من أبرز المناطق فى السياسة الخارجية للولايات المتحدة التى تسلط الضوء على المعايير المزدوجة التى تنتهجها واشنطن فى سبيل تحقيق مصالحها، ما يُعرَف بالقائمة السوداء للدول الراعية للإرهاب، التى تصدرها وزارة الخارجية الأمريكية سنويًّا. خلال الأسبوع الماضى أعلنت الولاياتالمتحدة أنها لن تجرى أى تغييرات فى القائمة التى تضم سورية وإيران والسودان وكوبا، لكنها تخلو من أسماء دول أخرى معروفة بتعاونها بشكل أو بآخر مع جماعات إرهابية تصنفها واشنطن ضمن المنظمات الإرهابية، وهو ما يدفع مراقبين إلى القول إن هذه القائمة ليست أكثر من مجرد أدوات الضغط التى تستخدمها الولاياتالمتحدة ضد الدول المقاومة أو المعادية لسياساتها. ويشير هؤلاء إلى أنه، على سبيل المثال، تعتزم واشنطن الإبقاء على كوبا ضمن القائمة، رغم أنها لم ترتكب أى عمل يمكن تصنيفه على أنه تهديد إرهابى لواشنطن، منذ نهاية الحرب الباردة. بل إن كوبا، وهى البلد المقاوم لسياسات واشنطن وتدخلاتها، منذ تولى فيدل كاسترو السلطة فى خمسينيات القرن الماضى، أدانت بقوة تفجيرَى بوسطن وجددت لواشنطن «رفضها وإدانتها القوية لكل أشكال الإرهاب». ومما يثير الشك لدى بعض الدوائر التحليلية حتى فى واشنطن نفسها من أن الدوافع السياسية تلعب دورا كبيرا فى تصنيف بعض الدول على أنها راعية للإرهاب، أن كوبا، وهى التى تمثل مع فنزويلا القطبين الأقويين ضد واشنطن فى أمريكا اللاتينية، هى نفسها التى تستضيف محادثات السلام بين حكومة كولومبيا وجماعة «القوات المسلحة الثورية فى كولومبيا (فارك) المتمردة، التى كانت هافانا تدعمها فى السابق». كما أن الاعتبارات السياسية تلعب كذلك دورا فى استثناء دول معينة من قائمة الدول الراعية للإرهاب، حسب أراش أراميش، خبير الأمن القومى بكلية ستانفورد للقانون، الذى يشير إلى أن باكستان تعد مثالا قويا على ذلك، فرغم أن إسلام آباد «تدعم بوضوح جماعات إرهابية ومتمردة»، فالحكومة الأمريكية رفضت طويلا إغضاب حليفتها بوضعها على القائمة. يُذكَر أن لائحة الدول الراعية للإرهاب أصدرتها الولاياتالمتحدة للمرة الأولى فى 29 ديسمبر الأول عام 1979 وضمت حينها ليبيا والعراق واليمن الجنوبى، بينما تمت إضافة سوريا وكوبا إلى القائمة فى أول مارس عام 1982 ثم أضيفت إيران فى عام 1984، وكوريا الشمالية فى عام 1988 والسودان فى عام 1993.