تواصل قواتنا المسلحة وقوات الأمن عمليات هدم المنازل فى المرحلة الثانية من عملية إغلاق الأنفاق مع قطاع غزة، وفى الوقت نفسه تعمل مصر على تحصين حدودها مع القطاع، والهدف من وراء ذلك القضاء على ظاهرة الأنفاق الموجودة على جانبى الحدود والتى بلغ عددها نحو ألف ومئتى نفق تستخدم فى تهريب البضائع والسلع وأيضًا الإرهابيين والسلاح والمتفجرات. وقبل انقلاب حركة حماس على السلطة الوطنية وسيطرتها على قطاع غزة فى يونيو 2008، كانت الأنفاق تُستخدم بشكل استثنائى من أجل الحصول على بعض المواد والسلع من مصر، وتهريب السلاح أيضًا لعدد من فصائل المقاومة. وفى الوقت نفسه، لم يكن بمقدور مصر ضبط الحدود تمامًا، نظرًا لعدم توافر العدد الكافى من القوات، فوفق اتفاق كامب ديفيد كان من حق مصر الاحتفاظ بأربعمئة وخمسين عنصرًا من عناصر الشرطة، ومع توقيع اتفاق المعابر فى سبتمبر 2005، بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة تم زيادة العدد إلى سبعمئة وخسمين، وتغيير طبيعتهم إلى حرس حدود، ورغم ذلك لم يكن العدد كافيًا لضبط الحدود، وأى تعديل فى العدد وفق نصوص كامب ديفيد لا بد أن يتم بموافقة الطرفين المصرى والإسرائيلى. عمومًا، منذ سيطرة حركة حماس على القطاع، وإغلاق إسرائيل للمعابر التى تربطها بالقطاع، توقَّف أيضًا عمل معبر رفح بسبب عدم توافر شروط العمل التى جرى تحديدها فى اتفاق المعابر بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل والاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة، فحسب الاتفاق يتولَّى حرس رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية إدارة المعبر من على الجانب الفلسطينى، وإلى الشرق من المعبر يوجد مراقبون أوروبيون، وإلى المشرق منهم وفى نقطة التقاء الحدود المصرية الفلسطينية الإسرائيلية، وعند كرم أبو سالم، توجد المراقبة الإسرائيلية التى تتولَّى متابعة عمل المعبر عبر كاميرات تليفزيونية. عندما سيطرت حركة حماس على المعبر، غادر الحرس الرئاسى الفلسطينى المعبر، ومن بعدهم المراقبون الأوروبيون، فتوقف عمل المعبر. فمصر التى بادرت بإغلاق المعبر كانت تقوم بفتحه من جانب واحد لاعتبارات إنسانية، مع ملاحظة أنه معبر مخصص لمرور الأفراد لا الشاحنات، فالأخيرة تمر بموجب اتفاقية المعبر عبر كرم أبو سالم، هنا سعت حركة حماس إلى محاولة انتزاع موافقة مصر على فتح دائم للمعبر، فكانت عملية دفع مئات الآلاف من سكان القطاع لاجتياح الحدود، وهو ما تعاملت معه مصر بقدر كبير من ضبط النفس، ثم جاءت الحملة الإعلامية الرامية إلى الضغط على مصر لفتح المعبر على نحو دائم، وهى الحملة التى شارك فيها أكثر من طرف عربى وشهدت ضخ معلومات مغلوطة تقول إن مصر تشارك فى حصار الشعب الفلسطينى، وأن معبر رفح هو معبر بين مصر وفلسطين لا دخل لإسرائيل به، وأن مصر تنفّذ مخططًا أمريكيًّا إسرائيليًّا لحصار القطاع بهدف إسقاط حركة حماس. وطوال تلك الفترة لم تتبلور رؤية إعلامية مصرية لشرح خلفيات القضية وبيان حقيقة الموقف المصرى، وشرح أبعاد اتفاقية المعبر أو حتى سرد رؤية السلطة الوطنية الفلسطينية فى هذه القضية، وهى جهة الاختصاص المعترف بها دوليًّا والمسؤولة عن توقيع اتفاق المعبر، كان هناك صمت تام من جانب الإعلام المصرى الرسمى، وبدا لو أن القائمين على شؤون الإعلام الرسمى فى مصر أقرب إلى وجهة النظر الأخرى التى تهاجم السياسة المصرية، وبدا لو أنهم أخذوا بحجج حماس ، أو خافوا من الأصوات المرتفعة فى شوارع بعض دويلات الخليج ودول المغرب العربى التى لم تتوقف عن مهاجمة مصر لحظة واحدة. وللحديث بقية.