كتب- محمد عبد الجليل: يبدو أن أسطورة عزت حنفى إمبراطور الشر فى الصعيد لم تنتهِ بعد، وبات هناك من يظهرون ويحاولون محاكاة ما كان يفعله خُط الصعيد، وآخرهم بعض من عائلة «الكلافين»، إذ قاموا بتقليد ما كان يفعله عزت حنفى الذى حكم عليه بالإعدام فى 2006 وحاكوه بالكربون، حتى إن النهاية كانت ذاتها، إذ استطاعت أجهزة الأمن هدم حصونهم المنيعة وقتل 6 من أخطر العناصر الإجرامية بالقليوبية، وتحطيم أسطورتهم التى سطروها بدماء الأبرياء، وتحرير قرية «ميت العطار» من بطش وجبروت أبناء الكلافين الذى امتد لأكثر من 30 عاما، استطاعت بعدها قوات الأمن إعادة الأمن والأمان للقرية. غرفة عمليات لتحرير «الكلافين» عملية مداهمة القوات لمعاقل الكلافين والاشتباك مع العناصر المسلحة، لم تأتِ ارتجالا، بل سبقها تخطيط وتجهيزات ومعلومات لفترة طويلة ومستمرة، وترأس اللواء محمود يسرى مساعد الوزير مدير أمن القليوبية، وبحضور اللواء عرفة حمزة مدير المباحث الجنائية واللواء حسام فوزى رئيس مباحث المديرية وكل قيادات الأمن أكثر من جلسة للتحضير لما يمكن أن نطلق عليه «غزوة الكلافين»، حتى تم الوقوف على التشكيلات المشاركة ونوع التسليح وخطة الهجوم التى كانت تعتمد على محاصرة كل مداخل ومخارج مدقات القرية وكذا محاصرتها من ناحية البحر، لمنع هروب المتهمين فى المجرى المائى للنيل، وهو ما تم تنفيذه بالفعل وأدى إلى نجاح الخطة والقضاء على العناصر الإجرامية. «التحرير» فى «جمهورية الدم» الطريق إلى قرية «ميت العطار» ببنها محفوف بالمخاطر، ولم يكن أحد يتصور أن تكون تلك العائلة بهذه الشراسة، إذ خاف الأهالى حتى من مجرد الحديث.. والقرية تتكون من 30 ألف نسمة، لا يستطيع الغرباء التجول فيها بسهولة، إذ يحتاج الأمر إلى وجود مرافق من الأهالى، حتى تحصل على الأمان، وتمكنّا من الوصول إلى عزبة الكلافين التى تقع على أطراف القرية، إذ قامت عائلة الكلافين باستقطاع مساحة كبيرة من القرية تحت تهديد السلاح، واختصت بها نفسها، وقامت ببناء حصون وأبراج حراسة من كل جانب، وتم وضع ترسانات أسلحة على تلك الأبراج لحمايتهم من الشرطة، وكذا العائلات الأخرى، ولا يستطيع أحد دخول العزبة سواء بالسيارة أو سيرا على الأقدام إلا بعد الحصول على موافقة القائمين على حراستها. وخلال التجول بالقرية تستطيع أن ترى أبراج الحراسة، التى تصل ارتفاعاتها إلى 5 طوابق، والدشم والخنادق التى قام «الكلافين» ببنائها للاحتماء من قوات الأمن خلال الهجمات التى كانت تشنها قوات الأمن من وقت لآخر، وكذا قام «الكلافين» بتجهيز زوارق نهرية، للهروب بها فى حالات الطوارئ، إضافة إلى امتلاكهم ترسانة أسلحة حديثة وناضورجية يقومون برصد ومراقبة كل كبيرة وصغيرة تدور بالمكان لإجهاض محاولات الداخلية، وزيادة فى الحرص قام «الكلافين» بزراعة أشجار الموز للاختباء بها واصطياد رجال الشرطة، وقاموا بوضع قوانين تقتضى أن يقوم تجار المخدرات بركن سياراتهم بعيدا عن القرية، بينما يقوم أطفال يستقلون سيارات «سوزوكى» بنقلهم إلى أماكن البيع. الأهالى يتحدثون وخلال السير فى شوارع القرية ورغم قيام قوات الأمن بتطهيرها، فإن حالة الرعب التى يعيشها الأهالى فاقت الوصف، وأخيرا وبعد محاولات عديدة تحدث أحد الأشخاص قائلا: «تعرضت ابنتى البالغة من العمر 14 عاما للاغتصاب لأكثر من 21 يوما داخل العزبة على يد أبناء الكلافين، الذين اصطحبوها تحت تهديد السلاح إلى معقلهم وتناوبوا اغتصابها، ولم أستطع أن أبلغ الشرطة خوفا على أسرتى من القتل»، واستكمل قائلا إن عائلة الكلافين كانت هى صاحبة اليد العليا، وقوانينها تسرى على الكبير والصغير، إذ إنهم فرضوا «حظر تجول» على القرية بدءًا من صلاة المغرب، فلا أحد يستطيع المررو فى الشوارع بعد هذا الوقت، كما أن السرقات كانت تتم فى عز الضهر، وأكد أن عائلة الكلافين قامت بسرقة دراجات بخارية تابعة لوزارة الداخلية خلال أحداث الثورة، ويقومون بالتجول بها أمام الجميع لإرهابهم. والتقط الحاج محمد إبراهيم، 55 سنة، طرف الحديث قائلا: «ربنا رحمنا من المجرمين دول، كانوا مخليينا عايشين فى رعب طول اليوم، والحمد لله ربنا خلصنا منهم، دول يا بيه كانوا بيطلعوا بالسلاح فى الشوارع على طريقة (داعش)». ويقول آخر طاعن فى السن: «القرية مكونة من 40 عائلة، جميعهم أقارب وعلى صلة نسب، ويرجع أصلهم إلى أسرة واحدة تفرعت إلى عائلات»، مضيفا أن «ميت العطار» تضم 3 أو 4 عائلات، وعرفت القرية باسم قرية «الثأر والدم» نظرا لما شهدته القرية على مدار سنوات، قائلا إن أول حادث وقع كان بين عائلتَى «الطعايمة» و«الرفاعية» عام 1979، واستمرت الخلافات بين العائلتين لمدة 8 سنوات، وذلك بسبب مشاجرات عائلية بين الشباب أدت إلى مصرع سيد محمد رفاعى بربرى، وانتهى الخصام بينهما بعقد جلسة صلح عام 1990. ثم شهدت القرية حادثا آخر بين عائلتَى «عزبة الكلافين» و«الرفاعية» كان سببا فى ما آلت إليه الأمور، وذلك فى 3 يوليو 2008 عندما قام عبد المعطى مرسى وشهرته «عبد المعطى الكلاف»، مسجل خطر، بقتل فتحى بربرى ومحمد يوسف عبر إطلاق أعيرة نارية عليهم، وفى أول رد فعل للواقعة قام أبناء المجنى عليه الأول باستقلال سيارة نصف نقل وتوجهوا إلى منازل الكلافين وأطلقوا عليهم النيران بشكل عشوائى على الأهالى وفروا هاربين داخل أحد القوارب، ما تسبب فى مقتل 11 شخصا، ليرد أبناء الكلافين بقتل 17 بشكل عشوائى، ثم لاذوا بالفرار من منازلهم، وعادوا عام 2013 مستغلين الظروف الأمنية التى كانت تعيشها البلاد وأعادوا بناء إمبراطوريتهم. وقال عم سعيد إن سطوة عائلة البربرى هى التى تسببت فى الجبروت الذى وصل إليه «الكلافين»، إذ قام البربرى رفاعى بمحاولة أخذ أراضيهم، مؤكدا لهم أنه اشتراها من مالكها توفيق بدراوى وطلب منهم شراء منازلهم وتعويضهم ولكنهم رفضوا، لتبدأ شرارة الانتقام بقتل البربرى، وتتحول القرية إلى بركة من الدماء بعد قيام الكلافين بقتل 17 شخصا من أهالى قرية العطار عام 2008 قام على إثرها «الكلافين» بالتوجه إلى مكانهم الحالى حيث أنشؤوا إمبراطوريتهم الخاصة. وفى أثناء التجول بالقرية قابلت «التحرير» أحد الأشخاص الذى كان حريصا على عدم ذكر اسمه، وذكر أن بيع السلاح كان يتم أمام الجميع ولا يستطيع أحد أن يمنعهم. واصطحبنا الأهالى إلى حصونهم والأبراج التى هدمتها أجهزة الأمن وصارت ذكرى، بل مزارا للمواطنين لمن أراد العبرة. وظلت القرية على هذه الحال حتى قامت قوات أمن القليوبية بإشراف اللواء محمود يسرى مساعد وزير الداخلية لأمن القليوبية، وبالتنسيق مع قوات الأمن المركزى، بوضع خطة أمنية لمداهمة القرية. وبتوجيهات اللواء عرفة حمزة مدير مباحث المديرية، واللواء أسامة عايش، مفتش الأمن العام، تم حصار العزبة من كل الجهات، وقام العقيد عبد الله جلال، مفتش المباحث، والعميد عادل محروس مأمور مركز شرطة بنها والرائد أمير الكومى رئيس المباحث، بقيادة مجموعات قتالية مجهزة بأسلحة ثقيلة باستهداف القرية من عدة جهات، وتم وضع طريق الرملة تحت المراقبة على مدار الساعة، وكذا محاصرة شاطئ النيل والدشم وأبراج المراقبة، وفور وصول القوات إلى المكان قامت عائلة الكلافين بإطلاق وابل من النيران تجاه الشرطة التى ردت بنيران كثيفة، ما أسفر عن مقتل 6 من العناصر الخطرة متأثرين بإصاباتهم، وتم السيطرة على المكان بعد قتال دار لمدة 3 ساعات متواصلة، وضبط ترسانة من الأسلحة المتنوعة وكلاب بوليسية يستخدمها الجناة للدفاع والمقاومة وضبط زوارق نيلية.