وزارة المالية تبدأ خلال مارس إعداد مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالى التالى، الذى يبدأ فى الأول من يوليو من كل عام. ولأن موازنة العام المالى القادم 2013/2014، هى الأولى فى عهد الإخوان والرئيس المنتخب، فإنها تكتسب أهمية خاصة، فى ظل تصاعد المؤشرات على أنها ستكون موازنة تقشفية مثقلة بالديون وفوائد القروض الداخلية والخارجية. تحديد ملامح موازنة العام المالى القادم أمر لا يمكن وضع سيناريوهات مستقبليه له بمعزل عن المؤشرات الاقتصادية للدولة والأداء العام لموازنة العام المالى الجارى، وكذلك البرنامج الحكومى المقدم لصندوق النقد الدولى للحصول على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار، لأن البرنامج لا يتم ترجمته إلا فى ضوء الموازنة العامة للدولة الحالية والقادمة. بيانات وزارة المالية عن الموازنة العامة والصادرة فى تقريرها الشهرى عن فبراير الماضى أكدت أن عجز الموازنة خلال النصف الأول من العام المالى الحالى (خلال الفترة من يوليو حتى ديسمبر) ارتفع بنسبة 5.1% ليصل إلى 91.5 مليار جنيه، مقارنة بعجز قدره 73.8 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام السابق. المعدل الذى ارتفع به عجز الموازنة العامة للدولة دفع الحكومة نحو التوسع فى الاقتراض الداخلى والخارجى وهو ما أدى بدوره إلى ارتفاع فوائد الديون التى تدفعها الدولة والتى وصلت خلال النصف الأول من العام المالى الحالى إلى 59 مليار جنيه. ارتفاع عجز الموازنة فى النصف الأول من العام المالى الجارى، والتوسع فى الدين، ينذر بموازنة قادمة مُثقَلة بعجز مالى بالغ، وصلت تقديراته الحكومية الصادرة عن وزير التخطيط الدكتور أشرف العربى إلى نحو 213 مليار جنيه. عجز الموازنة كأحد الملامح الأساسية لميزانية العام القادم، أكده الدكتور طارق شعلان رئيس الجنة الاقتصادية بحزب النور الذى قال ل«التحرير» إن العجز سيكون أهم ملامح لموازنة العام المالى القادم لأن الموروث من الدَّين الداخلى من حكومات مبارك والمبالغ التى توسع الإخوان فى اقتراضها سيتم ترحيلها للموازنة الجديدة،متوقعا أن تكون موازنة 2013/2014 تقشفية فى الربع الأول لها، حتى انتخاب مجلس النواب الذى ربما يقوم بدوره بإجراء تعديلات على الموازنة، ودفعها نحو السياسيات التوسعية، لافتا إلى أن الانكماش المتوقع أن تشهده موازنة العام المالى القادم، ربما يأتى على حساب التوسعات الاستثمارية الجديدة فى البنية التحتية، وتابع «أنا شخصيا لا أميل إلى أى انكماش لأن الخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية لن يتم إلا من خلال ضخ استثمارات جديدة لشرايين الاقتصاد». من جانبه قال الدكتور سامى السيد، أستاذ المالية العامة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، إنه لا يمكن وضع تصور واضح لموازنة العام القادم 2013/2014، وذلك لعدم وضوح الرؤية فى الوقت الحالى، مشيرا إلى أن الموازنة المالية ستشهد اختلافا كبيرا عن العام الماضى لتوجهات الحكومة فى تنفيذ خطة الإصلاح. وعن تفاصيل بنود الموازنة القادمة قال السيد إنه على الرغم من أن المؤشرات تتجه نحو التقشف فإن هناك دلالات على زيادة الإنفاق على بعض البنود مثل بند المصروفات الأخرى، المتعلق بالإنفاق على النواحى الامنية إذ إن الوضع الأمنى القائم قد يدفع القائمين على إعداد الموازنة نحو زيادة المبالغ المخصصة لهذا البند دعما للجانب الأمنى. وعن الإنفاق الاستثمارى، قال السيد إنه سيتم دعم الاستثمارات القائمة مع عدم الدخول فى أى مشروعات جديدة، مشيرا إلى أن بند الاستثمارات العامة الذى يمثل الرافعة الحقيقة لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد لا يمكن الاستغناء عنه أو تخفيضه. ومن ناحية أخرى أوضحت رئيسة قسم الاقتصاد والمالية العامة بجامعة الإسكندرية الدكتورة زينب عوض الله أن تدهور الأوضاع الاقتصادية دعا الحكومة الحالية برئاسة الدكتور هشام قنديل للحصول على قرض خارجى من صندوق النقد بقيمة 4.8 مليار دولار كجزء من سياسة اقتراض عامة تستهدف منها مصر الحصول على 11 مليار دولار خلال الفترة القادمة، وهو ما سيؤدى إلى ارتفاع حجم الدَّين الخارجى إلى ما يقرب من 46 مليار دولار.