القائمة النهائية لمرشحي دوائر محافظة المنيا عن النظام الفردي    المنوفي: التعاون المصري الأوروبي يدعم استقرار سلاسل الإمداد ويزيد تنافسية المنتجات المصرية    أسعار السكر المدعم ونصيب كل فرد شهريًا    محمد مصطفى أبو شامة: مصر تبذل جهودا حثيثة لترتيب البيت الفلسطينى    قائمة الزمالك لمواجهة ديكيداها الصومالي تشهد تواجد بارون أوشينج    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بالشرقية    «نوة المكنسة على الأبواب».. محافظ الإسكندرية يشهد اصطفاف معدات مجابهة الأزمات استعدادًا للشتاء (صور)    نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: سيارة تدهش مُسنًا وعجوزًا.. وإحالة سائقين للمفتي    جدول مباريات منتخب مصر في كأس أمم أفريقيا 2025    تعليمات بتبسيط الإجراءات للمواطنين الجادين في تقنين أوضاع الأراضي في كفرالشيخ    «طبعا أحباب».. دار الأوبرا تحتضن حفل مروة ناجي ب مهرجان الموسيقى العربية    بحضور وزير الثقافة.. المجلس القومي للمرأة ينظم ندوة «رسائل.. نساء أكتوبر»    «حرامية مشاعر».. أبراج تخطف القلوب بسهولة وتترك وراءها حبًا معلقًا    «الشكر عند بداية النعمة».. خالد الجندي يوضح الفرق بين الحمد والشكر    إزاي نصحى لصلاة الفجر بسهولة؟ أمين الفتوى يوضح 4 خطوات عملية    ما الدعاء الذي يفكّ الكرب ويُزيل الهم؟.. أمين الفتوى يجيب    وكيل صحة شمال سيناء في جولة على مخازن الأدوية لضمان الاستدامة    طريقة عمل البانيه بخطوات سهلة.. أسرار المطاعم لقرمشة لا تُقاوم وطعم لا يُنسى    قافلة شاملة توقع الكشف الطبي المجاني على أهالي قرية الزُّورة في المنيا    الأطباء: قبول طلاب الطب دون توفير فرص تدريب كافٍ جريمة في حق المريض والمهنة    المحكمة الإدارية العليا تؤيد استبعاد هيثم الحريرى من الترشح لمجلس النواب    وكيل تعليم بالغربية: تعزيز التفاعل الإيجابي داخل الفصول مع الطلاب    «إكسترا نيوز»: ما يدخل غزة لا يزال نقطة في محيط الاحتياج الإنساني| فيديو    الزمالك يتقدم بشكوى ضد أسامة حسني للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام    حنان مطاوع تكشف شعورها بعد ترشح فيلمها «هابي بيرث داي» ل الأوسكار    انفجار داخل مصنع وسط روسيا يسقط 10 قتلى    تمارين مثبتة علميا تساعد على زيادة طول الأطفال وتحفيز نموهم    محافظ بني سويف يتفقد مستجدات الموقف التنفيذي لأعمال المرحلة الثانية من تطوير نادي سيتي كلوب    الأنبا إبرهام: الوحدة المسيحية تحتاج إلى تواضع وحوار ومحبة حقيقية    وزارة التضامن تحدد آخر موعد للتقديم في حج الجمعيات الأهلية 2026    مساعد وزير الخارجية المصري: الاتحاد الأوروبي أصبح شريكًا اقتصاديًا بمعنى الكلمة لمصر    عبد المنعم سعيد: الحزب الجمهوري يرفض إرسال جنود أمريكيين لمناطق نزاع جديدة    أندية وادي دجلة تحصل على التصنيف الفضي في تقييم الاتحاد المصري للتنس    رسمياً.. الاتحاد يشكو حكم مباراته ضد الأهلي    نادي الصحفيين يستضيف مائدة مستديرة إعلامية حول بطولة كأس العرب 2025    ب«لافتات ومؤتمرات».. بدء الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب في الوادي الجديد (تفاصيل)    منها «نزع ملكية عقار».. الجريدة الرسمية تنشر 5 قرارات جديدة لرئيس الوزراء (تفاصيل)    العثور على جثة «مجهول الهوية» على قضبان السكة الحديد بالمنوفية    موعد مباراة منتخب مصر للكرة النسائية وغانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية    الداخلية تواصل حملاتها لضبط الأسواق ومواجهة التلاعب بأسعار الخبز    رانيا يوسف تكشف الفرق الحقيقي في العمر بينها وبين زوجها: مش عارفة جابوا الأرقام دي منين!    السادة الأفاضل.. انتصار: الفيلم أحلى مما توقعته ولا أخشى البطولة الجماعية    النيابة العامة تنظم دورات تدريبية متخصصة لأعضاء "الأسرة".. صور    وزارة الدفاع الروسية: إسقاط 139 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    نقابة السجون الفرنسية تندد بوجود ضباط مسلحين لحراسة ساركوزي داخل السجن    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة الأقصر    من هو الشيخ صالح الفوزان مفتي السعودية الجديد؟    البنك الأهلي يحصد شهادة التوافق لإدارة وتشغيل مركز بيانات برج العرب من معهد «Uptime»    الجيش الثالث الميداني يفتتح مزار النقطة الحصينة بعيون موسى بعد انتهاء أعمال تطويره    حجز الحكم على البلوجر علياء قمرون بتهمة خدش الحياء العام ل29 أكتوبر    الصحة توقع مذكرة تفاهم مع الجمعية المصرية لأمراض القلب لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    محمد صلاح.. تقارير إنجليزية تكشف سر جديد وراء أزمة حذف الصورة    مقتول مع الكشكول.. تلميذ الإسماعيلية: مشيت بأشلاء زميلى فى شنطة المدرسة    شبكة العباءات السوداء.. تطبيق "مساج" يفضح أكبر خدعة أخلاقية على الإنترنت    تجدد القصف الإسرائيلي على خانيونس وغزة رغم وقف إطلاق النار    "معلومات الوزراء" يستعرض تقرير منظمة العمل الدولية حول تأثير الرقمنة على سوق العمل بالدول العربية    سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025 في البنوك المحلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السريالى ميشيل قصير: الأشعار المهداة إلى أمى بعد موتها تتميز بغيابها بصورة قوية
نشر في التحرير يوم 14 - 01 - 2013

ميشيل قصير، شاعر فرانكفونى، مصرى لبنانى، يرى نفسه مصرياً ولبنانياً وفرنسياً وكولومبياً.
تعرفتُ عليه فى مهرجان «لوديف» الشعرى فى فرنسا من سنوات بعيدة ثم تقابلنا فى مهرجان «سيت» الشعرى فى فرنسا «مهرجان حية من المتوسط»، مع زوجته الموسيقية والعازفة «كلاوديا كريستيانسن». .
أحياناً كان قصير –الفارع الطول–، يقرأ أشعاره على خلفية موسيقية من عزف «كلاوديا فيبدوان» كثنائى خرج من إلياذة شرقية.
ولد فى بيتٍ حرص فيه الأب على تعليمه الحديث بالعربية، بينما كانت لغة المدرسة الفرنسية «يتذكر هو بأسى معلقاً: الاستعمار».
وكان الأب اشتراكى الهوى، وهكذا ميشيل الذى يجيد العديد من اللغات كتابة وقراءة، وهو دائم السفر، لكنه يحن إلى مواطن ذكريات طفولته «مصر»، وأصوله «لبنان».
من أعماله الشعرية «الدم الذى يصعد صافى الذهن، وبراءة كجذر متقد، وآن لنا أن نقطع آذان السحر الزرقاء، وبسبب الصورايخ والكآبة، وربما حلمنا بأننا نعيش، وليس ثمة ملائكة إلا ثمة عطر، وتباطؤ البرق، وزخرفة الأرض، وورشة رمل، والمسافات المغناطيسية «مع أنطوان بولاد»، ومصهر النفس، وآلهة الآلهة الآلهة، وخارج التمازكال «اسم أحد طقوس أمريكا اللاتينية»».
ومن أعماله النثرية «جمر العدو، وقلق»، وهو كتاب شعرى جماعى والعديد من الترجمات، كما أنه حاز على جائزة الشعر الفرانكفونية.
أجرينا معه الحوار التالى بالإنجليزية التى جاءت إجابته عليه بنفس اللغة فى «سيت» بفرنسا، كما نسوق بعض المقاطع من إحدى أجمل قصائده - «الإسماعيلية»- والتى تمت ترجمتها للعربية، وتبدو مبهجة كقنديل خاصة من شاعر لا يكتب شعره بالعربية رغم كونها مُحملة بتيمة الفقد ورحيل الأم، وهنا نص الحوار يليه مقاطع من «الإسماعيلية»:
1-هناك خوف ووحدة مرعبة.. تنهمر من روح شعرك وثمة نبر تعزية فى أشعارك «حبوب اللقاح، ويقظة، والإسماعيلية، ونعلم أن الأخيرة كانت مسقط رأس والدتك المتوفاة «كلاريس»، ما هو الذى تنتحب وتحزن عليه، إلى جانب حزنك على موت الأم؟
-أنا لا أعتقد حقاً أن الخوف يكمن فى قلب أشعارى، ربما يقف عند الهامش، وعلى العكس فإن الشعر هو أداة المغامرة الداخلية وهو يكسر الخوف من نسيان الكينونة، قد يبدو هذا خوفاً لكنه فى الواقع متضامن مع فعل الكلمات التى تعبر عن الأعماق، فأنا أبحث عبر الشعر عن طريقة لتحرير نهر الأحلام وغناه الذى لم يُستغل فبهذا المعنى حقاً تكون القصيدة ثورية، مبدعة وفقاً لمقاربتى التى ليست فريدة من نوعها بالطبع.
بالتأكيد الأشعار المهداة إلى أمى بعد موتها تتميز بغيابها بصورة قوية وربما بشعور أولىّ بالظلم تجاه هذا الفعل الطبيعى «الموت»، وهى بالنسبة لى ليست أناشيد عزاء، وإنما احتفال بها فى جمال الحاضر، ربما بعض تلك القصائد تقوم بدور استخراج الحزن «كطرد الشياطين»، وأحاول تحويل أمى المتوفاة إلى حضور حىّ وهو مستوى آخر من التواطؤ.
2-أنت ترى قطعة من البطيخ أمامك بقشرها فى الطبق وتتذكر جدك الطبيب، وماذا حكى للفلاحين فى مصر وهكذا تكون هناك قصة قصيرة جاهزة، حكايات طفولتك «التى حكيت لى بعضها» مع جدك وتمشياتك مع أمك .. ألا تخاف من تأثير الخزان القديم للذكريات على كتابتك؟
- ليس لدى أية مخاوف بشأن الخزان لأنه ليس قديماً إنما مادته التى لا تُصدّق هى الجذور، إنها ليست انتحاباً وهى تعمل كمادة تغذى خيالى ووجودى الحقيقى فى هذا العالم.
لم أعرف هذا الجد أبداً لكنى أتذكر الحكايات التى حكوها لى عنه، كان ممتلئاً بحس الدعابة وكذلك كانت أمى، وأعتقد أنى مدين لهما بجزء من روحى أو طبيعتى، وبالمناسبة تلك السلسلة من الأشعار «المهداة إلى الأم»، ذات خصوصية لأنها مهداة على نحو كامل إلى شخص واحد وهذا نادر فى إنتاجى الأدبى.
3- أنت تتحدث عدة لغات: «الفرنسية، الإنجليزية، الإسبانية والعربية على الرغم من عدم حريتك فى التعبير بالكتابة بالعربية، ما هى اللغة التى تحلم بها أثناء النوم؟ بأية لغة تشعر روحك بالعطش والشوق؟
-هذا سؤال حساس جداً، لا بد من الاعتراف أن لغتى الأم هى الفرنسية رغم أن التعبيرات العربية كانت دائماً حاضرة وبالطبع أيضاً إشاعات وأغنيات القلب المصرى النابض، كتبتُ أحياناً بالإسبانية والإنجليزية مع بعض المحاولات بالعربية لكن بكل تأكيد أنا أكتب الشعر بالفرنسية، هى ليست مسألة إرادة لكن من هناك «يقصد الفرنسية» تسيل تعبيراتى من الداخل، إن فرنسيتى هى فرنسية المتوسط «البحر المتوسط»، وهى كائن عربى ومتعدد الثقافات.
4-فى قصيدتك «المعبد» تكتب: «جذورى تنمو فى أى مكان، منذ غادرتْ»، ما الذى تبحث عنه – وحتى الآن – لم تجده؟
-أقصد ببساطة أنه الآن وقد ماتت أمى ومات أبى قبلها بعدة سنوات لا بد أن أجد جذورى رمزياً حيث أعيش وأقيم، إنه نوع من الواقعية، بالنسبة لى فحيث لم تكن مقبرتا أبى وأمى قريبتين لتكريمهما، فقد اخترت حديقتين باريسيتين كانتا قد عرفاهما. وأكثر من ذلك، المرء لا يجد جذوره أبداً وهذا غموض العيش، إنه نفس الوضع فى أى مكان فالمرء ليس فقط فى مكان فيزيقى، وإنما أيضاً فى فضاء أو مساحة ذهنية وهو ما يمكن أن يجعلنا قريبين جداً ومختلفين جداً.
5- أنت بعيد عن كل شئ .. «متلبد بلا شريط»، ألا تشعر بالتناقض الثقيل داخلك بين الاشتراكى والشاعر ذى المزاج الوجودى، بين المصرى اللبنانى والرجل أو المواطن العالمى، بين الشاعر والأكاديمى ورئيس قسم الكيمياء الكهربائية ؟
أفكر بعمق كيف أن الإنسان متعدد وواضح جداً فى الأطفال وفى كبار السن الذين تحرروا من الالتزامات، وكذلك الفنانين بشكل عام.
كشاعر لا يمكننى أن أكون أى شئ غير نفسى، هذا هو الكنز الحقيقى فالمرء لا يستطيع أبداً أن يغصب نفسه، يمكن للمرء أن يتطور لكن هذا دائماً يكون عبر طرق ملموسة وليس قراراً ثقافياً.
أوقاتاً – وأنا مارست هذا– يدرك الأطفال فانتازيا وحقيقة الشعر أكثر من بعض المثقفين ممن يحاولون شرح وتفسير أسباب الإبداع، بالطبع الشرح أساسى لكن فعل الشعر هو فعل الشعر، يمكنه أحيانا أن يمتزج بالواقع الحارق «أفكر فى مايا كوفسكى وغيره»، لكن لايمكن استثارته على نحو مصطنع، وبالحديث عن الاشتراكية أنا لست معجباً فى الحقيقة بالواقعية الاشتراكية فى الفن والتى قتلت الكثير من الإلهام بينما تعتقد أنها تخدم الناس.
الناس لا يحتاجون إلى دروسٍ فى الفن، إنهم يحتاجون للفن، ولست متمرساً فى السياسة، لكن لدىّ خلفية ومعتقدات سياسية محددة، وبالنسبة لى لا يوجد تناقض فى طريقة تعاملى مع الشعر والسياسة والعلم، إنها تدريبات مختلفة لكن هناك دائماً الحس الإنسانى، الفضول، والاكتشاف، والرغبة فى تقاسم الأفكار والتنوير.
أنا لا أخلط بين أنشطتى، هى ذات جذور واحدة لكن المنهاجية تختلف، وأشعر أن الحلم ضرورى للباحث و الدقة ضرورية للشعر، والدقة هنا ليست هى «العقلانية، بل الصدقية، الحس الموسيقى واحترام تدفق الأحلام، فإذا كنت أبدو كمواطن عالمى فهذا ليس عرضاً للتصوير وإنما مشوار حياة طويل أوصلنى إلى المشاركة فى ثقافات عديدة واحترامها، لكنى أيضاً محدود مثل أى إنسان، ولدىّ أماكنى ومشاعرى، بمعنى ما أياً ما كانت تحركاتى من بلد إلى آخر أنا شديد التأثر بخليط جذور الصحراء والمتوسط، أياً ما كانت ثقافتى أنا من مصر ولبنان، بلدى الأم وأرض أسلافى.
إن الوعى الذى أمتلكه ممتلئ بهذين البلدين وبشعبيهما، أما الحديث عن كونى رئيس معمل الأبحاث فى الكيمياء فهذه وظيفة لعدة سنوات وهى ليست مثل أن تكون عالماً أو شاعراً، إنها تستغرق وقتاً لكنها لا تمتلك روحى.
6-كتابتك كالسريالية المثقوبة، ممسوسة كأنما بالجن وبنوستالجيا مستمرة وبالوصف، إنها ليست مجرد لعب وتجريب رغم أن بها عنصر اللعب أيضاً، هل توافق أن سرياليتك التى تبدو مزيجاً فلسفياً من الصوفية والاغتراب وطبقات من المنفى والنوستالجيا هى البوابة إلى تعبيرك الذاتى الشعرى وهى التى تُشفّر تلك الذات فقط حتى الحافة؟
لا توجد سريالية صرفة حتى ولو كانت هناك ميول مهيمنة.
السريالية فعلت شيئا مهماً لتحرير الفن والشعر من التقاليد والقواعد أو السطحية، طبعاً تم استخدام اللعب والتجريب بكثافة لكن ما أرادته السريالية فى الحقيقة هو فتح أعماق البشر، الأحلام والأزمات والغيلان تخرج من أسرّتها إلى الحياة الواقعية وهو نوع من التحليل النفسى ولكن بخيال وحرية أكبر، مثال تلك القبائل فى كولومبيا التى كانت تتقاسم أحلامها قبل الإفطار كدليل على المشاركة والانعتاق.
كلامك سليم تماماً فالسريالية أعطتنى دفعة لكنى ممتلئ بتأثيرات عدة، من بينها الصوفية وثقافة أمريكا اللاتينية والأدب والمعتقدات الشرقية والغربية الخ، والمباشرة والوضوح ليسا دائما ما يبدوان عليه، ربما أنا أكثر يقظة «أحمل الغموض والجدة»، فى أشعارى مما أنا فى محادثاتى رغم أنه يمكننى أن أكون مفهوماً أكثر«بالمعنى التقليدى» حين أتحدث، ولا تنسى أننى أقوم بالتدريس منذ سنوات.
7-قلت لى أنك مشغول منذ وقت بالشعر الشفاهى، ما الذى تبحث عنه فى الشفاهية وفى أية لغة ولماذا الشعرالشفاهى الآن؟
كعرب نحن نعلم جيداً أهمية الشعر الشفاهى فهو الذى يوفر الموسيقى والانفعال لجمهور أكبر بل كان له دور سياسى واجتماعى، ومع الوقت تطور الشعر وتطورت المجتمعات، فصارت القصيدة ذات حميمية أكثر وبعيدة عن الجمهور العريض، صارت القصيدة غالباً ملكية المثقفين، وبالعودة لوجود القصيدة فى العالم التكنولوجى بالشاشات والتليفونات فى كل مكان، نجد الفعل الشفاهى فى الشعر يحاول فى نفس الوقت استعادة التقاليد القديمة «الشعراء العرب، التروبادور، المطربين الملهمين.. الخ»، كما يحاول ذلك الشعر التواصل مع الجدة أو التجديد فى محتمعاتنا الحديثة التى تعانى من نقص الاتصال المباشر، أعتقد أنه من الأهمية بمكان أن نجعل الشعر حياً عبر اللسان والجسد، الشعر أيضاً فن كامل.
8-الأرقام فى بعض أشعارك تبدو كشفرة، هل لديها معادل نفسى مرتبط ببعض الأحداث والوقائع فى حياتك الخاصة ؟ وهل تقوم بعض الأرقام بالنسبة لك بدور التميمة ؟
لا يوجد شئ خفىّ فى قصائدى، هى مجرد صدفة، ففى قصيدة مهداة إلى أمى، ألعب بترتيب أرقام هاتفها والتى استخدمتها كثيراً خاصة أثناء الحرب الأهلية اللبنانية وحين كنت أعيش فى فرنسا أو المكسيك.
9- فى العديد من قصائدك أسماء لأماكن وممارسات ثقافية، أسماء غيلان وآلهة مرتبطة بثقافات ومعتقدات أخرى، هذه يمكن أن يفهمها القارئ الأوروبى لكنها تقف كمشكلة ثقافية أمام القارئ العربى خارج دائرة المثقفين خاصة حين يواجه بالترجمة، هل تتفق معى؟
كلامك صحيح فبعض المرجعيات يمكن تفسيرها ولكن ليس مباشرة فى القصيدة، لكن صدقينى أولا تصدقينى أن الغربى أيضاَ قد يجد نفس الصعوبة فى تحديد كل الأماكن والغيلان الخ، ربما يفهمها بعض الرحالة والمثقفين لكن أهم شئ هو ما تحمله وتقوله القصيدة حتى لو لم تكن الكلمات مفهومة جيداً، وعلى أية حال يمكن توفير الشروح اللازمة حين تدعوا الحاجة لذلك، كهوامش بالطبع.
10-فى تلك الحالة إذن هل لديك القدرة أو الإرادة والاستعداد لتعديل طريقة تعبيرك كى تقترب أكثر من القارئ العربى على مستويات الخيال والصورة والمعنى؟
أنا أكتب الشعر منذ سن الثانية عشرة وأظننى قد اكتسبت أسلوباً.. أقصد طريقة ما فى التعامل مع اللغة.. سيكون من الصعب جداً أن أعدل قسرياً خيالى ومعانىّ «المعانى التى بداخلى».. أتمنى أن أفعل ذلك، ليس لكى أكون مفهوماً أكثر بل لأكون أقرب إلى الناس، إلى روحهم، حكاياتهم، محباتهم ومعتقداتهم.
على أية حال حين تقرئين أبا العلاء المعرى الآن، هل تعتقدين أنه مفهوم جداً لأغلب الناس؟، مع هذا هو شاعر عربى وعالمى. باختصار أتمنى أن يسحر شعرى كما هو.. الشعب المصرى.. لكن مع بعض المفاتيح.. أعتمدُ على الموسيقى فى الصور والمناخ العام «للقصيدة».
سأقُدّر وأُثمّن كثيراً لو قُدر لى أن أكتب عن مصر بعد صلة مباشرة قوية «مع الناس» لكن فى نهاية الأمر فإن ميشيل قصير سوف يكتب كميشيل قصير.. لا يمكننى الهرب من ذلك.
11-هناك سطر فى شعرك «المترجم للإنجليزية» تقول فيه: «حبوب الصنوبر هنا هى حبوب الصنوبر هناك»، الأماكن تتشابه طالما نحن كما نحن، هل هذا هو قدرنا كما أفهم من عبارتك.. هل يعنى هذا أنه ليس ثمة سفر حتى بينما نحن مسافرون؟ أم أن هناك رحلة أخرى كلنا مشغول بها فى العميق ومع هذا نحاول التلهى عنها ونسيانها؟
بالإشارة إلى موت والدتى كنتُ مسافراً فى تلك الأثناء وأحسست أن السفر يمكن أن يحدث بدون تحرك، القلق يحمل الرياح إلى الأفكار لكن فى النهاية السفر هو جزء من أنفسنا، من عدم حركتنا.
المهم أن تشعرى بالاكتمال أينما كنتِى، بالاغتناء بكونك ما زلتِ نفسك، لقد عثرت على كنوز عديدة جداً بالسفر لكنى واثق أنى كنت سأجدها فى مكان صغير بمصر. لكن قدرى هو ما عليه.. لا أكثر ولا أقل.
12- تقتبس سطراً من أنطونيو ماتشادو فى ديوانك «خارج التمازكال» حيث تقول بالفرنسية: «أيها السائر، لا يوجد طريق، الطريق يتشكل أثناء المسير»، فهمته بفرنسيتى المحدودة، هل تؤمن حقاً بذلك ؟
نعم ، أؤمن بعمق.. بقوة المسير لبناء الطريق أو تشكيله.. هذا نوع من فلسفة الأخلاق.. بالطبع يمكن للمرء أن يأخذه على مستويات عدة لكن عندى التأثير نابع من صوت الأقدام السائرة.
13-هل تتمنى لو أنك تقدرعلى كتابة ديوان كامل بالغة العربية ؟
-ستكون تلك معجزة، بالطبع أتمنى أن أمتلك خبرة حقيقية مباشرة باللغة العربية لكن سيتعين علىّ إعادة تعلم أشياء كثيرة قبل المحاولة، من يدرى ؟!
مقاطع مترجمة من قصيدة -الإسماعيلية- للشاعر المصرى اللبنانى ميشيل قصير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.