«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما تصبح «الأغراض السياسية الخفية» السبب في منح الدكتوراة الفخرية وفي منعها أيضا!

عبد الناصر استغل دكتوراه جامعة القاهرة في مشروع البحث عن دور في الدول العربية والإسلامية.. والسادات ومبارك استخدماها للتقرب من أمريكا وحلفائها فاروق وفؤاد أبرز الحاصلين عليها من مصر.. ومنحها لروزفلت ونميري وبورقيبة الأكثر إثارة للجدل
فاليري جيسكا ديستان
في كل بلاد الدنيا تقوم الجامعات العريقة بمنح درجة الدكتوراه الفخرية لبعض السياسيين والشخصيات المؤثرة في حركة التاريخ السياسي والاجتماعي لدولة الجامعة مانحة الدرجة، وعادة ما يكون منح الدكتوراه الشرفية لسياسيين استثناء من القاعدة التي تنص علي منحها لعلماء وأدباء أثروا البشرية بأعمالهم، أما في جامعة القاهرة فإن الاستثناء بات هو القاعدة، وأصبح حصول الساسة علي الدرجة الفخرية - وخاصة الأجانب منهم - وسيلة لتحقيق منافع سياسية، أو كجزء من واجب الضيافة الذي تقدمه الدولة لضيوفها المهمين.
وإذا كان حصول قرينة رئيس الجمهورية علي درجة الدكتوراه الفخرية في علم الاجتماع مؤخرا من جامعة القاهرة قد أثار جدلا في الأوساط العلمية والجامعية لدرجة دفعت 60 أستاذا من كبار أساتذة الجامعات المصرية إلي إصدار بيان يصفون فيه قرار المنح بأنه «استغلال سياسي للجامعة» ويؤكدون أن وراء قرار المنح تطلعات شخصية لمن أصدروه، فإن نموذج مجاملة البيت الرئاسي أو أحد أفراد دوائر الحكم بدرجات أكاديمية شرفية لم يحدث في تاريخ الجامعة المصرية سوي 6 مرات آخرها الدكتوراه التي حصلت عليها السيدة سوزان مبارك، أما ال - 5 الباقية فكانت قبل ثورة يوليو، عندما قامت جامعة القاهرة بمنح درجتها الشرفية لملك مصر فؤاد الأول عام 1928 والملك فاروق عام، 1939و3 دكتوراه فخرية أخري لرؤساء وزراء حكومات ما قبل الثورة هم: علي ماهر، ويحيي إبراهيم، ومحمد توفيق رفعت، بينما ظل النموذج الأكثر انتشارا هو تدخل القيادة السياسية لمنح الدرجة الفخرية لأحد ضيوف الدولة دون مسوغات حقيقية تبرر قرار المنح، لتصبح الدكتوراه الفخرية إحدي العلامات الدالة علي انتقاص استقلالية الجامعة وسيطرة الدولة عليها.
الاستخدام السياسي للدرجات العلمية بدأ في مصر مبكرا بل إنه صاحب إنشاء الجامعة المصرية، فبعد مرور أقل من عامين علي إنشاء جامعة القاهرة تدخلت سلطات الاحتلال البريطاني والدولة لمنح درجة الدكتوراه الفخرية للرئيس الأمريكي تيودور روزفلت، وتسبب هذا التكريم في إثارة الرأي العام وانفجرت مظاهرات الاحتجاج ضد روزفلت بعد أن جاء إلي مصر عن طريق السودان في مارس 1910 وألقي بمدينة الخرطوم خطبة سياسية تؤيد سياسة الاستعمار البريطاني وترفض حق الشعب المصري في الحكم الدستوري الأمر الذي جعل الرأي العام يطالب بسحب الدرجة الفخرية منه دون أن يستجيب إداريو الجامعة الأجانب للرغبة الشعبية.
ورغم تولي شئون الجامعة إدارات مصرية فيما بعد فلم تتمكن إدارات الجامعة المتعاقبة في العهدين الملكي والجمهوري من الوقوف في وجه رغبة الملك أو الرئيس أو حتي الوزير المعني في استخدام الدرجة الفخرية بأي صورة من الصور في دهاليز السياسة، حتي في العصر الذهبي لاستقلال الجامعة دخل عميد الأدب العربي طه حسين - حينما كان عميدا لكلية الآداب - معركة خاسرة مع وزير المعارف وقتها بسبب محاولة الأخير تمرير قرارات منح الدكتوراه الفخرية لرؤساء حكومات وشخصيات أجنبية، رأي عميد الأدب العربي أنها لا تستحق التكريم، ورأت الدولة عكس ذلك فكان الصراع الذي انتهي بخروج طه حسين من منصبه وحصول المذكورين علي الدرجة الفخرية، في واقعة وثقها الدكتور عبد المنعم جميعي في كتابه طه حسين والجامعة المصرية وذكرتها الوثائق البريطانية.
يقول جميعي في كتابه «لما عارض طه حسين منح ألقاب الشرف لكل من يحيي إبراهيم باشا - رئيس وزراءمصري -وتوفيق رفعت باشا - رئيس وزراء مصري - وعلي ماهر باشا - رئيس وزراء مصري - مبررا رفضه بأن الجامعة لا تمنح ألقابها بأمر الوزير طالبًا من الوزير العدول عن رأيه وعدم توريط الجامعة في السياسة.. غضب الوزير وتحين أول فرصة لإبعاده عن الجامعة، ولا يخفي كتاب الجامعة التذكاري أن «الظروف السياسية لها دور كبير في منح الدرجات الفخرية للرؤساء والملوك والضيوف الأجانب» لا يختلف ذلك في العهد الملكي عنه في عهد رؤساء الجمهورية المتعاقبين علي حكم مصر، حيث استخدم ملوك وحكام مصر تلك الدرجة الشرفية في ألاعيب السياسةة، فالملك فؤاد الذي حصل عليها في الحقوق باعتباره مؤسسا للجامعة - التي سميت باسمه طوال 28 عاما.. استخدمها لتكريم أطباء وعلماء أجانب ممن لهم علاقات بسلطات الاحتلال البريطاني أو السراي الملكية، وكذلك استخدمها ابنه فاروق - الحاصل عليها أيضا من مجلس الجامعة عام 1939 - في ألاعيبه السياسية قبل عام من قيام الثورة، أما الحقبة الناصرية فقد استغلت الدكتوراه الفخرية كمساعد رئيس لجهود عبد الناصر في جمع شمل الدول العربية والأفريقية تحت لوائه، وإذا كان عهدا الرئيسين مبارك والسادات هما أقل الفترات التي استغلت فيهما الدرجة الفخرية في سيرك السياسة فإنهما شهدا أكثر درجات الدكتوراه المثيرة للجدل، والتي تم منحها لرؤساء وسياسيين ثارت عليهم شعوبهم ضيقا باستبدادهم ولفظتهم بلدانهم وجاءوا إلي مصر ليحصلوا علي تكريم لا يستحقونه، وكذلك شهد عهد مبارك تدخل وزير التعليم العالي لمنح إحدي جوائز الدكتوراه الفخرية لوزيرة التعليم العالي بألمانيا الاتحادية العام الماضي دون إعلان المسوغات والمبررات الحقيقية وراء قرار المنح الذي اتخذه مجلس جامعة القاهرة الحالي بعد 4 أشهر فقط من صدور قرار تعيين رئيس الجامعة حسام كامل ونوابه الثلاثة. وعلي عكس ألقاب الدولة الشرفية من قبيل قلادة النيل ووسام الجمهورية التي يتمتع الحاصلون عليها بمزايا مادية وأدبية عديدة، فإن الحصول علي الدكتوراه الفخرية لا يترتب عليه أي مزايا باستثناء التكريم الأدبي الذي يمتد قيمته من اسم وعراقة الجامعة مانحة اللقب، كما يقول الدكتور حسين خالد - نائب رئيس جامعة القاهرة لشئون الدراسات العليا والبحث العلمي - ويضيف خالد: لا تمنح الدكتوراه الفخرية للحاصل عليها حق التدريس للطلاب بموجب الشهادة الشرفية، ولا يحق له استخدام اللقب في التقدم لوظيفة جامعية حتي لقب دكتور لا يجوز استخدامه في غير موضعه الأدبي بالسيرة الذاتية.
ورغم أنه لا يوجد ما يمنع حصول رؤساء جمهوريات وملوك وسياسيين علي الدرجة الفخرية حسبما نص علي ذلك قرار جامعة القاهرة الصادر بشأن تنظيم الألقاب والدرجات عام 1918، وهو ما يؤكده الدكتور محمد أبو الغار - الأب الروحي لحركة 9مارس - للأساتذة المطالبين باستقلال الجامعات وأحد أبرز الموقعين علي بيان رفض منح الدرجة لقرينة الرئيس - إلا أن أبو الغار في حديثه ل -«الدستور» شرط ذلك بأن يكون الحاصل علي الدرجة الشرفية من السياسيين الأجانب قد قدم خدمات جليلة لمصر، وأن يحصل عليها السياسي المصري والمقربون منه بعد خروجهم من السلطة لكي يحصل مجلس الجامعة علي فرصة حقيقية لتقييم مجهودات الشخص المكرم.لكن الواقع يؤكد - والحديث لأبوالغار - أن جميع رؤساء الجامعة المصرية امتثلوا لأوامر القيادة السياسية بشأن الدرجات الفخرية المتعاقبة..ويستطرد أبوالغار: «للأسف الدكتوراه الفخرية في مصر منح معظمها بأوامر رئاسة الجمهورية والسرايا الملكية، ومعظم الحاصلين عليها من السياسيين لا يستحقونها باستثناء قلة منهم رئيس جنوب افريقيا السابق نيلسون مانديلا الذي منحته الجامعة الدرجة عام 1990، كذلك يستحقها الحاصلون علي جوائز نوبل مثل نجيب محفوظ والبرادعي، والعلماء الأجانب الذين قدموا خدمات جليلة للإنسانية بغض النظر عن جنسياتهم».
جامعة القاهرة رفضت علي لسان متحدثها الرسمي الدكتور سامي عبدالعزيز- عميد كلية الإعلام - تسييس قرار منح الدرجة الفخرية لقرينة الرئيس الأسبوع الماضي وأوضحت أن الأزمة مفتعلة، وقالت في بيان لها إن مجلس كلية الآداب هو صاحب قرار منح الدرجة استنادا إلي العديد من المبررات منها ما هو علمي يتمثل في حصول السيدة سوزان مبارك علي درجة الماجستير في علم الاجتماع من الجامعة الأمريكية عام 1982، ومنها المبادرات العديدة التي أسهمت في إثراء مفهوم العمل الاجتماعي العام والتطوعي علي المستويات الوطنية والإقليمية والدولية وبخاصة في مجالات تمكين المرأة واستقرار الأسرة وحماية حقوق الطفل ونشر وتأكيد قيم وثقافة السلام.
وكذلك إسهامها المتميز في الاهتمام بالفتاة المصرية لإزالة جميع مظاهر التفرقة ضدها وضمان حصولها علي الفرصة المتكافئة في شتي مناحي الحياة وانتهاجها حلولا غير تقليدية في الارتقاء بحياة الفتاة المصرية في كل مراحلها العمرية، ومشروعها الوطني الكبير الذي حمل اسم (القراءة للجميع) وعملها في مجال الخدمات الاجتماعية بداية من تطوير العشوائيات، ومرورا بجمعيات الرعاية المتكاملة والهلال الأحمر وقضايا الاتجار بالبشر ودورها في بناء ودعم مستشفي سرطان الأطفال، ومبادرة بناء معهد قومي جديد للأورام، وإيمانها بالدور التنويري والمتمثل في عطائها ودورها في إعادة إحياء مكتبة الإسكندرية».وبعيدا عن الجدل المثار حول دكتوراه قرينة الرئيس فإن هناك العديد من الحكايات التي تروي حول درجات الدكتوراه الفخرية التي منحتها الجامعة علي مر تاريخها مثل تدخل الملك فاروق لمنح الدرجة لرئيس وزراء إيران محمد مصدق وإطلاق اسمه علي أحد شوارع الدقي الشهيرة أثناء زيارته لمصر عام 51 خلال فترة الوئام التي جمعت مصر بإيران وأسفرت عن مصاهرة بين العائلتين الملكيتين تزوج خلالها ولي عهد إيران الشاه محمد رضا بهلوي بالأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق، قبل أن تسوء العلاقات بين البلدين عقب قيام الثورة المصرية وتزداد سوءا بعد سيطرة الثورة الإسلامية علي الحكم الإيراني لتقوم الدولة بنزع اسم مصدق من علي شارع منطقة الدقي في عهد مبارك وتستبدله باسم الشاه المنفي الذي احتضنته مصر.
ومن الحكايات الطريفة التي تروي حول الدكتوراه الفخرية أيضا حكاية منح الدرجة لاثنين من ملوك المغرب هما الملك محمد الخامس وابنه الملك الحسن الثاني في إطار محاولات توطيد العلاقات مع دول المغرب في ظل مباراة البحث عن حلفاء بدول المغرب العربي بين عبد الناصر والرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة، والأطرف أن الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة حصل علي نفس الدكتوراه من جامعة القاهرة عام 1965، رغم كل ما قيل عن سعيه إلي إقامة علاقات مع إسرائيل في ستينيات القرن الماضي واختلافه مع ناصر في الخطاب والأيديولوجيا وقضايا جوهرية، مثل: الوحدة والقومية وفلسطين، لكنها السياسة - التي يكون لها دائما معايير أخري غير معايير المنطق المعروفة - هي التي دفعت عبدالناصر إلي دفع الجامعة لاتخاذ قرار منح الدرجة، وهي أيضا التي لم تدفع الجامعة إلي سحبها منه بعد ما أثير عن استنجاده بواشنطن وفرنسا ضد التحالف الليبي الجزائري وما قيل أيضا عن إهانته لصلب الدين الإسلامي بإفطاره علنا في رمضان ومطالبته الشعب بالإفطار بحجة أن التنمية الاقتصادية هي بمثابة «الجهاد الأكبر»، وبما أنه ولي أمرهم أفطر أمامهم في حركة استعراضية، مما أفقده ثقة قطاعات الإسلاميين في تونس والوطن العربي، وجلب عليه تهمة الكفر والمروق من الدين من العناصر الإسلامية المتطرفة الذين اتهموه بالطعن في القرآن ووصمه بالتناقض، وأنه مليء بالخرافات، وقوله في هذا: «إن في القرآن تناقضًا لم يعد يقبله العقل بين «قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا» وآية «إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم»، ونيله من شخصية الرسول - صلي الله عليه وسلم -، فقال عنه: «إنه كان عربيًا بسيطًا يسافر كثيرًا عبر الصحراء العربية، ويستمع إلي الخرافات والأساطير البسيطة السائدة في ذلك الوقت وينقلها إلي القرآن». وإذا كان عبدالناصر قد لجأ إلي جامعة القاهرة لدعم علاقاته بالدول عن طريق الدكتوراه الفخرية وخصوصا الدول العربية والأفريقية مثل منح الدرجة الشرفية لكل من «كوامي نكروما» في 22 ديسمبر 57 أول رئيس لجمهورية غانا المستقلة، والأمير نردوم سيهانوك في 21يونيو 59. أمير دولة كمبوديا الذي قاد نضال بلاده من أجل الاستقلال وتنازل عن عرشه عام 1955م، ليدخل معترك السياسة، واتخذ لقب أمير وأصبح رئيسًا للوزراء، ثم رئيسا للدولة عام 1960، والرئيس الفريق إبراهيم عبود - رئيس السودان - في 23ديسمبر59، والذي تلقي تعليمه بمصر وخدم في القوات المسلحة المصرية لفترة من الزمن قبل استقلال السودان، والملك محمد الخامس - ملك المغرب - في 13يناير عام 60، ومحمد ظاهر شاه ملك أفغانستان والفيلد مارشال محمد أيوب خان - رئيس جمهورية باكستان الإسلامية - في نوفمبر 1960، وزاكر حسين - نائب رئيس جمهورية الهند - في أبريل 1963، والرئيس الحبيب بورقيبة - رئيس تونس - في 17فبراير 1965، وملك المغرب حسين الثاني في 14مارس 1965، والرئيس شارل حلو - رئيس لبنان - في مايو من ذات العام، والرئيس إدوارد أوخاب - رئيس مجلس الدولة لبولندا - في 27نوفمبر من نفس العام، والرئيس جوليوس نيريري رئيس تنزانيا - في أبريل عام 1967... فمن الملاحظ أن معظم تلك الشخصيات كان لها علاقة بقواعد اللعبة السياسية التي جر ناصر الجامعة إليها، ومن الملاحظ أن منح الدرجة بكثافة لسياسيين تم في العامين 59 و65 وهي الفترة التي شهدت حراكا سياسيا كبيرا نحو دول الكتلة الشرقية والدول العربية والإسلامية والأفريقية لدعم مشروع ناصر الوحدوي ودعم البحث عن دورقيادي لمصر في قضايا الشأن الداخلي لعدد من الدول من بينها اليمن ولبنان.
أما حقبة الرئيس محمد أنور السادات فلم تشهد تلك الحالة المحمومة من استخدام دكتوراه الجامعة الشرفية في السياسة وألاعبيها بل إنها شهدت كمونا حتي في حركة المنح الطبيعية لدرجات الدكتوراه الفخرية من كل جامعات مصر، ولم يتم رصد سوي حالتين لجأ إليهما السادات لمجاملة رموز سياسية أجنبية بالدكتوراه الفخرية ،وبالطبع فإن هذه المجاملة جاءت متماشية مع انفتاح عهد السادات علي أمريكا وأوربا - الحليف الدائم للولايات المتحدة - حيث قامت الجامعة بمنح الدرجة للرئيس الفرنسي فاليري جسكار ديستان في 10ديسمبر 1975، ومنحتها للسفير الأمريكي الأسبق هيرمان ليتس أول يناير عام 1980، لكن السادات نفسه لم يسع للحصول علي الدكتوراه الفخرية رغم أن الظروف كانت مهيأة لذلك بعد حصوله علي جائزة نوبل في السلام.
واختلف الأمر قليلا في حقبة الرئيس مبارك، حيث باتت الدكتوراه الفخرية تمنح مجاملة لبعض ضيوف مصر من الأفارقة أثناء رئاسة مصر لمنظمة الوحدة الأفريقية والاهتمام الخاص بالقضايا الأفريقية، ففي عام 1982 تم منح الدكتوراه الفخرية للرئيس السوداني المخلوع جعفر نميري، والعجيب أن حصوله علي الدرجة جاء قبل الإطاحة به في انقلاب للجيش حيث حصل علي الدكتوراه يوم 22 فبراير عام 82 وأطيح به يوم 6 أبريل 85، ورغم أنه لا توجد مبررات معلنة لمنحه الدرجة فإنه كان من المعروف تبني جعفر النميري خيار المحافظة علي العلاقة مع مصر ودخوله معها في مشروع اتحادي يضم مصر والسودان وسوريا تحت اسم «اتحاد الجمهوريات العربية»، وعندما شعر التيار الاشتراكي في السودان بأن مصيره لن يكون أفضل من مصير التيار الاشتراكي في مصر الذي تمّت تصفيته علي أيدي أنور السادات، بادر قادة هذا التيار إلي الانقلاب علي النميري، ولكن هذا الانقلاب لم يعش لأكثر من 48 ساعة حيث تمّ القضاء علي قياداته في تدخل مباشر من المخابرات الأمريكية والبريطانية ودعمٍ علني من أنور السادات الذي قال يومها في خطاب شهير بعد القضاء علي الانقلاب: «لقد أثبتنا أن لاتحاد الجمهوريات أنياباً"، وجرت محاكمات ميدانية لقادة الحركة النقابية السودانية وقادة الحزب الشيوعي السوداني وعدد كبير من الضباط الكبار، وتمّ إعدامهم بدم بارد، وبدأ عهد جديد اتسم بتقييد الحريات السياسية والنقابية، بما أدي لتردي الأوضاع الاقتصادية في السودان واستشراء الفساد في الإدارات العامة الأمر الذي أدّي إلي تدمير المشاريع التنموية السودانية وعجل الإطاحة به عن طريق الجيش ونفيه إلي مصر».
ومن الرؤساء الأفارقة الذين حصلوا علي الدكتوراه الفخرية في عهد مبارك رئيس زامبيا «كيث دافيد كاوندا» في 11 فبراير عام 1985، والرئيس عبده ضيوف - رئيس السنغال الأسبق.. في مارس من نفس العام، بالإضافة إلي منحها للرئيس نيلسون مانديلا - رئيس جنوب أفريقيا - عام .1990 بعدها توقفت الجامعة عن منح الدكتوراه الفخرية لرموز السياسة الأفريقية بالتزامن مع عزوف النظام المصري عن التواصل مع الجنوب الأفريقي عقب محاولة اغتيال أديس بابا الشهيرة وتغيير مسمي منظمة الوحدة الأفريقية إلي الاتحاد الأفريقي وسعي الرئيس الليبي معمر القذافي لشغل موقع مصرفي القضايا الأفريقية .
الجامعة منحت أيضا الدرجة الفخرية خلال عهد مبارك لاثنين من السياسيين الأجانب، ففي عام 1985 تم منحها ل«ساندرو بيرتيني» - رئيس إيطاليا السابق - ثم للأديب المصري العالمي نجيب محفوظ في 26/10/1989، والزعيم الأمريكي جيس جاكسون في 8/7/1989.. بعدها عزفت جامعة القاهرة عن منح الدكتوراه الفخرية حتي عام 2008 عندما منحتها للدكتور محمد البرادعي عقب حصوله علي جائزة نوبل إبان توليه منصب المدير العام لوكالة الطاقة الذرية. والعجيب أنه بعد أقل من عامين علي منح تلك الدرجة تناست الجامعة أو حاولت تناسي قيامها بمنحه الدرجة وتجاهلت وضع صورته علي لوحة الحاصلين علي الدرجة بعد ظهوره كمنافس محتمل للرئيس مبارك، ولم ينقذ الجامعة من ورطة ذلك التجاهل سوي إعادة الأمور لنصابها قبل ساعات من بدء الاحتفال بدكتوراه قرينة الرئيس الفخرية الخميس الماضي. وتشير السنوات الثلاث الأخيرة إلي اتخاذ الجامعة منحي جديدا في التعامل مع درجات الجامعة الشرفية، حيث يقوم وزير التعليم العالي بالتدخل لدي الجامعات المصرية لمنح درجة الدكتوراه الفخرية لشخصيات أوروبية لها علاقات بجهات مانحة في مجال التعليم مثلما حدث مع وزيرة التعليم العالي لألمانيا الاتحادية العام الماضي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.