حذَّر خبراء في المياه والبيئة من خطورة تأثير التغيرات المناخية على غرق أراضي الدلتا وانتشار الأمراض الوبائية وتشريد ملايين المواطنين. "التحرير" رصدت الأزمة المتوقع حدوثها خلال عشرات السنوات المقبلة، لا سيَّما في ظل الحديث عن تعويضات مُلزَمة بها دول مثل الولاياتالمتحدةوالصين، الدائر بينهما خلاف حول هذا الأمر.. سيناريو الغرق بدايةً، قال الدكتور نادر نور الدين أستاذ الموارد المائية والري بجامعة القاهرة ل"التحرير": "هناك سيناريوهان لغرق الدلتا تمَّ إعدادهما من خلال التقرير الدولي للتغيرات المناخية، السيناريو الأول يتعلق بارتفاع مستوى سطح البحر المتوسط نصف متر مما سيؤدي إلى ضياع 10٪ من أراضي الدلتا وتهجير مليوني شخص وضياع مساحات حول بحيرات البرلس والمنزلة، أمَّا السيناريو الأكثر رعبًا فهو ارتفاع مستوى سطح البحر إلى متر ونصف المتر نتيجة ارتفاع درجة الحرارة على كوكب الأرض". وأضاف: "تقرير الهيئة الدولية للمناخ يؤكِّد ضياع ربع أراضي الدلتا بسبب هذه التغيرات المناخية، وستؤدي هذه التغيرات المناخية بدلتا النيل إلى تشريد عشرة ملايين نسمة من المقيمين في الدلتا، وإذا لم تتم السيطرة على انبعاثات الغازات الكربونية وبخاصةً ثاني أكسيد الكربون وأكاسيد الكبريت والهيدروكلورو كربون ستتأثر مصر بهذه التغيرات المتوقع حدوثها عام 2050". ولفت إلى أنَّ الأممالمتحدة أكَّدت أنَّ الانبعاثات الغازية في تزايد مستمر وبخاصةً من الدول الكبرى مثل الولاياتالمتحدةوالصين وروسيا والهند وهم يمثلون أكثر من 60٪ من الانبعاثات الغازية في العالم، وعليهم دفع تعويضات للدول المتضررة مثل مصر وفيتنام، لافتًا إلى أنَّه يمكن تحديد مسؤولية كل طرف في هذا الشأن. وألمح نور الدين إلى أنَّ مصر لا تنفق أي موارد مالية لتدعيم سواحل البحر المتوسط لرفع مستواها إلى ما يقرب من المتر، مشيرًا إلى ضرورة أن تتخذ الحكومة التدابير اللازمة حول ساحل المتوسط من محافظة الإسكندرية حتى محافظة بورسعيد، لافتًا إلى أنَّ أحد أهم بوادر هذه التغيرات بدأت تظهر بمدينة رشيد، حيث ضاع أكثر من كيلو متر منها من خلال زحف البحر عليها. وذكر أنَّ هناك توقعات أيضًا بانخفاض الأمطار على منابع نهر النيل في إثيوبيا بنسبة 28٪ مما سيؤثِّر تأثيرًا سلبيًّا على مصر، وبخاصة مع تخزين إثيوبيا المياه وإنشاء سد النهضة، حيث سيتم تخزين 14 مليار متر مكعب خلف السد، لافتًا إلى انخفاض منسوب بحيرة ناصر حاليًّا للسنة التاسعة على التوالي بسبب انخفاض فيضان نهر النيل، فضلاً عن ظهور أمراض مصاحبة للتغير المناخي مثل الملاريا الخبيثة والتيفود ومرض اللسان الأزرق والتأثير على الشعاب المرجانية مما سيؤثر على السياحة البحرية في مصر. إلى ذلك، اعتبر الدكتور مغاوري شحاتة دياب خبير المياه أنَّ قضية تغير المناخ هي قضية سياسية، فضلاً عن كونها قضية علمية، قائلاً: "هناك من يرغب في التجارة بمصائب العالم ونكباته، وهناك نظريات تخيف الناس من التغيرات المناخية". وأضاف: "الحديث عن التغيرات المناخية ظهر منذ 30 عامًا، حيث إنَّ الانبعاثات الغازية تؤدي إلى رفع درجة حرارة الجو من درجة إلى أربع درجات مئوية، مما سيتبعه ذوبان للجليد، وهذا الذوبان سيرفع من مستوى سطح المياه في البحار والمحيطات ومنه بالطبع البحر المتوسط الذي في حالة ارتفاع مستواه سيغرق الأراضي المنخفضة، ومن هذا المنطلق فالدلتا معرضة للغرق لكن هذه الافتراضات لن تحدث في بعض المناطق مثل بحيرة مريوط". وفرَّق دياب بين الطقس والمناخ، قائلاً: "الطقس هو ما يتعلق بفصول السنة من شتاء وصيف وخريف وربيع، بينما تغير المناخ هو ناتج عن الظواهر الصناعية واستخدام الوقود الأحفوري من بترول وغيره، وهي أمور تعمل على سخونة الجو الناتجة عن الانبعاثات والاستخدامات الصناعية"، لافتًا إلى أنَّ هناك خلافًا بين العلماء حول حدوث ظاهرة التغير المناخي بسبب تفاوت درجات الحرارة ما بين الارتفاع والانخفاض. وأوضح: "هناك تساؤل رئيسي في هذا الإطار، وهو من سيدفع فاتورة هذه الانبعاثات، هناك اتهامات متبادلة بين الصين وأمريكا حول هذا الأمر"، مشيرًا إلى أنَّ معدلات الأمطار غير العادية التي سقطت على محافظة البحيرةوالإسكندرية هي استثنائية هذا العام وليس من الضروري أن تحدث العام المقبل، لافتًا إلى عدم تأهيل شبكات الصرف في مصر لاستقبال هذه الكمية من الأمطار، في ظل طرق غير ممهدة.