لا يخلو منزل فيها من وجود نول يدوي لغزل الحرير، ولا أسرة لا يعمل أحد أفرادها في صناعة السجاد، إنها عاصمة السجاد اليدوي فى مصر، قرية "ساقية أبو شعرة" بمركز أشمون بمحافظة المنوفية. تشتهر ساقية أبو شعرة بصناعة السجاد اليدوي، وتعد الصناعة أحد أعمدة الإنتاج التي يقوم عليها اقتصاد القرية، حيث تعتمد على تصدير السجاد إلى مناطق مختلفة من العالم، لتميزه بالجودة ودقة الصناعة. توارث الحرفة "أهم تقاليد القرية التي يسعى أهلها إلى اتباعها حتى الآن، فتعليم الطفل منذ صغره عادة لا بد منها، حتى لا تنقرض الحرفة مع تطور صناعة السجاد بطرق أخرى، وخاصة لارتباطها بصناعات أخرى كفك شرانق الحرير وغزله، وغزل الأقطان والأصواف". بداية من سن السبع سنوات يبدأ أطفال القرية في تعلم الغزل والنسج من أولى خطوات إعداد النول، حتى نسج الخيوط الحريرية وتصميمها على السجاد. 18 عاما قضاها الشاب محمد رزق داخل مصانع غزل السجاد بقريته، ففي عمر الثامنة بدأ بالنزول للعمل، لالتقاط سر المهنة، وتعلم الحرفة لتصبح مهنته الأساسية بعد ذلك، "لازم الواحد يبدأ وهو صغير عشان يتعلم صح" هكذا يقول رزق. رغم حصول رزق على شهادة تعليم متوسطة، إلا أنه قرر عدم العمل بها، وسلك طريق أجداده فى صناعة السجاد، فيقول أن حبه للصناعة وكيفية تشكيل السجاد من مجرد خيوط حريرة متناثرة إلى قطعة فنية تصدر للخارج هو ما شجعه. تعليم العقدة أولى المهارات التي يتعلمها الطفل، من خلال إعداد النول، وتثبيت الخيوط التي يتم نسج السجادة عليها، وبعد تلك الخطوة، تأتي مرحلة تصميم السجادة بتفريغ الرسم إلي ألوان يسير عليها أثناء مرحلة التصنيع، ثم تأتي المرحلة الأخيرة بصباغة خيوط الحرير البيضاء، للحصول على ألوان مختلفة. يشرح رزق تلك الطريقة التي يتبعها مع الأطفال خطوة بخطوة، لتعليمهم الحرفة بسهولة، فجزء أساسي من مهنته هو توريث الصنعة لأطفال قريته، فيقول إن أهم جزء يحاول تطبيقه، هو تشجيعهم معنويًا حتى يصبح العمل محببًا إلى قلوبهم، وليس مجرد طريقة لكسب الرزق. رغم عمل أغلب أطفال "ساقية أبو شعرة" في تصنيع السجاد، إلا أنهم لم يتركوا تعليمهم، للتفرغ للعمل، بل على العكس يصر أهل القرية على ذهاب أطفالهم إلى المدارس، وتخصيص جزء العمل في فترة الصيف والإجازات، بالإضافة إلى يوم الجمعة من كل أسبوع، حيث يجتمع جميع الأطفال للمساعدة في النول والغزل. بداية من خمس جنيهات حتى 25 جنيهًا، هي "يومية" الطفل، على حسب خبرته في الغزل، كما يحكي رزق، مضيفا أنه إذا تعلم بصورة أسرع، فإنه يعمل على مكافأته سواء بمبلغ مالي بسيط، أو بالحلوى، "لازم نرفع من معنوياتهم ونشجعهم يحبوا الشغلانة" هكذا يقول. محمود كرم فى الصف الثانى الابتدائي، أصغر العاملين في مصنع السجاد، يذهب كل جمعة مع أخوته محمد وإسلام لتعلم الصنعة واحترافها، ليتولى رزق تعليمهم أولى الخطوات. "بشتغل عشان أكسب بنفسي وأساعد أهلي في مصاريف الدراسة" هكذا يقول محمود عن هدفه من العمل لصنع السجاد، مضيفًا أنه يجد متعة في المهنة، من تشكيل الخيوط وغزلها، محاولًا إتقانها بسرعة ليصبح محترفًا بها مثل أخوته. أما معلمهم رزق فيحكي أنه يحاول معاملة الأطفال بطريقة أخرى تختلف عن معاملته مع أغلب العاملين في المصنع، فيقول "معاملة الأطفال محتاجة طريقة خاصة، فلازم تخليه مبسوط من جواه". يحلم رزق بالوصول بأطفاله إلى مستوى جيد في صنع السجاد، وأن يصل إنتاجهم إلى أماكن مختلفة، وتصدر إلى خارج مصر، ليعرف الناس المستوى المتميز للسجاد اليدوي من أيدى أبناء "ساقية أبو شعرة". * سكان قرية ساقية أبو شعرة بالمنوفية يعملون في كافة أنواع السجاد * تصنيع السجادة يبدأ بإعداد النول من خلال تثبيت الخيوط التي يتم نسج السجادة عليها * قام البعض من أهالي القرية بالتدريب على هذه الصناعة والعمل بها في منطقة الدراسة بالقاهرة * فى سن السابعة يبدأ الطفل بتلقى مهارات صناعة السجاد لينسج تحفة فنية تباع في الأسواق بآلاف الجنيهات * توفر هذه الصناعة فرص عمل بديلة لأهالي القرية تساعد على حل مشكلة البطالة * بدأت صناعة السجاد اليدوي في القرية منذ أكثر من 50عامًا * تعتبر ساقية أبو شعرة هي القرية الأم لصناعة السجاد اليدوي المصري من حيث الجودة والإنتاج * المرحلة الثانية باختيار تصميم السجادة وتفريغ هذا الرسم إلى ألوان على ورق الرسم البياني ليسير عليها العمال أثناء عملية التصنيع * المرحلة الأخيرة تتعلق بإعداد السجادة للبيع من خلال غسلها وكيها وتغليفها