زعيم حركة طالبان، الملا أختر منصور، الذي رجّح مسؤولون أمريكيون مقتله في غارة جوية أمس السبت، كان قد تولى منصبه في يوليو الماضي بعد أن أعلنت الحركة وفاة مؤسسها الملا عمر قبل نحو عامين. كان "منصور" في البداية يُعرف بكونه يفضل مباحثات السلام مع الحكومة الأفغانية، لكنه بعد أن أصبح زعيمًا للحركة تكرر رفضه للانضمام إلى طاولة المفاوضات. "منصور" كان هو الأكثر ترجيحًا لتولي القيادة بعد إعلان وفاة مؤسس الحركة الملا عمر، الذي تزعم الحركة منذ نشأتها في خضام الفوضى التي ضربت البلاد في أثناء الحرب الأهلية في التسعينيات. ولد "الملا أختر" في محافظة قندهار جنوب البلاد، في بداية الستينيات، وكان جزءًا من الحركة منذ نشأتها، كما أصبح مسؤولًا في 2013. وقضى زعيم طالبان جزءًا من حياته في باكستان، مثل الكثير من أبناء أفغانستان الذين هربوا من الاحتلال السوفيتي، وكان كثيرًا ما يتهم بأنه له صلة وثيقة مع وكالة الاستخبارات الباكستانية، والتي كانت تغذي حركة طالبان في التسعينيات، وحتى الآن يتهم بتأجيج التمرد. شغل "منصور" منصب وزير الطيران المدني في حكومة طالبان التي حكمت أفغانستان من 1996 حتى أطيح بها من قبل الغزو الأمريكي في عام 2001، عندما هرب مرة أخرى إلى باكستان. وكان يمتلك قدرة ماكرة للتنقل بين التيارات المختلفة في حركة طالبان، من مجلس شورى "كويتا" إلى "المكتب السياسي" في قطر إلى القادة الميدانيين في أفغانستان. وحتى يتمكن من تولي قيادة الحركة، قام (منصور) ببعض المناورات للالتفاف حول الملا يعقوب ابن الملا عمر الذي اختاره بعض القادة كزعيم جديد، ولكنه لم يتم تنصيبه بسبب صغر سنه وعدم خبرته. بداية صعبة للقيادة لم تكن بداية قيادته للحركة بالأمر السهل، فكان بعض من قادة طالبان غير سعداء، بسبب اعتقادهم أن منصور قد غرر بهم لأكثر من سنة عن وفاة الملا عمر، كما اتهمه الآخرين بتجاهل عملية تعيين خلفًا له. وعلى الرغم من أنه كان وثيق الصلة بسلفه، فإنه لم يعرف بهالة السلطة الدينية التي اقترنت بالملا عمر، ولذلك لم تمنحه طالبان لقب "أمير المؤمنين" الذي كان يعرف به القائد القديم. كما واجه في البداية تحديًا كبيرًا في محاولته لتوحيد الحركة التي كان يظهر عليها بالفعل علامات التفكك بسبب التساؤولات حول شرعيته، كما أن توليه أعلى سلطة في طالبان لم تعزز موقفه. ولكن يقول المحللين: إن "منصور سرعان ما بدأ في تعزيز سلطته، واستئصال المعارضة لقيادته عن طريق شراء الدعم من قادة المتمردين، وسحق الجماعات المنشقة وجذب المنشقين عن طريق المناصب القيادية". ضربات حاسمة كان هناك تكهنات عن مصير "منصور" في الصيف الماضي بعد التقارير التي أفادت بإصابته بجروح بالغة في تبادل لإطلاق نار مع قادته في باكستان بعد فترة قصيرة من توليه زمام القيادة. ونشرت طالبان فيما بعد تسجيل صوتي قالت: إنه "للملا منصور، ينفي التقارير التي تحدثت عن تبادل إطلاق النار"، ووصفها بأنها "دعايا مضادة". وتصاعدت الحركة المتطرفة مع تولي منصور قيادتها، وظلت القوات الأفغانية تصارع لكبح جماح توسع عمليات التمرد في البلاد، وبعد فترة وجيزة، في سبتمبر، استعادت الحركة مدينة "قندوز" الاستراتيجية، وهو ما اعتبر أهم انتصاراتهم المذهلة منذ 14 سنة. ونفذت الحركة سلسلة من الهجمات العنيفة، خلال العام الماضي، على عدد من السفارات ومقرات وسائل الإعلام والأمم المتحدة و"الناتو"، وكذلك بالقرب من الحي الدبلوماسي في "كابول". وفي رسالة حديثة نشرت على الإنترنت، دعى منصور أتباعه للاستعداد ل"ضربات حاسمة" خلال "هجوم طالبان الربيع السنوي".