الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن رسميا انطلاق التصويت بالخارج من دولة نيوزيلندا    البيت الأبيض: نجري محادثات مع روسيا وأوكرانيا بشأن خطة وقف الحرب    المصري يبدأ معسكره بالقاهرة استعدادا لمواجهة كايزر شيفز (صور)    تطورات إصابة حسين الشحات في الأهلي    إحالة 4 أشخاص للمحاكمة بتهمة خطف شاب وابتزازه لسرقته    أخبار الفن اليوم: أول ظهور ل محمد صبحي بعد أزمته الصحية.. القاهرة السينمائي يختتم الدورة الحادية عشرة للملتقى السنوي بتتويج 37 مشروعًا.. محمد أنور يبدأ تصوير "بيت بابي"    رئيسة المفوضية الأوروبية تؤكد دعم الاتحاد لإقامة دولة فلسطينية    حقيقة إلغاء انتخابات مجلس النواب وتأجيلها عام كامل؟.. مصطفى بكري يكشف الحقائق    الجنيه يخسر 26 قرشًا أمام الدولار في أسبوع.. وضغوط متواصلة على سوق الصرف    ثلث القيمة يختفى فى أسابيع |انهيار قياسى للعملات المشفرة    احمد بنداري: مؤتمران أيام تصويت المصريين بالخارج ومؤتمر يومي تصويت الداخل    حنان الصاوي تكتب : دورة عاشرة بروح عالمية.. مهرجان شرم الشيخ الدولي يزهر المسرح في سيناء    هل تؤثر عدم زيارة المدينة على صحة العمرة؟ أمين الفتوى يُجيب(فيديو)    هل يوجد عذاب للقبر؟.. أمين الفتوى يجيب    هل التأمين على الحياة حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    احتفالية مستشفى الناس بحضور سفراء ونجوم المجتمع.. أول وأكبر مركز مجاني لزراعة الكبد بالشرق الأوسط "صور"    طبقا للطب الصينى.. تمارين ينصح بها للشعور بالدفء    أطعمة تعيد التوازن لأمعائك وتحسن الهضم    مساعد وزير الخارجية يشيد ببرامج الاتحاد الأفريقي لإعادة إعمار الدول الخارجة من النزاعات    أول رد من عائلة محمد فوزي على إدعاء كريم الحو في «The Voice» | شاهد    سانوفي تطلق دواء "ساركليزا" في مصر لتمنح مرضى سرطان المايلوما المتعددة أملًا جديدًا في العلاج    «سمات روايات الأطفال.. مؤتمر مركز بحوث أدب الطفل تناقش آفاق فهم البنية السردية وصور الفقد والبطل والفتاة في أدب اليافع    عضو الحزب الجمهورى: إسرائيل لا تعترف بأى قرار ولا تحترم أى قرار دولى    أشرف صبحي يلتقي رئيس مكتب دوري كرة السلة الأمريكي NBA بمصر    جينارو جاتوزو: منتخب إيطاليا لا يزال هشا    رئيس كوريا الجنوبية: أحب الحضارة المصرية وشعبنا يحبكم    وكالة الطاقة الذرية تدعو إلى مزيد من عمليات التفتيش على المواقع النووية الإيرانية    محافظة الجيزة: غلق كلي بطريق امتداد محور 26 يوليو أمام جامعة النيل غدا الجمعة    الداخلية تضبط صاحب فيديو «عصا البلطجة» بالجيزة    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا    محافظ الفيوم يوجه بسرعة رفع مخلفات الطبقة الأسفلتية القديمة بشارع عدلي يكن لتيسير الحركة المرورية    الوكيل: تركيب وعاء أول مفاعل نووي ينقل مشروع الضبعة من مرحلة الإنشاءات إلى التركيبات    يونيفيل: استقرار هش على طول الخط الأزرق ونسير دوريات مع الجيش اللبناني    فقرة بدنية في مران الزمالك قبل مواجهة زيسكو    محافظ القليوبية يُهدي ماكينات خياطة ل 15 متدربة من خريجات دورات المهنة    إيقاف بسمة وهبة وياسمين الخطيب.. الأعلى للإعلام يقرر    شركة مياه القليوبية ترفع درجة الاستعداد للمرحلة الثانية من انتخابات النواب    الجبهة الوطنية يكلف عبد الظاهر بتسيير أعمال أمانة الجيزة عقب استقالة الدالي    النائب محمد إبراهيم موسى: تصنيف الإخوان إرهابية وCAIR خطوة حاسمة لمواجهة التطرف    مجلس الوزراء يُوافق على إصدار لائحة تنظيم التصوير الأجنبي داخل مصر    محافظ الأقصر يوجه بتحسين الخدمة بوحدة الغسيل الكلوى بمركزى طب أسرة الدير واصفون    الهلال الأحمر المصري يطلق «زاد العزة» ال77 محمّلة بأكثر من 11 ألف طن مساعدات    التضامن: نخطط لتحويل العاصمة الجديدة إلى مدينة صديقة للأطفال    أسهم الإسكندرية لتداول الحاويات تواصل الصعود وتقفز 7% بعد صفقة موانئ أبوظبي    إيقاف إبراهيم صلاح 8 مباريات    جثة طائرة من السماء.. مصرع شاب عثروا عليه ملقى بشوارع الحلمية    السبت المقبل.. «التضامن» تعلن أسعار برامج حج الجمعيات الأهلية    اسعار الأسمنت اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا    والده ل في الجول: أشرف داري لا يفكر في الرحيل عن الأهلي    الرقابة المالية تصدر ضوابط عمل لجنة حماية المتعاملين وتسوية المنازعات في مجال التأمين    تموين القليوبية: جنح ضد سوبر ماركت ومخالفي الأسعار    جامعة بنها تحافظ على مكانتها ضمن أفضل الجامعات عالميًا في تصنيف التايمز للتخصصات البينية 2026    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: سنفرض عقوبات على عدد من الجهات السودانية    نائب وزير الخارجية يجدد دعوة أبناء مصر بالخارج للتوجه إلى صناديق الاقتراع    طقس الإسكندرية اليوم: ارتفاع تدريجي فى درجات الحرارة.. والعظمى 27 درجة مئوية    سبورت بيلد: صلاح هو المشكلة الأكبر أمام تألق فيرتز في ليفربول    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسرار «التقرير المهمل» في أدراج الرئاسة عن سد النهضة
نشر في المصريون يوم 05 - 01 - 2015


اللجوء إلى «التحكيم الدولي» بعد تعقد المفاوضات

«السيسي» يُجفف منبع التمويل للسد بزيارته للصين

الحرب النفسية والرسائل التحريضية والإيحاءات اللفظية.. أبرز وسائل الهجوم الإثيوبية

تُضفى "إثيوبيا" المزيد من التعقيدات على المفاوضات الدائرة بينها وبين مصر بشأن سد النهضة، المزمع إقامته على النيل الأزرق، وتحاول "أديس أبابا" تسخير عامل الوقت لتحقيق أهدافها المتمثلة فى سرعة الانتهاء من البنية التحتية لسدها العملاق الذى أتمت بناء أكثر من 40% منه.
ففى الوقت الذى تتم فيه"القاهرة"، دراسة أوراقها التى ستقدمها إلى المكتب الاستشارى المنتظر اختياره من ضمن خمسة مكاتب استقرت الدول الثلاث (إثيوبيا ومصر والسودان) محل النزاع عليها، تلعب "إثيوبيا" فى الأوراق وتبعثرها يمينًا ويسارًا لعلها تجد فى سياسة تجميع الأوراق مرة أخرى، مزيدًا من إضاعة الوقت الذى يصب فى صالحها، وخصوصًا أن عملية البناء فى السد الإثيوبى تتم على قدم وساق.
وتعتمد إثيوبيا فى مفاوضتها حول سد النهضة على استراتيجية موحدة، وهى إطالة فترة التفاوض وتقويض الجهود المصرية المبذولة للخروج من الأزمة واستمالة الطرف الوسيط (السودان) للعمل معها وإغرائه بالكهرباء المتولدة من السد فى حالة إكمال بنائه، الأمر الذى أسال لعاب "السودان" التى سعت خلال المفاوضات الثلاثية الأخيرة إلى دعم الموقف الإثيوبى والابتعاد عن مصر.
وجذبت "أديس أبابا" الحبل من المنتصف لتظهر أمام الجميع أنها تُبدى مرونة فى التعامل مع الأزمة، فى حين أنها وضعت السودان فى ظهرها ودعمت نفسها فى القضية على حساب مصر، التى تغير النظام الحاكم فيها أكثر من مرة منذ ثورة 25 يناير، الأمر الذى سبب ضعف التفاوض المصرى وغياب الرؤية الواضحة فى التعامل مع القضية.
وخلال عام 2014، وقفت مصر وحدها فى ميدان الصراع مع إثيوبيا بعدما استطاعت "أديس أبابا" إغراء السودان والإيقاع بها فى "الفخ" الذى نصبته طوال السنوات الثلاث الماضية بإحكام ودقة، وحاولت أكثر من مرة أن تجر مصر إليه، إلا أن الأقدار كانت حليفة لمصر فى كل مرة، لتنجو بأعجوبة من "الفخ الإثيوبى".
يناير 2014.. كلاكيت تانى مرة
كما هو الحال دائمًا كل عام، تجر إثيوبيا مصر إلى قاعة الاجتماعات والجلوس على طاولة التفاوض، لاستهلاك المزيد من الوقت، فالسيناريو يتكرر بكل مشاهده.
ففى يناير 2014.. كانت اللجنة الثلاثية المشكلة من (مصر والسودان وإثيوبيا) تتم عملها فى الخرطوم، قبل أن تخرج اجتماعات اللجنة رافعة شعار «لا جديد».
وحينها وصف وزير الرى الأسبق الدكتور نصر الدين علام، المفاوضات الثلاثية ب«المهزلة»، مطالبًا بإيقاف ما أسماه ب«العبث السياسي»من جانب المسئولين المصريين، وقال إن مصر تفتقد غياب الرؤية الشاملة فى الانصياع إلى تشكيل لجنة ثلاثية دولية.
وتنبأ "علام" بما ستؤول إليه الأوضاع الآن، مؤكدًا أن الإثيوبيين يلعبون على وتيرة الوقت، مستغلين الحشد الإعلامى المكثف وتركيز الكاميرات على المشهد فى محاولة لإظهار أنهم يؤمنون بالحوار كحل للأزمة، وهى سياسة رخيصة، على حد وصفه.
إخفاق المسئولين المصريين
اتهامات من هنا وهناك، بعضها وجه مباشرة إلى الدكتور "حازم الببلاوى" رئيس الوزراء حينئذٍ، بسبب تصريحاته المثيرة للجدل عن أن مصر يمُكنها الاستفادة من السد الإثيوبي، وأنه ربما يكون مصدر رخاء لمصر، الأمر الذى آثار حفيظة المتخصصين فى الموارد المائية، معتبرين أن "الببلاوى" فقد صوابه ويجب إبعاده عن المعترك السياسي.
فى حين نال الدكتور محمد عبد المطلب، وزير الرى فى حكومة الببلاوى حينها، قسطًا كبيرًا من هذه الاتهامات وخصوصًا بعد ظهوره فى المفاوضات الثلاثية "مكتف اليدين وغير قادر على التفاوض مع نظيره الأثيوبي".
واعتبر خبراء الرى فى مصر، أن "عبد المطلب" لم يتحدث عن أى ضمانات لحصة مصر من المياه ولا عن تغيير مواصفات السد بما يعطى إثيوبيا ما تريد من الكهرباء ولا ينقص حجم المياه التى تعودت مصر على استقبالها عبر آلاف السنين، ولا قدم أى تحفظ لمصر عن سد بهذا الحجم، مؤكدين أن وزير الرى يشاهد الوضع يتدهور شيئًا فشيئًا مثله مثل المواطن العادى.
إثيوبيا تبدأ هجومها الإعلامى
وكثفت وسائل الإعلام الإثيوبية، من هجومها الحاد ضد مصر، فى فبراير الماضي، وبعثت جهات سيادية إثيوبية برسائل تهديد إلى خبراء مصريين بهدف إسكاتهم وكتم الأصوات المصرية المتخصصة التى تفهم جيدًا ما يدور فى أذهان العقول الإثيوبية، فتلقى عدد من المتخصصين المصريين، رسائل تحريضية جاء فيها: "نرجو منكم عدم إثارة الشعب المصرى بأخبار قد تكون غير دقيقة ضد الشعب الإثيوبى وضد سد النهضة".
واعتبر "الخبراء المصريون"، أن التهديدات الإثيوبية هى بمثابة تصعيد جديد للأزمة، وخصوصًا أن إثيوبيا بذلك تكون قد تعدت الأعراف الدولية، حينما تحاول منع المختصين فى الحديث عن قضية من أخطر القضايا التى تواجه الشعب المصرى، مؤكدين أن التهديدات التى تقوم بها إثيوبيا ستستخدم ضدها، والشعب المصرى أصبح أكثر وعيًا، وحكومة الببلاوى عليها اتخاذ قرار حاسم وقوى تجاه تلك التهديدات، فلا يمكن أن يحدث ذلك أمام الجميع وتلتزم الحكومة الصمت.
تكذيب المسئولين السابقين والحاليين
وأكد الدكتور مغاورى شحاتة، خبير المياه العالمي، أن السد الإثيوبى لن يكون مصدر رخاء لمصر، كما زعم بعض المسئولين الحاليين والسابقين، مضيفًا أن كل يوم تبنى إثيوبيا جزءًا من السد فى حين أن المسئولين الإثيوبيين يفاوضون المصريين على فوائده وأضراره والنتيجة "صفر" لأن من يخسر هم المصريون فقط.
وأشار "شحاتة" إلى أن حل هذه الأزمة يتطلب فتحًا شاملًا لملف مياه النيل مع إثيوبيا والتوصل إلى اتفاقية شاملة مع إثيوبيا لتقليل سعة سد النهضة، وذلك فى إطار تعاونى متكامل لدول حوض النيل الشرقى بما فيها جنوب السودان للاستغلال الأمثل لمياه النهر واحترام الحصص المائية القائمة والتعاون فى العمل على زيادة إيراد النهر لصالح الجميع.
مصر تلوح ب«ضرب السد»
وطُرحت فكرة ضرب السد عسكريًا فى هذه الفترة بشكلٍ كبير، ورددها الخبراء والمتخصصون أكثر من مرة، بعد الكثير من الرسائل التحريضية والتهديدية التى تلقوها، واتجه المشهد إلى مزيد من التعقيد والاحتقان، وسارعت "مصر" إلى تشكيل لجنة تضم عددًا من الشخصيات السياسية والقانونية وترأسها الدكتور مفيد شهاب، وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية الأسبق.
وانتهت اللجنة من إعداد تقرير خاص بالوضع، ورصدت فيه التعنت الإثيوبي، وتم مناقشته داخل المجالس القومية المتخصصة ومن ثم الموافقة عليه بأغلبية أعضاء اللجنة، وذلك قبل إرساله إلى الرئيس المؤقت السابق المستشار عدلى منصور للموافقة عليه، إلا أن التقرير "ذهب ولم يعد"، وكأن لجنة لم تُشكل وكأن تقريرًا لم يصدر.
وتضمن التقرير الذى تم إعداده داخل الغرف المغلقة للمجالس المتخصصة، بحسب مصادر "المصريون"، توصيات برفع مستوى المفاوضات بين الجانبين المصرى والإثيوبي، إلى حد "الرئاسة"، بالإضافة إلى توصيات بضرورة اتخاذ حل مناسب وقوي، الأمر الذى فُسر على أنه ربما يكون موافقة مبدئية من جانب جهة مسئولة على استخدام "الحل العسكرى"، فتم إلقاء التقرير فى أدراج مكتب المستشار عدلى منصور ولم يتحدث أحد عنه بعد ذلك.
إثيوبيا ل«مصر»: اخبطوا رأسكم فى الحائط
وكعادتها دائمًا، لجأت إثيوبيا إلى سياسة "اخبطوا رأسكم فى الحائط"، واستمر الإعلام الإثيوبى فى توجيه أسهمه الحادة إلى قلب "مصر"، معلنًا إنجاز ما يقرب من 20% من الأعمال الإنشائية، وذلك فى مارس 2014، الأمر الذى اعتبر إصرارًا واضحًا من جانب إثيوبيا على تحدى مصر، وانجرفت مصر إلى الرد على تلك المعلومات بتصريحات لمسئولين حكوميين، بأن المفاوضات مازالت مستمرة.
فى الوقت نفسه، استقالت حكومة الدكتور حازم الببلاوي، واستغلت إثيوبيا الموقف أفضل استغلال، فاستمرت فى سياستها مستغلة غياب التنسيق بين المسئولين فى مصر، حيث تم تغيير منصب وزير الرى 4 مرات متتالية فى 3 سنوات بمعدل وزير كل 9 أشهر، الأمر الذى أظهر مصر أمام الجميع فى موقف "ضعيف وغير مسئول".
واعتبر متخصصون فى ملف سد النهضة، أن تغيير منصب وزير الرى بهذه السرعة وفى هذا التوقيت، يؤثر تأثيرًا سلبيًا على سير المفاوضات وينهى آمال التفاوض حول السد، مؤكدين أن عدم الاستقرار فى مصر يجعل إثيوبيا لا تأخذ المفاوضات معها بشكل جاد".
وقال الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الرى الأسبق، إن إثيوبيا نجحت فى فرض أجندتها الخاصة على مسار المباحثات حول سد النهضة، مشيرًا إلى موقف مصر "المتخاذل" من الأزمة، قائلًا "إن أزمة سد النهضة جزء لا يتجزأ من مؤامرات متشابكة لإسقاط مصر وتقسيمها والنيل من حصتها المائية".
مصر تستغل «أطرافها العربية»
وبعد نجاحه فى الانتخابات الرئاسية السابقة، حاول الرئيس عبد الفتاح السيسي، الوفاء بوعده فى حل أزمة سد النهضة، واستغل الفرصة فى زيارته للملكة العربية السعودية، الحليف الداعم له للوصول إلى الرئاسة، وطلب من العاهل السعودى ممارسة ضغط على إثيوبيا لوقف الأعمال الإنشائية فى السد والجلوس مجددًا على طاولة المفاوضات، وخصوصًا فى ظل الوضع المتقارب بين السعودية وإثيوبيا فى مجال الاستثمار الزراعى.
وحددت الحكومة المصرية الجديدة برئاسة المهندس إبراهيم محلب، وجهتها جيدًا فى التعامل مع الملف الأكثر خطورة، وقالت مصادر مسئولة بوزارة الموارد المائية والرى فى تصريحات ل "المصريون" حينها: إنه لم يعد لوزارة الرى أى دور سيادى فى القضية، واقتصر دورها على مجرد الإشراف عليه وإبداء الرأي، فيما تم نقل الملف بالكامل إلى جهاز المخابرات ووزارتى التعاون الدولى والخارجية.
وألمح وزير الموارد المائية والرى الدكتور حسام مغازي، إلى أن وزارة الرى بالتعاون مع الخارجية المصرية تسير فى أكثر من اتجاه، للضغط على الجانب الإثيوبي، ولكنها تعتمد وبشكل أساسى على "الدعم المعنوى المقدم من الأشقاء العرب"، حسب وصفه.
فشل الضغوط وتراشق لفظى مصرى
لم تنجح الضغوطات التى مارستها الدول الخليجية على إثيوبيا بتحريض مصرى، حيثُ اعتبر خبراء عالميون، فى مجال المياه، أن الضغوطات التى تُمارسها بعض الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية والكويت، لمساعدة السيسى فى حل أزمة سد النهضة باءت بالفشل، مؤكدة أن المفاوضات التى هدفت إلى تقليل السعة التخزينية لسد النهضة "وصلت إلى طريق مسدود".
وقال الدكتور مغاورى شحاتة، خبير المياه العالمي، إن العلاقات المصرية الإثيوبية لم تشهد على مر السنين نوعًا من التوافق بل كان يشوبها عدم الصدق، وفى أكثر من مرة نقضت إثيوبيا عهدها مع مصر ومع دول أخرى مثل كينيا، مؤكدًا أن إثيوبيا ترى موقفها هو الصواب.
واستمر السجال العنيف بين المتخصصين فى مجال الموارد المائية والرى وبين المسئولين الحكوميين فى مصر، حيث اتهم عدد من الخبراء، الحكومة، بالهروب من "ورطة سد النهضة"، مؤكدين أن التصريحات المتعجلة لوزير الرى الدكتور حسام مغازى تُعقد المفاوضات وتصب جميعها فى صالح الخصم "إثيوبيا".
وطالب الدكتور هانى رسلان، رئيس وحدة دراسات حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، المسئولين بتقديم الأدلة على كون المفاوضات "المصرية الإثيوبية" تسير فى طريق سليم، مؤكدًا أن الموقف الفعلى لأديس أبابا لم يتغير، وأنه ما زال يراوح فى مربع المراوغة وشراء الوقت والتصريحات الملتوية فى المبنى والمعنى.
الحكومة تعترف بصعوبة المفاوضات
واعترفت الحكومة فى أغسطس 2014 بصعوبة المفاوضات التى تُجريها مع الجانب الإثيوبي، معتبرة أنها تواجه تعنتًا من الجانب الإثيوبي، وإصرارًا على تحدى الإرادة المصرية، مؤكدة أنها تملك استراتجيات متعددة للتعامل مع الأزمة، ولكل وقت حديث خاص به، بحسب تصريحات وزير الرى الدكتور حسام مغازي.
وأكد وزير الرى الدكتور حسام مغازي، أن مصر أقوى بكثير مما تظن إثيوبيا، مؤكدًا أن مصر لا تعارض بناء السد، وأن المشكلة ليست فى حجم السد، ولكن فى نية إثيوبيا من بناء سلسة سدود أخرى على النيل.
وقال: إن هناك تأثيرات سلبية على مصر جراء بناء سد النهضة بتصميمه الحالي، مشيرًا إلى أن الدراسات التى قامت بها وزارة الرى أكدت أن هناك تأثيرات على بحيرة ناصر تتمثل فى اختفاء أنواع من الأسماك والطيور المهاجرة التى تعيش على ضفاف النيل وبحيرة ناصر، خلال الخمس سنوات الأولى من ملء السد.
اجتماع الخرطوم أغسطس 2014
حاولت كل من "مصر وإثيوبيا والسودان" استئناف المفاوضات مرة أخرى، فتم الاتفاق على اجتماع بينهم فى العاصمة السودانية الخرطوم فى أغسطس 2014، وخلال الاجتماع تم الاستقرار على إسناد مهمة تقييم السد إلى مكتب استشارى عالمى يتم اختياره بالتنسيق بين الدول الثلاث.
واتفقت الدول الثلاث على تقديم ترشيحاتها واختار كل منهم 3 مكاتب استشارية، ليصبح عدد المكاتب المختارة 9 مكاتب، تم تصفيتها إلى 5 مكاتب فقط، يتم المفاضلة بينها وهى مكاتب من دول "سويسرا واستراليا وفرنسا وهولندا وألمانيا"، وسيتم اختيار مكتب واحد فقط فى يناير 2015، ليقدم عروضه المالية.
وقال وزير الرى الدكتور حسام مغازي، إن أول لقاء للجنة الثلاثية لسد النهضة سيكون فى الأسبوع الأول من يناير فى العاصمة السودانية (الخرطوم)، مؤكدًا أن التعاقد مع المكتب الاستشارى المختص بتقييم سد النهضة سيكون بعد اجتماع الخرطوم بأسبوعين فى العاصمة الأثيوبية أديس أبابا.
وعود بحل قريب للأزمة
ودعت الحكومة المصرية، وسائل الإعلام المحلية، إلى تهدئة الوضع، والابتعاد عن شحن المشهد، وتكثيف الأضواء نحو حل قريب للأزمة، التى باتت تؤرق "السيسى ونظامه"، مع اقتراب دخول العام الأول ل"السيسى" فى الحكم ولم يحدث أى تغيير.
وأكد الدكتور حسام مغازي، وزير الموارد المائية والري، تبنيه سياسة جديدة تقوم على تحقيق المصالح المشتركة بين الجانبين المصرى والإثيوبي، لافتًا إلى أن مصر مستمرة فى مفاوضتها إلى أن يتم تحقيق ما أرادت.
ولفت الوزير إلى ضرورة مواصلة المفاوضات لما تحمله من حل سلمى للأزمة، مناشدًا وسائل الإعلام بالتركيز على التصريحات الإيجابية للمسئولين المصريين وعدم الوقيعة بين الجانبين المصرى والإثيوبى.
تحالف «إثيوبى- سودانى» ضد مصر
وتواجه مصر، تحالفًا إفريقيًا بين كل من "إثيوبيا والسودان" اللتين تربطهما علاقات مشتركة، فاختارت السودان التضحية بتاريخها الموحد مع مصر واللغة الواحدة التى تجمعها ب"المصريين"، فى سبيل الاستفادة من الكهرباء المتوقع توليدها من سد النهضة.
وقال الدكتور هانى رسلان، رئيس وحدة المياه بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إن هناك تنسيقًا كاملًا بين الجانبين السودانى والإثيوبى، بدليل الاتفاق بين الدولتين على التعاون العسكرى المشترك على الحدود السودانية – الإثيوبية، وكذلك الاتفاق بينهما على نسبة من كهرباء السد.
ووصف الدكتور نصر الدين علام، وزير الرى الأسبق، الدعم السودانى للموقف الإثيوبى ب"الواضح للغاية"، سواء على مستوى تصريحات السياسيين من رئيس الجمهورية أو وزير الخارجية، أو تصريحات وزير الرى السودانى نفسه، مؤكدًا أن الدعم السودانى للسد تم دون مراجعات لسعة السد، كما أن إثيوبيا عرضت على السودان سعرًا مدعمًا لكهرباء سد النهضة، كما عرضت عليها أيضا إنشاء قناة تأخذ من بحيرة سد النهضة إلى النيل الأزرق من أجل توسعات زراعية فى السودان.
من جانبها، اعترفت السودان بسد النهضة كحقيقة واقعة، وقال مستشار الرئيس السوداني، الدكتور مصطفى إسماعيل، إن سد النهضة أصبح أمرًا واقعًا، ويجب أن نفكر كيف نحول هذا السد لصالح البلدان الثلاثة، خاصة أن استخدام القوة لن يستطيع أن يوقف بناء السد، مما يقتضى وجود استراتيجية عامة تتفق عليها الأطراف الثلاثة.
"السيسى" فى إثيوبيا
ويراهن "المصريون" على زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، المرتقبة إلى إثيوبيا فى يناير 2015، حيث يرأس السيسى الوفد المصرى فى القمة الإفريقية، وبالتالى فإن قضية سد النهضة ستكون أهم الملفات المطروحة والتى سيتم مناقشتها بجدية، وبحضور دول حوض النيل.
وتأتى زيارة الرئيس السيسى ل"إثيوبيا" بعد زيارة وفد إثيوبى ل"القاهرة" برئاسة رئيس البرلمان الإثيوبي، بهدف التأكيد على الوحدة الإفريقية، بحسب ما قال رئيس الوفد الإثيوبي، وتأكيدًا على عودة مصر لمحيطها الإفريقى، وأن مصر تولى أهمية كبرى لإفريقيا واستقرار مصر يعد استقرارًا للقارة كلها.
وقال الدكتور هانى رسلان، الخبير المائي، إن الرئيس السيسي، أعلن عن استعداده للذهاب إلى "البرلمان الإثيوبى" للتأكيد على أن مصر لا تمانع فى التنمية الإثيوبية، بشرط ألا يكون ذلك على حساب حياة المصريين.
واعتبر أن موقف الرئيس السيسى فى غاية الذكاء لأنه يسعى بسلاسة لنقل عملية التفاوض من الوضع الحالى الفاشل وغير المنتج، إلى مدخل سياسى جديد وهو الحديث للبرلمان الإثيوبى.

تجفيف منابع التمويل ل"السد"
وتحمل زيارة الرئيس السيسى الأخيرة إلى "الصين"، رياح الأمل فى أن توقف "الصين" تمويلها للسد الإثيوبي، حيث تعتبر الصين من أكثر الدول مساندة لإثيوبيا فى بناء السد، وتملك استثمارات ضخمة فى إثيوبيا ويمكن أن تستغل الصين كعامل ضغط قوى للضغط على إثيوبيا لوقف بناء السد.
فى هذا الصدد، يقول الدكتور محمد نصر علام، وزير الرى الأسبق، إن زيارة الرئيس السيسى إلى الصين، سيكون لها مردود إيجابى فى التفاوض، مؤكدًا أن الزيارة تعمل على زيادة التعاون الاقتصادى والتجارى بين البلدين، حيث إن مصر سوق واعدة للصين وبوابة لإفريقيا، على حد وصفه.
واعتبر الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الزراعة بجامعة القاهرة، الزيارة التى يقوم بها الرئيس السيسى لإثيوبية "موفقة"، مؤكدًا أن الصين شريك استراتيجى لإثيوبيا، وقامت بإنشاء 6 سدود تمويلا كاملا وبناءً، وآخرها النهر الجديد على السوبات بسعة 7 مليارات متر مكعب ويولد 1800 ميجاوات كهرباء.
وقال إنه إذا لجأت مصر إلى مجلس الأمن لعرض موضوع سد النهضة وأضراره على دول المصب مصر والسودان، قد يكون لها دور إيجابى أو سلبى حيث إنها من الأعضاء الخمسة الدائمين فى المجلس.
ارتفاع السد.. والغرق فى دوامة الوقت
وبعد انقضاء عام آخر على "القضية" التى شغلت الرأى العام العربى والعالمى، ما تزال مصر فى موضع "لا تحسد عليه"، وطبقًا لخبراء عالميين فإن عليها القبول بالأمر الواقع، والتفاوض حول الحصة الجديدة التى ستستقبلها من مياه نهر النيل بعد بناء سد النهضة على النيل الأزرق.
كذلك فإن اللجوء للحل العسكرى لن يكون فى صالح مصر، فطبقًا لآراء متخصصين فإن أى انهيار فى بنية سد النهضة، يُطيح ب"السد العالى" فى مصر ويغرق مصر بأكملها بالمياه، ولذلك فإن مصر عليها أن ترضخ للسياسة الإثيوبية وأن تقبل بالتعاون المشترك، الذى يضر بحصتها الثابتة من المياه والتى تبلغ 55 ونصف المليار متر مكعب من المياه سنويًا تستغلها مصر فى "الزراعة والصناعة والاستخدام الآدمى".
واقترح متخصصون فى الشأن المائى، أن تنحى القاهرة المفاوضات بينها وبين إثيوبيا جانبًا، وتذهب مباشرة إلى المحاكم الدولية لتُطالب بحقوقها التاريخية فى مياه النهر بدلًا من إضاعة الوقت فى المفاوضات والمكاتب الاستشارية التى تترجمها إثيوبيا إلى واقع فعلى، فتستمر فى الارتفاع بجسد السد وتغرق "القاهرة" فى دوامة الوقت.

عام 2014.. سد النهضة فى سطور..
· يناير 2014: بدء أعمال اللجنة الثلاثية المشكلة من (مصر وإثيوبيا والسودان) بالخرطوم.
· فبراير 2014: "الرى" تعترف بفشل المفاوضات "المصرية الإثيوبية".
· مارس 2014: تكليف لجنة من المتخصصين المصريين بدراسة الآثار الجانبية للسد برئاسة "مفيد شهاب".
· أبريل 2014: رئيس وزراء إثيوبيا يدعو مصر للحوار بشأن سد النهضة.
· مايو 2014: إثيوبيا تؤكد لمصر أن "النهضة" لتوليد الكهرباء فقط ولن يضرها.
· يونيو 2014: إثيوبيا تؤكد أن "السيسى" هو رجل المرحلة القادر على التفاوض.
· يوليو 2014: الحكومة تستأنف التفاوض مع إثيوبيا بأمر من "السيسى".
· أغسطس 2014: تكليف مكتب استشارى لدراسة آثار سد النهضة بالتنسيق بين الدول الثلاث.
· سبتمبر 2014: وزير الرى يترأس وفدًا مصريًا إلى إثيوبيا لمعاينة الوضع على الطبيعة.
· أكتوبر 2014: مصر توافق على بناء سد النهضة بشروط تحددها هي.
· نوفمبر 2014: الاستقرار على 5 مكاتب من ضمن 9 مكاتب استشارية تم اقتراحها.
· ديسمبر 2014: "الرى" تعلن أن منتصف 2015 ستحسم قضية سد النهضة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.