سلطت صحيفة "التايمز" البريطانية، في افتتاحيتها اليوم، الضوء على الانقلاب التركي الفاشل، مشيرة إلى أن إحباط الأتراك لمحاولة الجيش السيطرة على السلطة كان بمثابة انتصارًا للديمقراطية. وقالت الصحيفة: إنه "في ليلة الجمعة تحقق ما كان يخشاه أردوغان، حيث قامت مجموعة من الجيش بالسيطرة على المطار، ووضعت دبابات على مضيق البسفور، وتم الإعلان عن الإطاحة بالنظام التركي"، مضيفة أنه ومع تراجع أزيز المروحيات، وغسيل الدماء من الشوارع، فإن انتصار أردوغان يبدو نهائيًا وكاملًا، وتجنب حدوث كارثة، إلا أن العالم الآن يواجه رؤية رئيس منتقم معزول، ولا يمكن التكهن بأفعاله، فهو يدير أهم دولة في الشرق الأوسط". وترى الصحيفة أن "نجاة أردوغان تستوجب الارتياح لا الاحتفال، حيث إن رحيله تحت إثر المدافع كان سيدخل دولة عضوًا في حلف "الناتو" في دوامة أزمة دستورية ديمقراطية، خاصة أن أنقرة تعيش حالة من التشتت، ولأصبحت الحدود التركية السورية منطقة فوضى، ومعبرًا للإرهاب، وأسوأ من الحدود الباكستانية الأفغانية". ولفتت "التايمز" إلى أنه لو نجح الانقلابيون لكانت كارثة، مُحذرة في الوقت نفسه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، من النزعة الاستبدادية في الحكم. وأشارت إلى أن تركيا تعد وطنًا مُؤقتًا ل2.5 مليون لاجئ من الحروب في سوريا والعراق، قائلة: إن "تركيا بلد مهم، لأن فيه قاعدة إنجرليك الجوية، وهي القاعدة الجوية الأمريكية الأقرب لمناطق تنظيم الدولة"، مضيفة أن النزاع بين الجيش العلماني والمؤيدين الإسلاميين، الذين يشكلون نصف السكان كان سيؤدي إلى تداعيات خطيرة على تركيا وجوارها الأوروبي". ونقلت الصحيفة عن رئيس الوزراء السويدي السابق كارل بيلدت، تغريدته على "تويتر"، والذي لخَّص تفكير العديد من الحكومات الغربية قائلاً: إن "علينا الوقوف مع الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا في تركيا، مهما كانت تحفظاتنا"، مشيرًا إلى أن أعداء أردوغان كلهم يوافقون على هذه الرؤية، حيث اجتمعت الأحزاب الأربعة يوم السبت، وأصدرت بيانًا واحدًا ونادرًا، شجبت فيه هذه المحاولة الفاشلة، ووصفتها بأنها "هجوم على البرلمان ذاته". وأوضحت أن تاريخ البلد الحديث يشير إلى الدور المؤثر الذي أداه الجيش، فمنذ أن وضع مصطفى كمال أتاتورك الأسس للدولة الحديثة في عشرينيات القرن الماضي، فقد تم تحقيق رؤيته العلمانية أحيانًا عبر الدبابات والطائرات، وذلك من أجل القضاء على الحكومات المنتخبة، وكانت النتيجة اقتصادًا مشلولًا بسبب تراجع الاستثمار والتضخم العالي اللذين تسبب بهما قادة عاجزون لم يكونوا قادرين على بناء سلطة جوهرية لهم، بعيدًا عن حدود بلدهم". وبحسب الصحيفة، فإنه "منذ عام 2002 حقق حزب العدالة والتنمية الإسلامي لتركيا الازدهار والقوة ونوعًا من الاستقرار، وإن كان على حساب حقوق الإنسان والحريات، وقام أردوغان بتطهير الجيش والنظام القضائي والإعلام للقضاء على مؤامرات مزعومة، والآن وقد ثبتت شكوكه، إذ قام بحملة تصفية حسابات لتعزيز سلطته، وتم اعتقال أكثر من 2800 من الجنود، وعزل 2700 من سلك القضاء". وأضافت أن أردوغان يرغب في إعادة تطبيق أحكام الإعدام، وذلك لمعاقبة المتآمرين، مشيرة إلى أنه طالب الولاياتالمتحدة واليونان بحزم بأن تسلما المعارضين المتورطين في تلك المؤامرة، وأهمهم رجل الدين فتح الله جولن المقيم في بنسلفانيا. واختتمت الصحيفة بالقول: "على الحكومة التركية العمل بحذر، لأن حكم القانون هو الضامن الوحيد لشرعية الدولة، وطريق أردوغان الأصوب للبقاء في الحكم لأنه يعد الوحدة والدعم الدولي له، وليس الديكتاتورية، فهو بحاجة للأصدقاء".