خلال أيام العيد الهادئة، أعدت قراءة بعض مما كتبته على مدى أسابيع سابقة، واستوقفنى موضوع طالما ركزت عليه وهو ما درج البعض أن يطلق عليه «مبادرات الصلح» بين الإخوان والدولة، وهو مصطلح حسبما أرى غاية فى الغموض والمكر أيضا، إذ يستخدم لفظة «الصلح» المطاطة دون ضوابط أو محددات لمعناها. كما أنه بالتالى يضع الجماعة فى وضع مساوٍ وفى ندية لا مع الحكومة أو النظام فحسب وإنما مع الدولة المصرية، فى إشارة لا أظن أنها أتت عفو الخاطر من الإخوان أو ممن يطلقون هذه المبادرات الحين بعد الحين. وبالرجوع إلى بعض هذه المبادرات بداية من مبادرة د. العوا ثم د. أبو الفتوح ود. أبو المجد، وتلا ذلك بعض المبادرات المتناثرة إلى مبادرة يوسف ندا أخيرا، لتتلوها مبادرة أبو الفتوح الثانية ثم حوار أبو المجد فى جريدة «التحرير» وتأكيده على حتمية الصلح، وجدت أننى انتهجت نهجا واضحا وحادا فى رفض هذا الطرح شكلا ومضمونا، إلا أننى قررت أن أترك العنان لخيالى أن يجمح على قدر ما يسمح له سقف التصور، وأحاول أن أرصد إحدى هذه المبادرات وهى طور التفعيل حقا... بداية، علينا أن نفترض الأطراف المشاركة، فهل طارح المبادرة مجرد وسيط أم سيكون جزءا من آليات التفاوض، ومن ثم مَن سيحضر عن الإخوان المسلمين هذه المفاوضات؟ هل القيادات الهاربة خارج مصر أم القيادات الموجودة فى السجون رهن المحاكمات؟ أى هل نجد على طاولة التفاوض من يمثل «داعش»؟ هل سيوجد على هذه الطاولة ممثلون عن كتائب شهداء الأقصى والتنظيمات التكفيرية الأخرى؟ إذا تصورنا الوضع بهذه الطريقة ألا يجدر بهذه المائدة أن تسع قيادات من حماس وكتائب القسام وبالتأكيد يجب أن يكون هناك ممثلون عن حكومتى قطر وتركيا حاضرون بحكم أنهم أصحاب مصلحة مباشرة، بالإضافة إلى ضلوعهم فى تسيير الأحداث بشكل غير خاف على جميع الأطراف؟! وبما أن لكل اجتماع جدول أعمال أو أجندة إذا صح القول، فيا ترى ماذا سيوضع قيد البحث والنقاش من تلك المبادرات؟ هل نبدأ بمبادرة يوسف ندا واللجوء إلى المخلصين من القوات المسلحة المصرية -على حد قوله- أم يتم مناقشة طرح أبو الفتوح بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة أو على أغلب الظن يطرح موضوع عودة مرسى بشكل مباشر دون الدخول فى تفاصيل أو مماحكات؟! إذن فمائدة التفاوض على مستقبل مصر لن تخرج عن الآتى أسماؤهم إلا بقدر بسيط: د. أبو المجد ود. أبو الفتوح ويوسف ندا كمنسقين، خيرت الشاطر -المرشد الحقيقى- ومن خلفه خليل العقيد لحراسته، د. محمد البلتاجى الممثل العسكرى ود. بديع للمصداقية والشرعية، عمرو دراج وعصام الحداد كمسؤولين للعلاقات الخارجية.. ممتاز دغمش ممثلا عن كتائب الأقصى وخالد مشعل عن حركة حماس، عادل حبارة أو من ينوب عنه، أحد خلفاء أبو بكر البغدادى، أحمد بن ناصر بن جاسم رئيس المخابرات القطرية، أحمد داوود أوغلو ممثلا عن رجب طيب أردوغان والعثمانيين، الغنوشى أو من يمثل التنظيم الدولى أو يتم الاكتفاء بيوسف ندا، أيمن نور ومحمد محسوب ممثلين عن الأحزاب.. ثم محمود عزت على الهاتف أو سكايب للاحتياطات الأمنية... غير خافٍ أن المائدة خلت من محمد مرسى للأسباب المعروفة من أهميته فى الجماعة وتأثيره الفعلى بها، كما أن المائدة خالية ممن يمثل مصر أيضا!!