ذكر خبراء في الموارد المائية والري أن اجتماعات سد النهضة التي تمت بالقاهرة، اليومين الماضيين، فشلت في الوصول إلى اتفاق بشأن التوفيق بين الشركتين الفرنسية "بي آر إل" والهولندية "دلتا رس"، واللتين تم اختيارهما للقيام بالدراسات المائية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية لسد النهضة وقياس تأثير السد من تلك النواحي على دولتي المصب، مصر والسودان. قال الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الموارد المائية والري الأسبق، في تصريحات خاصة ل"التحرير" إن هناك فشلًا واضحًا في المفاوضات الخاصة بسد النهضة، والتي عُقِدت بالقاهرة، حيث لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن التوفيق بين المكتبين الاستشاريين في ظل التعنت الإثيوبي الواضح. وأضاف علام أن المسئولين بوزارة الري يتلذذون بتكرار الفشل المستمر في مفاوضات سد النهضة، وتأجيل الاجتماع إلى نهاية هذا الشهر في الخرطوم يؤكد أننا لم نستوعب كيفية التعامل مع المراوغات الإثيوبية وأننا مصرون على المُضي في المسار الفاشل. ولفت إلى أن هذا الاجتماع المقرر لن يتم، متابعًا: "أراهن على أن الرئيس عبد الفتاح السيسي سيعمل على توجيه هذا المسار إلى المسار السياسي بدلًا من المسار الفاشل الذي تمضي فيه مصر حاليا". وحول الإعلان عن اجتماع لوزيري الخارجية والري أكد علام أن هذا ليس من اختصاصات وزراء الري وإنما من سلطات رئيس الجمهورية، مطالبًا بوقف المباحثات الفنية الحالية التي تُغرِق مصر في تفاصيل فنية. وأشار إلى أن تصريحات وزير الري، الدكتور حسام مغازي، بأن مفاوضات السد بالقاهرة نجحت تؤكد انفصام وعدم وضوح الرؤية لديه. وحول الموقف السوداني خلال المفاوضات ذكر علام أن الموقف السوداني لم يتغير وهو مؤيد منذ البداية لسد النهضة، وكشف أن إثيوبيا رفضت إعطاء مصر أي معلومات عن السدود الخمسة التي تقوم ببنائها حاليا بخلاف سد النهضة. واختتم: "يجب أن نلوم أنفسنا على إهدار كل هذا الوقت الذي تستغله إثيوبيا في الإسراع في بناء السد". ومن جانبه، ذكر الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية والري عضو لجنة حوض النيل بجامعة القاهرة، أن إثيوبيا تتقدم كل يوم في بناء سد النهضة، ومصر تتعثر في المباحثات والمفاوضات، قائلًا: "مصر لم تحصل على شيء من هذه المفاوضات بعكس إثيوبيا التي حصلت على كل شيء". وأضاف نور الدين أن استنزاف واستهلاك الوقت ليس في صالح مصر، بل في صالح إثيوبيا؛ لأن المرحلة الأولى من بناء السد سيتم افتتاحها في أكتوبر 2017. وتابع بأن القاهرة اعترضت على وجود سد تحت الإنشاء في عام 2011، موضحًا أن بناء السد سيكون له آثار سلبية، أبرزها تصحر الأرض المصرية، ونقص التدفقات المائية الواردة إلى مصر وتأثر حصتها المائية التاريخية التي تقدر ب55.5 مليار متر مكعب سنويا. وأوضح نور الدين أن المباحثات التي تنتهجها إثيوبيا حول بناء سد النهضة لا تنتهي أبدًا، لأنها تتبع مبدأ المراوغة والمماطلة في المفاوضات. واجتمعت اللجنة الوطنية الثلاثية لسد النهضة، اليومين الماضيين، في القاهرة بحضور وزراء الري بمصر والسودان وإثيوبيا وفي حضور 12 خبيرًا من الدول الثلاث بمعدل 4 خبراء من كل دولة في محاولة للتوفيق بين المكاتب الاستشارية التي ستجري دراسات السد.