أعربت الأممالمتحدة، اليوم، عن "القلق الشديد" إزاء قرار محكمة الجنايات تجميد أموال ثلاثة نشطاء حقوقيين وثلاث منظمات غير حكومية، وذلك في بيان صدر عن المفوضية العليا لحقوق الإنسان. وكانت المحكمة قد جمّدت أموال كل من جمال عيد، رئيس الشبكة العربية لحقوق الإنسان، والناشط الحقوقي حسام بهجت، مؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وبهي الدين حسن، مؤسس ومدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان، ومصطفى الحسن، مدير مركز هشام مبارك للقانون، وعبد الحفيظ طايل، مدير المركز المصري للحق في التعليم. وأوضح البيان أن الأممالمتحدة أبدت القلق خصوصا لأن قرار المحكمة "يفسح المجال أمام ملاحقات جنائية أخرى ضد المتهمين الذين يمكن أن يحكم عليهم بالسجن المؤبد في حال إدانتهم وهو ما يوازي في القانون المصري السجن 25 عاما"، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية. إلا أن الأممالمتحدة أشادت في المقابل بأن المحكمة لم تحكم بتجميد أموال أفراد أسر النشطاء، كما أوصى بذلك القضاة الثلاثة الذين اختارتهم محكمة النقض بناء على طلب من وزارة العدل. ويخضع هؤلاء النشطاء وتلك المنظمات للتحقيق مجددا بتهمة الحصول على تمويل أجنبي في قضية تعود إلى عام 2011 وتسببت بأزمة دبلوماسية بين واشنطنوالقاهرة. العفو الدولية: القرار ضربة قمعية لحركة حقوق الإنسان بمصر في أول تعليقٍ لها على قرار محكمة جنايات القاهرة، والتي قضت بقبول قرار منع الناشطين الحقوقيين جمال عيد، وحسام بهجت و5 آخرين من التصرف في أموالهم، لارتباطها بالقضية 173 لسنة 2011 والمعروفة بقضية "التمويل الأجنبي"، وصفت منظمة العفو الدولية هذا القرار بأنّه "ضربة قمعية" لحركة حقوق الإنسان في مصر. وقالت المنظمة على لسان فيليب لوثر مدير فرع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قبل يومين: "قد يواجه هؤلاء الأفراد ملاحقة قضائية وأحكامًا بالسجن قد تصل إلى 25 عامًا". وأضاف لوثر: "تستخدم السلطات المصرية هذه القضية، كطريقة لسحق حركة حقوق الإنسان في مصر، وبينما تظهر حركات خنق المعارضة أنها لن تتوقف قريبًا، مع استمرار الاختفاء القسري والتعذيب علامات مميزة لسياسة الدولة المصرية، فأنّ مصر تحتاج تلك الأصوات المعارضة الآن أكثر من أي وقت مضى". واستطرد: "نحن ندعو إلى إلغاء مثل هذا الحكم غير العادل فورًا، والسلطات المصرية إلى وقف اعتداءاتهم على المدافعين عن حقوق الإنسان وعائلاتهم، فهذا سوء استخدام صارخ للسلطة القضائية والنظام القضائي المصري، وهذا لمنع الناس من التحدث عن تدهور وضع حقوق الإنسان في مصر". الخارجية الألمانية: تجميد أموال الحقوقيين يتنافى مع الدستور المصري بدورها، أعربت مفوضة الخارجية الألمانية لسياسة حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية عن قلقها إزاء تأكيد محكمة مصرية قرار تجميد الحسابات البنكية الخاصة بعدد من المنظمات والشخصيات المصرية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان. وقالت الدكتورة بيربل كوفلر - في بيان نشرته وكالة الأنباء الألمانية، "د ب أ" أمس: "أنظر بقلق كبير لقرار إحدى المحاكم المصرية تأكيد أمر تجميد الحسابات البنكية لعدد من الشخصيات والمنظمات الحقوقية الشهيرة والذي صدر في مارس عام 2016". ورأت كوفلر، أن تجميد الأصول المالية يجعل المجموعات المصرية المتضررة غير قادرة تماما على أداء عملها. وتابعت المسؤولة الألمانية: "إن قرارات حظر السفر وتجميد الحسابات البنكية وإجراءات التحقيق ضد نشطاء ومنظمات حقوق الإنسان لا تتناقض فقط مع معايير حقوق الإنسان الدولية التي أعلنت مصر التزامها بها بل تتنافى أيضا مع الدستور المصري". وشددت كوفلر على أن "احترام حقوق الإنسان و المجتمع المدني الحر هو شرط أساسي للسلام الاجتماعي و الاستقرار الدائم، مطالبة مصر بتوفير الظروف اللازمة لكي تقوم مجموعات حقوق الإنسان بعملها الهام للبلاد بدون أي عائق. الخارجية الأمريكية تدين القرار واستكمالا لردود الفعل الدولية تجاه القرار، أدانت الخارجية الأمريكية أمس الأول، التحفظ على أموال منظمات حقوق الإنسان المذكورة، وفقا لتصريحات أدلى بها المتحدث الرسمي جون كيربي. وجاء في نص البيان: "الولاياتالمتحدة منزعجة من قرار محكمة مصرية بتجميد الأصول المالية لبعض منظمات حقوق الإنسان الرائدة، مثل معهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز هشام مبارك للقانون، والمركز المصري للحق في التعليم، وقياداتها". وتابع البيان: "هذه المنظمات تعمل على تسجيل الانتهاكات والتعسفات، وتدافع عن الحريات المنصوص عليها في الدستور المصري. مثل هذا القرار يأتي في ظل خلفية أكبر نطاقا تتمثل في غلق مساحة المجتمع المدني". من جهته، كان الاتحاد الأوروبي، قد سلط الضوء على القرار الذي اتخذته محكمة جنايات القاهرة، بتجميد أصول عدد من الناشطين في مجال حقوق الإنسان. وقال المتحدث الرسمي باسم الاتحاد الأوروبي الأحد، إن "القرار سوف يؤثر بشكل مباشر على منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان"، مضيفاً أن هذه المنظمات تلعب دورا رئيسيا في التطور الديمقراطي في مصر، بحسب قوله. وتابع المتحدث "زيادة الضغط على المجتمع المدني المستقل، وبخاصة منظمات حقوق الإنسان والناشطين بها، لا يتماشى مع التزامات مصر لتعزيز واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية التي كفلها الدستور والمنصوص عليها في اتفاقية الشراكة بيننا، والتي هي الأساس لشراكتنا مع مصر، كما أنها ليست مفيدة لاستقرار وأمن ورخاء مصر الذي ننشده جميعا". ويحاكم الحقوقيون على خلفية تحقيقات بتهمة "تلقيهم تمويلًا أجنبيًا من جهات خارجية بالمخالفة لأحكام القانون، بمبلغ يزيد عن مليون ونصف المليون دولار أمريكي"، واستخدامها لأغراض غير قانونية، مثل الإضرار بالمصالح الوطنية، الإخلال بالسلم العام، الإضرار بالأمن والنظام العام.