رغم مضي 46 عاما على حرب الخامس من يونيو فإن اسئلة هذا الحدث الجلل مازال حاضرا بقوة في الثقافة العربية، ليس القصد أن نحول يوم الخامس من يونيو 1967 الى نص للوجع نقيم فيه أبدا، لكن اللحظات المفصلية في تاريخ اي امة تبقى للأبد ضمن نسيجها بصيغ وتعبيرات مختلفة باختلاف الأشخاص. وإن صحت مقولة «إن من يفقد السؤال يفقد الجواب» فإن اسئلة يونيو تنطوي على اهمية كبيرة لأنها تتعلق في المقام الأول بالمستقبل المنشود وهو أهم بكثير من «حائط المبكي العربي» الذي اقيم منذ هذه الحرب المشؤومة. والحروب الكبرى تؤثر دوما على المشهد العام في اي امة واي دولة وهذا ماحدث في مصر والأمة العربية كما حدث في المانيا وبريطانيا وحتى الآن تصدر كتب جديدة عن المشهد الألماني غداة الهزيمة في الحرب العالمية الثانية ومن بينها اعمال ابداعية مثل الرواية الجديدة:«العواقب» لريديان بروك. وفي هذه الرواية الجديدة الصادرة بالانجليزية صورا تبعث على القشعريرة من حجم الدمار والبؤس الانساني في المانيا بعد هزيمتها المريرة أمام الحلفاء. ويتناول المؤلف بمعالجة ابداعية ومن خلال بطل الرواية وهو كولونيل بريطاني تفاصيل ماعرف «بعملية نزع الطابع النازي لألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية» والاستمارة التي كانت تحوي 133 سؤالا يتعين على كل مواطن الماني الاجابة عليها حتى يمكن تحديد مدى ولائه او تعاونه مع نظام هتلر ومن ثم تصنيف الألمان حسب تحليل الخبراء لتلك الاجابات . لواقع انها كانت عملية إذلال يمارسها الغالب على المغلوب في الحرب العالمية الثانية ووضعت أمة بأكملها في قفص الاتهام وكأنها تجسد المقولة الشهيرة «ويل للمغلوب»أما في مصر بعد حرب الخامس من يونيو فكانت القصة مختلفة كثيرا عما حدث في المانيا. رغم الأرواح الممزقة والمباني المدمرة والأرض التي احتلت ودنسها الغاصب والمسجد الأقصى الأسير يرفض البعض حتى الآن وصف ماحدث بالهزيمة معتبرا انها مجرد «نكسة» وفي المقابل فان البعض الآخر يرى ان المصريين هزموا أولا على يد نظام قمعي قبل أن تهزمهم اسرائيل.