكابتن حسن شحاتة كانت وجهة نظره صحيحة فى بعض اللاعبين بأنهم لا يصلحون للعب الدولى، وعلى رأس هؤلاء نجم خط الوسط فى الفريق الأحمر حسام عاشور الذى بدا وكأنه يمارس كرة القدم للمرة الأولى فى حياته، واختفى تماما كذلك أحمد شديد قناوى وشيكابالا اللذان لا أعرف ماذا قدما فى حياتهما الكروية حتى الآن، وهذا الأمر يجب على من سيقود المنتخب المصرى فى المرحلة القادمة إدراكه، لأن من يلعب باسم مصر عليه أن يكون جديرا بحمل هذا الاسم فى الملعب. سادسا: اللقاء القادم أهم من اللقاء الذى مر، فعلى الجميع فى مصر الآن أن يقفوا وراء المنتخب المصرى، لأن المباراة القادمة هى مباراة كرامة ودفاع عن سمعة واسم مصر والكرة المصرية، والفوز فقط هو الذى سيرضى غرور المصريين، ولن أكون متفائلا وأقول بأنه يمكننا الصعود (على الرغم من أنه لا مستحيل فى كرة القدم)، ولكن علينا الفوز وأن نقول بأن ما حدث كان كبوة ولن تحدث، وأن لقاء كوماسى سيكون دافعا جديدا للكرة المصريه لاستعادة ريادتها لكرة القدم الإفريقية.