" في زيادة مستمرة"، الحديث هنا عن أسعار العقارات التي اتخذت المنحنى الصاعد منذ بداية العام الجاري، إذ بلغ متوسط الزيادة التي سجلتها أسعار العقارات منذ بداية 2015 و حتى الآن نحو 35 %. "التحرير" تفتح ملف أسعار العقارات للوصول إلى أسباب التضخم في القطاع ودور الدولة في الحد، إلى جانب رسم خريطة أسعار العقارات في مصر خلال 2015. جولة " التحرير"، في إعلانات العقارات وبعض مكاتب التسويق العقاري كشفت عن الارتفاع في أسعار العقارات في المدن الجديدة، وبعض مناطق القاهرة الكبري بعد الزيادات التي شهدتها الأسعار خلال النصف الأول من 2015، إذ يتراوح سعر المتر السكنى في السادس من أكتوبر بين 4 آلاف جنيه و7 آلاف جنيه ببعض المناطق، ويختلف من حى لآخر حسب الموقع والخدمات المتواجده بجوار العقار، وترتفع الحدود القصوي لسعر المتر في مينة الشيخ زايد عنها في أكتوبر، إذ يتراوح سعر المتر في الشيخ زايد بين 5 – 8 الآف جنيه، وهو ما يصل بسعر الوحدة مساحة ال 100، متر وهي مساحة نادرة الوجود ل 500 ألف جنيه. في الوقت نفسه، بلغ سعر متر الوحدة السكنية في التجمع الخامس في حده الأدني 7 الآف جنيه، ويصل 10 الآف جنيه، في بعض المواقع والوحدات وهي الأسعار التي يتحطم علي صخرتها أحلام الشباب من محدودي ومتوسطي الدخل للسكن في هذه المدن الجديدة، أما مدينة الشروق فارتفع سعر المتر فيها ليترواوح في حده الأدني والاقصي بين 2500 و 4 الآف جنيه. صبور : العقارات المصرية الأرخص عالميا وفي الوقت الذي بلغت فيه أسعار الوحدات السكنية المطروحة من الدولة للاسكان محدود الدخل مساحة 63 متر ل 150 ألف جنيه، وهو المبلغ الذي يعتبره 25 % من المصريين المتواجدين تحت خط الفقر مرتفعا، يري المستثمرون العقاريون، أن أسعار العقارات في مصر الأرخص عالميا، وهو ما يوكده المهندس حسين صبور صاحب أحد الشركات العقارية ورئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، الذي قال "أسعار العقار في مصر من الأرخص علي مستوى العالم، والمشكلة تكمن في الدخل المنخفض للمواطنين و ليس في سعر العقار"، وأكد صبور، رأيه بدراسه أجراها خبير اقتصادي أمريكي (سام زل) برعاية أحد الجامعات الأمريكية عام 2009، لاستكشاف مستقبل القطاع العقاري الذي كان سببا في الأزمة العالمية في 2008، و قارن "زل" بين المنطقة العربية، وأثبت أن مصر أرخص دولة. وأضاف صبور، أن" زل " وضع السعر بالقدم المربع وليس المتر المربع وبالعمله الإمارتية، إحنا بنبيع القدم المربع في الإسكان المتوسط في مصر 220 درهم اماراتي، المتر المربع 10 قدم مربع (14 ألف و800 جنية سعر) في الإمارات ( 2250) بلد مثل المغرب، والبلاد العربية، إحنا أرخص منهم الأسمنت بثمن الأسمنت والحديد بثمن الحديد والسيراميك بثمن السيراميك، إحنا أرخص لأن المنتج المصري بيباع بسعر رخيص. ووأوضح صبور، أن مصر بها طلب حقيقي، وأما البلاد العربية فلا يوجد بها طلب حقيقي. حيث تشير الأرقام إلى أن مصر بها 600 ألف زيجه سنوية، 300 ألف منهم في المدن، بالإضافة إلى العمارات القديمة والهجرة الداخلية، أي أن معدل الطلب على الوحدات السكنية في المدينة فقط، يصل مايقرب من 500 ألف وحدة سكنية، ما يقابل إذا افترضنا إننا نبني 350- 400 ألف وحده سنويا، فيوجد على الأقل 100 ألف وحدة عجزا سنويا تراكميا هو ما يخلق حالة العجز الكلي و الندرة في المعروض. وتابع صبور، الأخطر في موضوع العقارات والمساهم الرئيسي في ارتفاع أسعارها هو ندرة الأراضي، لافتا إلى أن أخر مزادات الحكومة لبيع أراضي سكنية علي مساحات كبيرة كان بمساحات 70 و80 فدان (أراضي المستقبل) بعد مدينتي، المتر كان 1100 جنيه، علي 70 فدان بدون مرافق لأن الحكومة بتبع النهاردة في القاهرة الجديدة، أيضا 70 فدان المتر 3500 جنيه بدون مرافق و فكرة ترفيق المستثمر للأراضي، أمر يكلف الكثير، وبالتالي يخرج المنتج النهائي ( الوحدة السكنية) بتكلفة مرتفعة، وكل ذلك علي حساب المستهلك. مزايدات الأراضي المهندس فتح الله فوزى رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات العقارية ورئيس الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء، قال "إن ارتفاع أسعار الأراضي، من أهم الأسباب التي تؤدي إلى زيادة في أسعار العقارات، وذلك لندرة الأراضى المرفقة، كما إن المطورين العقاريين يشترون الأراضى من هيئة المجتمعات العمرانية بنظام المزايدات، وهو ما يؤدي إلى رفع سعر الأراضي، مما يجعل المطور العقارى يحمل الوحدة السكنية بين 40%من سعر الأرض" . وأكد فوزي، "أنه يجب على الحكومة الاتجاه إلى طرح المزيد من الأراضي المرفقة، ولكن خارج القاهرة بهدف جذب المواطنين لمناطق جديدة، خارج التكدس السكاني، مشيرا إلى أهمية طرح الأراضي في مناطق مثل العلمين الجديدة ومحور تنمية قناة السويس والمحاور العرضية الجديدة، للحد من الهجرة للعاصمة". أين الحكومة ؟ في الوقت الذي يرى فيه البعض، أن السبب في زيادة أسعار الوحدات السكنية هي الدولة، من خلال طرحها للأراضي بأسعار مرتفعة، هناك اتجاه آخر، يرى أن الدولة ليست المسؤول الوحيد عن هذا الارتفاع، وإنما المسؤولية مشتركة. المهندس حسن عبد المتعال، نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة السابق، قال" إن الدولة لا تهدف إلى الربح من خلال طرحها للأراضي، إذ أنها تقوم بالطرح وفقا لتكلفة الترفيق، فالأراضي منخفضة التكاليف يتم طرحها بقيمتها، بالإضافة لتكلفة ترفيقها، أما الأراضي عالية التكاليف يتم طرحها في المزادات وهو ما يؤدي إلى زيادة أسعارها". وأوضح نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية السابق، أن سياسة الإسكان؛ تتكون من ثلاث عناصر هم الأرض والعمالة ومواد البناء، وجميعهم يؤدون إلى زيادة في أسعار الوحدات، فارتفاع أسعار الأراضي أو مواد البناء يؤدي إلى زيادة أسعار الوحدات، كما إن ارتفاع تكلفة العمالة لندرتها تؤدي إلى تلك الزيادة، فهناك مجموعة من العوامل تتحكم في أسعار الوحدات وليست عامل واحد". وتتوقف زيادة الأسعار على نظرية العرض والطلب؛ أي مدى نجاح الدولة في توفير الوحدات للمواطنين رغم الزيادة المستمرة في عدد السكان. فأشار عبد المتعال إلى أن زيادة الأسعار تحدد وفق العرض والطلب، ودور الدولة هو زيادة المعروض وهو ما تقوم به في حدود إمكانياتها من خلال بناء وحدات للإسكان المنخفض مدعمة ولكن حاجة المواطنين من الوحدات العقارية يفوق إمكانيات الدولة، وذلك للزيادة المستمرة في إعداد السكان، إذا بلغ معدل زيادة السكان مليون ونصف سنويا، وهو ما يفوق قدرة الدولة على توفير وحدات لهذه الزيادات، ولذلك لا يجوز القاء اللوم على الدولة وحدها، فالمواطن مسؤول كالدولة". وأشار عبد المتعال، إلى أن الدولة تحاول بإمكانياتها سد العجز بين المعروض والطلب، من خلال إقامة المشروعات السكنية لمتوسطي الدخل كمشروع دار مصر، وابني بيتك، وغيرها من المشروعات التي تهدف إلى خلق حالة من التوازن في السوق، والعمل على خفض أسعار الوحدات وعدم ترك السوق للقطاع الخاص للتحكم في الأسعار". واضاف عبد المتعال "أن أسعار الأراضي المرفقة، زادت 8 أضعاف خلال 2015، مقارنة بالأسعار في 2005 ، إذ بلغ سعر المتر للأراضي المرفقة 5000 جنيه في المدن الجديدة، في مقابل نحو 1000جنيه للمتر عام 2005، فيما تراوح سعر المتر للوحدات ما بين 5000 إلى 7000 جنيه " و بالرغم من أن الزيادة التي سجلتها أسعار العقارات خلال النصف الأول من العام الجاري، إلا إنه من المتوقع أن تواصل أسعار العقارات ارتفاعاتها خلال النصف الثاني من العام الجاري، و هو ما أكده حاتم عيسى رئيس لجنة التشيد بجمعية شباب رجال الأعمال، الذي أكد أنه من المتوقع أن تسجل أسعار العقارات ارتفاعا إضافيا خلال النصف الثاني من العام الجاري بنسبة 40 %، مرجعا الزيادة المستمرة لأسعار العقارات خلال 2015، لحالة الركود التي عاني منها السوق بعد الثورة، قائلا " كان السوق بيعوض السنوات الأربع الماضية"، مستبعدا أن يحدث حركة تصحيح لأسعار العقارات بعد هذة الزيادات الكبيرة في الأسعار، مبررا ذلك بقوله "حركة التصحيح تحدث لو الزيادات السعرية غير مبررة". وبالنظر إلى المجتمعات العمرانية الجديدة، فقد بلغ عدد الوحدات السكنية بالقاهرة الجديدة 187 ألف وحدة سكنية باستثمارات تبلغ 1.5 مليار جنيه، بينما بلغت عدد الوحدات المنفذة بالسادس من أكتوبر527 ألف وحدة سكنية باستثمارات قدرها 4232.8 مليون جنيه، وقد قامت الهيئة بتنفيذ 78 ألف وحدة سكنية، فيما تمكن القطاع الخاص من تنفيذ 417 ألف وحدة سكنية.