تساءل الكاتب الأمريكي والباحث بمؤسسة "سنشري فاونديشن"، ثاناسيس كامبانيس، في مقال نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية ما إذا كنا نشهد "ميلاد نظام شرق أوسطي جديد"، لا سيما بعد توصل الدول العظمى الست إلى اتفاق مع طهران بشأن برنامجها النووي لينهي بذلك نحو عقد من عزلة الجمهورية الإسلامية. الكاتب قال إنه بينما يحاول الرئيس الأمريكي باراك أوباما الاستفادة من زخم الاتفاق النووي، والاعتماد بشكل كبير عليه، سيجد أن تغيير العالم العربي بالكلام أسهل من الفعل، وتوقع أن الأخير سيجد أن تغيير الديناميات المدمرة للشرق الأوسط أكثر صعوبة مقارنة بأي مفاوضات في فيينا. وأشار الكاتب إلى أنه منذ سنوات يعلق القادة الأمريكيون آمالهم في تهدئة عقود من الحرب الأهلية والتمرد والتوتر في الشرق الأوسط على إعادة تأهيل إيران التي تعتبر "بعبعًا" في نظر واشنطن وحلفائها، على حد وصفه. وتابع الكاتب، "إذا كان هناك أي أمل لتغيير هذه الديناميات، على الولاياتالمتحدة الغوص بسرعة وعمق في ضغائن المنطقة"، لافتًا إلى أن الحروب خرجت عن السيطرة في 4 دول عربية، وإيران تتحمل جزءًا من اللوم فقط. وأوضح كامبانيس أن طهران أكثر تعاونًا، ربما تفتح الباب أمام تهدئة سفك الدماء في سوريا، حيث تلعب إيران دورًا مهمًا، لكن جذور الحرب في العراق واليمن أكثر عمقًا من آليات إيران، وتقريبًا ليس لها دور في الصراع الليبي. بعد الاتفاق مع إيران، ستتم مواجهة المصالح الأمريكية من قبل الخصوم العدوانيين المهرة، وأيضًا الحلفاء القساة، وفقًا للكاتب الذي أضاف أن الولاياتالمتحدة إذا أرادت تغيير الديناميات، عليها أن تتخلى عن نهجها الخطي. كما اقترح أنه ينبغي على الولاياتالمتحدة إشراك إيران والأطراف السيئة الأخرى في كل بقعة ساخنة في المنطقة، وهو ما أشار إليه أوباما بالفعل في أحد المؤتمرات الصحفية بقوله: "من المهم أن تكون إيران جزءا من تلك المحادثات". أما الاقتراح الثاني، فإن الولاياتالمتحدة ستحتاج أيضًا إلى رفع النفقات أمام إيران التي تستمر في ممارسة التجارة والأعمال بالطريقة الدموية ذاتها عبر المنطقة. وأضاف الكاتب أنه إذا تدفقت مليارات الدولارات إلى إيران بعد رفع العقوبات، ستكون هناك مخاطرة بزيادة النهج التوسعي لقوات الحرس الثوري الإسلامي، واستثمارها في الحروب بالوكالة. واقتراح الكاتب الثالث كان إقناع واشنطن شركائها باختيار تحالف ثوري واحد لدعمه، وأن هذه هي الطريقة الوحيدة لتحقيق التوازن في سوريا. الفائدة الكبرى للاتفاق النووي هي العملية الدبلوماسية التي خلفها، بحسب الكاتب، متابعًا أن العلاقات المكثفة التي شملها مسار المفاوضات يمكن استخدامها في فتح محادثات حول قضايا أخرى. وأوضح أنه من الخطأ تصور أن هذا الاتفاق كنقطة فاصلة شبيهة باتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، التي غيرت ديناميات الصراع في الشرق الأوسط تمامًا، مضيفًا أن الاتفاق لم يقدم إلى العالم أي إنجازات ملموسة حتى الآن. "كامبانيس" اختتم مقاله بأن الاتفاق كان خطوة أولى، ثم بعد ذلك ينبغي التعامل بنظامية مع عدم الاستقرار والحروب بالوكالة والصراع الطائفي في المنطقة، مؤكدًا أن الشهور القادمة ستختبر هذا، وأن العمل الحقيقي يبدأ الآن، وستكون مهمة صعبة.