أقدمت عشيرتان في محافظة البصرة، جنوبالعراق، على تقديم 50 امرأة كفصل عشائري، أي "تعويض"، إثر خلاف وقع بينهما، استخدمت فيه أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة وأسفرت عن مقتل وجرح عدد من الأشخاص. ويهدف هذا الأمر إلى تزويج النساء من رجال العشيرة المتضررة، ويعرف هذا الأمر ب"زواج الفصلية"، أي أن تقدم النساء من عشيرة القاتل لتزويجهن من رجال العشيرة المتضررة، من أجل إسقاط حق الأخيرة في الثأر لقتيلها. وتعتمد شريحة كبيرة من المجتمع العراقي في المحافظات التي يغلب عليها الطابع العشائري على القوانين العشائرية في حل النزاعات والمشاكل التي تحدث بينها، فيما تسعى الحكومة العراقية للقضاء على هذه الظاهرة والاحتكام الى القانون. ومن جانبها، أدانت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي قيام عشائر محافظة البصرة، ذات الأغلبية الشيعية بتقديم 50 امرأة كفصل عشائري، معتبرة الأمر انتهاكاً صريحاً بحق المرأة العراقية. وطالبت اللجنة في بيان السلطة التنفيذية بالتدخل الفوري في إنهاء هذه المأساة التي تتعرض لها المرأة وحتى لاتفتح عُرفاً يبنى على انتهاك كرامة وإنسانية المرأة العراقية". كما شجبت السيدة الأولى في العراق روناك عبد الواحد مصطفى في بيان، أمس الخميس، تقديم النساء كفصل عشائري "دية" لفض النزاعات بالبصرة، مطالبة السلطات المعنية ولجنتي حقوق الانسان والمرأة في مجلس النوّاب العراقي بالإسراع بالتحقيق في الموضوع واتخاذ التدابير اللازمة لحظر هذا الإجراء المنافي للشرائع السماوية ولائحة حقوق الانسان العالمية والدستور العراقي. وقالت قرينة الرئيس العراقي، وهي رئيسة منظمة المرأة العربية في دورتها الحالية، إن موضوع الفصل العشائري بالنساء يمثل خطراً جسيماً على حياة المرأة العراقية والعربية كما يسيء إلى سمعة العشائر والقبائل لكونه نوعاً من الرق لما يحمله من استهانة بقيمة المرأة كمواطنة يحمي حقوقها الدستور، مشيرة إلى أن معاقبة الإناث بتقديمهن دية عن جرائم ارتكبها الذكور يعني سلبها كرامتها وإنسانيتها ووجودها بالكامل. وشجبت لجنة العشائر في البرلمان العراقي الأمر. وقال رئيس اللجنة الشيخ عبود العيساوي في بيان له، إنهم سيقدمون طلباً إلى رئاسة البرلمان لتشكيل لجنة موسعة للتحقيق في الموضوع والحيلولة دون تنفيذ هذا الفصل. ورأى العيساوي أن موضوع الفصل العشائري باستخدام النساء بمثابة سبي اجتماعي، ويسيء إلى سمعة القبائل العراقية التي طورت أعرافها من خلال تطبيق الشريعة وحقوق الإنسان. بينما قال الزعيم الروحي مقتدى الصدر، "أهيب بعشائرنا الغيورة المسلمة أن تنظر في هذا الأمر وأن تحكم العقل والشرع وأن تراجع حوزتها ومراجعها في ذلك كما عودونا على الطاعة لله ولرسوله وأهل بيته" في إشارة منه إلى إجراء تسليم النساء الذي انتشرت أنباء عنه في البصرة. وقال المتحدث باسم مجلس أعيان البصرة، الشيخ محمد الزيداوي، إنَّ "11 امرأة قدمت كفصل عشائري ك"تعويض" بين عشيرتين متخاصمتين كما حدث "فصل" عشائري آخر قدمت فيه 40 امرأة أخرى كتعويض "فصل" بين عشيرتين في منطقة أخرى، حدث بينهما صدام مسلح"، معتبراً أن "هذا الفعل منافٍ للأخلاق والشرائع السماوية، وأننا نحمل رئيس الوزراء والحكومتين المركزية والمحلية، في البصرة والقيادات الأمنية، مسؤولية هذا الانتهاك الصارخ في حق الإنسانية والمتمثل في جعل المرأة فداءً وثمناً".