زى ما حضراتكم عارفين الشعب المصرى ناس طيبين سايبنها على الله يميلون للثقة فى الآخرين، ليس فقط بسبب حسن النوايا ولكن أيضا لأنهم لا يميلون للتشكيك والصراعات والخناقات ويحبون مبدأ اللى تعرفه أحسن من اللى متعرفوش ويعشقون مقولة يلا نديله فرصة ثانية، والتى تنطبق فى نظرهم من أول صبى المحل الصغير اللى بيضيع العدة كل يوم مرورا بالكابتن الذى يهدر فرصة تهديف ضربة الجزاء فى كل ماتش وصولا إلى رئيس الجمهورية الذى يغير رأيه وقراراته فى كل خطاب، وبالتالى فإحنا ناس صبرنا أطول من حلقات المسلسلات التركى ونرتاح إلى إعطاء ثقتنا لمن يسعى إليها ثم نصبر على أعماله ونفضل نديله فرص متتالية علشان ينجز يا عينى وإحنا كمان نقدر نرمى ورا ضهرنا ونلتفت بقى لأعمالنا، وعليه فقد كان من الطبيعى عندما جاء الناس «بتوع ربنا»، وقالوا للمصريين إن إحنا حنوريكم بقى الشغل على أصوله وسنراعى ربنا فيكم علشان إنتم أمانة فى إيدينا والله على ما نقول شهيد، أقول كان من الطبيعى أن تنزل نسبة لا يستهان بها من الإخوة والأخوات المواطنين الطيبين فرادى وزرافات لتقف بالساعات أمام صناديق الاقتراع لانتخاب برلمان من اللى هو بتاع العبور للمستقبل والنهضة المصرية وحاجات كده، وإيمانا بذلك أعطوا للناس المؤمنين المتواضعين دول أغلبية فى مجلس الشعب وبعد كده روحوا بيوتهم مرتاحين ومطمئنين إنهم والحمد لله عملوا اللى عليهم وفتحوا أبواب الثقة العمياء على مصاريعها. فى اليوم التالى ابتدت زى ما عبد الحليم حافظ بيقول «الحكاية» فالإخوان صرحوا على رؤوس الأشهاد بأنهم لا سمح الله لن يحتكروا رئاسة اللجان بالمجلس، لأن المسألة زى ما احنا عارفين «مشاركة لا مغالبة» قلنا ماشى ولكن بعد قليل لقينا اللجان الهامة كلها تمت السيطرة عليها قلنا حقهم بصراحة يعنى طول حياتهم مضطهدين واحنا كمان حنقعد نضايقهم هو الكحكة فى إيد اليتيم عجبة! وفوتنا دى بس واربنا شوية أبواب الثقة اللى بدأت تزيّق فى إيدينا، بعد ذلك بدؤوا فى مهاجمة الحكومة الوحشه وسمعنا تعبيرات زى مصر مش حتركع أبدا أبدا أبدا وأننا لن ننبطح ومش عايزين القرض اللى فيه والعياذ بالله شبهة «ربا» قلنا خير شيلوا الحكومة وشكلوا إنتم حكومة حلوة شريفة عفيفة مؤمنة قالك لأ ملناش نِفس دلوقتى! فاضطرينا وقلبنا بيتقطع إننا نقفل كام باب من أبواب الثقة، ولكن الأغلبية من تلك الأبواب ظلت «مواربة» علشان الفرصة الثانية وخصوصا إنهم حلفوا بالعظيم إنهم غلابة مكتفين بالبرلمان ولا يمكن أبدا يفكروا فى الرئاسة وكلمتهم فى هذه المسألة «لا يمكن تنزل الأرض أبدا»! وصحينا يوم لقينا إنهم نازلين «جمعية» الرئاسة بنفرين بدل واحد وإن كلمتهم «نزلت» المرة دى ومش بس كده نزلوا اشتروا كل الليمون اللى فى البلد وعصروه على شوية ناس طيبين انتخبوا مرشحهم، وبالتالى مالقناش قدامنا غير إننا نقفل معظم أبواب الثقة اللى جابتلنا الكافية ونسيب كام باب احتياطى لعل وعسى، لأن الرئيس وعدنا وعود كتيرة زى جوائز رمضان، منها إن الجمعية التأسيسية للدستور سيعاد تشكيلها وإن الدستور حبيبنا سنكتبه كلنا مع بعضنا وإنه سيشرك المعارضة ويتشاور معاها وسيملأ القصر الرئاسى بمستشارين رايحين جايين يشيروا عليه وأن المرأة والأقباط حيشوفوا أيام سعادة وهناء ما شافوش زيها قبل كده وإحنا كالعادة علشان قلبنا أبيض قلنا اللهم اجعله خير، فالإخوان ورئيسهم اللى على طول مبتسمين فى البرامج الفضائية أكيد المرة دى كلمتهم مش حتنزل الأرض أبدا وحمدنا ربنا إننا مقفلناش كل أبواب الثقة اللى مبترضاش تنفتح بعد قفلها أبدا وعليه انتظرنا خطة المئة يوم والمئتى يوم والثلثمئة يوم، ولكن لا حياة لمن تنادى، وبالعكس الدستور اللى هو أحسن دستور فى العالم صدر بالفعل غصب عننا ومجلس الشورى حبيبنا شغال الله ينور عمال يصدر فى تشريعات على قلبنا والصكوك الشهيرة «بالإسلامية» أصبحت أمرا واقعا والحكومة بتجرى رهوان ورا القرض «الربوى» الوحش وكمان بتاخد قرض أغلى منه من الشقيقة الكبرى قطر، مش بس كده فهى تخطط لتأجير البلد مفروش وابتدت بالبلكونة البحرى فى قناة السويس، وكل ده بيحصل من غير ما حد يسأل ولا يعبّر المصريين الغلابة بتوع الثقة، وبالتالى يا حضرات كفاية علينا كده، لأن إيدينا وجعتنا بصراحة وفأفأت من سند أبواب الثقة «الثقيلة» علشان تفضل مفتوحة ويسعدنا أن نبلغكم إننا خلاص شيلنا إيدينا ورزعنا أبواب الثقة فى وشكم وكمان «حجّرنا» وراها بالطوب وتربسناها بالضبة والمفتاح وحنشوف حد تانى نثق فيه.. ولله الأمر من قبل ومن بعد!