تنتظر مصر كلمة الفصل لمجلس النواب، في مشروع قانون الخدمة المدنية، ويترقب نحو 6 ملايين و200 ألف موظف في جهازها الإداري، ما ستسفر عنه جلسات البرلمان، بعدما أصاب الارتباك كافة الهيئات، في ظل التساؤل حول ما الإطار القانوني الذي سيتم من خلاله تنظيم التنقلات والقرارات الإدارية، بل وحتى صرف رواتب شهر مارس. يقول أحمد علي، موظف في إحدى الهيئات الحكومية، أن حالة من "الشلل" أصابت كافة مؤسسات الدولة، فلم تعد قادرة على اتخاذ أي قرارات إدارية، سواء بالنقل أو الانتداب أو التعيين على درجات وغيرها، بسبب عدم وضوح الرؤية، وهل سيتم العمل بقانون الخدمة المدنية بعد تعديله، أم سيتم العودة إلى قانون 47 لسنة 78. في حين تتساءل نهال الفقي، موظفة منتدبة بجامعة عين شمس، عن موقف المنتدبين، وجهة صرف الراتب، موضحة أنه في قانون 47، كان يتم صرف الراتب الأساسي من جهة العمل المعين بها الموظف، والراتب المتغير على الجهة المنتدب إليها، وتابعت: "أما قانون الخدمة المدنية، فنص على أن تتحمل الجهة المنتدب إليها دفع راتب الموظف بالكامل، وهو ما أسفر عن مشاكل في عدة جامعات وهيئات حكومية، ودفع بعضها إلى إلغاء ندب الموظفين". كما تناول محمد السيد، موظف في مصلحة الضرائب، الأزمة التي أثيرت خلال نهاية العام الماضي، وتظاهر العاملين ضد قانون الخدمة المدنية، منوهًا بأن الفيصل في موافقة الموظفين على قانون الخدمة المدنية، هو عدم المساس بالحوافز الخاصة بهم، ولفت إلى أنه حتى لو قبل البرلمان بإجراء بعض التعديلات "الشكلية"، وتجاوز عن النقاط الخلاف الأساسية في القانون، فإن موجة الغضب لن تهدأ ضده. حسام كامل، عامل، روى مشكلته بسبب ضبابية المشهد، موضحا أنه حصل على دبلوم، وقام بتسوية أوضاعه، وتم تخصيص درجات له وزملائه للتعيين كموظفين، لكن لم يتم تسكينهم في وظائف، مكملًا: "حصلت على كارنية الموظف، لكني لازلت أشتغل كعامل، لأن ما فيش وظيفة، وعندما أتحدث مع الإدارة، يخبروني بأن الأزمة في جميع الهيئات، والجميع غير قادر على اتخاذ القرار، وبعضنا يشعر بأن هذه مجرد حجة لكي لا يتم تسكيننا في درجاتنا كموظفين". من جانبه، أوضح الدكتور ممدوح إسماعيل، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، وعضو لجنة إعداد اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية، أن الجهاز الإداري يشهد حالة من "الارتباك" بسبب غياب قانون منظم للعمل به، مكملًا: "مش عارفين نعمل إيه، الأزمة تستحق تدخل سريع لإنهائها، البرلمان مطالب بضغط وقت مناقشة مشروع قانون الخدمة المدنية المعدل؛ لسرعة انتشال الجهاز الإداري من حالة الارتباك". إسماعيل أوضح، في تصريحات ل"التحرير"، أن هناك سيناريوهين للخروج من الأزمة الخاصة بصرف مرتبات مارس، قائلًا: "إما أن ينتهي مجلس النواب من نظر تعديلات المشروع، ويتم الموافقة عليه، ومن ثم نشر القانون في الجريدة الرسمية؛ ليصبح ساري العمل، وهذا صعب جدًا أن لم يكن مستحيلًا؛ لأن البرلمان سيحتاج وقت لإعادة المناقشة، وأن يعدل على المشروع أو يضيف فيه أو غيره، ومن الممكن أن يصوت على القانون بمجمله، أو كل مادة على حدى، ومن الوارد أن يقرر إعداد قانون آخر". أكمل إسماعيل: "من الممكن أن يصدر تشريع لفترة انتقالية، بعودة العمل بقانون 47 في صرف مرتبات الموظفين، خاصة وأن الرئيس عبد الفتاح السيسي، أصدر الأربعاء الماضي، قرارًا بتفويض رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل في مباشرة بعض اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة (47)، فيما يتعلق بوظائف الدرجتين العليا والممتازة".