اجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الثلاثاء، عددًا من الكتاب والمفكرين، بحضور حلمي النمنم وزير الثقافة، ووزيري الثقافة السابقين، جابر عصفور ومحمد صابر عرب، وعدداً من أعضاء المجلس الأعلى للثقافة. قال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية إن الاجتماع يأتي في مستهل سلسلة من اللقاءات التي يعتزم السيسي إجراءها مع مختلف القوى المصرية الفكرية والسياسية والاقتصادية، و تهدف إلى تحقيق مزيد من التواصل والتعاون للتصدي للتحديات وصياغة رؤية مستقبلية لمصر تقوم على أساس الحوار والمشاركة المجتمعية. السيسي استهل الاجتماع بتأكيد أهمية تصغير الفجوة بين التنظير والرؤى، والواقع العملي؛ للتمكن من تحويل الأفكار والمقترحات إلى سياسات على أرض الواقع، منوهًا بصعوبة الواقع الإقليمي الذي تشهده المنطقة في الوقت الراهن، وما يشكله ذلك من تحدٍ يتعين تكاتف كافة القوى الوطنية للتغلب عليه؛ لتحقيق آمال وطموحات المصريين. الرئيس استمع إلى رؤى ومقترحات الحضور، التي تناولت تأكيد أهمية زيادة مشاركة القطاع الخاص والأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية والنقابات المهنية في جهود التنمية الشاملة، بما يدعم البُعد التنموي لدور تلك المؤسسات. لفت الحاضرون إلى أهمية دور الإعلام، والعمل على ضبط الأداء الإعلامي، وتصويب ما يشوبه من قصور في الآونة الأخيرة، فضلاً عن إظهار الصورة الحقيقية، والتعريف بالجهود التنموية التي تبذلها الدولة، وما حققته من إنجازات في هذا الصدد، مع التركيز على قضايا الوطن المحورية؛ لتعريف المواطنين بالحقائق من منظورٍ يستهدف تحسين الأداء، والمساهمة في دفع عملية التنمية. أشار الحاضرون إلى أهمية تدارك مشكلة الاستقطاب والانقسام، اللذين يهددان العديد من دول المنطقة، منوهين بأنهما أصبحا يسودان مختلف مناحي الحياة في العديد من دول المنطقة، سواء على الصعيد السياسي أو الثقافي أو الديني، وشدد على أهمية ضمان حرية الرأي والتعبير دون قيود، وتوفير بيئة مواتية لازدهار الفكر والثقافة بما يتناسب مع كون مصر دولة مدنية، منوهين بأن مصر كانت لها إسهاماتها الفاعلة في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وعدد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات الصلة، وأكدوا أهمية التصدي لكافة محاولات تهديد أو تقسيم الدول العربية. المشاركون في اللقاء ربطوا بين المشكلات الاقتصادية، وتدهور السلوك الاجتماعي وانتشار الفكر المتطرف، مبينين أن جهود الإصلاح الاجتماعي وتجديد الخطاب الديني، يتعين أن تتزامن مع التوصل إلى حلول عملية للمشكلات الاقتصادية، كما أكدوا أهمية النهوض بقطاعيّ الصناعة والزراعة في مصر ومكافحة البطالة، فضلاً عن تحقيق معدلات مرتفعة للتنمية وليس للنمو فقط، علاوةً على عدالة توزيع الدخول. السيسي أ كد أن أعظم إنجازات ثورتيّ المصريين هو القضاء على احتكار السلطة، أو البقاء فيها ضد إرادة الشعب المصري، ونوه بأ ن الأولوية خلال المرحلة الراهنة هي الحفاظ على الدولة المصرية وصيانة مؤسساتها، مع العمل على إصلاحها. ذكر السيسي أن الدولة حريصة على تحقيق التوازن المنشود بين الحقوق والحريات، وبين الاعتبارات الأمنية الضرورية لاستقرار الدولة ومواصلة مسيرتها، أخذاً في الاعتبار مسئولية الدولة عن مصير ومستقبل 90 مليون مصري. نوّه السيسي، في هذا الصدد، بأنه تم الإفراج عن أربع دفعات من المحبوسين بمبادرات من المجلس القومي لحقوق الإنسان، وشباب الإعلاميين، وأوضح ضرورة إيلاء الاهتمام اللازم بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية؛ لتوفير ظروف إنسانية أفضل لمحدودي الدخل والفئات الأولى بالرعاية مثل قاطني العشوائيات، جنباً إلى جنب مع الحقوق المدنية والسياسية التي يتعين تنميتها وازدهارها، وشرح حرص الدولة على توفير فرص العمل، وأن المشروعات التنموية التي تنفذها الدولة وفرت ما بين 2-3 ملايين فرصة عمل. شدد السيسي على أن الدول لا تقوم إلا بالعرق والجهد، وأنه حرص على مصارحة الشعب المصري منذ البداية بصعوبة الواقع الاقتصادي في مصر، والذي يقتضي تكاتف الجهود وتحمُل الظروف الصعبة حتى تحقق البلاد مستقبلا أفضل، مؤكدًا أنه رغم صعوبة الظروف الاقتصادية لمصر، إلا أنها حافظت على استقرار القرار الوطني، وراعت مصالح شعبها قبل أي اعتبار آخر. أوضح الرئيس أن حرية الإعلام تستهدف منح هذا القطاع الحيوي الفرصة للتنظيم الذاتي، والقيام بدوره الوطني في تلك المرحلة الدقيقة من مسيرة الوطن، مشيراً إلى أن العديد من الحاضرين يعملون في هذا المجال، وتُتاح لهم الفرصة للتعبير عن رؤاهم وتوجهاتهم في العديد من المنابر الإعلامية. سلط السيسي الضوء على أهمية دور المرأة المصرية الذي يحظى بكل احترام وتقدير، فضلاً عن مشاركتها الواعية على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على الصعيدين الداخلي والدولي، متناولًا المكانة السامية التي تتميز بها المرأة في الإسلام الحنيف. في إطار أهمية دور المثقفين والمفكرين في المشاركة في قضايا الوطن، دعا السيد الرئيس الحاضرين إلى تشكيل مجموعات عمل يضمون إليها من يرون من الخبرات المصرية؛ للتباحث بشأن مختلف القضايا الوطنية والتحديات التي تواجه الدولة المصرية، مع طرح سُبل التصدي لتلك التحديات على أرض الواقع. أوضح السيسي أنه سيلتقي بالحاضرين بعد شهر لمناقشة ما تم التوصل إليه من توصيات في هذا الشأن، مشدداً على إيمان الدولة المصرية بأهمية الحوار والمشاركة المجتمعية، وأنه لا احتكار للسلطة في مصر فرئيس الدولة ذاته هو اِبن من أبناء مصر.