يعيش أهالي قريتي "قمن العروس" و"ونا القس" التابعتين لمركز الواسطى شمال محافظة بني سويف، مأساة حقيقة أحالت حياتهم إلى جحيم. فالمياه الجوفية تملأ منازلهم من الداخل وتحاصرها من الخارج، علاوة على إصابة العشرات من الأهالي بالأمراض نتيجة تلوث المياه، وليس أمامهم سوى الاستعانة بسيارات لشفط المياه من المنازل وردمها وتعليتها بالرمال والأتربة. وأصبحت الحشرات جزءًا من حياتهم اليومية، والمنازل عائمة في المياه الجوفية التي تراكمت داخلها وتهددهم بالانهيار على رؤوسهم في أي وقت. وظهرت حشائش "الحلفا" التي لا تظهر سوى بالمصارف داخل المنازل، ولجأ بعض الأهالي إلى هدم منزلهم وقاموا بتعليتها عن سطح الأرض بأكثر من مترين ويصل بعضها إلى ثلاثة للابتعاد عن المياه الجوفية، والبعض الآخر ندب حظه ووافق على العيش وسط المياه ذات الرائحة الكريهة، لأنه لا يمتلك من حطام الدنيا شيء لهدم منزله وإعادة بنائه مرة أخرى. يقول محمد سيد حامد، مدير بنك زراعي بقرية ونا القس، "نعاني من مشكلة الصرف الصحي وهي أكبر مشكلة تقابلنا في حياتنا هنا ونخاف من انهيار المنازل فوق رؤوسنا نتيجة للمياه الجوفية بعد أن غمرت المياه المنازل ويعيش أغلب الأهالي وسط برك من المستنقعات في منازلهم والتي باتت تسكنها الحشرات والأمراض، ولا يستطيع أحد الإقامة بداخلها". وأضاف حامد "الغني هنا يستطيع تعلية منزله أو إعادة بنائه ورفعه عن سطع الأرض مترتين أو ثلاثة أما الفقير بيقبل بالوضع ويعيش وسط المياه، واشتكينا كثير للمسئولين ومحدش بيرد ولا يسأل فينا". ومن جانبه، أوضح عويس سليمان، موظف المياه بدأت بالظهور بمنزلي وهي عبارة عن ترشحات بالجدران فقمت بتعلية أرضية المنزل وردمها بالرمال، لكنني فوجئت بعدها بارتفاع منسوب المياه، وبدأت معاناتي في شفط المياه وكسحها من المنزل، من خلال سيارات الوحدة المحلية والتي لا رقيب فيها لأحد عليها سوى المال، كنت كل أسبوع أدفع ما يقارب من 200 جنيه نظير تأجير تلك السيارات التي تقوم بشفط المياه، نصفها بإيصال من الوحدة المحلية ونصفها لسائق السيارة كأتاوه له لكي يحضر معي ويقوم بشفط المياه، والتي سرعان ما تعود، حتى تركت المياه وننتظر أنا وأسرتي المكونة من 6 أفراد مصيرنا سوى بانهيار منزلنا على رأسنا أو تدخل المسئولين لوضع حل للمشكلة". وفى قرية "قمن العروس" والتي لا تختلف كثيرًا عن سابقتها من قرية "ونا القس" فالمياه تملأ المنازل والأهالي يدبرون حياتهم بداخلها أما بتعلية المنازل أو تركها والانتقال للعيش في منطقة أخرى ولا توجد بها خدمة للصرف الصحي. وبدوره، يقول مصطفى أبو الشيخ، فلاح، إن "مياه الخزانات طفحت في البيوت ومش عارفين نصرفها فين، الأرض شبعت ميه، هتشيل أيه تاني ومع مرور كل يوم تزداد المياه ويزداد منسوبها بالقرية حتى وصل ارتفاعها لأكثر من متر". وأضاف "محدش عارف المياه دي جاية منين، ناس بتقول دي مياه صرف، وناس بتقول مياه شرب، ولجأنا إلى المسئولين وقدمنا شكاوى بس للأسف محدش سأل ولا وفكروا يشوفوا سبب المشكلة، ومازلنا نتقدم بشكاوى حتى الآن، المسئول مش بيتحرك لما الكارثة تحصل ونلاقى البيوت وقعت فوق دماغنا". وفي المقابل، أعلن محافظ بني سويف المستشار محمد سليم، تنفيذ مشروعات الصرف الصحي ببعض قرى مراكز المحافظة وهى "الواسطى، وبني سويف، وببا، وسمسطا، والفشن" حيث يجري حاليًا تنفيذ مشروعات صرف صحي ل 10 قرى بتكلفة 170 مليون جنيه وستدخل الخدمة خلال العام الحالي لخدمة 230 ألف نسمة. وأوضح سليم أنه تم التنسيق مع وزير الإسكان والهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي على إدراج 17 قرية أخرى لتنفيذ مشروعات صرف صحي بها بتكلفة حوالي 328 مليون جنيه ولخدمة 440 ألف نسمة. وشدد المحافظ على القائمين بالأعمال بسرعة نهو هذه المشروعات ودخولها الخدمة بحد أقصى نهاية يونيو 2016. * * *