كتب- يوسف كمال: بعد توقف دام خمس سنوات، تعود جامعة القاهرة خلال ساعات لمنح درجة الدكتوراه الفخرية رقم 88 فى تاريخها لحاكم إمارة الشارقة الإماراتية الشيخ سلطان القاسمى، تقديرا لدعمه المالى المستمر للجامعة فى العقدين الماضيين، وتحمله تكاليف ترميم مبانى كلية الهندسة التى احترقت فى أثناء فض اعتصام نهضة مصر. الدكتور جابر نصار رئيس الجامعة، دعا كلا من المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء وأفراد الحكومة ورؤساء الجامعات وعدد كبير من الشخصيات العامة إلى حضور الاحتفالية التى تستضيفها قاعة احتفالات الجامعة الكبرى اليوم الثلاثاء لتسليم درجة الدكتوراه الفخرية للقاسمى، الذى منحته الجامعة جائزة الأميرة فاطمة للعطاء عام 2008، بعد تحمله تكاليف إنشاء المكتبة المركزية لكلية الزراعة التى تخرج فيها، ومساهمته فى إنشاء المكتبة المركزية لحرم الجامعة، وهى الحيثيات التى وافق مجلس الجامعة بموجبها على منح الحاكم الإماراتى درجة الدكتوراه الفخرية بالإجماع فى مرة من المرات القليلة التى تبتعد فيها السياسة عن قرارات منح تلك الدرجات، التى استغلتها الدولة لعقود فى تكريم شخصيات دولية ومحلية وفقا لمصالح سياسية بحتة دون التزام بالقواعد الدولية المتعارف عليها لمنح تلك الشهادات. جامعة القاهرة على مر تاريخها الممتد إلى نحو 107 سنوات لم تمنح سوى 87 درجة دكتوراه فخرية حرصا على القيمة الشرفية لتلك الدرجة، صدر معظمها خلال العهد الملكى والحقبة الناصرية، بينما لم تقم الجامعة بمنح الدرجة فى ال35 عاما الماضية سوى 12 مرة فقط. قصة جامعة القاهرة مع الدكتوراه الفخرية بدأت بعد عامين من إنشاء الجامعة، حينما قرر مجلس الجامعة الإنجليزى منح الدرجة للرئيس الأمريكى تيودور روزفلت فى أثناء مروره بالسودان، وذلك خلال فترة التمهيد للتحالف الأوروبى الأمريكى، حيث استغلت سلطات الاحتلال البريطانى لمصر حينذاك تلك الفرصة لتحقيق مزيد من التقارب. البعد السياسى لشهادات الدكتوراه الفخرية الصادرة عن جامعة القاهرة امتدت إلى جميع الحقب السياسية والأنظمة التى شهدتها مصر، حيث كان من أبرز الحاصلين على الدرجة قبل ثورة يوليو كل من الملك فؤاد الأول والملك فاروق، وتخلل الفترة بين تلك الشهادتين عدد من الشهادات الممنوحة لمسؤولين كبار فى الدولة المصرية حينذاك، مثل محمد توفيق باشا رئيس مجلس النواب، وعلى ماهر وزير العدل، وعبد العزيز فهمى رئيس محكمة النقض، وقد حصل الثلاثة على الدرجة فى سنة واحدة عام 1924، إلى جانب عدد من الشخصيات الحكومية والأجنبية الأخرى التى تقلدت مناصب رسمية، بينما كان فكتور إيمانويل ملك إيطاليا ثانى زعيم أجنبى يحصل عليها بعد روزفلت عام 1933، ليتوقف تسييس تلك الدرجة طوال فترة تولى أحمد لطفى باشا شؤون الجامعة، ويحصل عليها خلال الفترة من 1933 إلى 1950 شخصيات أكاديمية محلية ودولية، تقديرا لجهود علمية، ليعود تسييس الدكتوراه الفخرية مرة أخرى عام 1951، بمنح الدرجة لرئيس وزراء إيران محمد مصدق خلال فترة التقارب بين العائلة الملكية الإيرانية والعائلة الملكية المصرية، وهو التقارب الذى توج بعلاقة نسب بين العائلتين. الحقبة الملكية شهدت الجزء الأكبر من درجات الدكتوراه الفخرية الصادرة عن جامعة القاهرة، التى بلغ عددها 51 درجة حتى 1952، لتشهد الجامعة فترة توقف بلغت سنتين عن إصدار تلك الدرجات قبل أن تعود مرة أخرى إلى منحها لشخصيتين أكاديميتين، بينما عاد تسييس الشهادة مرة أخرى مع سعى عبد الناصر إلى مد جسور التعاون وبسط النفوذ على إفريقيا، حيث تدخل لمنح ملوك ورؤساء الدول الإفريقية والعربية تلك الشهادة، ليكون كوامى نكروما رئيس غانا أول الرؤساء الحاصلين عليها عام 58، يليه فى العامين التاليين مباشرة منح 5 شهادات دكتوراه فخرية لكل من رئيس السودان إبراهيم عبود، والأمير نردوم سيها نوك أمير كمبوديا، ثم محمد الخامس ملك المغرب، ثم ملك أفغانستان محمد الظاهر شاه، ومحمد أيوب ملك باكستان، لتتوقف الجامعة لمدة عامين عن منح الشهادات المسيسة، وتعود فى 63 بمنحها للحبيب بورقيبة، رئيس تونس، وذاكر حسين نائب رئيس وزراء الهند، ثم منحها لملك المغرب محمد الثانى عام 65، وهو العام نفسه التى منحت فيه الجامعة نفس الدرجة لرئيس لبنان شار الحلو، وكذلك منحها لإدوارا آخاب رئيس بولندا. وفى عام 1967 منحت الجامعة الدرجة لسيدار سنجور رئيس السنغال، ونيريرى رئيس تنزانيا، لتتوقف حتى 75 عن منحها للرؤساء طوال عهد الرئيس الراحل أنور السادات، باستثناء منحها درجة وحيدة لرئيس فرنسا دستان، ثم منحها لرئيس السودان جعفر نميرى عام 1982، وكذلك درجتين لمسؤولى الأممالمتحدة وأخرى لسفير الولاياتالمتحدةالأمريكية فى القاهرة. عهد الرئيس الأسبق مبارك شهد عودة منح الدكتوراه المسيسة لمسؤولى دول أجنبية، حيث تم منحها فى الفترة من 82 وحتى 2010 لكل من الرئيس السودانى الأسبق جعفر نميرى، وكنيث دافيد كاوندا رئيس زاميبا، ثم منحها عام 85 لرئيس إيطاليا ساندرو بيرتينى، ومنحها أيضا فى نفس العام للرئيس السنغالى عبده ضيوف، وتخلل ذلك منحها لشخصيات عالمية مستقلة، مثل الزعيم الأمريكى جيسى جاكسون، والكاتب المصرى نجيب محفوظ، ثم رئيس وكالة الطاقة الذرية محمد البرادعى، بينما أثارت آخر شهادات الدكتوراه الفخرية الصادرة عن الجامعة جدلا واسعا بعد قرار منحها لقرينة الرئيس الأسبق سوزان مبارك.