كتبت - سارة نور الدين «الحوار الاستراتيجى يمثل نقلة فى العلاقة بين القاهرةوواشنطن، التى ستحددها أفكار جديدة، خصوصا على المستوى العسكرى»، تلك أولى كلمات وزير الخارجية سامح شكري، الذي التقى نظيره الأمريكى جون كيرى، اليوم الأحد، وهو ما يلقي الضوء على التحول الذي عكسه الحوار الاستراتيجي، الذى عُقد فى القاهرة بعد انقطاع سنوات. وشهد العامان الأخيران فتورًا غير مسبوق فى العلاقات الثنائية بين مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية، باعتبار أن الأخيرة دعمت جماعة الإخوان على حساب مساندة مصر فى مواقف عديدة، وظلت القاهرة دون سفير أمريكى منذ مغادرة آن باترسون منصبها فى أغسطس 2013، وحتى مجيء ستيفن بيكروفت فى نوفمبر 2014. وقبل 48 ساعة فقط من بدء الحوار، الذي وصفه خبراء بالنقلة النوعية فى العلاقات شبه المجمدة بين الطرفين، تسلمت مصر خلالها 8 طائرات أمريكية مقاتلة من طراز (F-16)، فالعلاقات العسكرية بين القاهرةوواشنطن وثيقة حسب وصف شكرى خلال الجلسة الافتتاحية، فتداعياته تمثل نقلة نوعية فى مستقبل العلاقات بين البلدين، حسب خبراء. التغييرات السياسية والعسكرية فى سياسة واشنطن تجاه مصر أصبحت واضحة الآن، حسب تصريحات الخبير الاستراتيجى والعسكرى اللواء حسن الزيات، فقال إن التغييرات السياسية تجاه الإخوان، بدأت برفض استقبال وفدهم رسميا فى الخارجية الأمريكية يونيو الماضى، وتسليم مصر طائرات «F-16» ثم مجىء كيرى لحضور الحوار الاستراتيجى وتأكيده تفهم واشنطن للإجراءات المصرية لمواجهة الإرهاب. وأكد الزيات أن تصريحات كيرى، حول دعم الولاياتالمتحدةالأمريكية لاستقرار مصر باعتبارها مفتاحا لاستقرار الشرق الأوسط، توضح أن واشنطن تدير وجهها للإخوان، وتعيد علاقاتها مع مصر إلى المسار الطبيعى، موضحا أن واشنطن تسعى إلى خلق تحالف عسكرى وسياسى أمريكى-مصرى، ضد الإرهاب فى المنطقة. توقيت تسلم مصر الطائرات من الولاياتالمتحدة متصل بتسلم صفقة «الرافال» من فرنسا، حسبما رأى الزيات، الذى قال إن واشنطن لا تريد لأى دولة أن تحل بديلًا لها فى تسليح مصر ومنحها معونات عسكرية تعد مؤشرًا على مدى عمق العلاقات الثنائية بين أى دولتين. الزيات أضاف أن إدارة أوباما أبدت تغييرا كبيرا فى علاقاتها مع مصر، بعدما تحملت عواقب اعترافها بالإخوان فى العامين الماضيين، موضحا: «تصريحات كيرى حول دعم أمريكا لاقتصاد مصر وإشادته بالتطور الاقتصادى فى عهد الرئيس السيسى، يبين أنها تعى ضرورة توطيد علاقتها بالنظام المصرى أمنيا وعسكريا وسياسيا واقتصاديا». المحلل السياسى وخبير العلاقات الدولية الدكتور سعيد اللاوندى، قال إن واشنطن قررت إعادة هيكلة علاقاتها بالقاهرة، بعد توترها خلال العامين الماضيين، واصفا هذه العلاقة ب«المتوعكة» منذ فترة طويلة، إلا أن انعقاد الحوار الاستراتيجى عالج هذه الوعكة. اللاوندى أوضح فى تصريحات خاصة ل«التحرير» أن «الخارجية» نجحت فى تصحيح صورة مصر بعد الإطاحة بالإخوان، وانتخاب الرئيس السيسى، وهو ما أجبر إدارة أوباما على إعادة التفكير فى مجرى العلاقات الثنائية، والدليل هو خطوة تسليم الطائرات المقاتلة قبل ساعات من وصول كيرى إلى القاهرة. خبير العلاقات الدولية أشار إلى أن واشنطن تحاول استعادة العلاقات الجيدة بالقاهرة، حتى «لا تفلت منها مجددا»، متابعًا: «الخاسر الأكبر من وقف المعونة الأمريكية لمصر سواء الاقتصادية أو العسكرية هى واشنطن لا مصر، فى ظل بناء علاقات متوازنة بفرنسا، التى عقدت معها صفقة طائرات (الرافال) الحربية الناجحة، وروسيا والصين، وكذلك ألمانيا بعد زيارة السيسى». مساعد وزير الخارجية الأسبق عضو المجلس المصرى للشؤون الخارجية، السفير رخا أحمد حسن، قال إن العلاقات «المصرية-الأمريكية» لها ثوابت تبنى عليها، أهمها ما يرتبط بعملية السلام فى الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن الاختلاف السياسى بين القاهرةوواشنطن، لا يعنى إمكانية الإخلال بثوابت العلاقات الاستراتيجية بين البلدين. حسن أضاف فى تصريحاته ل«التحرير» أن واشنطن تنظر إلى مصر باعتبارها الدولة الوحيدة المستقرة فى الشرق الأوسط المشتعل، على الرغم من مناوشات الإخوان، مؤكدا أنها تدرك أيضا أن القاهرة قوة إقليمية وحيوية لا يمكن أن تغفلها، وهو ما عكسه كيرى فى الحوار الاستراتيجى.