من بين الشروط التى وضعتها حركة حماس للموافقة على المبادرة المصرية فتح معبر رفح بشكل دائم، وهناك من أضاف إلى ذلك شرط وضع المعبر تحت إشراف قوات دولية، والحقيقة أن وضع مثل هذا الشرط كان يستهدف إحراج الحكومة المصرية، فلا يمكن لأى حكومة من الحكومات فى دولة مستقلة أن تقبل بوضع منفذ حدودى لها تحت إشراف قوات دولية، لأنه يقيد سيادتها من ناحية، وينتقص منها من ناحية ثانية، كما أن هذا الشرط لا علاقة له بمصر، إنما يخص أطراف اتفاقية 2005 لتشغيل معبر رفح، ومصر ليست طرفا فى هذه الاتفاقية التى تحكم تشغيل المعبر على الجانب الفلسطينى (من ناحية قطاع غزة). فهذه الاتفاقية التى جرى توقيعها عام 2005 بين إسرائيل، والسلطة الوطنية الفلسطينية، والاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة كانت تنص على وجود حرس رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية على الجانب الفلسطينى من معبر رفح، وإلى الشرق منه مراقبين تابعين للاتحاد الأوروبى، وفى معبر كرم أبو سالم (كيرم شالوم) توجد القوات الإسرائيلية التى تتولى مراقبة الحركة فى المعبر من خلال كاميرات تليفزيونية، وعندما تكون هناك ملاحظة للجانب الإسرائيلى يتولى الاتصال بالمراقبين الأوروبيين الذين يتولون بدورهم الاتصال بالجانب الفلسطينى. استمر العمل فى المعبر على هذا النحو حتى اجتاحت حركة حماس القطاع، وطردت ممثلى السلطة الوطنية منه تماما، وتولت هى الوجود على المعبر مباشرة، هنا انسحب المراقبون الأوروبيون، فجرى إغلاق المعبر وفق بنود اتفاقية 2005، لم تكن لمصر علاقة بإغلاق معبر رفح، بل جاء ذلك نتيجة سيطرة حركة حماس على القطاع والمعبر وانسحاب المراقبين الأوروبيين، ومن جانبها قامت مصر بفتح المعبر بشكل دورى لاعتبارات إنسانية تتعلق بعبور الطلبة والمرضى والحجاج والمعتمرين، وتحملت قدرا من النقد من جانب السلطة الوطنية الفلسطينية التى أرادت الضغط على «حماس» فى القطاع. من هنا فإن حديث حركة حماس عن ضرورة فتح المعبر بشكل دائم هو حديث لا قيمة له، فمثل هذا المطلب يوجه إلى السلطة الوطنية الفلسطينية التى بمقدورها وحدها فتح المعبر بشكل دائم من خلال تفعيل اتفاقية 2005، وإذا كانت «حماس» تتحدث عن مصالحة حقيقية مع حركة فتح والسلطة الوطنية الفلسطينية، وكانت حكومة التوافق الوطنى تمارس مهامها بالفعل، فلتتفق السلطة والفصائل على تسليم إدارة معبر رفح لحرس رئاسة السلطة الوطنية فيأتى المراقبون الأوروبيون، ومن ثم يعمل المعبر بشكل دائم. هذا مع ملاحظة أن معبر رفح هو معبر للأفراد، فلا هو معبر شاحنات ولا هو مخصص لعبور سيارات أو إدخال مواد غذائية أو مساعدات إنسانية، وعندما يتم ذلك فهو يتم بقرار مصرى، ولأسباب إنسانية من أجل تخفيف المعاناة عن كاهل شعب القطاع. للقطاع الذى تبلغ مساحته الإجمالية 360 كيلومترا مربعا، سبعة معابر، ستة مع إسرائيل، والسابع مع مصر وهو معبر رفح، ومن ثم فإن حديث حركة حماس عن معبر رفح، وتصوير الأمر كأن إغلاق المعبر إنما يؤدى إلى محاصرة القطاع، وخنق أهله، هو حديث إخوانى لا غير أن ينتمى إلى طرق وأدوات جماعة الإخوان فى الكذب والتضليل، فمعبر رفح كما سبق القول هو معبر للمسافرين وتحكمه اتفاقية 2005 التى تنظم عمل المعبر من الجانب الفلسطينى، والأساس فى حصول القطاع على ما يريد من احتياجات هى المعابر الستة التى تربط القطاع بإسرائيل، حتى المساعدات التى تقدمها مصر عادة ما تمر فى الظروف العادية من معبر كرم أبو سالم (كيرم شالوم)، الذى تلتقى عنده الحدود المصرية الإسرائيلية والفلسطينية (أقصى جنوب شرق القطاع).