- قاضى "بيت المقدس" يسمح لسيدة كفيفة بلقاء نجلها.. ويشدد على الأمن إدخال أهالى المتهمين حتى الأطفال - ومحكمة "اقتحام قسم التبين" تنحاز لدموع العجوز وتسمح لقها برؤية ابنها ويؤكد: "سيبوها تقعد معاه على راحتها ماحدش يضايقها" - و"شيرين فهمى" يطمئن على صحة متهم فى "التخابر مع قطر" ويسمح بدخول المتهمين "الحمامات" دون إذن المحكمة - المستشار حسن فريد قاضى "بيت المقدس" ل"التحرير": نراعى ظروف المتهمين وأسرهم نبعًا من "الإحساس بالإنسانية" - رئيس محكمة الجنايات: أهم حاجة البعد الإنسانى والقانون ياخد مجراه بعد كده لا شك أن هيبة القاضى لم تأت من فراغ، فبكلمة واحدة ينطق بها يزج بمتهم خلف غيابات السجون لعقود طويلة، وبأخرى تبرأ ساحة متهم من جريمة تم إلحاقه بها زورًا وبطلانًا، فالقاضى يحقق القانون بكل صرامة بغض النظر عن شخصية المتهم الماثل فى قفص الاتهام، إلا أن القاضى فى كثير من الأحيان يفضل تغليب قلبه جنبًا إلى جنب عقله، فى إدارة الجلسة، للخروج بها بأفضل سيناريو ممكن. "التحرير" ترصد خلال السطور المقبلة بعضًا من المواقف الإنسانية للقضاة داخل ساحات المحاكم، فرضت نفسها على الساحة خلال الفترة الأخيرة للقضايا المتلاحقة فى أروقة المحاكم. المستشار حسن فريد، رئيس محكمة الجنايات، فى لافتة إنسانية خلال مباشرته جلسة اليوم، السبت، فى القضية المعروفة باسم "أنصار بيت المقدس"، سمح لسيدة كفيفة بلقاء نجلها المتهم داخل القفص، وأصدر أمرًا لأمن قاعة المحكمة بتنفيذ قراره. القاضى والكفيفة رئيس المحكمة لم يتوان لحظة واحدة عن إصدار قراره السابق، بعدما توجه إليه محامى المتهم برسالة السيدة الكفيفة، قبل نهاية الجلسة، جاء بالرسالة "لدى رسالة إلى هيئة المحكمة الموقرة من سيدة كفيفة تطلب من حضراتكم السماح لها بلقاء نجلها لدقائق معدودة للاطمئنان عليه داخل القفص". فرحة غامرة الأم انتابتها فرحة غامرة، وعبرت بذلك لمحاميها، وحاضرى الجلسة، وقدمت الشكر لرئيس المحكمة على موقفه الإنسانى، رغم أن المتهمين فى القضية -حسب أمر إحالتهم للجنايات- من العناصر الخطرة، ممن خططت لارتكاب جرائم ما بحق رجال شرطة وجيش. دموع الحاجة شلباية عرفت طريقها للقاضى وفى إحدى جلسات قضية "اقتحام قسم شرطة التبين"، دخلت سيدة عجوز إلى قاعة المحكمة وعيناها تدمعان على فلذة كبدها المحبوس منذ 20 شهرًا، دون أن تراه ولو لمرة واحدة، جلست فى الصفوف الأخيرة وحيدة بعيدة عن كل الحاضرين بالقاعة تنتظر صعود القاضى إلى المنصة، لم تنظر لأحد، وظلت منتبهة فقط لقفص المحكمة وقلبها يتمزق لهفة وشوقًا لرؤية نجلها، الذى لطالما كانت تطوق لمعرفة أخباره، فهو العون والسند لها فى دنياها. الحاجة شلباية، صاحبة السبعين عامًا، جاءت من حى التبين الرامى على أطراف مدينة القاهرة، إلى معهد أمناء الشرطة، حيث تنعقد جلسات محاكمة نجلها عبد الفضيل محمد المحبوس فى قضية اقتحام قسم شرطة التبين، لم تستمع السيدة العجوز لنداءات محامى نجلها الذى كان رافضًا مبدأ ذهابها إلى المحكمة من الأساس لعدم تمكنها من الدخول وصعوبة رؤية ابنها، لأنه غير مسموح بدخول الأهالى إلى قاعة المحكمة، إلا أن أمومتها تغلبت عليها، وضربت بحديثهم عرض الحائط، وجاءت من أقصى جنوبالقاهرة تتلهف لنجلها، وتدخلت الأقدار لنصرتها وتلبية رغباتها الملحة، وتمكنت بالفعل من دخول قاعة المحكمة. عجوز التبين تحدت الظروف طمعًا فى كرم القاضى "التحرير" كانت شاهد عيان على السيدة العجوز التى تحدت كل الظروف، ففور انعقاد الجلسة الأخيرة لقضية اقتحام قسم التبين، فوجئ الحاضرون بجلوس السيدة العجوز داخل القاعة، وما أن صعد المستشار محمد شيرين فهمى، رئيس المحكمة إلى المنصة، حتى قال "فين الست اللى جاية تزور ابنها هنا"، فانتبهت العجوز لحديث القاضى، وهو المعروف عنه الحسم والحزم فى إدارة جلسته، انتبهت السيدة وكادت الدهشة تذهب بعقلها "لماذا ينادينى القاضى؟.. ماذا يريد لعله خير؟". المستشار محمد شيرين فهمى لعجوز: "خلوها تشوف ابنها على مهلكم عليها" جاءت السيدة من الصفوف الأخيرة بالقاعة وصولاً إلى المنصة تلبية لنداء رئيس المحكمة الذى نظر إليها بعناية وحدثها قائلاً "انتى جاية تشوفى ابنك.. أول مرة تشوفيه؟"، فأجابت "أيوة يا ولدى ماشفتوش من ييجى سنتين كدة وقلبى هيتقطع عليه عايزة أشوفه"، فعقب رئيس المحكمة موجهًا حديثه لحرس القاعة من رجال الشرطة المحكمة "خلوها تشوف ابنها حالًا وتقعد معاه لغاية ما ترحلوا المساجين، سيبوها تقعد معاه لوحدهم من غير ما تضايقوها.. على مهلكم عليها"، سيطرت الفرحة عليها وكان الصمت يلازمها وقتما نطق القاضى بقراره. عيون العجوز، ربما تكون قد وجدت طريقها ولاقت صدى كبيرًا فى قلب القاضى، الذى استجاب لأمومتها، وكانت كلماته بمثابة مفاجأة بالنسبة لكثيرين من حاضرى الجلسة، خاصة أن المستشار محمد شيرين فهمى يدير الجلسة وفقًا لأطر القانون وكان من الممكن أن يسمح للسيدة بزيارة نجلها فى محبسه لا داخل قاعة المحكمة كما فعل. بالفعل تخطت المرأة العجوز الحواجز الحديدية بعد قرار القاضى، سبق قلبها قدميها وصولاً إلى باب القفص لرؤية نجلها، وكادت الفرحة تذهب بعقلها فبكت حين رأت ابنها "عبد الفضيل محمد" الذى ارتمى فى أحضان أمه، ودار بينها حديث. حسن فريد تراجع عن حكمه بحبس متهم 3 سنوات بعد اعتذار محاميه المستشار حسن فريد، أيضًا، سبق وطلب منه أحد المتهمين فى قضية "أنصار بيت المقدس" بالسماح له بالحديث للمحكمة، فإذا به يتوجه إلى المنصة قائلا: "حسبنا الله فيكم كفاية ظلم"، فحكم عليه القاضى بالحبس 3 سنوات بتهمة إهانة المحكمة، إلا أنه وبعد اعتذار محامى المتهم وتوضيح المبرر من قولة المتهم، تراجع القاضى "فريد" عن حكمه، وألغى الحكم بعد دقائق معدودة وقالت "كأنه لم يكن"، وذلك فى ضوء اعتذار دفاع المتهم للمحكمة على الإهانة التى صدرت من المتهم. موقف إنسانى آخر، صدر من المستشار حسن فريد، فى إحدى جلسات قضية "أنصار بيت المقدس" حيث سمح لأهالى المتهمين ومن بينهم أطفال بالدخول إلى قاعة المحاكمة لحضور جلسة محاكمة ذويهم، وذلك بعد شكوى هيئة الدفاع فى الجلسة السابقة من مدى المعاناة التى شهدها الأهالى بسبب منع الأمن لهم لحضور الجلسة. الأطفال يتواصلون مع آبائهم داخل القفص بالإشارات وأمر المستشار حسن فريد، بالسماح للأهالى بالتواصل مع ذويهم، واصطحب الأهالى الأطفال إلى داخل القاعة، لرؤية آبائهم، وأثناء انعقاد الجلسة ظل الأطفال يلوحون بأيديهم لذويهم محاولين التواصل والحديث من خلال بعض اللافتات المكتوبة وكذا عبر الإشارات والإيماءات. قاضى "التخابر" لمتهم: عامل إيه دلوقتى؟ فى قضية التخابر مع قطر، التى يحاكم فيها الرئيس الأسبق محمد مرسى، اطمأن المستشار محمد شيرين فهمى، وفى لافتة إنسانية، على صحة المتهم "أحمد إسماعيل ثابت"، وحدثه خلال الجلسة عن حالته الصحية، بعدما كان مضربًا عن الطعام ليؤكد له المتهم من داخل القفص على استقرار حالته الصحية. المحكمة للأمن: "دخلوا المتهمين الحمامات.. مش هنعذبهم معانا" المستشار محمد شيرين فهمى، وفى جلسة أخرى من ذات القضية "التخابر مع قطر"، صاح أحد المتهمين من داخل قفص الاتهام، طالبًا الدخول إلى دورة المياه، قام بعدها رئيس المحكمة بالنظر لقائد أمن القاعة، ونبه عليه قائلًا "أى متهم عايز يدخل الحمام دخلوه، ومتنتظروش إذن المحكمة، مش هنعذب الناس معانا"، قبل أن يصفق المتهمون من داخل القفص، ووجه دفاعهم الشكر لرئيس المحكمة على موقفه الإنسانى، الذى يرونه حقًا كفله لهم القانون، إلا أن موقف القاضى كان رائعًا. السماح للدفاع بلقاء المتهمين فى غرفة المداولة وفى قضية "التخابر الكبرى" التى كان يحاكم فيها الرئيس الأسبق محمد مرسى، والصادر فيها حكم بالسجن المؤبد، رفع المستشار شعبان الشامى, إحدى جلسات القضية، لمدة نصف ساعة للاستراحة وأداء صلاة الظهر، وذلك بعدما طلب دفاع المتهمين من رئيس المحكمة رفع الجلسة قليلًا ليتمكن من إبداء ملاحظاتهم وتدوينها بشأن أحراز القضية، وهو الأمر الذى لاقى استحسان المتهمين وفريق الدفاع عنهم، لرغبة القاضى فى تطبيق القانون بشكل صحيح، بجانب بعض اللافتات الإنسانية، إذ استجاب القاضى لطلب الدفاع برؤية المتهمين فى غرفة المداولة للحديث معهم على حريتهم، فوافق القاضى لطلبهم. وفى إحدى جلسات قضية "اقتحام قسم العرب" ببورسعيد، طلب أحد المتهمين من المستشار محمد سعيد الشربينى، رئيس المحكمة، بالسماح له بدخول الحمام، فوافق القاضى على الفور، وأكد لرجال حرس القاعة "دخلوهم الحمامات". المستشار حسن فريد، رئيس محكمة جنايات القاهرة، دائمًا ما يستجيب لطلب المتهمين لحظة صياحهم عليه من داخل القفص، سواء طلبهم بدخول الحمامات أو إدخال الأدوية إليهم. حسن فريد: نراعى البعد الإنسانى والقانون ياخد مجراه المستشار حسن فريد، رئيس محكمة جنايات القاهرة قال ل"التحرير" إنه يراعى الظروف الإنسانية لأهالى المتهمين، وإنه حين يتعاطف معهم فإنه يغلب الجانب الإنسانى، وهو الأمر الذى ينبع من "الإحساس بالإنسانية"، لأن شقيق المتهم أو أبيه أو ابنه، هو "إنسان وبشر". وأردف قائلاً "أهم حاجة نراعى البعد الإنسانى معهم والقانون ياخذ مجراه".