اتصل بى أحدهم: إنت ليه بتهاجم معالى رئيس الوزراء، ده والله العظيم راجل محترم وبيتعب عشان مصلحة البلد؟ لهذا «الأحدهم» أهدى هذا المقال: والله العظيم يا أحدهم أنا لا أهاجم معاليه، ولا أى معالى، حتى لو كانت المرحومة معالى زايد.. أنا راجل عبيط، مش عارف مصلحة نفسى، ولو كنت عارف مصلحة نفسى ماكنش ده بقى حالى، وحال عيلتى، وحال البلد اللى منها، والدولة اللى عايش فيها. لكن لما كبرت واتعلمت كلمتين، كان نصيبى أتعلم كلام بايخ من بتاع العقل والعلم والنظريات، وفى الحقيقة، وإن الثورة. وطبعا كل إنسان وعلامُه، من تربى مقاولا غير من تربى مدرسًا، غير من تربى متسولا، ومن تربى ثابتا على مبادئه غير من تربى متلونا ومتحولا. وتوضيحا لما كتبته عن معالى رئيس الوزراء، وعما سأكتبه عن أى مسؤول أو فى أى قضية، أقول إننى مثقف لارج جدا، ومنفتح لدرجة «السبهللة» و«السبهلمريكا» أيضا (طبعا إنتو فاهمين أن الأولى تعنى «سيبها لله»، والثانية تعنى «سيبها لأمريكا»)، فالعالم الآن متصل ومتداخل بطريقة لم يعد ينفع معها صيحات «هويتى».. «استقلالى».. «الإمبريالية».. فنحن فى زمن العولمة و«الإله بريزم». أوكيه.. لا بأس، أنا موافق، وقد وضعت أفكارى القديمة مع ملابسى القديمة فى سحارة الذكريات، لأنها لم تعد ملائمة حتى للتبرع بها، فهل ينفع أن يحج «أحدهم» على الجمل ونحن فى عصر الطائرات والموبايل والانتعاش الرأسمالى؟ أيوه افتكرت.. الرأسمالية! معاليه كان بيقول إن «الوظائف الحكومية انتهت بلا رجعة»، وينصح الشباب يتعلم صنعة. أوكيه يا مستر، أنا لن أطلب منك الآن اشتراكية، ولا تنمية مستقلة، ولا حاجات من اللى ريحتها شمولية دى، أنا أطلب كلامًا معقولا، وليكن رأسماليا، أين رأسمالى؟ لأن الدول الرأسمالية أيضا لديها إنتاج وأسواق عمل، وسعادتك مجرد سوق من هذه الأسواق، وأنا أتعب نفسى مع معاليك من أجل أن تتحول من مستهلك إلى منتج، ومن متسول إلى معطاء، ومن فقير إلى غنى، ومن سوق إلى دولة. يا معالى رئيس الوزراء، هناك فارق كبير بين «الوظائف البيروقراطية» وبين «فرص العمل»، لا أريد من الحكومة تعيينات فى وظائف حكومية تزيد من فاجعة البطالة الفاضحة (لم تعد مُقَنَّعة للأسف)، لكننى أريد دورا لحكومة معاليك فى خلق فرص عمل حقيقية، وأبسط الأشياء قبل أن نتكلم فى حدادة ونجارة، أن نسألك: ما هى خطتك الاقتصادية، وما هى الأشغال التى تحتاج إليها، وهل اهتممت بالتعليم الفنى.. طيب يا أخى كملوا «مبارك كول»، وعادى يعنى سموه «سيسيكول» حتى يبقى برستيج! معاليك ادَّخلتوا فى جمع القمامة خربتوا المنظومة القديمة المتخلفة، وعملتوا مافيا فساد وجباية إجبارية، تم ربطها بالكهرباء لا لشىء إلا لضمان مسك المواطن من لغلوغه. معاليك تاجرتم بأزمة الإسكان فانتعشت المنتجعات والكومباوندات والتهبت أسعار الأراضى لدرجة الاحمرار، وتفشى طاعون العشوائيات أكثر وأكثر، وتآكلت التربة الزراعية فى الدلتا، وما زال الشباب ينتظر «المليون وحدة» بعد إسكان المستقبل، وإسكان الهانم، وإسكان المواسم والانتخابات. يا معالى رئيس الوزراء، وفروا فرص عمل حقيقية، وإحنا نشتغل، لا هنقول المزرعة دى رأسمالية ولا المصنع ده اشتراكى، ولا الحكومة دى مهلبية.. عاوزين نعيش كويس وخلاص، هتقدروا، ولّا ترحلوا؟!