كتب: محمود سعيد وأمل مجدي حالة من الجدل احتدمت بتصريحات راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة التونسية "الإخوان المسلمون في تونس"، التى أبدى فيها استعداده للوساطة للمصالحة بين النظام المصري وجماعة الإخوان، وألمح إلى إمكانية قيام المملكة العربية بدور الوسيط أيضًا؛ حيث اختلف خبراء سياسيون وقيادات إخوانية منشقة عن الجماعة حول فكرة المصالحة، وإمكانية حدوثها فى الوقت الحالى. وقال خالد الزعفراني، القيادي الإخواني السابق والمنشق عن الجماعة، إن إعلان الغنوشي عن استعداده للوساطة بين النظام في مصر وجماعة الإخوان من أجل عقد مصالحة بين الطرفين "ليس جديدا عليه، فهو من وقت لآخر يحاول جس نبض الشارع المصري والقيادة السياسية لمعرفة رد فعلنا حول إمكانية المصالحة". وأضاف الزعفراني ل"ويكيليكس البرلمان" أن "موقف مصر من الجماعة يقلق التنظيم الدولي للإخوان بالعالم، لأن إخوان مصر يضعونهم في مأزق، خاصة وأن الإخوان في تونس على سبيل المثال حققوا نجاحًا كبيرًا، ومكاسب ضخمة للتنظيم الدولي، ومن مصلحة التنظيم الدولى أن تعود للجماعة قوتها في الشارع والحياة السياسية، لهذا يضغطون من أجل المصالحة". وأوضح أن المصالحة بين النظام في مصر والجماعة، يجب أن تبدأ خطواتها من الجماعة نفسها وليس من قبل الدولة، متسائلا: "كيف للقيادة السياسية أن تبادر بإجراء مصالحة مع جماعة تقوم بأعمال عنف، ولا تتبرأ من أي عمليات إرهابية تجرى في مصر". وعن محاولات إقصاء الإخوان من المشهد السياسي، وأنها محاولات فاشلة حسب قول "الغنوشي"، قال "الزعفراني" إن "الإخوان لم يقصوا في أي وقت من الحياة السياسية، وكان لهم دور كبير في عهد "السادات"، وعهد "مبارك"، مؤكدا أن الشعب المصري حاليًا لا يقصيهم وإنما صعب أن يتعامل معهم وهم مازالوا متمسكين بأعمال الإرهاب. من جانبه، قال مختار نوح، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان، إنه لا توجد خصومة بين الدولة، وجماعة الإخوان المسلمين، مؤكدًا أن هناك الكثير من العقلاء قادرين على تخيل مصر بدون الجماعة. وأضاف نوح أن "عرض قضية المصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين، إنما يخدم الجماعة، لأنه لا يوجد خصام يقوم بين دولة وأفراد"، معربًا عن رفضه لفكرة المصالحة. واعتبر طرح فكرة الصلح إهانه لمصر كدولة؛ لأنها تضع الموضوع فى حجم المحتمل، مشددًا على أهمية اعتراف الجماعة بالدولة واحترام القوانين. وقال الدكتور مختار غباشى، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاتستراتيجية، إن مصلحة الدولة المصرية فوق أى اعتبارات،رافضًا التسويق بأن هناك واقع فى الدولة لا يسمح بالمصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين. وأضاف غباشى أن مصلحة الدولة فوق أي اعتبارات،لافتًا إلى أن مصر تحتاج إلى استثمارات، لتكوين اقتصاد قوى ،مؤكدًا ضرورة إجراء المصالحة،وأن تكون "بالأمس وليس اليوم "، مشددًا أن تكون لها آليات واضحة، فى كيفية التعامل مع من حمل السلاح فى وجه الدولة، ولمن ينتسب فقط للجماعة دون الانخراط في العنف. واستنكر نائب رئيس المركز العربي، تصريحات البعض بأن الوقت لايسمح بإجراء مصالحة مع الإخوان، وأن الشعب لا يريد هذه الصلح مؤكدًا أن، من يقول ذلك غرضه تدمير هذه الدولة. وأوضح غباشى، أن راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة التونسية، "وعبد الفتاح مورو"، نائب الأمين العام لها، يمتلكون دهاء سياسى، لا يمتلكه أى أحد من جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، باستطاعتهم الصمود فى الساحة السياسية التونسية، وأصبحوا جزءا منها. وأشار غباشى، أن "افتراض الغنوشى أن هناك عداء بين المؤسسة العسكرية وجماعة الإخوان المسلمين -وإن كانت الرؤية العامة توحى بذلك- إلا أن تسويقها خطر، وهي رؤية غير صحيحة". ولفت إلى أن المملكة العربية السعودية فى عهد الملك سلمان لها دور مهم وهو الوصول إلى حالة من التوافق والتراضى ما بين الدولة المصرية وجماعة الاخوان المسلمين. وتابع بأن جماعة الاخوان المسلمين لها أرضية لايمكن إنكارها، مستدركًا: "أن خروجهم بالكامل خارج الحياة السياسية،أمرمستحيل"، لأنهم جزء من المعادلة السياسية. وعلق الدكتور منصور عبد الوهاب، الخبير في الشأن الدولي، على المبادرة قائلا: "الغنوشي جزء من تنظيم الإخوان الدولى ومفهوم المصالحة لديه يختلف عن المفهوم لدينا". وأضاف عبد الوهاب أن "الغنوشي يرى أن المصالحة هي عودة الإخوان في مصر للحياة السياسية مرة أخرى، ولكن نحن نرى أن المصالحة تتضمن عدة شروط واضحة أهمها: المحاسبة لكل من أخطأ في حق المصريين، واعتراف الجماعة بأنها مسئولة عن أعمال العنف والإرهاب التي قامت بها، وتخليهم عن استخدام العنف كوسيلة للاعتراض". وبسؤاله عن إمكانية تدخل المملكة العربية السعودية في إجراء مصالحة حسب قول الغنوشي، أوضح عبد الوهاب أن "أيًا كان من سيبادر لإجراء مصالحة فيجب أن تتضمن الشروط التي يطالب بها الجميع في مصر"، مؤكدًا على أن إقصاء جماعة الإخوان من المشهد السياسي تم بناءًا على رغبة الشعب قبل رغبة القيادة السياسية، مثلما أقصى الشعب نواب الحزب الوطني في انتخابات 2012. وعن تدخل الجيش المصري في الحياة السياسية حسب بيان الغنوشي أيضًا، أشار الخبير في الشأن الدولى أن الجيش تدخل بعد فشل المؤسسات الحكومية والخاصة في إنجاز مشاريع معينة مثلا مشروع قناة السويس، وهذا لا يعد تدحل لكن يعد محاولة للمساعدة كما أن الشعب يؤيد ذلك.