كثيرا ما كانت جماعة الإخوان توجه سهام الاتهام بالاستقواء بالخارج إلى قوى سياسية واجتماعية فى مصر، كانت توجه إلى القوى الليبرالية الاتهام بالاستقواء بالغرب وتفصل فى ذلك كثيرا، وكانت توجه إلى اليسار المصرى اتهامات بالاستقواء بالشرق زمان الاتحاد السوفيتى، وبعدد من الدوائر المشابهة فكريا فى مرحلة ما بعد الحرب الباردة، وكان توجه إلى المصريين الأقباط الاتهام بالاستقواء بالدول الغربية بصفة عامة، وتقول إن هذه الفئات المصرية تستقوى بالأجنبى على الدولة المصرية. روجت الجماعة على مدار سنوات طويلة لهذه المقولات، وكان الهدف من وراء ترديد هذه الأقوال هو تشويه هذه الفئات المصرية وإدانتها مجتمعيا باعتبارها غير وطنية، وفى نفس الوقت كانت الجماعة تسعى إلى تقديم نفسها للمصريين باعتبارها الفصيل الوطنى الوحيد فى البلاد. وترافق مع ذلك الادّعاء بأن الجماعة هى الفصيل الوحيد الذى يمثل الشعب بكل شرائحه، وذلك عكس القوى السياسية اليسارية والليبرالية التى تجيد الوجود فى وسائل الإعلام فقط، ولا تختلط بالشرائح الفقيرة من المصريين. وصلت الجماعة إلى السلطة، حيث حازت على أكثرية مقاعد البرلمان ثم فاز مرشحها برئاسة الجمهورية، ووجه المتحدثين باسم الجماعة الشكر إلى الشعب المصرى العظيم الذى منحهم الثقة. ثم بدؤوا فى ممارسة السلطة فاستأثروا بها وأقصوا الجميع، وبدؤوا فى الاستحواذ السياسى والاقتصادى على حساب الجميع، بدؤوا فى استهداف مؤسسات الدولة المصرية. وبدا واضحا أن الجماعة تعمل كجزء من تنظيم دولى، تعطى الأولوية للتنظيم الدولى على حساب الشعب المصرى، وعلى مدار العام الذى قضاه مرسى فى السلطة تم توظيف قدرات مصر لمصلحة التنظيم الدولى للجماعة. وعندما ثار الشعب المصرى وأسقط مرسى وحكم المرشد وجماعته تكشفت الحقائق جلية أمام المصريين، فقد راهنت الجماعة على أطراف غير مصرية لدعم موقفها فى مواجهة الشعب، بدأت الجماعة فى مخاطبة واشنطن والعواصم الغربية كى تمارس الضغوط على الدولة المصرية، توجهوا إلى شكوى مصر للعواصم الغربية، راهنوا على تدخل عسكرى دولى ضد الجيش المصرى، ونشروا مبدأ الاستقواء فى صفوف أنصارهم لدرجة التهليل والتكبير لمجرد ذكر أن سفينتين حربيتين أمريكيتين تبحران فى اتجاه السواحل المصرية، كتبوا شعاراتهم باللغات الأجنبية وحرصوا على التحدث لوسائل الإعلام الغربية. تطلعوا إلى المدد من تركيا، ومن قطر جاءت دعوات القرضاوى إلى المصريين بالخروج على الجيش، وجاء التطاول على الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر وعلى فضيلة مفتى مصر السابق الدكتور على جمعة. حاولوا شق صفوف الشعب المصرى بحرق الكنائس، أرادوا تشتيت انتباه الجيش وجهوده، نشروا الخراب والدمار فى ربوع مصر، كانوا يراهنون على طلب الأقباط للحماية من دول غربية حتى يحدثوا فتنة دينية وطائفية فى البلاد، وجاء الرد سريعا وحاسما من البابا تواضروس الثانى الذى قال إننا جميعا ندفع ثمن استعادة الدولة المصرية لهيبتها وسيطرتها على الأوضاع فى البلاد، وعندما طلب منه أقباط الصعيد (المنيا تحديدا) توفير الحماية لهم من قبل الجيش قال إن ما سيهدم من المبانى يمكن تعويضه وإعادة بنائه، أما انكسار الجيش بتشتيت جهوده وقواته فسوف يؤدى إلى انكسار الدولة المصرية وسقوطها، وهو ما لا يمكن تعويضه على الإطلاق. أى أن الرجل قدم الوطنى على الدينى والطائفى، فقد حرقت ودمرت قرابة مئة كنيسة ورغم ذلك لا الأقباط تطلعوا إلى خارج الحدود ولا طلبوا حماية دولية، ومن ثم سقطت أكاذيب الإخوان التى كانت تتحدث طوال الوقت عن حماية الغرب للأقباط واعتماد الأقباط على الحماية الغربية، فقد كشفت تجربة إسقاط حكم الجماعة عن أن الإخوان هم من يستقووا بالغرب على الدولة المصرية، فكثيرة هى مكاسب ثورة الثلاثين من يونيو وهى أكثر كثيرا من سقوط حكم المرشد والجماعة، فقد أسقطت الأقنعة عن وجوه كثيرة وعرت مواقف حكومات ودول، وأخيرا أسقطت أساطير روجتها الجماعة، وكشفت حقائق عديدة منها استقواء الجماعة على الدولة المصرية.