ما أقبح أن تحيا حياة القرون الأولى في القرن ال 21.. في العالم الأول هذه كارثة تطيح بكم كبير من المسؤولين، أما في عالمنا الثالث فمن المنطقي أن يحيا أهالي قريتين في مركز الواسطى بمحافظة بني سويف في برك من مياه الصرف. هكذا هو الحال الذي التقطته عدسات "مصراوي" متجولةً بين منازل قريتي قمن العروس وونا القس التابعتين لمركز الواسطى، حيث يحيا قرابة 55 ألفًا من البشر وصرفهم جنبًا إلى جنب، فتنمو حشائش الحلفا التي تجد في المستنقعات بيئة جيدة لها وملجأ أمن لسكانها من الحشرات على أسوار منازل يقطنها الأطفال والعجزة. "الصرف يأكل الأساسات ومنازلنا مهددة بالانهيار"، قالها "محمد سيد" أحد أهالي قرية ونا القس، الذي تحدث عن حلول أهلية ينفذها بعض السكان بإعادة رفع أرضيات المنازل لتجنب تشبعها بالمياه، فيما أشار إلى اضطرار الفقراء من السكان للقبول بالوضع الراهن بمخاطر إصابتهم وأطفالهم بالعديد من الأمراض. ويضيف "عويس سليمان" موظف وأحد المتضررين: "بدأت المياه في الظهور داخل منزلي على هيئة رشح بالجدران تعاملت معه بتعلية أرضية المنزل، إلا أنني فوجئت بعدها بارتفاع منسوب المياه، لتبدأ معاناتي مع سيارات كسح المياه". وهنا يوضح أن التعامل مع أصحاب سيارات الكسح في القرية يتم بلا رقيب ولا وسيلة سوى الدفع "المال مقابل الحياة الأمنة... كل أسبوع كنت مجبرًا على سداد قرابة 200 جنيه؛ نصفها بإيصال من الوحدة المحلية والنصف الآخر إكرامية لسائق سيارة الكسح أو قل إتاوة نظير الخدمة وإلا لن يتخلص منزلي من مياه الصرف التي كانت سرعان ما تعود إليه مرة أخرى". ويُرجع "عويس سليمان" الأزمة إلى عدم وجود خدمة للصرف في القرية، مضيفًا: "أغلبنا يجري صرفًا خاص به في خزانات داخل المنازل أو أمامها ومنها للمياه الجوفية والأرض". "اضطر بعضنا إلى النزوح عن منازلهم... الأرض شبعت من المياه والخزانات طفحت بما بها إلى منازلنا"، استصرخ بها "مصطفى أبو الشيخ" من قرية قمن العروس المسؤولين، وأضاف: "هل ينتظرون حدوث الكارثة كي يتم التحرك وإنقاذ ما يمكن إنقاذه"، مؤكدًا: "لجأنا إلى المسؤولين أكثر من مرة وقدمنا شكاوى عديدة لكن لا أحد نظر في سبب المشكلة". من جانبه، قال المستشار محمد سليم، محافظ بني سويف إن ميزانية العام المقبل ستشهد إدراج 17 قرية في المحافظة لتنفيذ مشروعات صرف صحي متكامل بتكلفة تصل إلى 328 مليون جنيه، بما يخدم 440 ألف نسمة، وذلك بعد التنسيق مع وزارة الإسكان والهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي، على أن يتم الانتهاء من المشروع نهاية عام 2016. وأكد المحافظ أن مشروعات صرف صحي جاري الانتهاء منها في 10 قرى، من المقرر أن تدخل الخدمة خلال العام الجاري، بما يخدم 230 ألف مواطن من أهالي المحافظة، بتكلفة 170 مليون جنيه، لافتًا إلى توفير سيارات لكسح المياه الجوفية من المنازل بالمجان لحين تنفيذ خطط مشاريع الصرف الصحي، بالإضافة إلى التنسيق مع مجلس الوزراء لتوفير الاعتمادات المالية اللازمة لتنفيذ هذه الخطة.