بأدوار قليلة، حفر النجم الراحل "عبد الله غيث"، ذكراه في أذهان الجمهور العربي الذي انبهر ب"ابن العمدة" الذي وصل للعالمية وعلم "أنتوني كوين" أشهر نجوم هوليوود. يحل اليوم 13 مارس من عام 1993، ذكرى رحيل عبد الله غيث أو كما عرف بالوسط الفني بلقب "ابن العمدة"، الذي رحل عن عالمنا بعد حياة لم تكن بالطويلة عن عمر يناهز 63 عام، وبدأت بطفولة ممتلئة بالشقاوة والعنفوان بين أطفال كفر شلشلمون بمنيا القمح في محافظة الشرقيةمسقط رأسه الذي شهد ميلاد أحد أبرز نجوم المسرح العربي طوال خمسين عاماً. أسرة ثرية يعتبر عبد الله غيث الأخ الصغر للفنان حمدي غيث وأخر أبناء أسرته الميسورة التي تمتلك مئات الأفدنة حيث كان لوضع أبيهم مكانة مميزة حيث درس الطب في لندن أجاد الإنجليزية ولكنه عاد لقريته ليتولى العمودية بقريته مع بداية الحرب العالمية الأولى. فشل مدرسي وتفوق بالمعهد بعد وفاة الده وهو مازال صغيرا أكمل عبد الله غيث تعليمه المدرسي بالكاد حتى حصل على شهادة الثانوية، فقد كان تليمذًا شقيًا يكره الذهاب إلى المدرسة، ويفضل مشاهدة السينما والمسارح والحفلات الصباحية، ولكن خلال تلك الفترة عمل بالزراعة وأشرف على أرضه لمدة استمرت حوالي عشر سنوات ثم انتقل إلى القاهرة والتحق بمعهد الفنون المسرحية وكان من الأوائل لحبه في هذا المجال الذي تتلمذ فيه على يد أخيه حمدي غيث الذي عمل أستاذاً بالمعهد بعد رجوعه من بعثته الدراسية بالعاصمة الفرنسية باريس، وهذا ما أبعد فكرة اختياره ليرعى مصالح عائلته وأن يكون عمدة قريته بدلًا من عمه الذي توفي بعد أبيه. زواج مبكر اتسم هذا العصر بالزواج المبكر للإناث والذكور فقد تزوج غيث صغيراً في عمر ال18 عام من ابنة خالته التي رافقته طوال رحلة عمره وأنجبا ثلاثة أبناء وهم أدهم وعبلة والحسيني، لكنه حرص على إبعادهم التام عن مراقبة عدسات الكاميرات وأقاويل الصحافة. موهبة علمت نجم هوليوود نجح عبد الله في إثبات نفسه وموهبته بعيدًا عن شخصية أخيه ومعلمه حيث قدم 51 عملًا فنيًا، بين الأفلام السينمائية والمسرحيات والمسلسلات التي تنوعت بين الاجتماعي والتاريخي والإسلامي، ووصل اسمه إلى العالمية وهو على أرض بلاده، بعد تألقه طويًلا عن خشبة المسرح وعلى الشاشة الصغيرة، لفت أنظار المخرج السوري مصطفى العقاد وقت تصويره الفيلم السينمائي "الرسالة" عام 1976، حيث اختاره لتقديم شخصية حمزة بن عبدالمطلب عم الرسول صل الله عليه وسلم، في النسخة العربية نفس الشخصية التي قدمها النجم العالمي أنتوني كوين بالنسخة الإنجليزية. دفعت موهبة عبدالله أن يتخذ أنتوني والمخرج العقاد أن يغيرا من أسلوب التصوير، حيث كان يسير بأن يبدأ تصوير المشاهد بالفريق الأجنبي، ثم يعيد التصوير بفريق الممثلين العرب، حتى يتعلم العرب من الأجانب وبعد ثلاثة مشاهد من أداء عبد الله المميز اندهش كوين من براعته فطلب من المخرج أن يتم تصوير المشاهد بالنسخة العربية قبل الإنجليزية، حتى يشاهد عبدالله ويتعلم منه ولعل أبرز المشاهد التي تابعها كوين باهتمام كانت الخاصة بالوضوء وانبهر بها، قائلا: "لولا أنني رأيت الفنان عبدالله غيث، ما كنت أديتها بهذه الصورة، ولو كان عبد الله غيث في أوروبا أو أمريكا لكان له شأن آخر".